حقيقةِ (عِيدُ الحبِّ)
حقيقةِ هذا العيدِ ، وجذورهِ التَّأريخيةِ والعقديةِ :
يُعتبر (عِيدُ الحبِّ) مِنْ أعيادِ الرُّومانِ الوثنيينَ ؛ حيثُ كانتِ الوثنيةُ سَائدةً عندَ الرُّومان قبلَ ما يَزيدُ على سبعةِ عشر قرناً. وهو مصطلحٌ خاصٌّ في المفهوم الوثني الروماني يُعبِّرُ عن الحبِّ الإلهيِّ.
و كَانَ لهذا العيدِ الوثنيِّ أساطيرُ متعدِّدةٌ عندَ الرُّومانِ، وعندَ منْ جاء بعدهم مِنَ النَّصارى، و لعلَّ أَشهرَها أسطورتانِ اثنتانِ:
1-أولاهما: كانَ الرُّومانُ يعتقدونَ أنَّ (رومليوس) مُؤسِّسُ مدينة (روما) أَرضعته ذاتَ يومٍ ذِئبةٌ ؛ فاكتسبَ منْ لَبنِها القوَّةَ ورجَاحةَ الفكرِ.
ولذلك كانوا يحتفلونَ بهذا اليومِ في منتصفِ شهرِ فبراير مِنْ كُلِّ عَامٍّ احتفالا كبيراً، يُمارسونَ فيه أعمالاً في غايةِ الغرابةِ والخرافةِ ؛ حيثُ يَذبحونَ كَلباً وعنزةً، ويَدهنُ شَابانِ مفتولا العضلاتِ جسميهما بَدمِ الكلبِ والعنزةِ ،ثُمَّ يَغسلانِ الدَّمَ باللَّبنِ ، وَيسيرانِ في موكبٍ عظيمٍ ؛ بِحيثُ يَكونانِ في مُقدِّمتهِ ، وَيجولانِ في الطُّرقاتِ ، ومعهما قِطعتانِ منَ الجلدِ ، يُلطِّخانِ بِهما كُلَّ مَنْ يُقابلهما ، وكَانَ النِّساءُ الرُّومياتُ يُرحبنَ أشدَّ الترحيبِ بهذا التَّلطيخِ، وَيَتعمدنَ أنْ يُصيبهنَّ الدَّمُ الَّذي على الجلدِ ؛ لاعتقادهنَّ بأنَّهُ يَمنعُ العقمَ ، ويُساعدُ على الولادةِ ، ويَزيدُ مِنْ خُصوبتهنَّ .
ومنْ هنا كانَ الرُّومانُ يُطلقونَ (عيدَ الخصبِ) على ذلك العيدِ ، وكانوا يحتفلونَ به سنوياً على شَرفِ إلهِ الخصوبةِ عندهم المسمَّى (خونو ( Juno) في الخامسِ عشر من شهرِ شباط الذي يُقابله شهر فبراير في التأريخِ الميلاديِّ .
2-الأسطورةُ الثانية : تَتعلَّقُ بِـ (القديس فالنتين) الَّذي يُنسبُ إليه هذا العيدُ الوثنيُّ ؛ كما مَرَّ معنا ، و قَدِ اختلفتِ الرِّواياتُ التَّاريخيةُ في تَعيينِ ماهِيَّةِ هذا القديسِ على وجهِ الدِّقةِ والتَّحديدِ ؛ فجاءَ في بعضها أَنَّهُ ليسَ شخصاً واحداً ؛ وإِنَّما هُوَ اثنانِ منْ قُدامى ضحايا الكنيسةِ النَّصرانيةِ ، وجاءَ في بعضها الآخرِ أَنَّهُ واحدٌ أُعْدِمَ في روما على يَدِ القائدِ الرُّومانيِّ (كلوديوس الثَّاني) في ( 14 فبراير) عام (270م) ليلةَ العيدِ الوثنيِّ الرِّوماني (لوبركيليا) ؛ وسببُ ذلك ؛ كما جاءَ في الرِّوايةِ المزعومةِ- : أَنَّ القائدَ (كلوديوس الثَّاني) الَّذي كَانَ يعتنقُ الوثنيةَ الرُّومانيةَ، قَرَّرَ مَنْعَ جنودِه مِنَ الزَّواجِ ؛ لأنَّهُ كانَ يعتقدُ أَنَّ للزَّواجِ تأثيراً سلبياً عليهم ؛ إذْ إِنَّهُ يُميتُ فيهم رُوحَ الجندِيَّةِ والقتالِ ، ولمْ يَكُنْ هذا القرارُ الجائرُ الَّذِي يُصادِمُ الفطرةَ البشرِيَّةَ ، لِيُعجبَ (القديس فالنتاين) الَّذي كانَ على دِينِ النَّصرانيةِ؛ فَكانَ يَعقدُ عُقودَ الزَّواجِ للجنود بشكلٍ سرِيٍّ ، و حينَ عَرفَ بِذلكَ القائدُ (كلوديوس الثَّاني) اعتقلَه ، وفي السِّجنِ يَقعُ(القديسُ فالنتاين) في حُبِّ ابنةِ القائدِ (كلوديوس الثَّاني) العمياءِ، الَّتي شُفِيتْ مِنْ مرضِها ، وعَادتْ لِتُبصرَ مِنْ جديدٍ بعد عَلاقتها بـِ(القديس فالنتاين)!! ، و سَاعتئذٍ بَذلَ القائدُ (كلوديوس الثَّاني) جَهدَهُ في أَنْ يَتركَ (القديسُ فالنتاين) النَّصرانيةَ ، ويَعتقدَ بآلهةِ الرُّومانِ ، لكنَّ محاولاتهِ كُلَّها بَاءتْ بالفشلِ الذَّريعِ ، وثبتَ (فالنتين) على النَّصرانيةِ ؛ فَقرَّرَ القائدُ (كلوديوس الثَّاني) آنذاكَ أنْ يَقتلَه، وَقبُيلِ إعدامِه كَتَبَ رَسالةَ حُبٍّ إلى ابنةِ القائدِ.
واحتفاءً بهِ ، وتخليداً لذكرهِ ؛ بُنيتْ كَنيسةٌ في روما في المكانِ الَّذِي أُعْدِمَ فيه عامَ (350م) .
و حِينَ اعتنقَ الرُّومانُ النَّصرانيةَ ابقوا على الاحتفالِ بِعيدِ الحبِّ الآنفِ الذِّكرِ ، بَيْدَ أَنَّهم نَقلوهُ مِنْ مفهومِه الوثنيِّ (الحبِّ الإلهيِّ) إلى مفهومٍ آخرَ ، يُطلقُ عليهِ (شُهداءُ الحبِّ) الَّذِينَ يَقفُ في طَليعتِهم (القديسُ فالنتين) : رَسولُ الحبِّ والسَّلامِ-حَسبَ زَعمِهم- الَّذِي نَاضلَ وَ استشهدَ في سبيلِ ذَلكَ .
مقتبس من صيد الفوائد
أ.النميري بن محمد الصَّبَّار
حقيقةِ هذا العيدِ ، وجذورهِ التَّأريخيةِ والعقديةِ :
يُعتبر (عِيدُ الحبِّ) مِنْ أعيادِ الرُّومانِ الوثنيينَ ؛ حيثُ كانتِ الوثنيةُ سَائدةً عندَ الرُّومان قبلَ ما يَزيدُ على سبعةِ عشر قرناً. وهو مصطلحٌ خاصٌّ في المفهوم الوثني الروماني يُعبِّرُ عن الحبِّ الإلهيِّ.
و كَانَ لهذا العيدِ الوثنيِّ أساطيرُ متعدِّدةٌ عندَ الرُّومانِ، وعندَ منْ جاء بعدهم مِنَ النَّصارى، و لعلَّ أَشهرَها أسطورتانِ اثنتانِ:
1-أولاهما: كانَ الرُّومانُ يعتقدونَ أنَّ (رومليوس) مُؤسِّسُ مدينة (روما) أَرضعته ذاتَ يومٍ ذِئبةٌ ؛ فاكتسبَ منْ لَبنِها القوَّةَ ورجَاحةَ الفكرِ.
ولذلك كانوا يحتفلونَ بهذا اليومِ في منتصفِ شهرِ فبراير مِنْ كُلِّ عَامٍّ احتفالا كبيراً، يُمارسونَ فيه أعمالاً في غايةِ الغرابةِ والخرافةِ ؛ حيثُ يَذبحونَ كَلباً وعنزةً، ويَدهنُ شَابانِ مفتولا العضلاتِ جسميهما بَدمِ الكلبِ والعنزةِ ،ثُمَّ يَغسلانِ الدَّمَ باللَّبنِ ، وَيسيرانِ في موكبٍ عظيمٍ ؛ بِحيثُ يَكونانِ في مُقدِّمتهِ ، وَيجولانِ في الطُّرقاتِ ، ومعهما قِطعتانِ منَ الجلدِ ، يُلطِّخانِ بِهما كُلَّ مَنْ يُقابلهما ، وكَانَ النِّساءُ الرُّومياتُ يُرحبنَ أشدَّ الترحيبِ بهذا التَّلطيخِ، وَيَتعمدنَ أنْ يُصيبهنَّ الدَّمُ الَّذي على الجلدِ ؛ لاعتقادهنَّ بأنَّهُ يَمنعُ العقمَ ، ويُساعدُ على الولادةِ ، ويَزيدُ مِنْ خُصوبتهنَّ .
ومنْ هنا كانَ الرُّومانُ يُطلقونَ (عيدَ الخصبِ) على ذلك العيدِ ، وكانوا يحتفلونَ به سنوياً على شَرفِ إلهِ الخصوبةِ عندهم المسمَّى (خونو ( Juno) في الخامسِ عشر من شهرِ شباط الذي يُقابله شهر فبراير في التأريخِ الميلاديِّ .
2-الأسطورةُ الثانية : تَتعلَّقُ بِـ (القديس فالنتين) الَّذي يُنسبُ إليه هذا العيدُ الوثنيُّ ؛ كما مَرَّ معنا ، و قَدِ اختلفتِ الرِّواياتُ التَّاريخيةُ في تَعيينِ ماهِيَّةِ هذا القديسِ على وجهِ الدِّقةِ والتَّحديدِ ؛ فجاءَ في بعضها أَنَّهُ ليسَ شخصاً واحداً ؛ وإِنَّما هُوَ اثنانِ منْ قُدامى ضحايا الكنيسةِ النَّصرانيةِ ، وجاءَ في بعضها الآخرِ أَنَّهُ واحدٌ أُعْدِمَ في روما على يَدِ القائدِ الرُّومانيِّ (كلوديوس الثَّاني) في ( 14 فبراير) عام (270م) ليلةَ العيدِ الوثنيِّ الرِّوماني (لوبركيليا) ؛ وسببُ ذلك ؛ كما جاءَ في الرِّوايةِ المزعومةِ- : أَنَّ القائدَ (كلوديوس الثَّاني) الَّذي كَانَ يعتنقُ الوثنيةَ الرُّومانيةَ، قَرَّرَ مَنْعَ جنودِه مِنَ الزَّواجِ ؛ لأنَّهُ كانَ يعتقدُ أَنَّ للزَّواجِ تأثيراً سلبياً عليهم ؛ إذْ إِنَّهُ يُميتُ فيهم رُوحَ الجندِيَّةِ والقتالِ ، ولمْ يَكُنْ هذا القرارُ الجائرُ الَّذِي يُصادِمُ الفطرةَ البشرِيَّةَ ، لِيُعجبَ (القديس فالنتاين) الَّذي كانَ على دِينِ النَّصرانيةِ؛ فَكانَ يَعقدُ عُقودَ الزَّواجِ للجنود بشكلٍ سرِيٍّ ، و حينَ عَرفَ بِذلكَ القائدُ (كلوديوس الثَّاني) اعتقلَه ، وفي السِّجنِ يَقعُ(القديسُ فالنتاين) في حُبِّ ابنةِ القائدِ (كلوديوس الثَّاني) العمياءِ، الَّتي شُفِيتْ مِنْ مرضِها ، وعَادتْ لِتُبصرَ مِنْ جديدٍ بعد عَلاقتها بـِ(القديس فالنتاين)!! ، و سَاعتئذٍ بَذلَ القائدُ (كلوديوس الثَّاني) جَهدَهُ في أَنْ يَتركَ (القديسُ فالنتاين) النَّصرانيةَ ، ويَعتقدَ بآلهةِ الرُّومانِ ، لكنَّ محاولاتهِ كُلَّها بَاءتْ بالفشلِ الذَّريعِ ، وثبتَ (فالنتين) على النَّصرانيةِ ؛ فَقرَّرَ القائدُ (كلوديوس الثَّاني) آنذاكَ أنْ يَقتلَه، وَقبُيلِ إعدامِه كَتَبَ رَسالةَ حُبٍّ إلى ابنةِ القائدِ.
واحتفاءً بهِ ، وتخليداً لذكرهِ ؛ بُنيتْ كَنيسةٌ في روما في المكانِ الَّذِي أُعْدِمَ فيه عامَ (350م) .
و حِينَ اعتنقَ الرُّومانُ النَّصرانيةَ ابقوا على الاحتفالِ بِعيدِ الحبِّ الآنفِ الذِّكرِ ، بَيْدَ أَنَّهم نَقلوهُ مِنْ مفهومِه الوثنيِّ (الحبِّ الإلهيِّ) إلى مفهومٍ آخرَ ، يُطلقُ عليهِ (شُهداءُ الحبِّ) الَّذِينَ يَقفُ في طَليعتِهم (القديسُ فالنتين) : رَسولُ الحبِّ والسَّلامِ-حَسبَ زَعمِهم- الَّذِي نَاضلَ وَ استشهدَ في سبيلِ ذَلكَ .
مقتبس من صيد الفوائد
أ.النميري بن محمد الصَّبَّار