أزهــــــــار السلام

سلام الله عليكم .. و مرحبا بكم ..
انكم في روضة ازهـــــــــــــــــار المحبة والسلام
ادخـلــــــــــــــــــوها بسلام امنيــن


اقطفـــــــــــــــــــــــــوا منها ما شئتم من الورود
و لا تنسوا ان تزرعوا بذور ازهاركم العبقة ..

" زرعـــــوا فقطفنا .. ونزرع فيقطفون "



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أزهــــــــار السلام

سلام الله عليكم .. و مرحبا بكم ..
انكم في روضة ازهـــــــــــــــــار المحبة والسلام
ادخـلــــــــــــــــــوها بسلام امنيــن


اقطفـــــــــــــــــــــــــوا منها ما شئتم من الورود
و لا تنسوا ان تزرعوا بذور ازهاركم العبقة ..

" زرعـــــوا فقطفنا .. ونزرع فيقطفون "

أزهــــــــار السلام

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أزهــــــــار السلام

روضـــــــة ثقافية عربية اسلامية وحدوية

نتمنى لكل ازهارنا الندية قضاء لحظــــــــــــــــات مثمرة ومفيدة بين ممرات بستاننا الزكية .................................مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ...................................(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ))................. ....................... ... ................ (( وَاعْتَصِمُـــــــــــــــــــــوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ))......................................

    الدستور الإسلامي

    woroud azhar
    woroud azhar
    زهـــــــرة السلام


    عدد المساهمات : 14068
    الموقع : ارض الله

    الدستور الإسلامي Empty الدستور الإسلامي

    مُساهمة من طرف woroud azhar الإثنين نوفمبر 21, 2011 12:38 pm

    الدستور الإسلامي

    من مجلة البيان العدد290





    الدستور لفظة غير عربية يراد بها عدة معاني من أهمها:
    القاعدة أو الأساس الذي يُبنى عليه، وأكثر ما تُستخدَم هذه
    الكلمة في عالمنا المعاصر في المجال السياسي، ويراد بها القانون
    الأعلى في الدولة؛ فهو بهذه المثابة أبو القوانين الذي تنبثق
    منه بقية القوانين التي تحكم المجتمع في مجالاته المتعددة كافة؛
    حيث يُنَص فيه على شكل الدولة وشكل الحكومة ونظام الحكم والسلطات
    العامة في الدولة؛ فيبين ما السلطات العامة وكيفية تكوينها،
    واختصاصات كل سلطة وحدودها، والعلاقة بين السلطات، وصلاحيات
    كل سلطة، وكيفية الرقابة على السلطات، وحقوق الأفراد والجماعات
    الأساسية وواجباتهم وحرياتهم، وضمانات حفظ ذلك.

    والدستور غريب في لفظه وكيفيته على الفقه السياسي الإسلامي في عصر
    الراشدين وما تلاه من العصور، وإن كان كل ما يتضمنه الدستور تدل
    عليه أحكام الشريعة؛ سواء بالموافقة أو الرفض.
    والمؤلفات في الأحكام السلطانية مما يمكن أن تُعَد النواة لكتابة
    الدساتير في الفقه السياسي الإسلامي ولو تفحصنا كتاباً مثل كتاب
    الأحكام السلطانية للماوردي لوجدناه يشتمل على حديث في كثير من
    الأمور التي تتضمنها الدساتير؛ حيث عقد باباً للإمامة (رئاسة الدولة)
    تكلم فيه عن حكم نصب الإمامة وشروط الإمام، وكيفية وصوله لمنصبه،
    وشروط من يختاره لهذا المنصب، ثم تحدث عن واجبات الإمام (أي حقوق الملة
    والأمة تجاهه وحقوقه على الأمة)، كما تحدث عن المسوغات التي يفقد بها
    الإمام منصبه إذا تحققت فيه، وعقد باباً للحديث عن الوزارة؛ فبين
    أنواعها والشروط التي ينبغي وجودها في من يلي هذا المنصب وعقد باباً
    للحديث عن أمراء الأقاليم، وباباً في الحديث عن الإمارة على الجهاد،
    وباباً في الحديث عن الولاية على حروب المصالح، وكل ما تقدم يدخل في ما
    يسمى الآن بالسلطة التنفيذية. كما عقد باباً في ولاية القضاء
    تحدث فيه عن شروط من يتولى القضاء وكيفية انعقاد ولاية القضاء
    وحدود ولاية القاضي، وهذه تعد بالمعايير المعاصرة السلطة القضائية.
    كما عقد باباً لولاية المظالم وهي معنية بالنظر في المقام الأول في تعديات
    الولاة على الرعية وهي تُعَد في أيامنا هذه من باب القضاء الإداري،
    وهكذا حتى أتم عشرين باباً، تناول أموراً في صلب ما يسمى بالدستور.



    لكن هناك فروقاً جوهرية بين كتب الأحكام السلطانية
    وبين الدساتير تتمثل في:

    1 - أن كتب الأحكام السلطانية عندما تذكر الأحكام فإنها تذكرها من
    قبيل المدارسة الفقهية، بينما ما تذكره الدساتير تذكره على أنه
    أحكام باتة نافذة ملزِمة.

    2 - أن كتب الأحكام السلطانية تشتمل على ما يعد من قبيل المواد
    الدستورية والمواد الأقل شأناً؛ أي في منزلة القانون العادي،
    بينما الدساتير تتضمن فقط المواد التي يمكن أن تُعَد أنها مواد دستورية
    دون أية مواد أخرى.

    3 - والفرق الثالث أن كتب الأحكام تُكتَب من طرف أهل العلم وليس
    هناك أية آلية يجب اتباعها لكتابة المؤلفات في الأحكام السلطانية؛
    فيمكن لكل عالم أن يكتب كتاباً في ذلك يضمِّنه مذهبَه ورأيَه واختياراته
    ويمكن لأي عالم أن يرجع عن بعض أقواله إذا تبين له أن هناك ما هو
    أصوب من رأيه المرجوع عنه؛ من غير أن يكون هناك طريق يجب عليه سلوكه
    في ذلك. بينما الدستور يوضع وَفْقَ آلية معيَّنة وهو دستور وحيد للدولة،
    ويظل سارياً نافذاً ولا يمكن التراجع عن بعض أحكامه إلا وَفْق آلية معيَّنة.

    إذا نظرنا لبعض الدساتير المعاصرة التي كتبت من منظور إسلامي فسنجد
    أنها تناولت ما تتناوله الدساتير الوضعية (عناوينَ وموضوعاتٍ) لكنها
    تختلف عنها في كونها تثبت الوجهة الإسلامية في كل ما تذكر، وقد تضيف
    بعضَ المواد الدستورية التي لا نظير لها في الدساتير الوضعية؛ نظراً لطبيعة
    شمول أحكام الإسلام لكل ما يتعلق بالفرد والجماعة، لكن الحقيقة ليس هناك
    ضابط موضوعي يضبط الموضوعات التي يشملها الدستور والتي لا يشملها.




    مكونات الدستور الإسلامي:

    يحتوي الدستور الإسلامي على مجموعة من المواد تعالِج وضع الدولة بين الدول
    وعلاقة الدولة بغيرها من الدول الإسلامية، ودين عامة أهلها، ووضع
    الطوائف المغايرة للأغلبية، ووضع الفرد من حيث الحقوقُ والحرياتُ والواجباتُ،
    ومجموعة من المواد التي تعالج النظام السياسي، ومجموعة من المواد التي
    تعالج الوضع الاقتصادي، ومجموعة من المواد التي تعالج الحالة الاجتماعية:
    كالتعليم والصحة والأسرة والزواج والطلاق، ومجموعة من المواد التي تبيِّن
    أسس المجتمع الإسلامي: يذكر فيها محورية الإيمان بالله واليوم الآخر والتحاكم
    إلى شرع الله - تعالى - وأن الشريعة هي المصدر الوحيد للتشريع وأن كل ما
    خالفها باطل، ومجموعة من المواد التي تبيِّن السلطات في الدولة والعلاقة بينها،
    ومجموعة من المواد التي تتحدث عن الشورى والتشريع والرقابة.
    كما يتبين في الدستور الإسلامي الغاية الإسلامية التي تسعى إليها الدولة،
    وحدود طاعة الرعية لها والأحوال التي تصبح معها الرعية في حِلٍّ من طاعتها
    أو مقاومتها.




    مصادر الدستور الإسلامي:

    مصادر الدستور الإسلامي تنحصر في مصادر ثلاثة:

    1 - القرآن الكريم: الذي فيه الإرشاد والدلالة على الخير كله في أمور
    الدنيا والآخرة كلها، والذي ضمَّنه الله الهداية والسعادة لمن اتبعه
    وجعله إمامه وأمامه ولم يجعله خلفه أو تابعاً.

    2 - سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: وهي التفسير العملي لما جاء
    في كتاب الله تعالى. وقد أوجب الله - تعالى - طاعة رسوله صلى الله عليه
    وسلم بل علق الإيمان بتحكيم الرسول في كل شيء من شؤوننا وأقسم على
    ذلك بذاته العَلية فقال - تعالى -:

    {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي
    أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّـمُوا تَسْلِيمًا}
    [النساء: 65].
    3 - سنة الخلفاء الراشدين: وهم الذين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
    باتباعهم؛ حيث قال:

    "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين..." ،

    فقد وطدوا - رضي الله تعالى - عنهم دعائم الدولة وانتقلت السلطة
    في مدة ثلاثين سنة إلى أربعة خلفاء كل منهم بطريقة مباينة لبقية
    الطرق وهو ما أوجد قدراً من السوابق الدستورية التي تثري هذا
    الباب من العلم.
    ما تقدم يمثل المصادر الأصلية للدستور، وهناك ما يُعَد من قبيل المصادر
    التبعية التي لا تستقل بإفادة المطلوب؛ وإنما لا بد من اعتمادها على
    المصادر الأصلية وهي اجتهادات المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.




    تدوين الدستور:

    المقصود بتدوين الدستور أن تدوَّن المسائل التي يعالجها الدستور في
    وثيقة مكتوبة تكون لها السمو والعلو على جميع القوانين السائدة في
    المجتمع، وهذه الوثيقة (الصك) يطلق عليها الدستور.

    إن المسائل التي ينظر إليها على أنها دستورية لم تفرَد في الدولة
    الإسلامية على مدى أكثر من اثني عشر قرناً عن بقية المسائل التي تضمنتها
    الشريعة، ومن لوازم ذلك ألا يكون هناك تدوين لتلك المسائل مجتمعة
    في وثيقة واحدة.
    والحقيقة أن التدوين لا يحتاج الناس إليه في كل أحوالهم، بل يُحتَاج إليه
    عند توافر شروط معيَّنة، ومن أهم دواعي تدوين الدستور عند شعب من
    الشعوب أن لا يكون لهذه الشعوب مصادر قانونية تحظى بالاحترام والتقدير
    من الشعب جميعه، وحينئذٍ يكون الاتفاق على وثيقة (دستور) يتفق عليها
    الناس تقود النظام السياسي للبلاد مخرجاً من التفرق والتناحر الذي يمكن
    أن تنجرف إليه كل طبقات المجتمع في حالة عدم وجود مثل تلك الوثيقة؛
    حيث تحدد الوثيقة الحقوق والواجبات والمسؤوليات والصلاحيات والعلاقات
    بين مكونات المجتمع؛ سواء الأفراد أو الجماعات أو الحكومة، ومن البيِّن أن
    الدول الإسلامية تنفرد عن بقية دول العالم بخاصية لا توجد في دولة غيرها؛
    وذلك أن الدول الإسلامية لها دين محفوظ معلوم المصادر، له في كل ما ينزل
    بالمجتمع والجماعة والأفراد حكمه وهدايته، ويتمتع حكم الإسلام وهدايته
    بالاحترام والتقدير والتقديس من كل نفس تشهد أنه لا إله إلا الله محمد رسول الله،
    ومن ثَمَّ فليست هناك دواعٍ موضوعيةٌ لكتابة دستور؛ إذ يكفي في ذلك نشر
    العلم بالفقه السياسي وتفعيل دور مؤسسة الحسبة في الجانب السياسي،
    لكن لو اختار الناس أن يكون للبلد دستور مكتوب فليس هناك ما يمنع
    من ذلك إذا كان الدستور يحافظ على الأحكام الشرعية المتعلقة بالسياسة
    وهذا لا يمكن حدوثه إلا إذا كانت صياغة الدستور تحدث من قِبَل علماء
    الشريعة أو تحت إشرافهم الكامل.




    تعديل مواد الدستور:

    في جميع الدساتير الوضعية توجد آلية محددة لتعديل أو تغيير بعض مواد
    الدستور، وذلك نابع من أن الدستور يوضع معبِّراً عن تصورات الشعب
    وتطلعاته وَقْتَ صدوره، لكن هذه التصورات والتطلعات عرضة للتغير مع
    مرور الزمن من أجل ذلك تحسَّبوا لذلك عن طريق إمكانية التعديل
    أو الإلغاء،
    وأما الدستور الإسلامي فينبغي ألا توضع فيه إلا الأحكام التي لا تكون
    عرضة للتغير بمرور الزمن حتى يحفظ للدستور هيبته ولا يكون عرضة للتغيير
    حسب آراء أو أهواء بعض الناس، وأما الآليات التي تكون عرضة للتغيير
    فوضعها في وثيقة أخرى أدنى من الدستور منزلة قد يكون أوفق من وجهة نظري.
    وعندما يوضع الدستور على النحو الذي ذكرته لا يكون الدستور عرضة
    للتغيير ومن ثَمَّ يكون إلزامه ليس قاصراً على الجيل الذي وضع الدستور؛
    بل يمتد ليشمل الأجيال التالية، وبهذا أيضاً يكون الدستور للبلاد
    الإسلامية كلها دستوراً واحداً، وهو ما يوجِد تجانساً كبيراً بين تلك الدول ويقرِّب ما بينها.




    مشروعات الدساتير الإسلامية المعاصرة:

    اطلعتُ على عدة مشروعات لدساتير إسلامية من ذلك:
    1 - إعلان دستوري إسلامي للمستشار الدكتور علي جريشة - رحمه الله -
    وهو مكون من 49 مادة.
    2 - نموذج لدستور وضعه مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر وهو مكون من
    141 مادة
    3 - نموذج لدستور إسلامي وضعه الدكتور مصطفى كمال وصفي نائب رئيس
    مجلس الدولة المصري - رحمه الله - وهو مكون 74 مادة.
    4 - نموذج لدستور إسلامي أقره المجلس الإسلامي العالمي في إسلام أباد وهو
    مكون من 87 مادة.




    woroud azhar
    woroud azhar
    زهـــــــرة السلام


    عدد المساهمات : 14068
    الموقع : ارض الله

    الدستور الإسلامي Empty رد: الدستور الإسلامي

    مُساهمة من طرف woroud azhar الثلاثاء نوفمبر 22, 2011 1:15 pm

    إعلان دستوري إسلامي
    للمستشار الدكتور علي جريشة


    من المبادرة المصرية لنشر الوعى السياسى
    في 7 سبتمبر، 2011‏، الساعة 06:37 مساءً‏‏





    بسم الله الرحمن الرحيم
    هذا الإعلان بفضل الله خلاصة خبرة علمية طويلة في البحث المقارن
    بين الشريعة والقانون.
    وهو في الوقت ذاته خلاصة خبرة علمية طيلة احتكاكاً بالأنظمة
    المختلفة التي أثبتت فشلها في الساحة، وممارسة إسلامية مع
    القواعد الإسلامية العريضة في البلاد المختلفة.
    وهو في النهاية عصارة فكر وقلب تواق إلى إقامة حكم الله.
    ليكون بإذن الله حجة على الذين يظنون أنه يكفي لإعلاء حكم
    الله نص واحد في الدستور مع وجود نصوص أخرى بعيدة عن شرع
    الله وحكمه .. فضلاً عن بعد نظام المجتمع كذلك عن شرع الله وحكمه .
    حجة عن الذين يظنون أو يتقولون أن نظام الإسلام ليس فيه نظام
    دستوري وليس فيه غير آيتين عن الشورى !!!
    وهو في الوقت نفسه حجة للذين يريدون إقامة حكم الله يعلنونه
    فور انتصارهم ... قد يكون ذلك في " ... " أو في " ... "
    أو أي بلد آخر.
    " وليس بعد ذلك ..."
    ... تحريضاً على الثورة ... لأني أحد المؤمنين أن حكم الله لابد
    أن ينبع من قلوب الناس قبل أن يفرض عليهم ...
    ... ولأني أعلم أن حكم الله آتٍ لا ريب فيه ..
    ﴿ والله متم نوره ولو كره الكافرون ﴾
    المؤلف
    (( مقدمة الإعلان الدستوري الإسلامي ))
    إن أمتنا المجاهدة .. التي تقدم اليوم، كما قدمت بالأمس،
    أروع ملامح التضحية والفداء والجهاد والتي سال دماء أطهر
    شبابها فروى تلك الأرض الطيبة، يبتغي إعلاء كلمة الله،
    وتحكيم شرع الله.
    إن أمتنا المجاهدة .. التي اتصل ركب شهدائها اليوم، بركب شهداء
    الدعوة بالأمس القريب، واتصل بركبان النور في الأمس البعيد.
    إن أمتنا المجاهدة .. التي تشرئب من خلال جهادها، لخوض معركة
    الإيمان والكفر في أفغانستان، ولتسلك الطريق إلى مسرى رسول الله
    – صلى الله عليه وسلم - مخضباً بالأشلاء والدماء.
    إن أمتنا المجاهدة .. إيماناً بالله واليوم الآخر، والملائكة والكتاب،
    والنبيين، لا نفرق بين أحد منهم.
    ورضى منها، بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد – صلى الله عليه وسلم
    - نبياً ورسولاً، وبشريعة الله ربانية المصدر، ثابتة الأصل،
    متأبية على التأقيت والتجزئة والتمييز، حنيفية سمحة مع
    الذين لم يقاتلونا من أهل الكتاب، عادلةً تدفع الشنآن كما
    تدفع الميل عن قسطاسها المستقيم، ترفض الظلم بكل درجاته وكل
    صوره بلوغاً إلى رفض الظلم الأعظم وانتصاراً لكل مظلوم وكل مستضعف
    على وجه الأرض، شاملة لكل ما يصلحنا في الحياة .. سياسياً
    واقتصادياً واجتماعياً، أفراداً وأسراً ومجتمعات، حانيةً متوازنة
    بين إفراط وتفريط تقع فيه الأمم والنظم فتفقد الرشد وتخطئ الهدف ..
    حريصة على الفرد وحريصة على الأسرة، حريصة على الأمة ..
    أن تكون وسطاً خير أمة أخرجت للناس.
    إن أمتنا المجاهدة ..إيماناً منها بكل ذلك ، والتزاماً منها أمام
    جماهيرنا الإسلامية العريقة لا نفرق بينها لعرق أو طائفة أو جنس أو دين .

    نعلن
    باسم الله، ثم باسمها، هذه المبادئ ..
    استمداداً من دين الله الحق، وشريعته السمحة ونعاهد الله على
    افتدائها بكل عزيز وغال .
    والله على ما نقول شهيد .



    الباب الأول:
    المقومات الأساسية

    مادة 1 :
    الإسلام دين الدولة، وعقيدته مصونة، وشريعته واجبة،
    ومشروعيته هي العليا فوق كل النصوص، ومصدره الأساسي
    الوحي : قرآناً وسنة، وكل ما يخالفه رد وباطل.

    مادة 2 :
    الأمة الإسلامية أمة واحدة، أفضلها عند الله أتقاها،
    وتسقط حواجز الحدود والقوميات والعصبيات.
    واللغة العربية لغتها الرسمية،
    وتعمل الدولة على نشرها والارتقاء به.

    مادة 3 :
    تستمد شرعية السلطة من :
    إقامتها لشرع الله.
    رضى الأمة بها.
    ولها حق الطاعة، وحق النصرة، فضلاً عن حراسة الوجدان
    _ ما أطاعت الله ورسوله.

    مادة 4 :
    الحرية فريضة.
    ممارستها حق فردي، ووظيفة اجتماعية.
    وتشمل : حرية الاعتقاد، والحرية الشخصية،
    وحرية التعبير والنشر، وحرية ممارسة الشعائر الدينية،
    وحرية الانتقال في الداخل والخارج، وحرية الاجتماع،
    وتكوين النقابات والجمعيات والأحزاب السياسية بما لا
    يخالف الشريعة، وينظم ذلك القانون.

    مادة 5 :
    صيانة الدين، والنفس، والعرض والعقل والمال ..
    ضرورة والعدوان على أيٍ منها جريمة.
    ولا يُطَلُّ دم في الإسلام، وتلتزم الدولة بتعويض من
    لم يعرف أو من عجز.

    مادة 6 :
    التعذيب الجسدي أو المعنوي، والقبض أو الحبس أو الاعتقال
    بغير حق، انتهاك الكرامة أو الشرف أو الآدمية بأي صورة
    من صوره ... كل هذه جرائم لا تسقط بالتقادم وتجري محاكمة
    المجرمين سابقاً أو لاحقاً وفقاً لأحكام الشريعة ويطبق في شأنهم
    الحدود أو القصاص أو التعزير تبعاً للأحوال.
    وتلتزم الدولة تعويض من لحقهم أضرار نتيجة هذه الجرائم.

    مادة 7 :
    للمساكن حرمة .
    لا يجوز دخولها بغير استئذان واستئناس.
    ولا يجوز تفتيشها إلا في حالة الضرورة القصوى وبإذن قضائي.

    مادة 8 :
    المراسلات والمكالمات مصونة لا تقع تحت المراقبة إلا في حالات
    الجرائم وبإذن قضائي.

    مادة 9 :
    المساواة حق ... أمام النصوص، وأمام القضاء،
    وأمام الفرص ولا تفرقة للون، أو جنس، أو طائفة.

    مادة 10 :
    أحكام الشريعة تطبق تطبيقاً إقليمياً داخل الدولة،
    وتطبيقاً شخصياً على المسلمين خارجها. ولأهل الكتاب عقيدتهم
    وشعائرهم وأحكام الأسرة الخاصة بهم.

    مادة 11 :
    تكفل الدولة والمجتمع للفرد حق العمل، كما تكفل له
    حق المطعم والملبس والمسكن، والزواج ويمتنع تحديد النسل
    بصفة جماعية ويجوز بصفة فردية في أحوال الضرورة.

    مادة 12 :
    توقير شعائر الله واجب الفرد والمجتمع.
    والأمير قدوة في ذلك.
    والمساس بها أو العدوان عليها يجرمه القانون.

    مادة 13 :
    الأخلاق قوام المجتمع.
    وصيانتها وحفظها واجب الفرد والدولة.
    والمساس بها أو العدوان عليها يجرمه القانون.




    الباب الثاني:
    في الإطار السياسي


    مادة 14 :
    لكل فرد أن يمارس حقه السياسي على الوجه المبين بالقانون،
    ولا يسلبه أحد حقه بسبب عقيدته أو رأيه.

    مادة 15 :
    الحاكم والمحكوم أمام الشريعة سواء، ولا حماية ولا امتياز
    لحاكم بسبب منصبه.

    مادة 16 :
    على الحاكم أداء واجبه بالأمانة والعدل، وعلى الرعية حق
    الطاعة، وحق النصرة، وحق النصيحة.

    مادة 17 :
    التشريع ابتداءً خالص حق الله، ولأولي الأمر أن يشرعوا
    ابتناءً لا ابتداءً.

    مادة 18 :
    الشورى حق، والتزامها واجب، وتكون في غير دائرة النص القاطع،
    ويشكل مجلس الشورى ويمارس اختصاصه في حدود ذلك.

    مادة 19 :
    أمير المؤمنين يرأس الدولة، ويلتزم فيه الإسلام والذكورة والبلوغ،
    والعقل، والصلاح، والعلم بأحكام الشريعة، ويجري اختياره
    – مدى الحياة – من أهل الاختيار كما تجري بيعته من أفراد
    الأمة ويفتح باب الهجرة إلى دار الإسلام إمام المؤمنين خاصة.

    مادة 20 :
    تجري محاكمة رئيس الدولة والوزراء مدنياً وجنائياً وسياسياً
    أمام المحاكم العادية، ويعزلون إن صدر في حقهم حكم
    جنائي أو سياسي.
    كما يعزلون بقرار من أهل الحل والعقد إذا توافر لذلك
    أحد الأسباب الشرعية ولا يحل الخروج إلا لكفر بواح فيه من
    الله برهان – ويوضح القانون تفاصيل ذلك.

    مادة 21 :
    لا سلطان لأحد – بعد الله – على القضاء، ويلزم في القاضي
    شروط الإمام، ويعاد تشكيل السلطة القضائية على ضوء ذلك.
    وتستمر السلطة القائمة حتى يصدر القانون المفصل ويتم
    التشكيل الجديد.

    مادة 22 :
    يجري على الفور تشكيل حكومة دستورية عليا للنظر في إبطال
    كل ما يخالف هذا الإعلان أو يخالف نصاً قطعياً في كتاب الله وسنة رسوله.

    مادة 23 :
    يشكل ديوان المظالم للفصل في قضايا الغصب والاعتداء المادي من
    جانب السلطة العامة أو الأفراد، ولمحاسبة ومجازاة أصحاب
    السلطة تبعاً لما يفصله القانون.

    مادة 24 :
    علاقة الدولة بغيرها من بلاد الإسلام علاقة الأخوة والنصرة خاصة
    للمستضعفين حتى تتم الوحدة أو الاتحاد.
    وعلاقتها بجيرانها – فضلاً عما سبق – علاقة حسن الجوار.
    وعلاقتها بدول العالم علاقة التعاون على أساس من المصلحة
    المتبادلة، والمعاملة بالمثل واحترام المواثيق والعهود.
    وتلتزم الابتعاد عن الأحلاف والتكتلات والصراعات الدولية
    كما تحفظ في علاقاتها قيم الإسلام ومثله.

    مادة 25 :
    إقامة الواجبات العامة [ الفروض الكفائية ]،
    والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحراسة الشريعة
    وحسن تطبيقها، وتحقيق المقاصد العامة للشريعة،
    ودفع الضر عن الناس، والدعوة إلى الله – كل ذلك واجب
    الأمة حكاماً ومحكومين – وتأثم كلها إن وقع تفريط فيها،
    ولا يضار أحد منها بشيء من ذلك.




    الباب الثالث:
    في الإطار الاقتصادي


    مادة 26 :
    الملكية الخاصة حق ووظيفة، ولا يجوز التعرض لها بالمصادرة
    العامة أو الخاصة.

    مادة 27 :
    الزكاة حق وفريضة يقوم عليها النظام الاقتصادي،
    وتحصلها الدولة وفقاً للأحكام الشرعية وتنفقها وفقاً
    للمصارف المنصوص عليها.
    وتتسم السياسة الاقتصادية الإسلامية بالتكافل بين أفرد
    المجتمع، والتكامل بين بلاد الإسلام، والوسطية بين المذاهب المختلفة.

    مادة 28 :
    الربا بكل صوره محرم، وكذا الاحتكار والتبذير والاستغلال.
    وتضع الدولة الحلول الإسلامية محل النشاطات الممنوعة أو المشبوهة
    وتحدد موارد الكسب المشروعة.
    وتستعين بااًفاءات من كل العالم الإسلامي.

    مادة 29 :
    تعود الأوقاف الإسلامية المصادرة، وتحترم رغبات الواقفين سابقاً
    ولاحقاً، وتقوم هيئة مستقلة على ذلك.

    مادة 30 :
    تنهض الدولة بالزراعة، وتعطي الأرض لمن يحييها، وتستفيد من
    أحدث الوسائل وتحمي فالحي الأرض من المستغلين أياً كان موقعهم.

    مادة 31 :
    تنهض الدولة بالصناعة، وتخص الصناعات الثقيلة بما فيها صناعة
    السلاح بكل أنواعه.
    وتجعل قاعدة التعامل إشراك العامل في ملكية المصنع وإشراكه في ربحه .
    وتحمي العامل والأمومة والطفولة من كل صور الاستغلال والإرهاق .
    كما تكفل الحق في الأجر واة احة والعلاج .

    مادة 32 :
    الضريبة حق على القادر بعد الزكاة لسد حاجات الدولة،
    ولتحقيق التكافل، والتقارب ويسهر أولو الأمر على حاجات
    الفقراء والمساكين .
    وإذا جاع المسلمون فلا مال لأحد .

    مادة 33 :
    تشجع الدولة والوحدات الاقتصادية والإدارية والصناعات
    الحرفية والصغيرة، وتنمي المهارات والطاقات الفردية .
    وتضع تحت هؤلاء وأولئك الطاقات المالية والإدارية المناسبة .




    الباب الرابع:
    في الإطار الاجتماعي


    مادة 34 :
    يقوم المجتمع على العقيدة ويصونها .
    ويحكم الشريعة ويحميها .
    ويلتزم الأخلاق الفاضلة ويذود .
    ويعلي شعائر الله ويعظمها .
    ويدفع الغزو الفكري بكل صوره ويشيع الثقافة النافعة .
    ويسقط القدوات السيئة ويقتدي برسول الله – صلى الله عليه وسلم -
    ومن تبعه .
    ويتخذ الجهاد سبيلاً لتربية أبنائه وتحقيق أهدافه .

    مادة 35 :
    مناهج التربية والتعليم، وبرامج الثقافة والإعلام تلتزم
    الخطوط السابقة، ويجرم القانون الخروج عليها .

    مادة 36 :
    العلم بأصول الدين وأحكامه فرض عين، والعلم بفروعه فرض كفاية .

    مادة 37 :
    الزواج حق وواجب لصيانة النسل وطهارة المجتمع، وتكفل
    الدولة من احتاج الزواج ولم يقدر عليه .

    مادة 38 :
    النساء شقائق الرجال، وحمايتهن والرفق بهن واجب .
    وتوفير فرص الزواج، وفرص العمل لمن تحتاج، وصيانة المرأة
    من الاستغلال والتبذل يكفله النظام .
    وتحديد دور المرأة ودور الرجل للنهوض بالمجتمع يوضحه القانون .

    مادة 39 :
    الأسرة لبنة المجتمع .
    وعلى الدولة العناية بها، وبالأمومة والطفولة عناية خاصة.

    مادة 40 :
    تقوم علاقات المجتمع والأسر على : الأخوة، والتراحم، والتواد،
    وإصلاح ذات البين، وصلة الأرحام، والأخذ على يد الظالم
    والانتصار للمظلوم.

    مادة 41 :
    الجهاد ماض إلى يوم القيامة إعلاءً لكلمة الله، والإعداد له
    واجب المجتمع والدولة والقوات المسلحة جزء من معأمة
    المدربة روحياً ومادياً لحراسة الحدود وحفظ النظام،
    ويجري تدريب أفراد الأمة بما يكفل التعبئة الفورية في
    أي ظرف وينظم القانون ذلك.

    مادة 42 :
    الدواء والعلاج بأنواعه حق للفرد.
    وتنهض الدولة بالعلاج الوقائي وغيره من أنواع العلاج.

    مادة 43 :
    تشجع الدولة جمعيات البر والإحسان، والوقف على الخيرات
    بأنواعه، وتقبل الهبات والهدايا والصدقات، وتخصصها
    لألوان البر وتودع هدايا المسئولين والوزراء صندوق الهبات.
    وتقوم على ذلك هيئة الأوقاف.




    الباب الخامس:
    أحكام عامة وانتقالية


    مادة 44 :
    يعمل بهذا الإعلان فور صدوره وإعلانه.
    ويسقط على الفور كل نص دستوري أو قانوني مخالف.
    وتتولى القيادة الجديدة حكم البلاد لحين صدور الدستور الدائم،
    واختيار مجلس الشورى ورئيس البلاد.

    مادة 45 :
    تلتزم الدولة كافة المواثيق والمعاهدات الدولية.
    ولها – وفقاً لأحكام القانون الدولي – أن تطلب تعديل
    بعضها أو إلغائه.

    مادة 46 :
    يجري على الفور تصفية السجون والمعتقلات وتجري على الفور
    كذلك محاكمة المسئولين عن جرائم التعذيب والسجن والاعتقال بغير حق.

    مادة 47 :
    لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.
    ولا تسري النصوص على الجرائم السابقة إلا ما كان منها
    مجرماً بنصوص الشريعة القطعية.

    مادة 48 :
    القيادة – فترة الانتقال – تلتزم أحكام الشريعة وأحكام
    هذا الإعلان. ويطعن في قراراتها أمام المحكمة الدستورية
    العليا عند الاقتضاء.

    مادة 49 :
    الوحي – قرآناً وسنة – فوق الدستور، ويرجع إليه في كل ما
    جاء مخالفاً له أو فيما سكت عليه هذا الإعلان.




    حول الإعلان الدستوري:
    مذكرة إيضاحية


    محنة :
    عاشت الأمة الإسلامية محنة رهيبة..
    محنة بعدها عن دينها.. وبالتالي افتقادها الحياة والنور والطهر.
    ومحنة تسلط الطاغين عليها.. والخارج أو من الداخل ، وما كان
    هؤلاء بأرحم من أولئك ، بل كانوا.. رغم أنهم من جلدتنا
    ويتكلمون بألسنتنا – كانوا أطغى وأضل سبيلاً.

    ومحنة :
    وعاشت من بعد ذلك كله محنة التفرق والتمزق.
    فسهل التسلط عليها، وسهلت هزيمتها، وسهل على الأعداء
    ازدرادها وازدراؤها وتجرعت مرارة (( الفشل ))،
    ومرارة الضياع وذهاب الريح !

    وصدق الله العظيم.
    وصدق رسوله الكريم.
    عليه أفضل الصلاة والتسليم.

    نمسك بيد هذه الأمة :
    ونحن نمسك اليوم بيد هذه الأمة نحاول انتشالها.
    فنجعل القرآن بيمينها والسنة المطهرة بيسارها..
    لتعرف مرة أخرى طريقها إلى الله طريقتها فتدرك الحياة،
    والطهر، والنور..

    ﴿ أفمن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في
    الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ﴾

    ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ﴾


    ونحاول إنقاذها :
    ونحن كذلك نحاول إنقاذها من براثن طغاتها وجلاديها.
    ﴿ ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة،
    ونجعلهم الوارثين، ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون ، وهامان ،
    وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ﴾

    ﴿ قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا ،
    قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون ﴾


    ... وأخيراً نحاول أن نردها جميعاً إلى حبل الله المتين.
    ﴿ واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم
    إذ كنتم أعداءاً فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً ﴾.

    ﴿ ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم
    البينات وأولئك لهم عذاب عظيم يوم تبيض وجوه وتسود وجوه
    فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب
    بما كنتم تكفرون. وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله
    هم فيها خالدون ﴾.


    (( وتلك المواد )) أخذت شكل الدستور :
    ليعلم الذين اعتادوا التخصص، وبُهروا أحياناً به،
    أن ديننا أغنى من كل تخصص لديهم، وأننا نستطيع بإذن الله
    – أن نقدم لهم خيراً مما قدمت أوطان سبقتنا في هذا المجال،
    وإن كنا في الواقع نحن السابقون.
    ليعلموا ، وليعلم قومنا من ورائهم – أن الله أغنى وأقنى.
    وهو بمحتواه.. قد اتسم فوق الأصالة بالعصرية..
    إذ تضمن أهم المقومات، وأهم المبادئ في المجالات السياسية،
    والاقتصادية، والاجتماعية.
    وهذا المسلك جنحت إليه دساتير ما بعد الحرب العالمية الثانية
    وكانت من قبل تقتصر على الجانب السياسي.
    وما جاء في هذه الأبواب فضلاً عن أصالته – كما قدمنا – سبق
    بكثير ما جاء في أبواب مماثلة – لدساتير وضعية.
    ولا غرور في ذلك فالأولى استقت من الأرض، وذاك استقى من السماء
    أو الأولى استقت من البشر، وذاك استقى من رب البشر !
    وذلك واضح من بعض المواد التي استحدثت أموراً لم تعهدها
    الدساتير من قبل وقد أشرنا إليها في موضعها.

    أما لماذا كان إعلاناً ولم يكن دستوراً فللأننا فضلنا
    إعلان " المبادئ العامة " وترك التفاصيل لترد في دستور دائم
    يصبغه على مهل ممثلو الأمة بمشيئة الله.


    الوحي فوق الدستور
    ويبقى الوحي - قرآناً و سنة – فوق الإعلان وفوق الدستور..
    لأنه من لدن حكيم خبير وهذا وذاك فرع عنه ولا يعلو الفرع
    على الأصل مهما علا في ظاهر الأمر.
    ولذا يمكن الطعن في أي نص ورد مخالفاً لعدم الشرعية ليعلو نص
    القرآن أو السنة وبذا تبقى " المشروعية الإسلامية العليا "
    فوق النصوص.
    وهو لعمري ما عجزت عنه – حتى الآن – دساتير الأرض وفقهها
    الدستوري.


    أمل :
    وأملنا في الله العلي العظيم.. أن يعطينا عطاء الطائعين
    ﴿ ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات
    من السماء والأرض.. ﴾،
    ﴿ ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من
    ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ﴾
    ﴿ وما عند الله خير وأبقى ﴾
    ﴿ للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ﴾.


    وأملنا بعد ذلك في أمتنا الإسلامية.
    أن تتداعى إلى كتابها.
    وأن تمسك بنور ربها ، وأن تعرف الطريق إلى عزها ونصرها ومجدها ،

    ﴿ يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم
    لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه
    تحشرون واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة
    واعلموا أن الله شديد العقاب ﴾.

    والله أكبر ولله الحمد

    المدينة المنورة في ليلة الجمعة المباركة
    الموافق 8 شوال 1404
    6 يوليو 1984

    woroud azhar
    woroud azhar
    زهـــــــرة السلام


    عدد المساهمات : 14068
    الموقع : ارض الله

    الدستور الإسلامي Empty رد: الدستور الإسلامي

    مُساهمة من طرف woroud azhar الثلاثاء نوفمبر 22, 2011 1:43 pm

    مشروع دستور دولة الخلافة
    «حزب التحرير»





    هذا مشروع دستور لدولة الخلافة، نضعه بين أيدي المسلمين
    -وهم يعملون لإقامة دولة الخلافة، وإعادة الحكم بما أنزل الله-
    ليتصوروا واقع الدولة الإسلامية، وشكلها وأنظمتها،
    وما ستقوم بتطبيقه من أنظمة الإسلام وأحكامه.
    وهذا الدستور هو دستور إسلامي، منبثق من العقيدة الإسلامية،
    ومأخوذ من الأحكام الشرعية، بناء على قوة الدليل.
    وقد اعتُمِدَ في أخذه على كتاب الله، وسنة رسوله، وما أرشدا
    إليه من إجماع الصحابة والقياس.
    وهو دستور إسلامي ليس غير، وليس فيه شيء غير إسـلامي،
    وهـو دسـتـور ليس مختصاً بقطر معين، أو بلد معين، بل هو
    لدولة الخلافة في العالم الإسلامي، بل في العالم أجمع، باعتبار
    أن دولة الخلافة ستحمل الإسلام رسالة نور وهـدايـة إلى العالم
    أجمع، وتعمل على رعاية شؤونه، وضمه إلى كنفها، وتطبيق
    أحكام الإسلام عليه.

    وإن «حزب التحرير» يقدّم هذا المشروع إلى المسلمين،
    ويسأل الله أن يكرمهم، وأن يعجّل بتحقيق غاية مسعى المؤمنين
    في إقامة الخلافة الراشدة، وإعادة الحكم بما أنزل الله،
    ليوضع هذا المشروع دستوراً لدولة الخلافة.




    أحكام عامّة
    المادة 1 - العقيدة الإسلامية هي أساس الدولة، بحيث لا يتأتى وجود شيء في كيانها أو جهازها أو محاسبتها أو كل ما يتعلق بها، إلا بجعل العقيدة الإسلامية أساساً له. وهي في الوقت نفسه أساس الدستور والقوانين الشرعية بحيث لا يُسمح بوجود شيء مما له علاقة بأي منهما إلا إذا كان منبثقاً عن العقيدة الإسلامية.


    المادة 2 - دار الإسلام هي البلاد التي تطبق فيها أحكام الإسلام، ويكون أمانها بأمان الإسلام، ودار الكفر هي التي تطبق أنظمة الكفر، أو يكون أمانها بغير أمان الإسلام.


    المادة 3 - يتبنّى الخليفة أحكاماً شرعية معينة يسنها دستوراً وقوانين، وإذا تبنى حكماً شرعياً في ذلك، صار هذا الحكم وحده هو الحكم الشرعي الواجب العمل به، وأصبح حينئذ قانوناً نافذاً وجبت طاعته على كل فرد من الرعية ظاهراً وباطناً.

    المادة 4 - لا يتـبنّى الخليفة أي حكم شرعي معين في العبادات ما عدا الزكاة والجـهـاد، ولا يتـبـنّى أي فكر من الأفكار المتعلقة بالعقيدة الإسلامية.

    المادة 5 - جميع الذين يحملون التابعية الإسلامية يتمتعون بالحقوق والواجبات الشرعية.

    المادة 6 - لا يجوز للدولة أن يكون لديها أي تمييز بين أفراد الرعية في ناحية الحكم أو القضاء أو رعاية الشؤون أو ما شاكل ذلك، بل يجب أن تنظر للجميع نظرة واحدة بغض النظر عن العنصر أو الدين أو اللون أو غير ذلك.

    المادة 7 - تنـفـذ الدولة الشرع الإسلامي على جميع الذين يحـمـلون التابعية الإسلامية سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين على الوجه التالي:

    أ - تنفذ على المسلمين جميع أحكام الإسلام دون أي استثناء.
    ب - يُترك غير المسـلـمـين وما يعتقدون وما يعبدون ضمن النظام العام.
    ج - المرتدون عن الإسلام يطبق عليهم حكم المرتد إن كانوا هم المرتدين، أما إذا كانوا أولاد مرتـدين وولدوا غير مسلمين فيعاملون معاملة غير المسلمين حسب وضعهم الذي هم عليه من كونهم، مشركين أو أهل كتاب.
    د - يعامل غير المسلمين في أمور المطعومات والملبوسات حسب أديانهم ضمن ما تجيزه الأحكام الشرعية.
    هـ - تفـصـل أمـور الـزواج والطلاق بين غير المسلمين حسب أديانهم، وتفصل بينهم وبين المسلمين حسب أحكام الإسلام.
    و - تنفذ الدولة باقي الأحكام الشرعية وسائر أمور الشريعة الإسلامية من معاملات وعقوبات وبينات ونظم حكم واقتصاد وغير ذلك على الجميع ويكون تنفيذها على المسلمين وعلى غير المسلمين على السواء، وتنفذ كذلك على المعاهدين والمستأمنين وكل من هو تحت سلطان الإسلام كما تنفذ على أفراد الرعية إلا السفراء والقناصل والرسل ومن شاكلهم. فإن لهم الحصانة الدبلوماسية.

    المادة 8 - اللغة العربية هي وحدها لغة الإسلام وهي وحدها اللغة التي تستعملها الدولة.

    المادة 9 - الاجتهاد فرض كفاية، ولكل مسلم الحق بالاجتهاد إذا توفرت فيه شروطه.

    المادة 10 - جميع المسـلمين يحملون مسؤولية الإسلام، فلا رجـال ديـن في الإسـلام، وعلى الدولة أن تمنع كل ما يشعر بوجودهم من المسلمين.

    المادة 11 - حمل الدعوة الإسلامية هو العمل الأصلي للدولة.

    المادة 12 - الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والقياس هي وحدها الأدلة المعتبرة للأحكام الشرعية.

    المادة 13 - الأصل براءة الذمة، ولا يعاقب أحد إلا بحكم محكمة، ولا يجوز تعذيب أحد مطلقاً، وكل من يفعل ذلك يعاقب.

    المادة 14 - الأصـل في الأفعـال التقـيـد بالحكم الشرعي فلا يقام بفعل إلا بعد معرفة حكمه، والأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد دليل التحريم.

    المادة 15 - الوسيلة إلى الحرام محرمة إذا غلب على الظن أنها توصل إلى الحرام، فإن كان يُخشى أن توصل فلا تكون حراماً.



    نظام الحكم
    المادة 16 - نظام الحكم هو نظام وحدة وليس نظاماً اتحادياً.

    المادة 17 - يكــون الحــكــم مــركــزيــاً والإدارة لا مركزية.

    المادة 18 - الحكام أربعة هم: الخليفة، ومعاون التفويض، والوالي، والعامل. ومن عداهم لا يعتبرون حكاماً، وإنما هم موظفون.

    المادة 19 - لا يجوز أن يتولى الحكم أو أي عمل يعتبر من الحكم إلا رجل حرّ، بالغ، عاقل، عدل، قادر من أهل الكفاية، ولا يجوز أن يكون إلا مسلماً.

    المادة 20 - محاسبة الحكام من قبل المسلمين حق من حقوقهم وفرض كفاية عليهم. ولغير المسلمين من أفراد الرعية الحق في إظهار الشكوى من ظلم الحاكم لهم، أو إساءة تطبيق أحكام الإسلام عليهم.

    المادة 21 - للمسلمين الحق في إقامة أحزاب سياسية لمحاسبة الحكام، أو الوصـول للحـكم عن طريق الأمة على شرط أن يكون أساسها العقيدة الإسلامية، وأن تكون الأحكام التي تتبناها أحكاماً شرعية. ولا يحتاج إنشاء الحزب لأي ترخيص ويمنع أي تكتل يقوم على غير أساس الإسلام.

    المادة 22 - يقوم نظام الحكم على أربع قواعد هي:

    1 - السيادة للشرع لا للشعب.
    2 - السلطان للأمة.
    3 - نصب خليفة واحد فرض على المسلمين.
    4 - للخليفة وحده حق تبني الأحكام الشرعية فهو الذي يسن الدستور وسائر القوانين.

    المادة 23 - تقوم الدولة على ثلاثة عشر جهازاً وهي:

    1 - الخليفة.
    2 - المعاونون (وزراء التفويض).
    3 - وزراء التنفيذ.
    4 - الولاة.
    5 - أمير الجهاد.
    6 - الأمن الداخلي.
    7 - الخارجية.
    8 - الصناعة.
    9 - القضاء.
    10 - مصالح الناس.
    11 - بيت المال.
    12 - الإعلام.
    13 - مجلس الأمة (الشورى والمحاسبة).



    الخليفة
    المادة 24 - الخليفة هو الذي ينوب عن الأمة في السلطان وفي تنفيذ الشرع.

    المادة 25 - الخلافة عقد مراضاة واختيار، فلا يجبر أحد على قبولها، ولا يجبر أحد على اختيار من يتولاها.

    المادة 26 - لكل مسلم بالغ عاقل رجلاً كان أو امرأة الحق في انتخاب الخليفة وفي بيعته، ولا حق لغير المسلمين في ذلك.

    المادة 27 - إذا تم عقد الخلافة لواحد بمبايعة من يتم انعقاد البيعة بهم تكون حينئذ بيعة الباقين بيعة طاعة لا بيعة انعقاد فيجبر عليها كل من يلمح فيه إمكانية التمرد وشقّ عصا المسلمين.

    المادة 28 - لا يكون أحد خليفة إلا إذا ولاه المسلمون. ولا يملك أحد صلاحيات الخلافة إلا إذا تم عقدها له على الوجه الشرعي كأي عقد من العقود في الإسلام.

    المادة 29 - يشترط في القطر أو البلاد التي تبايع الخليفة بيعة انعقاد أن يكون سلطانها ذاتياً يستند إلى المسلمين وحدهم لا إلى أية دولة كافرة، وأن يكون أمان المسلمين في ذلك القطر داخلياً وخارجياً بأمان الإسلام لا بأمان الكفر. أما بيعة الطاعة فحسب من البلاد الأخرى فلا يشترط فيها ذلك.

    المادة 30 - لا يشترط فيمن يُبايَع للخلافة إلاّ أن يكون مستكملاً شروط الانعقاد ليس غير، وإن لم يكن مستوفياً شروط الأفضلية، لأن العبرة بشروط الانعقاد.

    المادة 31 - يشترط في الخليفة حتى تنعقد له الخلافة سبعة شروط وهي أن يكون رجلاً مسلماً حراً بالغاً، عاقلاً، عدلاً، قادراً من أهل الكفاية.

    المادة 32 - إذا خلا منصب الخلافة بموت الخليفة أو اعتزاله، أو عزله، يجب نصب خليفة مكانه خلال ثلاثة أيام بلياليها من تاريخ خلو منصب الخلافة.


    المادة 33 - يعين أمير مؤقت لتولي أمر المسلمين والقيام بإجراءات تنصيب الخليفة الجديد بعد شغور منصب الخلافة على النحو التالي:

    أ - للخليفة السابق عند شعوره بدنو أجله أو عزمه على الاعتزال صلاحية تعيين الأمير المؤقت.
    ب - إن توفي الخليفة أو اعتزل قبل تعيين الأمير المؤقت، أو كان شغور منصب الخلافة في غير الوفاة أو الاعتزال، فإن أكبر المعاونين سناً يكون هو الأمير المؤقت إلا إذا أراد الترشح للخلافة فيكون التالي له سناً وهكذا.
    ج - فإذا أراد كل المعاونين الترشح، فأكبر وزراء التنفيذ سناً ثم الذي يليه إذا أراد الترشح، وهكذا.
    د - فإذا أراد كل وزراء التنفيذ الترشح للخلافة حصر الأمير المؤقت في أصغر وزارء التنفيذ سناً.
    هـ - لا يملك الأمير المؤقت صلاحية تبني الأحكام.
    و - يبذل الأمير المؤقت الوسع لإكمال إجراءات تنصيب الخليفة الجديد خلال ثلاثة أيام، ولا يجوز تمديدها إلا لسبب قاهر توافق عليه محكمة المظالم.


    المادة 34 - طريقة نصب الخليفة هي البيعة. أما الإجراءات العملية لتنصيب الخليفة وبيعته فهي:

    أ - تعلن محكمة المظالم شغور منصب الخلافة.
    ب - يتولى الأمير المؤقت مهامه ويعلن فتح باب الترشيح فوراً.
    ج - يتم قبول طلبات المرشحين المستوفين لشروط الانعقاد، وتستبعد الطلبات الأخرى، بقرار من محكمة المظالم.
    د - المرشحون الذي تقبل محكمة المظالم طلباتهم، يقوم الأعضاء المسلمون في مجلس الأمة بحصرهم مرتين: في الأولى يختارون منهم ستة بأغلبية الأصوات، وفي الثانية يختارون من الستة اثنين بأغلبية الأصوات.
    هـ - تعلن أسماء الاثنين، ويطلب من المسلمين انتخاب واحد منهم.
    و - تعلن نتيجة الانتخاب ويعرف المسلمون من نال أكثر أصوات المنتخبين.
    ز - يبادر المسلمون بمبايعة من نال أكثر الأصوات خليفة للمسلمين على العمل بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    ح - بعد تمام البيعة يعلن من أصبح خليفة للمسلمين للملأ حتى يبلغ خبر نصبه الأمة كافة، مع ذكر اسمه وكونه يحوز الصفات التي تجعله أهلاً لانعقاد الخلافة له.
    ط - بعد الفراغ من إجراءات تنصيب الخليفة الجديد تنتهي ولاية الأمير المؤقت.


    المادة 35 - الأمة هي التي تنصب الخليفة ولكنها لا تملك عزله متى تم انعقاد بيعته على الوجه الشرعي.



    المادة 36 - يملك الخليفة الصلاحيات التالية:

    أ - هو الذي يتبنى الأحكام الشرعية اللازمة لرعاية شؤون الأمة المستنبطة باجتهاد صحيح من كتاب الله وسنة رسوله لتصبح قوانين تجب طاعتها ولا تجوز مخالفتها.
    ب - هو المسؤول عن سياسة الدولة الداخلية والخارجية معاً، وهو الذي يتولى قيادة الجيش، وله حق إعلان الحرب، وعقد الصلح والهدنة وسائر المعاهدات.
    ج - هو الذي له قبول السفراء الأجانب ورفضهم، وتعيين السفراء المسلمين وعزلهم.
    د - هو الذي يعين ويعزل المعاونين والولاة، وهم جميعاً مسؤولون أمامه كما أنهم مسؤولون أمام مجلس الأمة.
    هـ - هو الذي يعين ويعزل قاضي القضاة والقضاة باستثناء قاضي المظالم في حالة نظره في قضية على الخليفة أو معاونيه أو قاضي قضاته. والخليفة هو الذي يعين ويعزل كذلك مديري الدوائر، وقواد الجيش، وأمراء ألويته، وهم جميعاً مسؤولون أمامه وليسوا مسؤولين أمام مجلس الأمة.
    و - هو الذي يتبنّى الأحكام الشرعية التي توضع بموجـبـها ميزانية الدولة، وهو الذي يقرر فصول الميزانية والمبالغ التي تلزم لكل جهة سواء أكان ذلك متعلقاً بالواردات أم بالنفقات.

    المادة 37 - الخليفة مقيد في التبني بالأحكام الشرعية فيحرم عليه أن يتبنى حكماً لم يستنبط استنباطاً صحيحاً من الأدلة الشرعية، وهو مقيد بما تبناه من أحكام، وبما التزمه من طريقة استنباط، فلا يجوز له أن يتبنّى حكماً استنبط حسب طريقة تناقض الطريقة التي تبناها، ولا أن يعطي أمراً يناقض الأحكام التي تبناها.

    المادة 38 - للخليفة مطلق الصلاحية في رعاية شؤون الرعية حسب رأيه واجتهاده. فله أن يتبنّى من المباحات كل ما يحتاج إليه لتسيير شؤون الدولة، ورعاية شؤون الرعية، ولا يجوز له أن يخالف أي حكم شرعي بحجة المصلحة، فلا يمنع الأسرة الواحدة من إنجاب أكثر من ولد واحد بحجة قلة المواد الغذائية مثلاً، ولا يسعّر على الناس بحجة منع الاستغلال مثلاً، ولا يعيّن كافراً أو امرأة والياً بحجة رعاية الشؤون أو المصلحة، ولا غير ذلك مما يخالف أحكام الشرع، فلا يجوز أن يحرّم حلالاً ولا أن يحل حراماً.

    المادة 39 - ليس للخليفة مدة محدودة، فما دام الخليفة محافظاً على الشرع منفذاً لأحكامه، قادراً على القيام بشؤون الدولة، يبقى خليفة ما لم تتغير حاله تغيراً يخرجه عن كونه خليفة، فإذا تغيرت حاله هذا التغيّر وجب عزله في الحال.


    المادة 40 - الأمور التي يتغير بها حال الخليفة فيخرج بها عن الخلافة ثلاثة أمور هي:

    أ - إذا اختل شرط من شروط انعقاد الخلافة كأن ارتد، أو فسق فسقاً ظاهراً، أو جن، أو ما شاكل ذلك. لأن هذه الشروط شروط انعقاد، وشروط استمرار.
    ب - العجز عن القيام بأعباء الخلافة لأي سبب من الأسباب.
    ج - القهر الذي يجعله عاجزاً عن التصرف بمصالح المسلمين برأيه وَفْقَ الشرع. فإذا قهره قاهر إلى حد أصبح فيه عاجزاً عن رعاية مصالح الرعية برأيه وحده حسب أحكام الشرع يعتبر عاجزاً حكماً عن القيام بأعباء الدولة فيخرج بذلك عن كونه خليفة. وهذا يتصور في حالتين:

    الحالة الأولى: أن يتسلط عليه فرد واحد أو عدة أفراد من حاشيته فيسـتبدون بتـنفيذ الأمور. فإن كان مأمول الخلاص من تسلطهم ينذر مدة معينة، ثم إنْ لم يرفع تسلطهم يخلع. وإن لم يكن مأمول الخلاص يخلع في الحال.
    الحالة الثانية: أن يصـير مأسـوراً في يد عدو قاهر، إمّا بأسره بالفعل أو بوقوعه تحت تسلط عدوه، وفي هذه الحال ينظر فإن كان مأمـول الخـلاص يمـهـل حتى يقع اليأس من خلاصه، فإن يئس من خلاصه يخلع، وإن لم يكن مأمول الخلاص يخلع في الحال.

    المادة 41 - محكمة المظالم وحدها هي التي تقرر ما إذا كانت قد تغيرت حال الخليفة تغيراً يخرجه عن الخلافة أم لا، وهي وحدها التي لها صلاحية عزله أو إنذاره.


    معاون التفويض
    المادة 42 - يعين الخليفة معاون تفويض أو أكثر له يتحمل مسؤولية الحكم، فيفوض إليه تدبير الأمور برأيه وإمضاءها على اجتهاده.
    وعند وفاة الخليفة فإن معاونيه تنتهي ولايتهم ولا يستمرون في عملهم إلا فترة الأمير المؤقت.

    المادة 43 - يشترط في معاون التفويض ما يشترط في الخليفة، أي أن يكون رجلاً حراً، مسلماً، بالغاً، عاقلاً، عدلاً، قادراً من أهل الكفاية فيما وكل إليه من أعمال.

    المادة 44 - يشترط في تقليد معاون التفويض أن يشتمل تقليده على أمرين أحدهما عموم النظر، والثاني النيابة. ولذلك يجب أن يقول له الخليفة قلدتك ما هو إليّ نيابة عني، أو ما في هذا المعنى من الألفاظ التي تشتمل على عموم النظر والنيابة. وهذا التقليد يمكِّن الخليفة من إرسال المعاونين إلى أمكنة معينة أو نقلهم منها إلى أماكن أخرى وأعمال أخرى على الوجه الذي تقتضيه معاونة الخليفة، ودون الحاجة إلى تقليد جديد لأن كل هذا داخل ضمن تقليدهم الأصلي.

    المادة 45 - على معاون التفويض أن يطالع الخليفة بما أمضاه من تدبير، وأنفذه من ولاية وتقليد، حتى لا يصير في صلاحياته كالخليفة وعليه أن يرفع مطالعته، وأن ينفذ ما يؤمر بتنفيذه.

    المادة 46 - يجب على الخليفة أن يتصفح أعمال معاون التفويض وتدبيره للأمور، ليقر منها الموافق للصواب، ويستدرك الخطأ. لأن تدبير شؤون الأمة موكول للخليفة ومحمول على اجتهاده هو.

    المادة 47 - إذا دبر معاون التفويض أمراً وأقره الخليفة فإن عليه أن ينفذه كما أقره الخليفة ليس بزيادة ولا نقصان. فإن عاد الخليفة وعارض المعاون في رد ما أمضاه ينظر، فإن كان في حكم نفذه على وجهه، أو مال وضعه في حقه، فرأي المعاون هو النافذ، لأنه بالأصل رأي الخليفة وليس للخليفة أن يستدرك ما نفذ من أحكام، وأنفق من أموال. وإن كان ما أمضاه المعاون في غير ذلك مثل تقليد والٍ أو تجهيز جيش جاز للخليفة معارضة المعاون وينفذ رأي الخليفة، ويلغى عمل المعاون، لأن للخليفة الحق في أن يستدرك ذلك من فعل نفسه فله أن يستدركه من فعل معاونه.

    المادة 48 - لا يخصص معاون التفويض بأي دائرة من دوائر الجهاز الإداري، وإنما يكون إشرافه عاماً، لأن الذين يباشرون الأمور الإدارية أجراء وليسوا حكاماً، ومعاون التفويض حاكم، ولا يقلد تقليداً خاصاً بأي من الأعمال لأن ولايته عامة.


    معاون التنفيذ
    المادة 49 - يعين الخليفة معاوناً للتنفيذ، وعمله من الأعمال الإدارية، وليس من الحكم ودائرته هي جهاز لتنفيذ ما يصدر عن الخليفة للجهات الداخلية والخارجية، ولرفع ما يرد إليه من هذه الجهات، فهي واسطة بين الخليفة وغيره، تؤدي عنه، وتؤدي إليه في الأمور التالية:

    أ - العلاقات مع الرعية.
    ب - العلاقات الدولية.
    ج - الجيش أو الجند.
    د - أجهزة الدولة الأخرى غير الجيش.


    المادة 50 - يكـون معـاون التـنـفـيـذ رجلاً مسلماً لأنه من بطانة الخليفة.


    المادة 51 - يكون معاون التنفيذ متصلاً مباشرة مع الخليفة، كمعاون التفويض، ويعتبر معاوناً ولكن في التنفيذ وليس في الحكم.


    الـولاة
    المادة 52 - تقسم البلاد التي تحكمها الدولة إلى وحدات، وتسمى كل وحدة وِلاية، وتقسم كل ولاية إلى وحـدات تسمى كل وحدة منها عِمالة، ويسمى كل من يتولى الوِلاية والياً أو أميراً، ويسمى كل من يتولى العِمالة عاملاً أو حاكماً.

    المادة 53 - يُعَيَّنُ الولاة من قبل الخليفة، ويُعَيَّنُ العمال من قبل الخليفة ومن قبل الولاة إذا فوض إليهم ذلك. ويشترط في الولاة والعمال ما يشترط في المعاونين فلا بد أن يكونوا رجالاً أحراراً مسلمين بالغين عقلاء عدولاً، وأن يكونوا من أهل الكفاية فيما وُكِّل إليهم من أعمال، ويُتَخَيَّرُونَ من أهل التقوى والقوة.

    المادة 54 - للوالي صلاحية الحكم والإشراف على أعمال الدوائر في ولايته نيابة عن الخليفة، فله جميع الصلاحيات في ولايته عدا المالية والقضاء والجيش، فله الإمارة على أهل ولايته، والنظر في جميع ما يتعلق بها. إلا أن الشرطة توضع تحت إمارته من حيث التنفيذ لا من حيث الإدارة.

    المادة 55 - لا يجب على الوالي مطالعة الخليفة بما أمضاه في عمله على مقتضى إمارته إلا على وجه الاختيار، فإذا حدث إنشاء جديد غير معهود وقفه على مطالعة الخليفة، ثم عمل بما أمر به. فإن خاف فساد الأمر بالانتظار قام بالأمر واطلع الخليفة وجوباً على الأمر وعلى سبب عدم مطالعته قبل القيام بعمله.

    المادة 56 - يكون في كل ولاية مجلس منتخب من أهلها يرأسه الوالي، وتكون لهذا المجلس صلاحية المشاركة في الرأي في الشؤون الإدارية لا في شؤون الحكم، ويكون لغرضين:

    الأول تقديم المعلومات اللازمة للوالي عن واقع الولاية واحتياجاتها، وإبداء الرأي في ذلك.
    والثاني لإظهار الرضا أو الشكوى من حكم الوالي لهم.

    ورأي المجلس في الأول غير ملزم، ولكن رأيه في الثاني ملزم، فإذا شكا المجلس الوالي يعزل.

    المادة 57 - ينبغي أن لا تطول مدة ولاية الشخص الواحد على الولاية بل يعفى من ولايته عليها كلما رؤي له تركز في البلد، أو افتتن الناس به.

    المادة 58 - لا يُنْقَلُ الوالي من ولاية إلى ولاية، لأن توليته عامة النظر محددة المكان، ولكن يُعْفَى ويولى ثانية.

    المادة 59 - يُعْزَلُ الوالي إذا رأى الخليفة عزله، أو إذا أظهر مجلس الأمة عدم الرضى منه، أو إذا أظهر مجلس ولايته السخط منه. وعزله إنما يجري من قبل الخليفة.

    المادة 60 - على الخليفة أن يتحرى أعمال الولاة، وأن يكون شديد المراقبة لهم، وأن يعين من ينوب عنه للكشف عن أحوالهم، والتفتيش عليهم وأن يجمعهم أو قسماً منهم بين الحين والآخر، وأن يصغي إلى شكاوى الرعية منهم.



    أمير الجهـاد: دائرة الحربية - الجيش
    المادة 61 - تـتـولى دائـرة الحـربيـة جميع الشؤون المتعلقة بالقـوات المسـلحـة من جيش وشرطة ومعدات ومهمات وعتاد وما شـاكل ذلك. ومن كليات عسـكرية، وبعثات عسكرية، وكل ما يلزم من الثقافة الإسلامية، والثقافة العامة للجيش، وكل ما يتعلق بالحرب والإعداد لها، ورئيس هذه الدائرة يسمى (أمير الجهاد).

    المادة 62 - الجهـاد فرض على المسـلمين، والتدريب على الجـنـدية إجباري فكل رجل مسلم يبلغ الخامسة عشرة من عـمـره فرض عليه أن يتدرب على الجندية استعداداً للجهاد، وأما التجنيد فهو فرض على الكفاية.

    المادة 63 - الجيش قسمان قسم احتياطي، وهم جميع القادرين على حمل السلاح من المسلمين. وقسم دائم في الجندية تخصص لهم رواتب في ميزانية الدولة كالموظفين.

    المادة 64 - تجعل للجيش ألوية ورايات والخليفة هو الذي يعقد اللواء لمن يوليه على الجيش، أما الرايات فيقدمها رؤساء الألوية.

    المادة 65 - الخليفة هو قائد الجيش، وهو الذي يعين رئيس الأركان، وهو الذي يعين لكل لواء أميراً ولكل فرقة قائداً. أما باقي رتب الجيش فيعينهم قواده وأمراء ألويته. وأما تعيين الشخص في الأركان فيكون حسب درجة ثقافته الحربية ويعينه رئيس الأركان.

    المادة 66 - يجـعـل الجيش كله جيشاً واحداً يوضع في معسكرات خاصة، إلا أنه يجب أن توضع بعض هذه المعسكرات في مختلف الولايات. وبعضها في الأمكنة الاستراتيجية، ويجعل بعضها معسكرات متنقلة تنقلاً دائمياً، تكون قوات ضاربة. وتنظم هذه المعسكرات في مجموعات متعددة يطلق على كل مجموعة منها اسم جيش ويوضع لها رقم فيقال الجيش الأول، الجيش الثالث مثلاً، أو تسمى باسم ولاية من الولايات أو عمالة من العمالات.

    المادة 67 - يجب أن يوفر للجيش التعليم العسكري العالي على أرفع مستوى، وأن يرفع المستوى الفكري لديه بقدر المستطاع، وأن يثقف كل شخص في الجيش ثقافة إسلامية تمكنه من الوعي على الإسلام ولو بشكل إجمالي.

    المادة 68 - يجب أن يكون في كل معسكر عدد كاف من الأركان الذين لديهم المعرفة العسكرية العالية والخبرة في رسم الخطط وتوجيه المعارك. وأن يوفر في الجيش بشكل عام هؤلاء الأركان بأوفر عدد مستطاع.

    المادة 69 - يجب أن تتوفر لدى الجيش الأسلحة والمعدات والتجـهـيزات واللـوازم والمهمات التي تمكنه من القيام بمهمته بوصفه جيشاً إسلامياً.


    الأمن الداخلي
    المادة 70 - تـتـولى دائرة الأمن الداخلي إدارة كل ما له مسـاس بالأمـن، ومنـع كل ما يهدد الأمن الداخلي، وتحـفـظ الأمن في البلاد بواسطة الشرطة ولا تلجأ إلى الجيش إلا بأمـر مـن الخـليفة. ورئيس هـذه الدائرة يسمى (مدير الأمن الداخلي). ولهذه الدائرة فروع في الولايات تسمى إدارات الأمن الداخلي ويسمى رئيس الإدارة (صاحب الشرطة) في الولاية.

    المادة 71 - الشـرطة قسـمان: شرطة الجيش وهي تتبع أمير الجهاد أي دائرة الحربية، والشرطة التي بين يدي المحـاكم لحفظ الأمن وهي تتبع دائرة الأمن الداخلي، والقسمان يدربان تدريباً خاصاً بثقافة خاصة تمكنهما من أداء مهماتهما بإحسان.

    المادة 72 - أبـرز مـا يهـدد الأمـن الداخـلي التي تـتـولى دائرة الأمن الداخلي معالجته هو: الردة، البغي والحـرابة، الاعتداء على أموال الناس، التعدّي على أنفس الناس وأعراضهم، التعامل مع أهل الرِّيَب الذين يتجسسون للكفار المحاربين.



    الخارجية

    المادة 73 - تتولى دائرة الخارجية جميع الشئون الخارجية المتعلقة بعلاقة دولة الخلافة بالدول الأجنبية سواء أكانت تتعلق بالناحية السياسية، أم بالنواحي الاقتصادية والصناعية والزراعية والتجارية، أم المواصلات البريدية والسلكية واللاسلكية، ونحوها.



    دائرة الصناعة
    المادة 74 - دائرة الصناعة هي الدائرة التي تتولى جميع الشؤون المتعلقة بالصناعة سواء أكانت صناعة ثقيلة كصناعة المحركات والآلات، وصناعة هياكل المركبات، وصناعة المواد والصناعات الإلكترونية. أم كانت صناعة خفيفة، وسواء أكانت المصانع هي من نوع الملكية العامة أم من المصانع التي تدخل في الملكية الفردية ولها علاقة بالصناعة الحربية، والمصانع بأنواعها يجب أن تقام على أساس السياسة الحربية.


    القضـاء
    المادة 75 - القضاء هو الإخبار بالحكم على سبيل الإلزام، وهو يفصل الخصومات بين الناس، أو يمنع ما يضر حق الجماعة، أو يرفع النـزاع الواقع بين الناس وأي شخص ممن هو في جهاز الحكم، حكاماً أو موظفين، خليفةً أو مَنْ دونه.


    المادة 76 - يعين الخليفة قاضياً للقضاة من الرجال البالغين الأحرار المسلمين العقلاء العدول من أهل الفقه، وإذا أعطاه الخليفة صلاحية تعيين وعزل قاضي المظالم فيجب أن يكون مجتهداً. وتكون له صلاحية تعيين القضاة وتأديبهم وعزلهم ضمن الأنظمة الإدارية، أما باقي موظفي المحاكم فمربوطون بمدير الدائرة التي تتولى إدارة شؤون المحاكم.


    المادة 77 - القضاة ثلاثة: أحدهم القاضي، وهو الذي يتولى الفصل في الخصومات ما بين الناس في المعاملات والعقوبات. والثاني المحـتـسـب، وهـو الذي يتولى الفصل في المخالفات التي تضر حق الجماعة. والثالث قاضي المظالم، وهو الذي يتولى رفع النـزاع الواقع بين الناس والدولة.


    المادة 78 - يشترط فيمن يتولى القضاء أن يكون مسلماً، حراً، بالغاً، عاقلاً، عدلاً، فقيهاً، مدركاً لتنـزيل الأحكام على الوقائع. ويشترط فيمن يتولى قضاء المظالم زيادة على هذه الشروط أن يكون رجلاً وأن يكون مجتهداً.



    المادة 79 - يجوز أن يُقَلَّدَ القاضي والمحتسب وقاضي المظالم تقليداً عاماً في القضاء بجميع القضايا في جميع البلاد، ويجوز أن يُقَلَّدوا تقليداً خاصاً بالمكان وبأنواع القضايا.


    المادة 80 - لا يجوز أن تتألف المحكمة إلا من قاضٍ واحد له صلاحية الفصل في القضاء، ويجوز أن يكون معه قاضٍ آخر أو أكثر، ولكن ليست لهم صلاحية الحكم وإنما لهم صلاحية الاستشارة وإعطاء الرأي، ورأيهم غير ملزم له.


    المادة 81 - لا يجوز أن يقضي القاضي إلا في مجلس قضاء، ولا تُعتَبر البينة واليمين إلا في مجلس القضاء.


    المادة 82 - يجـوز أن تـتـعـدد درجـات المحـاكـم بالنـسـبـة لأنـواع القـضـايـا، فيجـوز أن يُخَصَّصَ بعض القضاة بأقضية معينة إلى حد معين، وأن يوكل أمر غير هذه القضايا إلى محاكم أخرى.


    المادة 83 - لا توجد محاكم استئناف، ولا محاكم تمييز، فالقضاء من حيث البت في القضية درجة واحدة، فإذا نطق القاضي بالحكم فحكمه نافذ، ولا ينقضه حكم قاضٍ آخر مطلقاً إلاّ إذا حكم بغير الإسلام، أو خالف نصاً قطعياً في الكتاب أو السنة أو إجماع الصحابة، أو تبين أنه حكم حكماً مخالفاً لحقيقة الواقع.

    المادة 84 - المحتـسـب هو القاضي الذي ينظر في كافة القـضـايا التي هي حقوق عامة ولا يوجد فيها مدع، على أن لا تكون داخلة في الحدود والجنايات.


    المادة 85 - يملك المحتسب الحكم في المخالفة فور العلم بها في أي مكان دون حاجة لمجلس قضاء، ويُجعل تحت يده عدد من الشرطة لتنفيذ أوامره، وينفذ حكمه في الحال.


    المادة 86 - للمحتسب الحق في أن يختار نواباً عنه تتوفر فيهم شروط المحتسب، يوزعهم في الجهات المختلفة، وتكون لهؤلاء النواب صلاحية القيام بوظيفة الحسبة في المنطقة أو المحلة التي عينت لهم في القضايا التي فوضوا فيها.


    المادة 87 - قاضي المظالم هو قاض ينصب لرفع كل مَظْلِمَة تحصل من الدولة على أي شخص يعيش تحت سلطان الدولة، سواء أكان من رعاياها أم من غيرهم، وسواء حصلت هذه المظلمة من الخليفة أم ممن هو دونه من الحكام والموظفين.


    المادة 88 - يُعيَّن قاضي المظالم من قِبَل الخليفة، أو من قبل قاضي القضاة، أما محاسبته وتأديبه وعزله فيكون من قبل الخليفة أو من قبل قاضي القضاة إذا أعطاه الخليفة صلاحية ذلك. إلاّ أنه لا يصح عزله أثناء قيامه بالنظر في مظلِمة على الخليفة، أو معاون التفويض، أو قاضي القضاة المذكور، وتكون صلاحية العزل في هذه الحالات لمحكمة المظالم.


    المادة 89 - لا يحصر قاضي المظالم بشخص واحد أو أكثر بل لرئيس الدولة أن يعين عدداً من قضاة المظالم حسب ما يحتاج رفع المظالم مهما بلغ عددهم. ولكن عند مباشرة القضاء لا تكون صلاحية الحكم إلا لقاضٍ واحد ليس غير، ويجوز أن يجلس معه عدد من قضاة المظالم أثناء جلسة القضاء، ولكن تكون لهم صلاحية الاستشارة ليس غير. وهو غير ملزم بالأخذ برأيهم.


    المادة 90 - لمحكمة المظالم حق عزل أي حاكم أو موظف في الدولة، كما لها حق عزل الخليفة، وذلك إذا اقتضى إزالة المظلمة هذا العزل.


    المادة 91 - تملك محكمة المظالم صلاحية النظر في أية مظلمة من المظالم سواء أكانت متعلقة بأشخاص من جهاز الدولة، أم متعلقة بمخالفة الخليفة لأحكام الشرع، أم متعلقة بمعنى نص من نصوص التشريع في الدستور والقانون وسائر الأحكام الشرعية ضمن تبني رئيس الدولة، أم متعلقة بفرض ضريبة من الضرائب، أم غير ذلك.


    المادة 92 - لا يشترط في قضاء المظالم مجلس قضاء، ولا دعوة المدعى عليه، ولا وجود مدعٍ، بل لها حق النظر في المظلمة ولو لم يدع بها أحد.


    المادة 93 - لكـل إنسـان الحق في أن يوكل عنه في الخصومة وفي الدفـاع من يشاء سواء أكان مسلماً أم غير مسلم رجلاً كان أو امـرأة. ولا فـرق في ذلك بين الوكيل والمـوكِّـل. ويجـوز للوكيل أن يوكَّل بأجر ويستحق الأجرة على الموكِّل حسب تراضيهما.


    المادة 94 - يجوز للشخص الذي يملك صلاحيات في أي عمل من الأعمال الخاصة كالوصي والولي، أو الأعمال العامة كالخليفة والحاكم والموظف، وكقاضي المظالم والمحتسب، أن يقيم مقامه في صلاحياته وكيلاً عنه في الخصومة والدفاع فقط باعتبار كونه وصياً أو ولياً أو رئيس دولة أو حاكماً أو موظفاً أو قاضي مظالم أو محتسباً. ولا فرق في ذلك بين أن يكون مدعياً أو مدعى عليه.


    المادة 95 - العقود والمعاملات والأقضية التي أبرمت وانتهى تنفيذها قبل قيام الخلافة، لا ينقضها قضاء الخلافة ولا يحركها من جديد إلا إذا كانت القضية:


    أ - لها أثر مستمر مخالف للإسلام فتحرك من جديد على الوجوب.

    ب - إذا كانت القضية تتعلق بأذى الإسلام والمسلمين الذي أوقعه الحكام السابقون وأتباعهم، فيجوز للخليفة تحريك هذه القضايا من جديد.



    الجهـاز الإداري
    المادة 96 - إدارة شؤون الدولة ومصالح الناس تتولاها مصالح ودوائر وإدارات، تقوم على النهوض بشؤون الدولة وقضاء مصالح الناس.


    المادة 97 - سياسة إدارة المصالح والدوائر والإدارات تقوم على البساطة في النظام والإسراع في إنجاز الأعمال، والكفاية فيمن يتولون الإدارة.

    المادة 98 - لكل من يحمل التابعية، وتتوفر فيه الكفاية رجلاً كان أو امرأة، مسلماً كان أو غير مسلم، أن يُعَيَّنَ مديراً لأية مصلحة من المصالح، أو أية دائرة أو إدارة، وأن يكون موظفاً فيها.

    المادة 99 - يُعَيَّنُ لكل مصلحة مدير عام ولكل دائرة وإدارة مدير يتولى إدارتها، ويكون مسؤولاً عنها مباشرة، ويكون هؤلاء المديرون مسؤولين أمام من يتولى الإدارة العليا لمصالحهم، أو دوائرهم أو إداراتهم من حيث عملهم، ومسؤولين أمام الوالي والعامل من حيث التقيد بالأحكام والأنظمة العامة.

    المادة 100 - المديرون في جميع المصالح والدوائر والإدارات لا يُعْزَلُونَ إلا لسبب ضمن الأنظمة الإدارية، ولكن يجوز نَقْلُهُمْ من عمل إلى آخر، ويجوز توقيفهم عن العمل، ويكون تعيينهم ونقلهم وتوقيفهم وتأديبهم وعزلهم من قبل من يتولى الإدارة العليا لمصالحهم، أو دوائرهم، أو إداراتهم.

    المادة 101 - الموظفون غير المديرين يتم تعيينهم ونقلهم وتوقيفهم وتأديبهم وعزلهم من قبل من يتولى الإدارة العليا لمصالحهم أو دوائرهم أو إداراتهم.



    بيت المال
    المادة 102 - بيت المال دائرة تتولى الواردات والنفقات وفق الأحكام الشرعية من حيث جمعها وحفظها وإنفاقها. ويسمى رئيس دائرة بيت المال (خازن بيت المال)، ويتبع هذه الدائرة إدارات في الولايات ويسمى رئيس كل إدارة (صاحب بيت المال).
    الإعلام
    المادة 103 - جهاز الإعلام دائرة تتولى وضع وتنفيذ السياسة الإعلامية للدولة لخدمة مصلحة الإسلام والمسلمين، في الداخل: لبناء مجتمع إسلامي قوي متماسك، ينفي خبثه وينصع طيبه، وفي الخارج: لعرض الإسلام في السلم والحرب عرضاً يبين عظمة الإسلام وعدله وقوة جنده، ويبين فساد النظام الوضعي وظلمه وهزال جنده.

    المادة 104 - لا تحتاج وسائل الإعلام التي أصحابها يحملون تابعية الدولة إلى ترخيص، بل فقط إلى (علم وخبر) يرسل إلى دائرة الإعلام، يُعلم الدائرة عن وسيلة الإعلام التي أنشئت. ويكون صاحب وسيلة الإعلام ومحرروها مسئولين عن كل مادة إعلامية ينشرونها ويحاسَبون على أية مخالفة شرعية كأي فرد من أفراد الرعية.



    مجـلس الأمّـة
    المادة 105 - الأشـخـاص الذين يمثلون المسلمين في الرأي ليرجع إليهم الخليفة هم مجلس الأمة، والأشخاص الذين يمثلون أهل الولايات هم مجالس الولايات. ويجوز لغير المسلمين أن يكونوا في مجلس الأمة من أجل الشكوى من ظلم الحكام، أو من إساءة تطبيق أحكام الإسلام.

    المادة 106 - يُنْتَخَبُ أعضاء مجلس الولاية انتخاباً مباشراً من أهل الولاية المعنيَّة، ويُحدَّد عدد أعضاء مجالس الولايات بنسبة عدد سكان كل ولاية في الدولة. ويُنتخب أعضاء مجلس الأمة انتخاباً مباشراً من قبل مجالس الولايات. ويكون بدء وانتهاء مدة مجلس الأمة هو نفسه بدء وانتهاء مدة مجلس الولايات.

    المادة 107 - لكل من يحمل التابعية إذا كان بالغاً عاقلاً الحق في أن يكون عضواً في مجلس الأمة وفي مجلس الولاية، رجلاً كان أو امرأة مسلماً كان أو غير مسلم، إلا أن عضوية غير المسلم قاصرة على إظهار الشكوى من ظلم الحكام، أو من إساءة تطبيق الإسلام.

    المادة 108 - الشورى والمشورة هي أخذ الرأي مطلقاً، وهي غير ملزمة في التشريع، والتعريف، والأمور الفكـرية ككشـف الحقائق، وفي الأمور الفنية والعلمية، وتكون مُلْزِمَةً عند استشارة الخليفة في كل ما هو من الأمور العملية، والأعمال التي لا تحتاج إلى بحث وإنعام نظر.

    المادة 109 - الشورى حق للمسلمين فحسب. ولا حق لغير المسلمين في الشورى، وأما إبداء الرأي فإنه يجوز لجميع أفراد الرعية مسلمين وغير مسلمين.

    المادة 110 - المسائل التي تكون فيها الشورى ملزمةً عند استشارة الخليفة يؤخذ فيها برأي الأكثرية بغض النظر عن كونه صواباً أو خطأ. أما ما عداها مما يدخل تحت الشورى غير الملزمة فيتحرى فيها عن الصواب بغض النظر عن الأكثرية أو الأقلية.


    المادة 111 - لمجلس الأمة صلاحيات خمس هي:

    1 - (أ): استشارة الخليفة له وإشارته على الخليفة في الأعمال والأمور العملية المتعلقة برعاية الشؤون في السياسة الداخلية مما لا تحتاج إلى بحث فكري عميق وإنعام نظر مثل شئون الحكم، والتعليم، والصحة، والاقتصاد، والتجارة، والصناعة، والزراعة، وأمثالها، ويكون رأيه فيها ملزماً.


    (ب): أما الأمورُ الفكريةُ التي تحتاجُ إلى بحثٍ عميق وإنعامِ نظرٍ، والأمور التي تحتاج خبرة ودراية، والأمورُ الفنيةُ والعلميةُ، وكذلك المالية والجيش والسياسة الخارجية، فإن للخليفة أن يرجع للمجلس لاستشارته فيها والوقوف على رأيه، ورأي المجلس فيها غير ملزم.

    2 - للخليفة أن يحيل للمجلس الأحكام والقوانين التي يريد أن يتبناها، وللمسلمين من أعضائه حق مناقشتها وبيان وجه الصواب والخطأ فيها فإن اختلفوا مع الخليفة في طريقة التبني من الأصول الشرعية المتبناة في الدولة، فإن الفصل يرجع إلى محكمة المظالم، ورأي المحكمة في ذلك ملزم.

    3 - للمجلس الحق في محاسبة الخليفة على جميع الأعمال التي تحصل بالفعل في الدولة سواء أكانت من الأمور الداخلية أم الخارجية أم المالية أم الجيش أم غيرها، ورأي المجلس ملزم فيما كان رأي الأكثرية فيه ملزماً، وغير ملزم فيما كان رأي الأكثرية فيه غير ملزم.
    وإن اختلف المجلس مع الخليفة على عمل قد تم بالفعل من الناحية الشرعية فَيُرْجَعُ فيه إلى محكمة المظالم للبتّ فيه من حيث الشرعية وعدمها، ورأي المحكمة فيه ملزم.

    4 - للمجلس الحق في إظهار عدم الرضا من المعاونين والولاة والعمال ويكون رأيه في ذلك ملزماً، وعلى الخليفة عزلهم في الحال. وإذا تعارض رأي مجلس الأمة مع رأي مجلس الولاية المعنيَّة في الرضا أو الشكوى من الولاة والعمال فإن لرأي مجلس الولاية الأولوية في ذلك.

    5 - للمسلمين من أعضائه حق حصر المرشحين للخلافة من الذين قررت محكمة المظالم توفر شروط الانعقاد فيهم ورأي أكثريتهم في ذلك ملزم، فلا يصح الانتخاب إلا من الذين حصرهم المجلس.



    النظـام الاجتمـاعي
    المادة 112 - الأصل في المرأة أنها أم وربة بيت وهي عرض يجب أن يصان.

    المادة 113 - الأصل أن ينفصل الرجال عن النساء ولا يجتمعون إلا لحاجة يقرها الشرع، ويقر الاجتماع من أجلها كالحج والبيع.

    المادة 114 - تُعْطى المرأة ما يُعْطى الرجل من الحقوق، ويُفْرَضُ عليها ما يُفْرَضُ عليه من الواجبات إلا ما خصها الإسلام به، أو خص الرجل به بالأدلة الشرعية، فلها الحق في أن تزاول التجارة والزراعة والصناعة وأن تتولى العقود والمعاملات. وأن تملك كل أنواع الملك. وأن تنمي أموالها بنفسها وبغيرها، وأن تباشر جميع شؤون الحياة بنفسها.

    المادة 115 - يجوز للمرأة أن تُعَيَّنَ في وظائف الدولة، وأن تنتخب أعضاء مجلس الأمة وأن تكون عضواً فيه، وأن تشترك في انتخاب الخليفة ومبايعته.

    المادة 116 - لا يجوز أن تتولى المرأة الحكم، فلا تكون خليفة ولا معاوناً ولا والياً ولا عاملاً ولا تباشر أي عمل يعتبر من الحكم، وكذلك لا تكون قاضي قضاة، ولا قاضياً في محكمة المظالم، ولا أمير جهاد.

    المادة 117 - المرأة تعيش في حياة عامة وفي حياة خاصة. ففي الحياة العامة يجوز أن تعيش مع النساء والرجال المحارم والرجال الأجانب على أن لا يظهر منها إلا وجهها وكفاها، وغير متبرجة ولا متبذّلة. وأما في الحياة الخـاصـة فلا يجوز أن تعيش إلا مع النساء أو مع محارمها ولا يجـوز أن تعيش مع الرجال الأجانب. وفي كلتا الحياتين تتقيد بجميع أحكام الشرع.

    المادة 118 - تمنع الخلوة بغير محرم، ويمنع التبرج وكشف العورة أمام الأجانب.

    المادة 119 - يمنع كل من الرجل والمرأة من مباشرة أي عمل فيه خطر على الأخلاق، أو فساد في المجتمع.

    المادة 120 - الحياة الزوجية حياة اطمئنان، وعشرة الزوجين عشرة صحبة. وقوامة الزوج على الزوجة قوامة رعاية لا قوامة حكم وقد فرضت عليها الطاعة، وفرض عليه نفقتها حسب المعروف لمثلها.

    المادة 121 - يتعاون الزوجان في القيام بأعمال البيت تعاوناً تاماً، وعلى الزوج أن يقوم بجميع الأعمال التي يقام بها خارج البيت، وعلى الزوجة أن تقوم بجميع الأعمال التي يقام بها داخل البيت حسب استطاعتها. وعليه أن يحضر لها خداماً بالقدر الذي يكفي لقضاء الحاجات التي لا تستطيع القيام بها.

    المادة 122 - كفالة الصغار واجب على المرأة وحق لها سواء أكانت مسلمة أم غير مسلمة ما دام الصغير محتاجاً إلى هذه الكفالة. فإن استغنى عنها ينظر، فإن كانت الحاضنة والولي مسلمين خُيِّرَ الصغير في الإقامة مع من يريد فمن يختاره له أن ينضم إليه سواء أكان الرجل أم المرأة، ولا فرق في الصغير بين أن يكون ذكراً أو أنثى. أما إن كان أحدهما غير مسلم فلا يخير بينهما بل يُضم إلى المسلم منهما.




    النظـام الاقتصادي
    المادة 123 - سياسة الاقتصاد هي النظرة إلى ما يجب أن يكون عليه المجتمع عند النظرة إلى إشباع الحاجات فَـيُجْـعَـلُ ما يجب أن يكون عليه المجتمع أساساً لإشباع الحاجات.

    المادة 124 - المشكلة الاقتصادية هي توزيع الأموال والمنافع على جميع أفراد الرعية وتمكينهم من الانتفاع بها بتمكينهم من حيازتها ومن السعي لها.

    المادة 125 - يجب أن يُضْمَنَ إشباع جميع الحاجات الأساسية لجميع الأفراد فرداً فرداً إشباعاً كلياً. وأن يُضْمَنَ تمكين كل فرد منهم من إشباع الحاجات الكمالية على أرفع مستوى مستطاع.

    المادة 126 - المال لله وحده وهو الذي استخلف بني الإنسان فيه فصار لهم بهذا الاستخلاف العام حق ملكيته، وهو الذي أذن للفرد بحيازته فصار له بهذا الإذن الخاص ملكيته بالفعل.

    المادة 127 - الملكية ثلاثة أنواع: ملكية فردية، وملكية عامة، وملكية الدولة.

    المادة 128 - الملـكـية الفـردية هي حكـم شرعي مقدر بالعين أو المنفـعـة يقـتـضي تمكين من يضاف إليه من انتفاعه بالشيء وأخذ العوض عنه.

    المادة 129 - الملكـية العامة هي إذن الشارع للجماعة بالاشـتراك في الانـتـفـاع بالعـين.

    المادة 130 - كل مال مصرفه موقوف على رأي الخليفة واجتهاده يعتبر ملكاً للدولة، كأموال الضرائب والخراج والجزية.

    المادة 131 - الملكية الفردية في الأموال المنقولة وغير المنقولة مقيدة بالأسباب الشرعية الخمسة وهي:

    أ - العمل.
    ب - الإرث.
    ج - الحاجة إلى المال لأجل الحياة.
    د - إعطاء الدولة من أموالها للرعية.
    هـ - الأمـوال الـتي يـأخـذهـا الأفـراد دون مقابل مال أو جهد.

    المادة 132 - التصرف بالملكية مُقَيَّدٌ بإذن الشارع، سواء أكان تصرفاً بالإنفاق أو تصرفاً بتنمية الملك. فَيُمْنَعُ السَّرَفُ والترف والتقتير، وتُمْنَعُ الشركات الرأسمالية والجمعيات التعاونية وسائر المعاملات المخالفة للشرع، ويمنع الربا والغبن الفاحش والاحتكار والقمار وما شابه ذلك.




    المادة 133 - الأرض العشرية هي التي أسلم أهلها عليها وأرض جزيرة العرب، والأرض الخراجية هي التي فتحت حرباً أو صلحاً ما عدا جزيرة العرب، والأرض العشرية يملك الأفراد رقبتها ومنفعتها. وأما الأرض الخراجية فرقبتها ملك للدولة ومنفعتها يملكها الأفراد، ويحق لكل فرد تبادل الأرض العشرية، ومنفعة الأرض الخراجية بالعقود الشرعية وتورث عنهم كسائر الأموال.

    المادة 134 - الأرض الموات تملك بالإحياء والتحجير، وأما غير الموات فلا تملك إلا بسبب شرعي كالإرث والشراء والإقطاع.

    المادة 135 - يمنع تأجير الأرض للزراعة مطلقاً سواء أكانت خراجية أم عشرية، كما تمنع المزارعة، أما المساقاة فجائزة مطلقاً.

    المادة 136 - يجبر كل من ملك أرضاً على استغلالها ويعطى المحتاج من بيت المال ما يمكنه من هذا الاستغلال. وكل من يهمل الأرض ثلاث سنين من غير استغلال تؤخذ منه وتعطى لغيره.

    المادة 137 - تتحقق الملكية العامة في ثلاثة أشياء هي:

    أ - كل ما هو من مرافق الجماعة كساحات البلدة.
    ب - المعادن التي لا تنقطع كمنابع البترول.
    ج - الأشياء التي طبيعتها تمنع اختصاص الفرد بحيازتها كالأنهار.

    المادة 138 - المصنع من حيث هو من الأملاك الفردية إلا أن المصنع يأخذ حكم المادة التي يصنعها. فإن كانت المادة من الأملاك الفردية كان المصنع ملكاً فردياً كمصانع النسيج. وإن كانت المادة من الأملاك العامة كان المصنع ملكاً عاماً كمصانع استخراج الحديد.

    المادة 139 - لا يجوز للدولة أن تحوّل ملكية فردية إلى ملكية عامة، لأن الملكية العامة ثابتة في طبيعة المال وصفته لا برأي الدولة.

    المادة 140 - لكل فرد من أفراد الأمة حق الانتفاع بما هو داخل في الملكية العامة، ولا يجوز للدولة أن تأذن لأحد دون باقي الرعية بملكية الأملاك العامة أو استغلالها.

    المادة 141 - يجوز للدولة أن تحمي من الأرض الموات ومما هو داخل في الملكية العامة لأية مصلحة تراها من مصالح الرعية.

    المادة 142 - يمنع كنـز المال ولو أخرجت زكاته.

    المادة 143 - تجبى الزكاة من المسلمين، وتؤخذ على الأموال التي عين الشرع الأخذ منها من نقد وعروض تجارة ومواش وحبوب. ولا تؤخذ من غير ما ورد الشرع به. وتؤخذ من كل مالك سواء أكان مكلفاً كالبالغ العاقل أم غير مكلف كالصبي والمجنون، وتوضع في باب خاص من بيت المال، ولا تصرف إلا لواحد أو أكثر من الأصناف الثمانية الذين ذكرهم القرآن الكريم.

    المادة 144 - تجبى الجزية من الذميين، وتؤخذ على الرجال البالغين بقدر ما يحتملونها، ولا تؤخذ على النساء ولا على الأولاد.

    المادة 145 - يجبى الخراج على الأرض الخراجية بقـدر احتـمـالها، وأمـا الأرض العشرية فتجبى منها الزكاة على الناتج الفعلي.

    المادة 146 - تستوفى من المسلمين الضريبة التي أجاز الشرع استيفاءها لسد نفقات بيت المال، على شرط أن يكون استيفاؤها مما يزيد على الحاجات التي يجب توفيرها لصاحب المال بالمعروف، وأن يراعى فيها كفايتها لسد حاجات الدولة.

    المادة 147 - كل ما أوجب الشرع على الأمة القيام به من الأعمال وليس في بيت المال مال للقيام به فإن وجوبه ينتقل على الأمة، وللـدولـة حينئذ الحـق في أن تحصله من الأمة بفرض الضريبة عليها. وما لم يجب على الأمـة شـرعاً القيام به لا يجوز للدولة أن تفرض أية ضريبة من أجله، فلا يجـوز أن تأخـذ رسـومـاً للمـحـاكم أو الدوائر أو لقضاء أية مصلحة.

    المادة 148 - لميزانية الدولة أبواب دائمية قررتها أحكام شرعية. وأما فصول الميزانية والمبالغ التي يتضمنها كل فصل، والأمور التي تخصص لها هذه المبالغ في كل فصل، فإن ذلك موكول لرأي الخليفة واجتهاده.

    المادة 149 - واردات بيت المال الدائمية هي الفيء كله، والجزية، والخراج، وخمس الركاز، والزكاة. وتؤخذ هذه الأموال دائمياً سواء أكانت هنالك حاجة أم لم تكن.

    المادة 150 - إذا لم تكف واردات بيت المال الدائمية لنفقات الدولة فإن لها أن تحصل من المسلمين ضرائب، ويجب أن تسي
    woroud azhar
    woroud azhar
    زهـــــــرة السلام


    عدد المساهمات : 14068
    الموقع : ارض الله

    الدستور الإسلامي Empty رد: الدستور الإسلامي

    مُساهمة من طرف woroud azhar الثلاثاء نوفمبر 22, 2011 2:17 pm

    المادة 150 - إذا لم تكف واردات بيت المال الدائمية لنفقات الدولة فإن لها أن تحصل من المسلمين ضرائب، ويجب أن تسير في تحصيل الضرائب على الوجه التالي:

    أ - لسد النفقات الواجبة على بيت المال للفقراء والمساكين وابن السبيل وللقيام بفرض الجهاد.
    ب - لسد النفقات الواجبة على بيت المال على سبيل البدل كنفقات الموظفين وأرزاق الجند وتعويضات الحكام.
    ج - لسد النفقات الواجبة على بيت المال على وجه المصلحة والإرفاق دون بدل كإنشاء الطرقات واستخراج المياه وبناء المساجد والمدارس والمستشفيات.
    د - لسد النفقات الواجبة على بيت المال على وجه الضرورة كحادث طرأ على الرعية من مجاعة أو طوفان أو زلزال.

    المادة 151 - يعتبر من الواردات التي توضع في بيت المال الأموال التي تؤخذ من الجمارك على ثغور البلاد، والأموال الناتجة من الملكية العامة أو من ملكية الدولة، والأموال الموروثة عمن لا وارث له ومال المرتدين.

    المادة 152 - نفقات بيت المال مقسمة على ست جهات هي:

    أ - الأصناف الثمانية الذين يستحقون أموال الزكاة يصرف لهم من باب الزكاة.
    ب - الفقراء والمساكين وابن السبيل والجهاد والغارمون إذا لم يوجد في باب أموال الزكاة مال صرف لهم من واردات بيت المال الدائمة، وإذا لم يوجد لا يصرف للغارمين شيء. وأما الفقراء والمساكين وابن السبيل والجهاد فتحصل ضرائب لسد نفقاتهم ويقترض لأجل ذلك في حالة خوف الفساد.
    ج - الأشخاص الذين يؤدون خدمات للدولة كالموظفين والحكام والجند فإنه يصرف لهم من بيت المال. وإذا لم يكف مال بيت المال تحصل ضرائب في الحال لسد هذه النفقات ويقترض لأجلها في حالة خوف الفساد.
    د - المصالح والمرافق الأساسية كالطرقات والمساجد والمستشفيات والمدارس يصرف عليها من بيت المال، فإذا لم يف ما في بيت المال تحصل ضرائب في الحال لسد هذه النفقات.
    هـ - المصالح والمرافق الكمالية يصرف عليها من بيت المال، فإذا لم يوجد ما يكفي لها في بيت المال لا يصرف لها وتؤجل.
    و - الحوادث الطارئة كالزلازل والطوفان يصرف عليها من بيت المال، وإذا لم يوجد يقترض لأجلها المال في الحال ثم يسدد من الضرائب التي تجمع.

    المادة 153 - تـضـمـن الـدولـة إيجـاد الأعـمـال لكـل مـن يحمل التابعية.

    المادة 154 - الموظـفـون عند الأفراد والشركات كالموظفين عند الدولة في جمـيع الحقوق والواجبات، وكل من يعمل بأجر هو موظف مهما اختلف نوع العمل أو العامل. وإذا اختلف الأجير والمستأجر على الأجرة يُحَكَّمُ أجر المثل. أما إذا اختلفوا على غيرها فَيُحَكَّمُ عقد الإجارة على حسب أحكام الشرع.

    المادة 155 - يجوز أن تكون الأجرة حسب منفعة العمل، وأن تكون حسب منفعة العامل، ولا تكون حسب معلومات الأجير، أو شهاداته العلمية، ولا توجد ترقيات للموظفين بل يعطون جميع ما يستحقونه من أجر سواء أكان على العمل أم على العامل.

    المادة 156 - تضمن الدولة نفقة من لا مال عنده ولا عمل له، ولا يوجد من تجب عليه نفقته، وتتولى إيواء العجزة وذوي العاهات.

    المادة 157 - تعمل الدولة على تداول المال بين الرعية وتحول دون تداوله بين فئة خاصة.

    المادة 158 - تيسر الدّولة لأفراد الرعية إمكانية إشباع حاجاتهم الكمالية وإيجاد التوازن في المجتمع حسب توفر الأموال لديها، على الوجه التالي:

    أ - أن تعطي المال منقولاً أو غير منقول من أموالها التي تملكها في بيت المال، ومن الفيء وما شابهه.
    ب - أن تقطِع من أراضيها العامرة وغير العامرة من لا يملكون أرضاً كافية. أما من يملكون أرضاً ولا يستغلونها فلا تعطيهم. وتعطي العاجزين عن الزراعة مالاً لتوجد لديهم القدرة على الزراعة.
    ج - تقوم بسداد ديون العاجزين عن السداد من مال الزكاة ومن الفيء وما شابه.

    المادة 159 - تشـرف الدولة على الشـؤون الزراعية ومحصولاتها وَفْقَ ما تتطلبه السياسية الزراعية التي تحقق استغلال الأرض على أعلى مستوى من الإنتاج.

    المادة 160 - تشرف الدولة على الشؤون الصناعية برمتها، وتتولى مباشرة الصناعات التي تتعلق بما هو داخل في الملكية العامة.

    المادة 161 - التجارة الخارجية تعتبر حسب تابعية التاجر لا حسب منشأ البضاعة، فالتجار الحربيون يمنعون من التجارة في بلادنا إلا بإذن خاص للتاجر أو للمال. والتجار المعاهدون يعاملون حسب المعاهدات التي بيننا وبينهم، والتجار الذين من الرعية يمنعون من إخراج ما تحتاجه البلاد من المواد ومن إخراج المواد التي من شأنها أن يتقوّى بها العدو عسكرياً أو صناعياً أو اقتصادياً، ولا يُمنعون من إدخال أي مال يملكونه. ويُستثنى من هذه الأحكام البلد الذي بيننا وبين أهله حرب فعلية «كإسرائيل» فإنه يأخذ أحكام دار الحرب الفعلية في جميع العلاقات معه تجارية كانت أم غير تجارية.

    المادة 162 - لجميع أفراد الرعية الحق في إنشاء المختبرات العـلـمـية المتعلقة بكافة شؤون الحياة، وعلى الدولة أن تقوم هي بإنشاء هذه المختبرات.

    المادة 163 - يمنع الأفراد من ملكية المختبرات التي تنتج مواد تؤدي ملكيتهم لها إلى ضرر على الأمة أو على الدولة.

    المادة 164 - توفر الدولة جميع الخدمات الصحية مجاناً للجميع، ولكنها لا تمنع استئجار الأطباء ولا بيع الأدوية.

    المادة 165 - يمنع استغلال واستثمار الأموال الأجنبية في البلاد كما يمنع منح الامتيازات لأي أجنبي.

    المادة 166 - تصـدر الدولة نقـداً خـاصـاً بها يكون مستقلاً ولا يجوز أن يرتبط بأي نقد أجنبي.

    المادة 167 - نقود الدولة هي الذهب والفضة مضروبة كانت أو غير مضروبة. ولا يجوز أن يكون لها نقد غيرهما. ويجوز أن تصدر الدولة بدل الذهب والفضة شيئاً آخر على شرط أن يكون في خزانة الدولة ما يساويه من الذهب والفضة. فيجوز أن تصدر الدولة نحاساً أو برونزاً أو ورقاً أو غير ذلك وتضربه باسمها نقداً لها إذا كان له مقابل يساويه تماماً من الذهب والفضة.

    المادة 168 - الصرف بين عملة الدولة وبين عملات الدول الأخـرى جـائـز كالصـرف بين عملتها هي سواء بسواء وجائز أن يتفـاضـل الصـرف بينهما إذا كانا من جنسين مختلفين على شرط أن يكون يداً بيد، ولا يصح أن يكون نسيئة. ويسمح بتغيير سعر الصرف دون أي قيد ما دام الجنسان مختلفين، ولكل فرد من أفراد الرعية أن يشتري العملة التي يريدها من الداخل والخارج وأن يشتري بها دون أية حاجة إلى إذن عملة أو غيره.


    سـياسـة التعليم
    المادة 169 - يجب أن يكون الأساس الذي يقوم عليه منهج التعليم هو العقيدة الإسلامية، فتوضع مواد الدراسة وطرق التدريس جميعها على الوجه الذي لا يحدث أي خروج في التعليم عن هذا الأساس.

    المادة 170 - سياسة التعليم هي تكوين العقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية، فتوضع جميع مواد الدراسة التي يراد تدريسها على أساس هذه السياسة.

    المادة 171 - الغاية من التعليم هي إيجاد الشخصية الإسلامية وتزويد الناس بالعلوم والمعارف المتعلقة بشؤون الحياة. فتجعل طرق التعـلـيم على الوجه الذي يحقق هذه الغاية وتمنع كل طريقة تؤدي لغير هذه الغاية.

    المادة 172 - يجب أن تجعل حصص العلوم الإسلامية والعربية أسبوعياً، بمقدار حصص باقي العلوم من حيث العدد ومن حيث الوقت.

    المادة 173 - يجب أن يفرق في التعليم بين العلوم التجريبية وما هو ملحق بها كالرياضيات، وبين المعارف الثقافية. فتدرس العلوم التجريبية وما يلحق بها حسب الحاجة، ولا تقيّد في أية مرحلة من مراحل التعـلـيم. أما المعارف الثقافية فإنها تؤخذ في المراحل الأولى قبل العالية وَفْقَ سياسة معينة لا تتناقض مع أفكار الإسلام وأحكامه. وأما المرحلة العـالـية فتـؤخـذ كالعلم على شرط أن لا تؤدي إلى أي خروج عن سياسة التعليم وغايته.

    المادة 174 - يجب تعليم الثقافة الإسلامية في جميع مراحل التعليم، وأن يخصص في المرحلة العالية فروع لمختلف المعارف الإسلامية كما يخصص فيها للطب والهندسة والطبيعيات وما شاكلها.

    المادة 175 - الفنون والصناعات قد تلحق بالعلم من ناحية كالفنون التجارية والملاحة والزراعة وتؤخذ دون قيد أو شرط، وقد تلحق بالثقافة عندما تتأثر بوجهة نظر خاصة كالتصوير والنحت فلا تؤخذ إذا ناقضت وجهة نظر الإسلام.

    المادة 176 - يكون منهاج التعليم واحداً، ولا يسمح بمنهاج غير منهاج الدولة، ولا تمنع المدارس الأهلية ما دامت مقيدة بمنهاج الدولة، قائمة على أساس خطة التعليم، متحققة فيها سياسة التعليم وغايته، على ألاّ يكون التعليم فيها مختلطاً بين الذكور والإناث لا في التلاميذ ولا في المعلمين، وعلى ألا تختص بطائفة أو دين أو مذهب أو عنصر أو لون.

    المادة 177 - تعليم ما يلزم للإنسان في معترك الحياة فرض على الدولة أن توفره لكل فرد ذكراً كان أو أنثى. في المرحلتين الابتدائية والثانوية، فعليها أن توفر ذلك للجميع مجاناً، ويفسح مجال التعليم العالي مجاناً للجميع بأقصى ما يتيسر من إمكانيات.

    المادة 178 - تهيئ الدولة المكتبات والمختبرات وسائر وسائل المعرفة في غير المدارس والجامعات لتمكين الذين يرغبون مواصلة الأبحاث في شتى المعارف من فقه وأصول فقه وحديث وتفسير، ومن فكر وطب وهندسة وكيمياء، ومن اختراعات واكتشافات وغير ذلك، حتى يوجد في الأمة حشد من المجتهدين والمبدعين والمخترعين.

    المادة 179 - يمنع استغلال التأليف للتعليم في جميع مراحله ولا يملك أحد مؤلفاً كان أو غير مؤلف حقوق الطبع والنشر إذا طبع الكتاب ونشره. أما إذا كان أفكاراً لديه لم تطبع ولم تنشر فيجـوز له أن يأخـذ أجـرة إعطـائها للناس كما يأخذ أجرة التعليم.


    السياسـة الخارجية
    المادة 180 - السياسة هي رعاية شؤون الأمة داخلياً وخارجياً، وتكون من قبل الدولة والأمة. فالدولة هي التي تباشر هذه الرعاية عملياً، والأمة هي التي تحاسب بها الدولة.


    المادة 181 - لا يجوز لأي فرد، أو حزب، أو كتلة، أو جماعة، أن تكون لهم علاقة بأية دولة من الدول الأجنبية مطلقاً. والعلاقة بالدول محصورة بالدولة وحدها، لأن لها وحدها حق رعاية شؤون الأمة عملياً. وعلى الأمة والتكتلات أن تحاسب الدولة على هذه العلاقة الخارجية.



    المادة 182 - الغاية لا تبرر الواسطة، لأن الطريقة من جنس الفكرة، فلا يتوصل بالحرام إلى الواجب ولا إلى المباح. والوسيلة السياسية لا يجوز أن تناقض طريقة السياسة.



    المادة 183 - المناورات السياسية ضرورية في السياسة الخارجية، والقوة فيها تكمن في إعلان الأعمال وإخفاء الأهداف.



    المادة 184 - الجرأة في كشف جرائم الدول، وبيان خطر السياسات الزائفة، وفضح المؤامرات الخبيثة، وتحطيم الشخصيات المضللة، هو من أهم الأساليب السياسية.



    المادة 185 - يعتبر إظهار عظمة الأفكار الإسلامية في رعـايـة شـؤون الأفـراد والأمـم والـدول مـن أعـظـم الطرق السياسية.



    المادة 186 - القضية السياسية للأمة هي الإسلام في قوة شخصية دولته، وإحسان تطبيق أحكامه، والدأب على حمل دعوته إلى العالم.



    المادة 187 - حمل الدعوة الإسلامية هو المحور الذي تدور حوله السياسة الخارجية، وعلى أساسها تبنى علاقة الدولة بجميع الدول.



    المادة 188 - علاقة الدولة بغيرها من الدول القائمة في العالم تقوم على اعتبارات أربعة:



    أحدها: الدول القـائـمـة في العـالـم الإسلامي تعتبر كأنها قائمة في بلاد واحـدة. فلا تدخـل ضـمـن العلاقات الخارجية، ولا تعتبر العلاقات معها من السياسة الخارجية، ويجب أن يعمل لتوحيدها كلها في دولة واحدة.

    ثانيها: الدول التي بيننا وبينها معاهدات اقتصادية، أو معاهدات تجارية، أو معاهدات حسن جوار، أو معاهدات ثقافية، تعامل وَفْقَ ما تنص عليه المعاهدات. ولرعاياها الحق في دخول البلاد بالهوية دون حاجة إلى جواز سفر إذا كانت المعاهدة تنص على ذلك، على شرط المعاملة بالمثل فعلاً. وتكون العلاقات الاقتصادية والتجارية معها محدودة بأشياء معينة، وصفات معينة على أن تكون ضرورية، ومما لا يؤدي إلى تقويتها.
    ثالثها: الدول التي ليس بيننا وبينها معاهدات والدول الاستعمارية فعـلاً كإنكلترا وأميركا وفرنسا والدول التي تطمع في بلادنا كروسيا، تعتبر دولاً محاربة حكماً، فتتخذ جميع الاحتياطات بالنسبة لها ولا يصح أن تنشأ معها أية علاقات ديبلوماسية. ولرعايا هذه الدول أن يدخلوا بلادنا ولكن بجواز سفر وبتأشيرة خاصة لكل فرد ولكل سفرة، إلا إذا أصبحت محاربة فعلاً.
    رابعها: الدول المحـاربة فعلاً «كإسرائيل» مثلاً يجب أن تتخذ معها حالة الحرب أسـاسـاً لكافة التصـرفات وتعامل كأننا وإياها في حرب فعلية سواء أكانت بيننا وبينها هدنة أم لا. ويمنع جميع رعاياها من دخول البلاد.






    المادة 189 - تمنع منعاً باتاً المعاهدات العسكرية، وما هو من جنسها، أو ملحق بها كالمعاهدات السياسية، واتفاقيات تأجير القواعد والمطارات. ويجوز عقد معاهدات حسن جوار، والمعاهدات الاقتصادية، والتجارية، والمالية، والثقافية، ومعاهدات الهدنة.



    المادة 190 - المنظمات التي تقوم على غير أساس الإسلام، أو تطبيق أحكام غير أحكام الإسلام، لا يجوز للدولة أن تشترك فيها، وذلك كالمنظمات الدولية مثل هيئة الأمم، ومحكمة العدل الدولية، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي. وكالمنظمات الإقليمية مثل الجامعة العربية.




    الحمد لله الذي تتم بها الصالحات




    لقد أصدر حزب التحرير كتاباً يشرح فيه هذه المواد ، ويذكر الدليل الذي أخذت منه كل مادة من مواد الدستور، ويذكر دلالته، والكتاب يقع في قسمين ، وهما :




    مقدمة الدستور أو الأسباب الموجبة له - القسم الأول
    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]


    مقدمة الدستور أو الأسباب الموجبة له - القسم الثاني
    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]




    woroud azhar
    woroud azhar
    زهـــــــرة السلام


    عدد المساهمات : 14068
    الموقع : ارض الله

    الدستور الإسلامي Empty رد: الدستور الإسلامي

    مُساهمة من طرف woroud azhar الثلاثاء نوفمبر 22, 2011 2:54 pm

    لدكتور عباس محمود

    (دكتوراه الدولة في القانون ـ

    مدرّس جامعي وباحث قانوني)

    الجمهورية العراقيّة


    المقدمة :

    ربما رجحت الدراسات الدستورية التقليدية التوقف عند كون الدستور قانون السلطة في الدولة المعنية، فأكثرت الحديث عن المؤسسات الدستورية وآليات عملها وما إلى ذلك. غير أ نّنا وجدنا أن دراسة دستور الجمهورية الإسلامية في ايران ينبغي أن تتوفر قبل كلّ شيء على بيان خصوصيات هذا الدستور وتميّزه عن غيره بها.

    إن البحث في الأدب القانوني الإسلامي يجد في دستور الجمهورية الإسلامية نموذجاً نادراً لدراسة البناءات اللغوية في تعبيرها عن الأحكام القانونية المطلوب بيانها.

    ونحن لن نستطيع هنا في هذا العرض الموجز أن نستوعب خصوصيات دستور الجمهورية الإسلامية في ايران جميعاً ولكننا نأمل أن نستطيع التوقف عند أهمها، والتي تتمثل لنا في :

    1 ـ معالم رئيسة في شكل الدستور.

    2 ـ المضمون الجوهري لأحكام الدستور.

    ان الدستور وهو القانون الأساس للدولة إنّما هو قانون السلطة وفق ما يذهب إليه كثير من فقهاء القانون، ولكنّ هذا لا يعني كون الدستور نظاماً للهياكل الوظيفية في الدولة وحسب، أنه ليس مخططاً تظهر فيه أقسام الإدارة في الدولة ومواصفات من يشغلون مراكزها المختلفة كما هو الحال في مخطط جهاز أيّ مرفق من مرافق الدولة. إن الدستور هو قانون القوانين، حيث يوجد مخطط المؤسسات الدستورية وبيان السلطات الثلاث كما يوجد بيان فلسفة الحكم واُسسه العامة وأهدافه الاستراتيجية.

    من هنا فإنّ الدستور ينبغي أن يسجل ثمرة نضال الأمة في سبيل نيل حقوقها المشروعة، ويمكن للدستور أن يتخطى الطابع الوصفي والتسجيلي لما أسسه من هياكل ووضعه من مبادئ وقواعد العمل إلى مهمة تربوية توجيهية، مهمة فكرية عقائدية، يضمن لها التطبيق، ويدفع بها المسيرة نحو الهدف، والدستور الإسلامي في ايران كما سنرى على سبيل الإجمال ينزع إلى لعب هذا الدور: دور السند والقاعدة لحركة الثورة الإسلامية فضلاً عن الدور الأولي الذي أشرنا إليه باعتباره قانون السلطة. وقد تجلت هذه المعاني في دستور الجمهورية الإسلامية في ايران على مستوى الشكل وعلى مستوى المضمون بحيث يحس المتأمل فيه بذلك الترابط الوثيق بين المستويين المذكورين.

    على مستوى الشكل نعتقد أن الدستور موضوع البحث قد اتّصف بخصوصيات عديدة سنحاول أن نشير إلى بعضها فنتطرق إلى لغة الدستور وأسلوبه في عرض الأحكام من ناحية، وإلى هيكل المؤسسات الدستورية الذي يرسمه في بنائه للدولة الإسلامية الوليدة من ناحية أخرى.

    وأما على مستوى المضمون فإننا نعتقد أن الخصيصة الأساسية للدستور موضوع البحث تتمثل في القاعدة العقائدية التي تبتنى عليها الدولة بكل تفاصيلها، كما نعتقد أن الأهمية التي أولاها هذا الدستور لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية كانت من التميّز بحيث يمكن اعتبارها هي الأخرى من الخصوصيات الرئيسة على مستوى المضمون.

    وهكذا سوف تنقسم هذه القراءة في خصوصيات دستور الجمهورية الإسلامية في ايران إلى ثلاثة فصول: فنتناول في الأول بعض المعالم الرئيسة في شكله وفي الثاني والثالث جانبين من جوانب مضمونه الجوهري وهما القاعدة العقائدية وحقوق الإنسان.


    الفصل الأوّل

    معالم رئيسة في شكل الدستور

    إنّ دستور الجمهورية الإسلامية في ايران يفاجئ المطالع ابتداء بخصوصيته، ويقدم نفسه محاولة نادرة لتقنين الأحكام الخاصة بتنظيم الدولة الإسلامية وتحديد هويتها الفكرية ووضع كلّ ذلك موضع التنفيذ. وبكلمة أخرى فإن الدستور الإسلامي قد نقل الأفكار الإسلامية المتعلقة بالحكم وفقه الدولة من القوالب النظرية إلى القوالب المقننة المعدة للتطبيق، من أجل تحويل المبادئ والقواعد الإسلامية من بطون الكتب إلى الممارسة اليومية العملية ومن هنا يبدو المعلم الأول في ثورية الدستور حيث ترجم إرادة الثورة في التغيير فأجهز على الأشكال والهياكل وحدّد المضامين الجديدة، وهو تغيير شامل أصاب الأوضاع الدستورية المنهارة في أوصالها كافة فضلاً عن الصميم.

    ولعل أولى الملاحظات المهمة التي تدرج بالمناسبة هي المتعلقة بشكل الدستور الإسلامي عموماً وأسلوب تناوله للموضوعات المختلفة.

    ويأتي في مقدمة هذه الملاحظات (الفنيّة) اشتمال النصّ الدستوري على استشهادات من نصوص مصادر الشريعة الإسلامية الرئيسة ونعني بذلك نصوص الكتاب الكريم والسنّة المطهرة، وهو ما يعتبر خروجاً على المألوف من الصياغات الدستورية وهو بالتحديد من أبرز ما يعطي دستور الجمهورية الإسلامية في ايران طابعه الخاص. وها نحن نلمس معلمين من معالم شكل الدستور: الأول وهو لغة الدستور والثاني أسلوبه.


    الفرع الأول : لغة الدستور

    ملاحظتان رئيستان تبرزان في هذه المناسبة، الاُولى: استشهاد الدستور بنصوص من القرآن الكريم والسنّة المطهّرة، والثانية استخدامه لمصطلحات وتعبيرات خاصة. وتتفق هاتان الملاحظتان لا على تأكيد الخصوصية فحسب بل أيضاً على تأكيد الترابط بين الشكل والمضمون في مسألة الصياغة بحيث لا يمكن حصرهما ـ أي الملاحظتين ـ في الجانب الشكلي من الدستور بشكل مطلق.


    أولاً : استشهاد الدستور بالنصوص التشريعية :

    إن ابتناء نظام الجمهورية الإسلامية في ايران وفقاً للدستور موضوع البحث على الأحكام الشرعية للإسلام الحنيف جعل من الدستور الإسلامي هيكلاً قانونياً عصرياً لأحكام شرعية فقهية مستمدة من المصدر التشريعي الثرّ للإسلام، أي الكتاب والسنّة. والمطالع للدستور سواء كان مواطناً بسيطاً أو مسؤولاً في الدولة باحثاً قانونياً أو سياسياً سيجد المصدر التشريعي ماثلاً أمامه بشكل ملفت للنظر. بل انّ هذه الاستشهادات في رأينا ستكون هادياً للباحث في الدستور أياً كانت صفته في فهم وتفسير الأحكام التي وردت بصددها تلك الاستشهادات.

    أول تلك الاستشهادات شهادة التوحيد «لا إله إلاّ اللّه‏»، وردت في المادة الثانية التي تكفلت ببيان جوانب القاعدة الإيمانية للجمهورية الإسلامية ولا ندري ما إذا كان وضع هذا الاستشهاد في بداية قائمة الاستشهادات مقصوداً لذاته أم أنه كان مجرد صدفة. وفي الحالين فإنه قد أخذ موقع الشعار أو الراية التي تستظل بها بقية أحكام الدستور.

    أما المادة 18 فقد أوردت عبارة «اللّه‏ أكبر» بمناسبة النصّ على الأحكام الخاصة بعلم الجمهورية الإسلامية.

    أما المادة السابعة التي وضعت مبدأ الشورى موضع التطبيق فقد استشهدت بقوله تعالى : «وأمرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُم » (الشورى / 38)، وقوله تعالى : «وَشَاورهُمْ في الأَمْر » (النساء / 95).

    كما أوردت المادة الثامنة الآية الكريمة : «والمؤمنونَ والمؤمناتُ بعضُهُمْ أولياءُ بعضٍ يَأمرونَ بالمعروفِ وينهونَ عَنِ المُنكَر » (التوبة / 71)، بينما أوردت المادة الحادية عشرة التي بينت موقف الجمهورية الإسلامية من المسلمين في مختلف أقطارهم الآية الكريمة : «إنَّ هذه اُمتكم اُمّة واحدة وأنا ربّكم فاعبدون » (الأنبياء / 92) .

    أما عندما تعرضت المادة 14 لعلاقة الجمهورية الإسلامية والمسلمين بغير المسلمين فقد أوردت الآية الكريمة «لا ينهاكم اللّه‏ُ عنِ الّذينَ لم يقاتلوكُم في الدِّينِ ولم يخرجوكُم مِن ديارِكُم أن تبروهُم وتقسطوا إليهم إنّ اللّه‏ يحبُّ المقسطين » (الممتحنة / Cool .

    وفي خصوص الأحكام المتعلقة بالقوات المسلحة استشهدت المادة 151 بالآية الكريمة : «واعدّوا لهم ما استطعتم من قوّةٍ ومِن رباطِ الخيلِ ترهبونِ به عدوَّ اللّه‏ِ وعدوَّكُم وآخرين لا تعلمونَهُم اللّه‏ُ يعلمهم » (الأنفال / 60).

    هذا عن متن الدستور، وأما عن مقدمته المنشورة معه (طبعة عام 1997 الّتي نشرتها رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية) فقد أوردت بمناسبة الحديث عن اسلوب الحكم النصوص التالية :

    1 ـ قوله تعالى : «إنّ هذه أمتكم اُمّة واحدة وأنا ربّكم فاعبدون... » (الأنبياء / 92).

    2 ـ قوله تعالى : «ويضع عنهم إصرهم والأغلال الّتي كانت عليهم » (الأعراف / 157).

    3 ـ قوله تعالى : «انّ الأَرضَ يرثها عبادي الصّالحون » (الأنبياء / 105).

    4 ـ قوله تعالى : «وإلى اللّه‏ِ المصير » (النور / 42).

    5 ـ الحديث الشريف: «تخلّقوا بأخلاق اللّه‏».

    6 ـ قوله تعالى : «ونريدُ أن نمنَّ على الّذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين » (القصص / 5).

    كما استشهدت المقدمة في الفقرة الخاصة بولاية الفقيه العادل بما ورد في قول الإمام (ع) : «مجاري الأمور بيد العلماء الأمناء على حلاله وحرامه» (تحف العقول / 237).

    أما في الفقرة الخاصة بالقضاء فقد ورد قوله تعالى: «وإذا حكمتم بين النّاس أن تحكموا بالعدل » (النساء / 58)، وفي فقرة أخرى ورد قوله تعالى: «وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على النّاس » (البقرة / 143).

    إنّ هذه الإستشهادات تعطي بذاتها فكرة واضحة عن الأسس التي قامت عليها أحكام الدستور والموجهات التي استرشد بها، وتتضح هذه الأسس ويبرز الاسترشاد المذكور من خلال الملاحظة الثانية التي تعبّر عن مدى التزام الدستور بالمفاهيم والموازين الإسلامية.

    ومن الجدير بالذكر أنّ مشاريع الدستور الإسلامي المنشورة في كتاب «اعلان دستوري اسلامي» والتي وضع أحدها وعلق عليها المستشار الدكتور علي جريشة لم تتضمن في متونها استشهادات كالتي وردت في دستور الجمهورية الإسلامية في ايران اذا استثنينا عبارة البسملة التي وردت في مشروعين من تلك المشاريع بمناسبة الإشارة إلى أنّ اصدار الأحكام القضائية يكون باسم اللّه‏ الرحمن الرحيم، ولم توضع هذه العبارة بين قوسين مما قد يفسر بأنها لم تستعمل كاستشهاد أو استعارة.

    وأما المذكرة الإيضاحية التي وضعها المستشار جريشة على (الإعلان الدستوري) الأوّل في كتابه المذكور فقد وردت فيها عدة آيات كريمة، وكذلك الحال بالنسبة لنموذج الدستور الإسلامي الذي وضعه نائب رئيس مجلس الدولة المصري الأستاذ الدكتور مصطفى كمال وصفي فقد استشهد بثلاث آيات كريمة، علماً انّ كتاب الدكتور جريشة يشتمل على ثلاثة نماذج للدساتير الإسلامية فضلاً عن نموذج الدكتور جريشة الوارد تحت عنوان: «الاعلان الدستوري الإسلامي» ذكرنا اثنين منها، ووضع الاثنين الآخرين مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف والمجلس الإسلامي العالمي.(1)


    ثانياً : استخدام مصطلحات وتعبيرات خاصة :

    من الناحية اللغوية الثانية فإن دستور الجمهورية الإسلامية في ايران استخدم مصطلحات وتعبيرات اسلامية دخلت في صياغته بشكل طبيعي سلس وبشكل مكتنز بالمعاني. وبالرغم من أن بعض هذه المصطلحات والتعبيرات مستعمل بشكل أو آخر في النصوص القانونية والدستورية الوضعية إلاّ أنها تتخذ هنا من خلال الإطار العام والسياق الذي وردت فيه معاني خاصة بفكر الحركة الأصيلة الصاعدة، بينما كان القسم الآخر من هذه المصطلحات والتعبيرات جديداً تماماً على الصياغات الدستورية.

    ونحن لن نستطيع هنا أن نستعرض كلّ تلك التعبيرات والمصطلحات ومعانيها الغنية ولكن نكتفي بالإشارة إليها باختصار.

    من ذلك الذي نعنيه المفردات التالية ومشتقاتها : الطاغوت، الظلم، الاستكبار، الغصب، الفساد... الخ.

    ومن ذلك أيضاً المفردات التالية ومشتقاتها: الجهاد، القسط، الرشد، الاستضعاف، التكامل، الصلاح، العدل، الحدود، الوحي، حاكمية اللّه‏، الفقه، الأخلاق، الولاية، الشورى، الانفال، التقوى، الافتاء، المرجعية، الأمور الحسبية.

    هذه المفردات وسواها يستحق كلّ منها التوقف والتأمل والمقارنة، وفي كلّ الأحوال سوف تبرز دلالة أكيدة لهذه الاستخدامات الصياغية، هي انّ واضعي الدستور قد تمثلوا المفردات والصياغات التي تتردد عند الفقهاء الإسلاميين على اختلاف مذاهبهم في عملية بيان أو استنباط الأحكام الشرعية واستقرارها بشكل تلقائي معبّر في سياق الأحكام الدستورية.

    ولهذا فإننا نجد شيوع تلك المصطلحات في دستور الجمهورية الإسلامية في ايران يشابه إلى حد ما ماهو عليه الحال بالنسبة لمشاريع الدساتير الإسلامية التي ألمحنا إليها.

    ومن ناحية ثانية فإن استخدام دستور الجمهورية الإسلامية لتلك المصطلحات قد انتقل إلى الأدبيات الاعلامية والسياسية في البلاد ثم انتقل حتى إلى لغات أجنبية كما هو الحال بالنسبة لمصطلحات كالاستكبار مثلاً. وقد كشف شيوع بعض هذه المصطلحات في التحليلات السياسية والقانونية عن أنها تمتلك دلالات غنية يمكن الاستعاضة بها إلى حدّ كبير عن المصطلحات الأجنبية.


    الفرغ الثاني : أسلوب الدستور

    نعني بأسلوب الدستور في هذا المقام طريقة تناوله للأحكام التي تضمنها والتسلسل الذي انتهجه للوصول إلى النتائج التي توخّاها. وإذا لم يكن من المعتاد أن يهتم الباحثون الدستوريون بهذه المسألة، فإننا نرى فيها دلالات خطيرة تتعلق بالمضمون وإن كانت المسألة ذاتها شكلية.

    والدستور بعد هذا إما أن يبقى على حالة وإما أن يتعرض إلى التغيير، وهذه المسألة تبدو لنا مهمة هي الأخرى في مبحث المعالم الشكلية حيث تكشف دراستها عن مرونة أو جمود الدستور، وقد اخترنا هاتين المسألتين لاثارتهما في هذا الفرع لما لهما من خصوصية في دستور الجمهورية الإسلامية.


    أولاً : تسلسل الأحكام والدلالات المستفادة


    أ ـ عنوان النظام

    يبدأ دستور الجمهورية الإسلامية في ايران في مادته الاُولى بهذه العبارات: «نظام الحكم في ايران هو الجمهورية الإسلامية، التي صوت عليها الشعب الايراني بالايجاب بأكثرية 2ر98 % ممن كان لهم حق التصويت خلال الاستفتاء العام...».

    إنّ من نافلة القول أنّ الاطار الذي هيأه الاستفتاء الشعبي العام الذي جرى في آذار / مارس 1979 على النظام الجديد وهو نظام «الجمهورية الإسلامية» قدم بذاته إضاءة لابدّ منها للتعرّف على هياكل النظام الجديد. فهذا النظام «جمهوري» يستند إلى الجمهور أداةً وهدفاً، وهو «إسلامي» يستمد شكله وروحه من التعاليم الإسلامية الحكيمة.

    وهذان التعبيران في حقيقتهما لا يشكلان عنوان النظام فحسب، ولا وصفاً مجرداً للشكل الخارجي للنظام وإنّما يفترض أ نّهما يحملان أيضاً معاني (ضمانات) النظام المتمثلة بالإرادة الشعبية من ناحية وبأحكام الشريعة الإسلامية من ناحية أخرى كما يفهم من تعبير «الجمهورية الإسلامية».

    إن مؤسسات الدولة في الحقيقة ليست أشكالاً وهياكل مجردة في بناء الدولة ونظامها، إنّما هي أيضاً أدوات لتحقيق أفكار معيّنة وترجمتها على صعيد التطبيق العملي، وبالتالي فالمؤسسات الدستورية هي عبارة عن شكل ومضمون يحددهما الدستور.

    ومن هنا نجد عدداً من الباحثين يتوقف عند إصرار الإمام الخميني الراحل (ره) على أن يتم الاستفتاء الشعبي ـ وهو المعبّر عن الإرادة الشعبية ـ على نظام إسمه بالتحديد «جمهورية إسلامية»، فهذا الإسم هو المعبّر عن شكل ومضمون النظام المطلوب. ويبدو انّ ذلك الإصرار قد أتى اُكُلَهُ وصار واضحاً بعد الاستفتاء انّ الخيار الشعبي قد انصبّ على الشكل «الجمهوري» والمضمون «الإسلامي».

    هذا ويرى المتأمل في أحكام دستور الجمهورية الإسلامية شيئاً فشيئاً أنّ هناك علاقة وثيقة بين الشكل والمضمون بحيث يمكن أن يقال إنّ للمضمون تأثيراً بيّناً واضحاً على بناء الهياكل ورسم الآليات. وعلى كلّ حال فإن إصرار الإمام الخميني (ره) على تحديد النظام مقدماً قد تبعه اصرار آخر على بناء هيكل مؤسسي يستجيب من ناحية لمتطلبات الدولة العصرية ومن ناحية ثانية لأهداف الشريعة الإسلامية في تحقيق الحكم الإسلامي. وقد لخص الإمام الراحل (ره) رؤيته الخاصة بالحكومة الإسلامية بقوله «إنّ الحكومة الإسلامية هي حكومة القانون الإلهي على الناس».

    في هذا القول الموجز بيان لكون الحكومة الإسلامية حكومة قانون وانّ القانون المعني هو الذي يكون مصدره اللّه‏ سبحانه وتعالى، وانّ الوسط الذي ينظمه القانون ويؤدي دوره فيه هو الناس، أي المجتمع. وأما الدولة ومؤسساتها والملخصة بتعبير الحكومة الإسلامية فهي أداة تطبيق القانون الإلهي في المجتمع، وهي نفسها منقادة إلى ذلك القانون ومقيدة به، فهو فوقها وفوق المجتمع يحكمها كما يحكمه.


    ب ـ فصول الدستور

    تتوزع أحكام الدستور موضوع البحث على فصوله الأربعة عشر وبايجاز كما يلي :

    1 ـ الأصول العامة لنظام الجمهورية الإسلامية في ايران وخصّص لها الفصل الأول الذي يحتوي على أربع عشرة مادة. وقد تناول هذا الفصل القاعدة الإيمانية للنظام وسبل تحقيق أهداف المجتمع المسلم، كما تطرق إلى دور الموازين الإسلامية في ضبط وتوجيه مقررات وحركة الدولة مشيراً إلى موقع ولاية الأمر ومبدأ الشورى في ذلك كما تحدث عن دور الفرد والأسرة والدولة والأمة بطوائفها وأقلياتها.

    والذي ينبغي الالتفات إليه في هذا الفصل الأوّل هو أسبقية وأولوية الأساس العقائدي للجمهورية الإسلامية بالتفصيل الذي سنتطرق إليه لاحقاً. وهكذا فإن البحث العقائدي جاء في مقدمة أحكام الدستور تالياً لعنوان النظام مباشرة والذي ألمحنا إلى أنه هو نفسه (أي العنوان) يتضمن المعنى العقائدي بشكل مجمل وغير مباشر. والحقيقة أنّ المادة الاُولى المخصصة لعنوان النظام قد نصت صراحة على أنّ الشعب قد شارك في الاستفتاء على عنوان النظام «انطلاقاً من ايمانه الأصيل بحكومة القرآن العادلة الحقّة...».

    2 ـ اللغة والخط والتاريخ والعَلَم تناول أحكامها الفصل الثاني في المواد من 15 ـ 18 فبيّن أنّ اللغة الرسمية هي الفارسية وأنّ اللغة العربية، باعتبارها لغة القرآن والمعارف الإسلامية، ولأن آداب اللغة الفارسية متداخلة معها بشكل كامل فيجب تدريس العربية خلال مرحلة المتوسطة والثانوية في جميع الصفوف وكافة الحقول الدراسية.

    ولو دققنا النظر في موضوعات هذا الفصل، سيما الاهتمام باللغة العربية لوجدنا لذلك ارتباطاً وثيقاً بعنوان النظام وبالأساس العقائدي للدستور وفي ذلك دلالة واضحة الأهمية، وذلك ما جعل هذه الأحكام تسبق غيرها.

    3 ـ حقوق الشعب تناولها الفصل الثالث في المواد من 19 ـ 42 فتطرق إلى مبدأ المساواة في الحقوق وعن ضمانات هذه الحقوق بالنسبة لأفراد المجتمع ذكوراً وإناثاً وبصرف النظر عن انتماءاتهم القومية كما أشار إلى أنواع الحقوق من سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وقضائية.

    4 ـ المسائل الاقتصادية والمالية تناولها الفصل الرابع في المواد من 34 ـ 55 فبيّن القواعد الأساسية لاقتصاد البلاد وأشار إلى دور القطاعات الثلاثة : الحكومي والتعاوني والخاص وتطرق إلى مسائل أخرى. ويبدو هذا الفصل وثيق الصلة بحقوق الشعب التي جرى تثبيتها في الفصل السابق، وربما كانت الصلة المذكورة هي الدافع الذي جعل مسائل الفصل الرابع تبحث في نهاية أحكام حقوق الشعب الواردة في الفصل الثالث.

    5 ـ حاكمية الشعب والسلطات الناشئة عنها تولت بيانها الفصول التالية أي من الفصل الخامس حتى نهاية الفصل الرابع عشر فأكدت ابتداء على الحاكمية المطلقة للّه‏ سبحانه وتعالى ثم تدرجت المواد في بيان حق الحاكمية الممنوح للإنسان على مصيره الإجتماعي وما ينجم عن ذلك من مراكز قانونية وسلطات، ودور الأطراف المختلفة التي تمارس حقّ الحاكمية.

    ويبدو من الترتيب الوارد لهذه الأطراف مقدار الأهمية المعلقة على مسألة الشورى، فالسلطة التشريعية كانت أول ما بحثته الفصول المذكورة لتنتقل بعدها إلى مراكز القيادة الذي يضطلع به الولي الفقيه الجامع للشرائط أو مجلس القيادة المؤلف من 3 أو 5 مراجع جامعين للشرائط، ثمّ تناولت الأحكام السلطة التنفيذية بما فيها القوات المسلحة ثم ما يتعلق بالسلطة القضائية. وكان النصّ على الأحكام الخاصة بالإذاعة والتلفزيون والشاملة لوسائل الإعلام الأخرى هو آخر ما تضمنه الدستور، إلاّ أن تعديلات عام 1989 قد جعلت الدستور مؤلفاً من 177 مادة، حيث اضيفت مادة تتعلق بتشكيل ووظائف مجلس الأمن الوطني وأخرى تتعلق بتعديل الدستور.

    إنّ تسلسل تناول موضوعات الدستور يبدو مناسباً لما تحتله مسألة الخصوصية العقائدية في الدولة الإسلامية ونعتقد انّ هذا التسلسل هو أكثر توفيقاً مما ورد في مشروع الدستور الذي وضعه مجمع البحوث الإسلامية ونعتقد ان هذا التسلسل هو اكثر توفيقاً مما ورد في مشروع الدستور الذي وضعه مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف عام 1977 (2)، حيث تتناثر الأحكام التي تدل عليها بشكل غير مباشر في ثنايا المواد والفصول، وحتى في الباب الثاني الذي يبين أسس المجتمع الإسلامي فإن المادة الخامسة تقول: «التعاون والتكافل أساس المجتمع»، وهو ما انتقده الدكتور مصطفى كامل وصفي (ره) مقترحاً أن يكون النص: إنّ الإيمان باللّه‏ والتوحيد هما أساس المجتمع.

    وقد التفت النموذج الآخر الذي أقرّه المجلس الإسلامي العالمي (اسلام آباد 1983) فيما يبدو إلى هذه الناحية فابتدأ ببيان الأساس العقائدي منذ الديباجة، ثمّ أكد على النتيجة المترتبة على ذلك منذ المادة الاُولى من المتن.(3)


    ثانياً : المرونة والجمود في احكام الدستور


    تضمنت آخر مادة في الدستور وهي المادة 177 التي اشتمل عليها الفصل الرابع عشر بياناً لكيفية تعديل الدستور. والمعلوم أن طريقة تعديل الدستور تعتبر المعيار الأساس، إلى جانب قرائن أخرى، لمعرفة ما إذا كان الدستور مرناً أو جامداً.

    على أن هذا الموضوع ليس وثيق الصلة بمبحث «الأدب القانوني» فنقتصر على القول إن دستور الجمهورية الإسلامية في ايران جامد في أحكامه الأساسية ومرن فيما سواها، وهذه المرونة ليست مطلقة لأنها مقيدة بشروط عسيرة وبالتالي فإن المرونة التي أتاحتها المادة 177 لا تسمح بتغيير الأساسيات التي يقوم عليها بناء الجمهورية الإسلامية في ايران بينما تسمح بمراعاة مستجدات الأوضاع والظروف بتعديل ما تتضح ضرورة تعديله من الأحكام الأخرى. ولو دققنا النظر في خلفية الجمود المطلق لبعض الأحكام في هذا الدستور لوجدناها متمثلة بتعلق هذه الأحكام عموماً بالأساس العقائدي للدولة والذي سنتطرق إليه بعد قليل.


    الفصل الثاني

    القاعدة العقائدية للدستور

    يمكن اعتبار المبحث العقائدي من أهم خصوصيات دستور الجمهورية الإسلامية في ايران. والحقيقة أننا لا نكاد نجد دراسة في نمط حكم إسلامي خالية من الإشارة إلى الأساس العقائدي للحكومة الإسلامية والذي يشكل مضمونها الجوهري. ويتمثل الأساس المذكور بالنظرة الكونية التوحيدية للإنسان المسلم.

    وإذا كان بعض الكتّاب قد اختلفوا في اعتبار ما إذا كانت حكومات أخرى من غير الإسلامية قائمة أو غير قائمة على أساس عقائدي فإن حكومة الإسلام لا خلاف في أنها قائمة ـ بالتعريف ـ على أساس العقيدة الإسلامية. وهذا المضمون العقائدي للدولة الإسلامية هو الذي حدّد الحكم الإسلامي أهدافه وحوّر في أعمال السلطات الممنوحة للمؤسسات الدستورية بحيث تتلائم وأحكام الشريعة الغراء..

    ومن هنا كان للفقهاء دور كبير في مسألة فحص الأشكال وملاءمتها مع المضامين، ومن هنا أيضاً مثل الدستور الإسلامي نتاجاً كبيراً لعملية الفحص هذه حيث بذل جهد فقهي وقانوني على مستوى عال من الأهمية للتوصل إلى رسم هياكل الدولة الإسلامية بما ينسجم مع نظرية الحكم الإسلامي ويحقق أغراضها.

    ولا يعني ذلك انّ الأشكال التي وضعها الدستور الإسلامي هو أشكال نهائية، إذ أنّ تحقيق المضمون قد يتطلب تحويرات جديدة وهو ما حصل فعلاً كما ألمحنا.

    وهكذا فقد تطلب قيام المؤسسات على الأساس العقائدي والفقهي نوعين من الأحكام الدستورية :

    الأول: يحدد دور العقائد والفقه في نظرية الحكم إجمالاً.

    والثاني: يترجم ذلك الدور عملياً في الآليات التي تحكم عمل المؤسسات الدستورية.

    ولما كان الدستور هو قانون القوانين فقد قيدت تلك المؤسسات بهذه الطريقة بالقانون، وتحول قول الإمام الراحل (ره) من أن «الحكومة في الإسلام تعني اتباع القانون» وأن «القانون وحده هو الحاكم في المجتمع» إلى نصوص دستورية. وفيما يلي مراجعة سريعة لنوعي الأحكام المشار إليهما.


    النوع الأول :

    النوع الأول من الأحكام الدستورية نطالعه أساساً في المادة الثانية من الدستور ثم في مواضع أخرى منه، ويهمنا أن نركز على هذه المادة لأنها تقدم خصوصية من أبرز خصوصيات الدستور المبحوث عنها هنا.

    يمكن أن نقسم المادة الثانية إلى قسمين يتحدث الأول عن أسس نظام الجمهورية في ايران ويتحدث القسم الثاني عن وسائل تحقيق ما يؤمن به هذا النظام من قسط وعدل واستقلال وتلاحم وطني.

    أما أسس النظام فهي وفقاً للقسم الأول من المادة ستة أسس، تقابل الخمسة الاُولى منها أصول الدين من (توحيد) و (عدل) و (نبوة) و (إمامة) و (معاد)، بينما يكون الأساس السادس بحسب النص هو «الإيمان بكرامة الإنسان وقيمته الرفيعة وحريته الملازمة لمسؤوليته أمام اللّه‏».

    وبناء على ما يعنيه مبدأ علوية الدستور على القواعد القانونية الأخرى فإن مواده التي تمثل الأسس هي مواد حاكمة على ما سواها، ومقتضى ذلك أنّ أصول الدين بالإضافة إلى مبدأ كرامة الإنسان أصبحت هي القواعد التي تحكم ما سواها من مواد الدستور والقوانين التفصيلية.

    وفي القسم الثاني من المادة الثانية تأكيد لدور الفقهاء في آليات الحكومة الإسلامية وقبل كلّ شيء عن طريق «الاجتهاد المستمر من قبل الفقهاء جامعي الشرائط على أساس الكتاب وسنّة المعصومين سلام اللّه‏ عليهم أجمعين».

    وفي الدستور موضوع البحث أحكام متعددة تشير إلى أهمية دور الفقهاء من خلال ما ترشحهم له من مواقع في هيكل الدولة الإسلامية هو كما هو في مجلس الخبراء ومجلس صيانة الدستور والسلطة القضائية والتنفيذية... فضلاً عن القيادة.


    النوع الثاني :

    وأما النوع الثاني من الأحكام الدستورية التي نحن بصددها فنجد له أمثلة كثيرة في الدستور نذكر منها على سبيل المثال تثبيت الدستور لمسألة السيادة في مقدمة بيان أحكام المؤسسات الدستورية التي تمارس من خلالها السلطات الثلاث في البلاد حيث قالت المادة السادسة والخمسون: «السيادة المطلقة على العالم وعلى الناس للّه‏، وهو الذي منح الإنسان حق السيادة على مصيره الاجتماعي ولا يحق لأحد سلب الإنسان هذا الحق الإلهي أو تسخيره في خدمة فرد أو فئة ما، والشعب يمارس هذا الحقّ الممنوح من اللّه‏ بالطرق المبينة في المواد اللاحقة».

    ويدلل موضع هذه المادة على أنّ واضعي الدستور قصدوا أن تكون عنواناً للآليات التي سيسجلها الدستور وقد جاء نص المادة التالية مباشرة (المادة 57) ليبين أن «السلطات الحاكمة في جمهورية ايران الإسلامية هي : السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية وتمارس صلاحيات باشراف ولي الأمر المطلق وإمام الأمة وذلك للمواد اللاّحقة في هذا الدستور، وتعمل هذه السلطات مستقلة عن بعضها بعضاً».

    على أنه ينبغي الالتفات إلى أنّ المفاهيم العقائدية والفتاوى الفقهية ليست من الناحية الفنية الصياغية (قانوناً) بالمعنى الاصطلاحي المعاصر، ولذلك فالقواعد الواردة فيها وإن كانت واجبة الاتباع إلاّ أنها بحاجة إلى صياغة جديدة تتحول بموجبها إلى (قواعد قانونية) قابلة للتطبيق من قبل ذوي العلاقة دون كبير عناء أو اختلاف، وذلك ما فعله الدستور أو أوكله إلى ما سواه من قوانين أدنى مرتبة، ونصّ في المادة الرابعة على خضوعه وخضوعها «لموازين الشريعة».

    وعلى كلّ حال فإن الدستور الذي أنشأ سلطات ثلاثاً، فضلاً عن منصب ولاية الفقيه وهيئة بإسم مجلس الخبراء وأخرى بإسم مجلس صيانة الدستور وثالثة بإسم مجلس تشخيص مصلحة النظام قد جعل السلطات الثلاث مستقلة عن بعضها، ولكنه قيدها بضابطين: ضابط النصوص وضابط آلية العمل. فبموجب الضابط الأول تتقيد تلك السلطات وسائر المؤسسات بالأصول العقائدية والموازين الشرعية والقوانين الإسلامية. وبموجب الضابط الثاني تتقيد بوجود مؤسسات أخرى إلى جانبها لها وظائف خاصة بها فلا تتجاوز عليها، ولها إمكانية الرقابة المتبادلة فتأخذها بنظر الاعتبار وهكذا يتجاوز الدستور الإسلامي ما وقعت فيه بعض الدساتير الأخرى حين أتاحت الفرصة لرئيس الدولة أو رئيس الوزراء أو البرلمان أن يمارس دور الحاكم المطلق، أو للسلطة القضائية أن تجنح إلى تهميش دور المؤسسات الأخرى، وإنما فعل الدستور الإسلامي ذلك بالنص على موازنة تستند إلى تغليب موازين الشريعة وهي موازين إلهية تحكم الجميع دون عسف أو محاباة.

    وبالتالي فإن الدولة لا يكفي في نظر الدستور الإسلامي أن تكون دولة مؤسسات وحسب بل ينبغي أن تكون دولة مؤسسات وقانون وآليات منسّقة تجعل محور حركة الدولة متجهاً في خط متصاعد متزن نحو صاحب السيادة المطلقة الذي رسم للإنسان دور الخلافة على الأرض.


    الفصل الثالث

    اهتمام الدستور بحقوق الإنسان

    لقد تضمن الدستور الدائم للجمهورية الإسلامية في ايران مجموعة من الأحكام الخاصة بحقوق الإنسان دون أن يفرد لها فصلاً خاصاً ولعلّنا نستطيع الاستنتاج من هذا بشكل ابتدائي ان الدستور الإسلامي يعتبر أحكام الحقوق جزءاً من بقية الأحكام مندمجاً فيها بحيث يقع كل حكم منها في موقعه المناسب فلم يجمعها كلّها تحت عنوان واحد أو يعزل لها تصريحاً دستورياً خاصاً. وهكذا جاءت الأحكام الخاصة مثلاً بتوزيع السلطة وتنظيمها في فصل، وجاءت (حقوق الشعب) في فصل آخر وهلم جرا.

    ونحن في بحثنا عن حقوق الإنسان في هذا الدستور الفريد من نوعه سوف لا نجد كبير عناء في فهم القيمة العالية التي يخصصها الدستور لحقوق الإنسان، وذلك حينما نقرأ القسم الأول من المادة الثانية التي تعدد أسس نظام الجمهورية الإسلامية فتجعلها ستة، تبين في الخمسة الاُولى وبتعبيراتها الخاصة أن أسس النظام هي في الحقيقة أصول الدين نفسها من توحيد وعدل ونبوّة وإمامة ومعاد بينما تبين أن الأساس السادس للنظام هو «الإيمان بكرامة الإنسان وقيمته الرفيعة، وحريته الملازمة لمسؤوليته أمام اللّه‏».

    وهكذا يجعل الدستور من الكرامة الإنسانية أساساً سادساً من أسس نظام الجمهورية الإسلامية إلى جانب أصول الدين، وأصول الدين هذه كما هو المفترض، وكما جاء النص عليها في هذه الفقرة هي أعلى القواعد (الآمرة) في النظام الإسلامي ويعني وضع الكرامة الإنسانية إلى جانبها أنّ القيمة الرفيعة للإنسان أصبحت في هذا النظام في موضع الدليل والنور الكاشف، وأصبحت لها الحاكمية على كلّ القواعد التي توضع في هذا الحقل بدلالة الأسس الأخرى.

    غير أنّ هذه الفقرة لم تتوقف عند هذا الحد بل أضافت لذلك ما وصفت به نظام الجمهورية الإسلامية بأنه «نظام يؤمن بالقسط والعدالة والإستقلال السياسي والإقتصادي والإجتماعي والثقافي والتلاحم الوطني...». ولو دققنا النظر في هذه التعبيرات لوجدناها مفعمة بالإيمان بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وتكاد تلخص مطالب المواطن في صدد تلك الحقوق والحريات.

    فنظام الجمهورية الإسلامية في هذا النص يؤمن بالقسط والعدالة. والعدالة هي ضد الظلم والجور، والعدل هو التسوية، وأما القسط فهو العدالة المجسّمة. يقول اللغوي العسكري في «الفروق اللغوية» : «الفرق بين العدل والقسط أن القسط هو العدل البيّن الظاهر، ومنه سمّي المكيال قسطاً، والميزان قسطاً لأنه يصوّر لك العدل في الوزن حتى تراه ظاهراً وقد يكون من العدل ما يخفى».

    وقيام النظام على أساس العدالة، وهي ضد الظلم، أمر جوهري في تعزيز حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. ثم انّ النظام يقوم على أساس القسط، ومعناه هنا تجسيد العدل في مصاديق ظاهرة. وأما أشكال الإستقلال من سياسية وإقتصادية وإجتماعية وثقافية.. فقد يتصور أنها إنما تتعلق برفض النفوذ الأجنبي في هذه الحالات وحسب، ولا علاقة لها بالتالي بحقوق الإنسان في داخل البلد. والواقع أنّ حقوق الإنسان معنيّة مباشرة بهذا الإستقلال. ولو نفينا هذا الإستقلال لسلبنا إرادة الناس في تحديد اختياراتهم من جهة ولنزعنا منهم شخصيتهم المتميزة، ولفرّطنا بتاريخهم ومعتقداتهم ومجمل تطلعاتهم ومسيرتهم في الحال والاستقبال، وفي الأمر تفصيل لا يتسع له المقام.

    وأما النقطة الأخيرة من المادة الثانية فهي في صميم ما نحن بصدده من استكشاف جوانب اهتمام دستور الجمهورية الإسلامية في ايران بحقوق الإنسان إذ جعلت «محو الظلم والقهر مطلقاً ورفض الخضوع لهما» من طرق ترجمة إيمان نظام الجمهورية الإسلامية بالقسط والعدالة والإستقلال.

    لقد جاء تعبير (مطلقاً) في هذا النص في محلّه تماماً ليحسم كلّ نقاش محتمل حول أشكال وأساليب الظلم والقهر المعنية في النصّ، وبكلمة أخرى، فإن الظلم والقهر اللذين كانا موجودين قبل قيام النظام الإسلامي ينبغي أن يمحيا بكل أشكالهما، وانّ الخضوع لهما مرفوض في المستقبل تحت أي شكل.

    أولاً : مناخ حقوق الإنسان في الإسلام

    لقد كرّس دستور الجمهورية الإسلامية في ايران عدّة مواد كما ألمحنا لبيان أحكام حقوق الانسان وحرياته الأساسية، وقد اهتمت بذلك لشكل أولي المادة الثالثة، ثم مواد أخرى سنذكر بعضها.

    ويمكن اعتبار أحكام هذه المادة بمثابة الإطار الذي يمكن التحدث في مجاله عن الحقوق والحريات المضمونة بالأحكام الأخرى من الدستور.

    نتوقف عند مقدمة هذه المادة التي صيغت بعناية فائقة، لتظهر مدى اهتمام الدستور بموضوع حقوق الإنسان. لقد جعلت هذه المقدمة مما سبق أن بيّناه بخصوص المادة السابقة أهدافاً، وجعلت أمر الوصول إليها أمراً مفروغاً منه بوجوب السعي إليه. ثم لم يكتف النص الدستوري في هذه المادة، وهي المادة الثالثة، بتلك الأهداف العامة الشاملة بل صاغ أهدافاً تفصيلية عملية تقع على طريق الأهداف الشاملة أو تكون جزءاً منها. وهكذا جاء النص الدستوري الذي نحن بصدده كما يلي: «من أجل الوصول إلى الأهداف المذكورة في المادة الثانية، تلتزم حكومة جمهورية ايران الإسلامية بأن توظف جميع امكانياتها لتحقيق ما يلي...» ثم يمضي النص في تعداد ما ينبغي تحقيقه في ست عشرة فقرة.

    إنّ النص هذا يوجب على حكومة الجمهورية الإسلامية العمل على تحقيق الأهداف المسلجة في فقرات المادة الثالثة هذه، ثم إنه يوجب عليها، وليس يخولها فحسب، أن توظف جميع امكانياتها لهذا الغرض ومعنى هذا أن المسؤولية الحكومية ستكون واسعة وشاملة، ولا يحدّها سوى حدود الإمكانيات، جميع الإمكانيات.

    وبعبارة أخرى، فكأن النص الدستوري جعل من هذه الأهداف التفصيلية الستة عشر والتي تقع بشكل أو آخر في إطار حقوق الإنسان، محور عمل الحكومة الرئيس. فهي بتوظيفها (جميع امكانياتها) ستستنفد الوسع وتستخدم ما في الطاقة في سبيل حقوق الإنسان... وبكلمة ثالثة، فإن كيان الحكومة يصبح قائماً على أساس وظيفتها الرئيسة وهي تعزيز حقوق الإنسان من خلال مسيرتها التي تستهدف ترجمة الفقرات الست عشرة للمادة الثالثة من الدستور على أرض الواقع المعاش، ويصبح الإنسان بما يحمله من كرامة، ويستأهله من تكريم محور عمل الحكومة الإسلامية. وبتدقيق النظر يُعلم أن مفهوم الإنسان لا يُقتصر في بعض أحكام المادة الثالثة من الدستور على المواطن الإيراني، بل يتعدّاه إلى الإنسان خارج الحدود أيضاً.


    عنصر الأخلاق :

    الفقرة الاُولى من هذه المادة تضع هدف «خلق المناخ الملائم لتنمية الأخلاق على أساس الإيمان والتقوى. ومكافحة كل مظاهر الفساد والضياع» في مقدمة الأهداف المسطرة في فقراتها.

    ولنلاحظ أولاً ان أولوية هذه الفقرة إنما تتأتى من كون الحكم الذي تشتمل عليه حكماً عاماً، بمعنى أنه حكم يكون الإطار لما ستستعرضه الفقرات التالية من أهداف وحقوق. وبيان ذلك أن نص هذه الفقرة يشير بشكل صريح إلى أن حقوق الإنسان عامة لا تطبق في فراغ وإنما في مناخ ينبغي له أن يساعد على تعزيز حقوق الإنسان وإن على الدولة واجب الاسهام في تهيئة هذا المناخ الذي هو عبارة عن بيئة أخلاقية، أساسها الإيمان والتقوى، في نفس الوقت الذي تنقل فيه حقوق الانسان من اطارها النظري إلى اطار التطبيق اليومي.

    وهكذا يمكن مراجعة نص الفقرة من جديد لنلاحظ أنه يميّز بين نوعين من الأخلاق: نوع يقوم على أساس الإيمان والتقوى وهو الذي يشتمل على المكارم، والنوع الثاني ما لا يقوم على الإيمان والتقوى وإنما على مفاهيم أخرى، وتلك أخلاق لا يسعى إليها الدستور الإسلامي.

    ولعلّ من المفيد أن نشير في اطار هذه العبارات إلى إمكان تفريع البحث هنا إلى فرعين: الأول يتعلق بالتساؤل عن ضرورة مكارم الأخلاق، والثاني يتعلق بضرورة اقامتها على أساس الإيمان والتقوى.

    ففي صدد التعرّف على ضرورة مكارم الأخلاق كاطار لمباحث حقوق الإنسان لا سيما في التطبيق يبدو أن كثيراً من المتخصصين، فضلاً عن شواهد الواقع المادي وشواهد التاريخ يؤمنون بأن أزمة حقوق الإنسان هي في الأصل أزمة أخلاقية، وكلما كان مجتمع ما يؤمن إيماناً قاطعاً بالأخلاق الكريمة فإنه سيمج أنواع الظلم والتعسف على اختلافها ويرفض تطبيقاتها الاقتصادية والاجتماعية. وإذا أردنا أن ننقل هذه المفاهيم إلى مستوى الفلسفة فإنه يمكن القول ان الظلم شيء قبيح والعدل شيء جميل، وكما تمثل مكارم الأخلاق تطبيقات لمفاهيم الجمال فإن مساوئ الأخلاق تمثل تطبيقات لمفاهيم القبح وبالتالي فإن الظلم يلتقي بأشكاله المختلفة مع مصاديق القبح أي مع الأخلاق السيئة بينما يلتقي العدل والحق مع مصاديق الجمال أي مع الأخلاق الحسنة.

    أما بقية النص التي تقيم مكارم الأخلاق المعنيّة على أساس التقوى والإيمان فذلك من قبيل زيادة الإيضاح باعتبار ان ما يتلائم مع التقوى والإيمان إنما هو الأخلاق الحسنة لا أيّة أخلاق كانت فضلاً عن ان الإيمان والتقوى يفرضان التزامات تضمن العدل والحق مما سنتعرض له لاحقاً.

    أما الثاني من الأساسين المذكورين فهو مكافحة كل مظاهر الفساد والضياع.

    أما الفساد فمادام ذكره مختصراً بهذا الشكل فقد يذهب البعض إلى أنه نقيض الأخلاق الكريمة ولا حاجة إلى النص عليه بعد أن أكدت الفقرة نفسها على الأخلاق الكريمة القائمة على الإيمان والتقوى كأساس أول. والحقيقة أن كلمة الفساد تشمل هنا كل أشكال الفساد المتصورة سواء كانت ذات محتوى أخلاقي أو قانوني أو ما إلى ذلك. فالجرائم الواضحة كالسرقة والرشوة مثلاً تدخل في اطار الفساد كما تدخل العادات الذميمة التي يأباها المجتمع الأخلاقي. كما تدخل في عبارة الفساد تلك المخلفات الثقيلة الكريهة التي ورثها المجتمع عن عصور سياسية بائدة كبعض أشكال الفساد الاداري والسرف والتبذير ومن تلك الأمثلة ما يقع تحت طائلة القانون فيحاسب عليه بموجب نصوص خاصة، ومنها ما لا يتعرض له القانون المدوّن وإنما تستهجنه قواعد الأخلاق الإسلامية، وقواعد العلاقات الإجتماعية السليمة. ويبدو أن إطلاق كلمة الفساد تعني هذه الأمثلة وكل الأشكال التي يمكن أن يظهر بها الفساد.

    ولعلّ كلمة الضياع الواردة في النص نفسه يمكن أن تنسب إلى تطبيقات الفساد أيضاً. غير أن فرزَها في النص يراد به إما معنى إضافي أو توكيد على الضياع بذاته كشكل خطير من أشكال الفساد. والأرجح لدينا هو الاحتمال الأول، لا سيما إذا عدنا إلى ما بيّناه قبل هذا من استبعاد وتكريه للضياع في إطار النظرة الإسلامية إلى حقوق الإنسان إذ فُسّر بأنه ضد المعاني الجميلة التي تظهر للمسلم في رؤيته الكونية، ذلك ان هذه الرؤية تؤمن بالهدفية والنظام، بل وبقداسة الهدف ومسيرة الإنسان في هذا الكون باتجاه التكامل والتسامي.


    عنصر الوعي الاجتماعي :

    ان المادة الثالثة من الدستور الإسلامي أوضحت في مقدمتها وفي الفقرة الاُولى منها أسساً معينة لمجموعة الحقوق والحريات التي نصت عليها في فقراتها الأخرى. وقبل أن تمضي المادة في ذكر تلك الحقوق والحريات نصّت في الفقرة الثانية على ضرورة «رفع مستوى الوعي العام في جميع المجالات بالإستفادة السليمة من المطبوعات ووسائل الإعلام ونحو ذلك».

    إن التأمل في هذه الفقرة يكشف عن أنها لا تسجل حقاً من حقوق المواطنين فحسب، وإنما تضع مقدمة أخرى للحقوق والحريات التي ستنص عليها المادة الثالثة نفسها. أما كيف يتم في هذه الفقرة تسجيل هذا الهدف المزدوج فنستنتجه من صياغة النص وموضعه. أما موضع النص فقد جاء قبل البدء بسرد الحقوق والواجبات، فكان في ذلك تأكيداً على أهميته، وعلى كونه مقدمة لازمة لما سيأتي لاحقاً.

    وأما الصياغة فالذي يظهر منها أن خلق الظروف المساعدة لفهم الحقوق والحريات ووعي أهميتها وتعزيز مكانتها في المجتمع هو أمر ضروري لرفع مستوى التمتع بتلك الحقوق والحريات وتعزيزها فعلاً. فالحقوق والحريات لا يكفي في تعزيزها أن تسجل وتُـقرأ على الناس في قرار رسمي، كما لا يكفي فيها أن تكون مفهومة من قبل نخبة معينة من الناس، بل ينبغي أن تكون ثقافة الحريات والحقوق الإنسانية ثقافة شائعة على صعيد المجتمع عامة، أو كما تنص الفقرة المذكورة فتقول: «رفع مستوى الوعي العام في جميع المجالات».

    إن النص واضح في تسجيله لأهمية أن تهدف العملية المقصودة هنا إلى رفع مستوى الوعي العام، أي أن العملية ليست عملية تبليغ وإيصال معلومات فحسب، بل هي عملية رفع مستوى الوعي، وذلك بتحقيق الوعي حين لا يوجد، ورفع مستواه بعد أن يوجد، وجعل عملية رفع مستوى الوعي على نطاق واسع بحيث تشمل أولاً : المجتمع عموماً، وثانياً : كافة المجالات.

    من هذا نفهم أن الدولة ستُضمِّن برامج عملها مسألة العمل على التوعية العامة وفي جميع المجالات، السياسية والإجتماعية والإقتصادية والعلمية والصحّية.. وما إلى ذلك من الجوانب الحياتية المادية والروحية. كما نفهم أن عمل الدولة في هذا المجال قد أصبح التزاماً في عاتقها. يلزمها به الدستور نفسه.

    ومن هنا، وفي مقابل هذا الالتزام، فقد أصبح للمواطنين حق في اكتساب الوعي المشار إليه، وفي جميع المجالات، وبالتالي فإن الدستور لم يسجل هنا واجباً من واجبات الدولة فقط، وإنما سجل حقاً من حقوق المجتمع، وهو ضرورة رفع مستوى وعيه العام وفي جميع المجالات من أجل أن تتعزز مسيرة الحقوق والحريات التي تظهر مفرداتها تباعاً في هذه المادة الهامة، وهي المادة الثالثة.

    إن نص الفقرة الثانية لا يقتصر على هذا الذي أوردناه، إذ أنه يستطرد فيبيّن كيفية استخدام الإعلام للمهمة المذكورة فيقول: «... بالإستفادة السليمة من المطبوعات ووسائل الإعلام ونحو ذلك». أي إنّ رفع مستوى الوعي العام في جميع المجالات سيكون عن طريق الإستفادة السليمة من المطبوعات ووسائل الاعلام... ومن هذه التعبيرات يمكن فرز جانبين. الأول هو الوسائل التي ستستخدم في رفع مستوى الوعي العام، والثاني كيفية ذلك الاستخدام. فأما الجانب الأول الذي يشير إلى الوسائل فقد عددها وحدد كونها المطبوعات ووسائل الإعلام ونحو ذلك. وأما الجانب الثاني فهو الإستفادة السليمة من هذه الوسائل.

    لقد وضع النص الدستوري المطبوعات ووسائل الاعلام الأخرى مرئية أو مسموعة في خدمة هدف نبيل واسع النطاق وهو رفع مستوى الوعي وبالتالي فإن على الدولة بموجب هذا الالتزام أن تفحص وسائل الإعلام وتجعلها مطابقة لما هو كفيل بتحقيق رفع مستوى الوعي العام.

    وينبغي الإشارة إلى أنّ هناك فصلاً كاملاً في الدستور الإسلامي هو الفصل الثاني عشر المتضمن مادة واحدة هي المادة الخامسة والسبعون بعد المائة مكرّس للإذاعة والتلفزيون في الجمهورية الإسلامية. وفي هذا الفصل نص صراحة على حرية النشر والإعلام.

    وبدلالة هذه المادة فإن وسائل الإعلام والنشر توضع وفق الدستور في خدمة الهدف أي من أجل رفع مستوى الوعي العام، وفي الوقت نفسه تحقيق حرية النشر والإعلام. ومعنى ذلك أنّ استخدام وسائل النشر بحرية لا يمنع من القيام بتوجيه الإذاعة والتلفزيون بخصوص ضرورة تحقيق هدف رفع المستوى العام للوعي. وفي الدستور مواضع أخرى ذكرت فيها جوانب تتعلق بحرية النشر وبوسائل الإعلام.


    عنصر المستوى التربوي والعلمي :

    أحد الأهداف التفصيلية الهامة التي نصّ الدستور الإسلامي على التزام «حكومة جمهورية ايران الإسلامية بأن توظف جميع امكانياتها لتحقيقها» هو هدف «توفير التربية والتعليم والتربية البدنية، مجاناً للجميع، وفي مختلف المستويات وكذلك تيسير التعليم العالي وتعميمه».

    هذا هو نص الفقرة الثالثة من المادة الثالثة من الدستور الإسلامي. وفيه أيضاً كما في الفقرة السابقة من المادة نفسها بيان ذو جانبين : فقد اشتمل في الجانب منه على تحديد التزام من التزامات الدولة تجاه المواطن، وفي جانب آخر على حق من حقوق المواطن، هو حق نيل قسط مناسب من التربية والتعليم والتربية البدنية ـ مجاناً ـ وتيسير التعليم العالي وتعميمه.

    إن إشارة هذه الفقرة إلى قضية توفير التربية والتعليم والتربية البدنية تفيد أولاً ان التوعية التي تتم بالوسائل الإعلامية وطرق النشر المعروفة لا تفي وحدها بالغرض المطلوب وهو رفع مستوى المواطنين العلمي والثقافي. بل إن النص يفيد ضمناً أنّ الحد الأدنى المطلوب تحقيقه بالنسبة لكلّ مواطن هو إيصاله إلى أبواب التعليم العالي. ولذلك فقد أشار النص إلى مجانية المراحل التي
    woroud azhar
    woroud azhar
    زهـــــــرة السلام


    عدد المساهمات : 14068
    الموقع : ارض الله

    الدستور الإسلامي Empty رد: الدستور الإسلامي

    مُساهمة من طرف woroud azhar الثلاثاء نوفمبر 22, 2011 2:55 pm


    إن إشارة هذه الفقرة إلى قضية توفير التربية والتعليم والتربية البدنية تفيد أولاً ان التوعية التي تتم بالوسائل الإعلامية وطرق النشر المعروفة لا تفي وحدها بالغرض المطلوب وهو رفع مستوى المواطنين العلمي والثقافي. بل إن النص يفيد ضمناً أنّ الحد الأدنى المطلوب تحقيقه بالنسبة لكلّ مواطن هو إيصاله إلى أبواب التعليم العالي. ولذلك فقد أشار النص إلى مجانية المراحل التي يتضمنها هذا المستوى من التربية والتعليم والتربية البدنية، بالإضافة إلى تأكيده على شمولية هذا الحقّ نصاً، سواء من ناحية المراحل التي يتضمنها إذ يقول: «في مختلف المستويات»، أو من ناحية أفراد المواطنين المشمولين إذ يقول: «للجميع».

    وبذلك تلتزم حكومة الجمهورية الإسلامية دستورياً بتهيئة كافة ما يحتاجه تحقيق هذا الغرض الذي يعتبر أساساً لازماً لتعزيز الوعي العام وبالتالي لفهم الحقوق والحريات، فضلاً عن دوره في التقدم العام للبلاد. وكما ذكرنا فإن هذا الإلتزام بتوفير التربية والتعليم والتربية البدنية مجاناً للجميع يعبّر في المقابل عن حق من حقوق المواطن التي يضمنها الدستور، ولكن إلى مستوى التعليم العالي وحسب.

    أما فيما يتعلق بالتعليم العالي فقد اقتصر النص الدستوري على ذكر التزام الدولة بتيسيره وتعميمه، إذ لم يذكر شيئاً عن مجانيته، فأصبح التزام الدولة محدوداً بتوفير فرص التعليم العالي لمن يرغب فيه من المؤهلين له وبالقدر الذي يتناسب مع أوضاع البلد المتكاملة. وعلى ذكر هذا التناسب فإننا نرى أنّ من الضروري أن يتم التفكير بمدّ مراحل الدراسة المجانية لتشتمل على التعليم العالي، بما في ذلك الفروع المهنية والتكنولوجية سيما وان ايران من البلدان النفطية الرئيسة التي ينتظر أن تسهم الدولة فيها بقسط وافر من الجهود والنفقات في قطاع التربية والتعليم العالي.

    ولا يبدو لنا أن التزام الدولة يكون هنا مطلقاً فيقبل جميع المتقدمين للدراسات الجامعية. إذ انه لا يمكن ان يكون مطلقاً في الواقع. بمعنى ان الدولة لا يمكن أن تستوعب جميع المتقدمين إلى التعليم العالي بما توفره وتيسره من فرص له، فذلك غير ممكن عملياً ولا يتناسب مع ضرورة النمو المتوازن بين القطاعات المختلفة، ولكن التزام الدولة يكون في تعميم التعليم العالي، بمعنى عدم حجبه عن أحد لغير الأسباب العلمية وضرورات الواجبات الكفائية المتوزعة على مختلف القطاعات في البلاد، كأن يقتصر التعليم العالي كلاً أو جزءاً على فئات أو طبقات من المجتمع، أو على سكان مناطق جغرافية محددة.

    هنالك جانب من الجوانب التي يهتم بها الدستور الإسلامي، اضافة إلى جانب التربية والتعليم العالي وهو جانب البحث العلمي. إنّ هذه الجانب هو المكمل الطبيعي للأول. وبقدر ما يعتبر البحث العلمي أساساً هاماً من أسس تقدم الدولة والمجتمع ككلّ، فإنه كذلك يعتبر حقاً من حقوق الأفراد والمجتمع. وقد جاء النص على ذلك في الفقرة الرابعة من المادة الثالثة من الدستور. لقد وضعت هذه الفقرة مسألة البحث العلمي في عداد المسائل التي تلتزم الحكومة بأن توظف جميع امكانياتها لتحقيقها وهي : «تقوية روح التحقيق والبحث والابداع في كافة المجالات العلمية والتكنولوجية والثقافية والإسلامية عن طريق تأسيس مراكز البحث وتشجيع الباحثين».

    وهكذا فقد جعل النص الدستوري هذه المجموعة من المعارف النظرية والعملية وتطويرها في متناول يد المواطنين عن طريق تأسيس مراكز البحث أولاً، وتشجيع الباحثين ثانياً. وحسناً فعل النص الدستوري حين لم يقصر التشجيع على «الإبداع» فحسب بل خص به أيضاً عمليتي التحقيق والبحث أيضاً، ذلك إنّ الإبداع ـ وبالإضافة إلى أنه يحتاج إلى معارف مسبقة عادة ـ فإن الثروة العلمية والأدبية الإسلامية الموجودة فعلاً هي من الكنوز التي لا غنى عنها للباحثين وللساعين إلى الإبداع.


    عنصر الاستقلال وحرية الاختيار :

    وإذا ما انتقلنا إلى الفقرة الخامسة من نص المادة الثالثة من الدستور الإسلامي فسنجد عالماً رحباً للحديث عن الإنسان وحقوقه وحرياته إذ أنّ هذا النص يجعل من مهمات الدولة «طرد الإستعمار كلية ومكافحة النفوذ الأجنبي» وواضح انه مادام الاستعمار قد طرد بنجاح الثورة الإسلامية في ايران وقيام الجمهورية الإسلامية فإن من المرجح أن لا يكون الطرد المقصود هنا مادياً بل معنوياً، أي المقصود طرد آثار الاستعمار التي تركها في الداخل على البُنى الإدارية والتربوية والإقتصادية، كما أن الأمم المتحدة نفسها قد أقرّت مسألة تصفية الإستعمار فأصبح ذلك مهمة عالمية، وتلك نتيجة طبيعية لاقرار مبدأ حق تقرير المصير للشعوب وفرض سيادتها على ثرواتها الوطنية. وإذا كانت بعض القوى العالمية لا يروق لها مبدأ حقّ تقرير المصير في واقع الأمر، فإنّ أحكام الدستور في ايران قد التزمت به وتعهدت بطرد الإستعمار كلية، كما تعهدت بمكافحة النفوذ الأجنبي. ويعتبر النفوذ الاستعماري أو الأجنبي عائقاً من العوائق الرئيسة في ممارسة وتعزيز الحقوق والحريات، وعلى هذا فإن النص الدستوري الإسلامي يكتسب أهمية خاصة في تأكيده على محاربة وتصفية الإستعمار بشكل كامل، وكذلك النفوذ الأجنبي.

    في المادة الثالثة من الدستور ثلاث فقرات متتابعة تتابعاً منطيقاً، يكفي بذاته لايضاح الترابط العميق القائم فيما بينها ونعني بها الفقرات السادسة والسابعة والثامنة.

    تمثل الفقرة السادسة مقدمة للحريات التي يريد الدستور تأكيدها، وتسجل السابعة ضرورة ضمان تلك الحريات بالقانون، وتشير السابعة إلى بعض ثمار التمتع بالحريات المذكورة.

    فالفقرة السادسة تنص على التزام الدولة ب «محو أي مظهر من مظاهر الإستبداد والديكتاتورية واحتكار السلطة» وهذه هي المقدمة الضرورية للتمتع بالحريات، بل بدون ذلك لا معنى للحديث عن الحقوق والحريات إذ أنها تكون دائماً معرضة للالغاء والانتهاك تحت أية حجة كانت وإذا كانت للاستبداد والديكتاتورية واحتكار السلطة معان متميزة عن بعضها فإنها تشترك جميعاً في الاستهانة بالرأي الآخر والاعتداد بالنفس والتعالي على الأمة، وهي المعاني التي أرادت الثورة الإسلامية ودستورها اقتلاعها ونفيها عن المجتمع الإسلامي الجديد القائم على فلسفة الإسلام وأحكامه الربانية، وقد جاء الالتزام الدستوري بمحو المظاهر الثلاثة المذكورة بعد الفقرة الخاصة بطرد الإستعمار ومكافحة النفوذ الأجنبي، وكأن النص الدستوري يريد أن يوثق التزامه بالحريات التي سيذكرها مشيراً إلى الأخطار التي تتهدد تلك الحريات من الخارج ومن الداخل، وبالفعل فإن تلك الأخطار كانت ماثلة وخطيرة في العهد المباد والذي سجل الدستور الإسلامي نهايته. ثمّ إنّ الفقرة التالية من المادة الثالثة تنتقل إلى النص على «ضمان الحريات السياسية والاجتماعية» فتسجل ان هذا الضمان سيبيّنه القانون.

    أما الثمرة التي تقتطفها الفقرة الثامنة من هذه المادة، وثمار الحريات كثيرة ـ فهي «إسهام عامة الناس في تقرير مصيرهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

    والحقيقة التي يسجلها الدستور الإسلامي هنا، ان الحريات ينبغي أن لا تتوقف عند حدود النصوص، بل إنّ هناك هدفاً من تسجيل النص نفسه. فبعد التزام الدولة بتهيئة المقدمات التي ذكرنا بعضها تواً، أو سابقاً، أشار الدستور مستطرداً إلى مسألة في غاية الأهمية وهي مشاركة الأمة في تقرير المصير الذي تريده على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولابد من ملاحظة هامة هنا، هي أنّ هذه المشاركة، وبعد طرد الاستعمار ومكافحة النفوذ الأجنبي ونفي الديكتاتورية والاستبداد ـ هي مشاركة حرّة، سليمة من شوائب الإنحراف والتحريف والضغط والتزييف، وهكذا تكون الفقرات السادسة والسابعة والثامنة من المادة الثالثة من الدستور قد أدت اغراضاً متعددة، لتصيب مجتمعه هدفاً كبيراً في النهاية.


    المساواة والعدالة :

    الفقرة التاسعة من المادة الثالثة نصّت على «رفع التمييز غير العادل..» وهذا يعني وجود تمييز غير عادل تطلّب أن يشار إليه في نص صريح، كما يعني أنّ رفع التمييز ليس مطلقاً وإنما هو يشمل غير العادل فقط، ذلك أن التمايز بين الناس في بعض المواضع والأحوال أمر مقبول وربما ضروري لا سيما إذا كان مثل هذا التمييز يعني تقييماً (فنّياً) من أجل وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، أو من أجل مكافأة المنتجين وتقدير المضحّين.. وما إلى ذلك.

    وعلى هذا فإن استطراد الفقرة نفسها جاء في محله إذ قالت «... وإتاحة تكافؤ الفرص للجميع في المجالات المادية والمعنوية كلها». ذلك ان تكافؤ الفرص وجه مهم من أوجه العدالة. وأما تعبير (للجميع) فهو ضمانة في النص لشمولية التكافؤ المنصوص عليه، وعدم وجود مسوغ للاستثناءات التمييزية، كما ان ذِكر (المجالات المادية والمعنوية كلّها) ضمان آخر لشمولية النص لموضوعات الفرص المتكافئة المشار إليها، ومن الجدير أن نلاحظ أن ذكر المجالات المعنوية له أهمية خاصة على أساس أن ـ المعنويات ـ هي حقل من الحقول التي لا يعنى بذكرها عادة في هذا المجال، بينما هنالك أشكال من التمييز المعنوي، وعدم تكافؤ الفرص ـ في مجالات معنوية ـ ذات آثار خطيرة على الفرد والمجتمع.

    وعلى هذا فإن الإدارة السليمة في الدولة تأخذ بنظر الاعتبار ضرورة تحقيق العدالة، وهي بالتالي مدعوة لأن توجد من الأجهزة ما يتناسب مع المهام المطلوبة منها. في هذا السياق يأتي نص الفقرة العاشرة من المادة موضوع البحث ليؤكد على «إيجاد النظام الإداري السليم والغاء الأنظمة الادارية غير الضرورية..».

    أما الفقرة الحادية عشرة، والخاصة ب «تقوية بنية الدفاع الوطني... من أجل حفظ الاستقلال..» والنظام الإسلامي للبلاد، فإنها ذات علاقة دقيقة بمجالات حقوق الإنسان بقدر ما يمثل الاستقلال، والنظام الإسلامي للبلاد ضمانين من ضمانات تلك الحقوق.

    وفي الحقيقة فإن الاستقلال نفسه هو حق من حقوق الأمة كما أشرنا إلى ذلك في فرصة سابقة، وهو ضمانة لحقوق وحريات أخرى. كما ان النظام الإسلامي، باعتباره الاختيار الذي صممت عليه فئات الشعب جميعاً قد أصبح حقاً من حقوق الشعب، وفي الوقت نفسه ضمانة أساسية من ضمانات حفظ الحقوق والحريات في البلاد وتعزيز مسيرتها. وعلى كلّ حال، فبالاستقلال، وبالنظام الإسلامي الذي استقرت عليه إرادة الأمة تتحقق شخصية الجمهورية الإسلامية، ومن خلالها تتعزز السيادة وتؤمّن الحقوق وتحترم الحريات.

    وتأتي الفقرة الثانية عشرة لتنصّ على «بناء اقتصاد سليم وعادل وفق القواعد الإسلامية...».

    ولعلّ مما يلاحظ قبل كلّ شيء في هذا النص أنه يذكر حقّين متداخلين معاً، الأول هو حق الأمة ـ وواجب الدولة أيضاً ـ في بناء اقتصاد سليم وعادل، والثاني هو كون هذا البناء قائماً على القواعد الإسلامية إذ أن نظام الجمهورية الإسلامية يقوم على أصول الإسلام كما ألمحنا سابقاً في ذكرنا للمادة الثانية من الدستور.

    ربما كان من الممكن الاكتفاء في هذه الفقرة بالنصّ الذي ذكرناه، غير ان الفقرة أضافت تفصيلاً يوضح المراد من بناء الاقتصاد السليم العادل وفق القواعد الإسلامية فقالت: «... من أجل توفير الرفاهية، والقضاء على الفقر، وإزالة كافة أنواع الحرمان في مجالات التغذية والمسكن والعمل والصحة، وجعل التأمين يشمل جميع الأفراد».

    وعلى هذا فإن الأهداف الاقتصادية العامة التي توجه نحوها هياكل الاقتصاد وفعالياته المختلفة قد أصبحت واضحة على إجمالها، فهي تتلخص في توفير الرفاهية والقضاء على الفقر. وهنا إجابة بليغة على تساؤلات الكثيرين عن أهداف الاقتصاد الاسلامي.

    فإذا كان هدف الأنظمة الاقتصادية المادية السعي وراء أكبر كمية ممكنة من الثروة وجمعها في يد أفراد أو فئة من الأمة، أو في يد الحكومة دون الأمة، فإن الاقتصاد الإسلامي كما ورد في مقدمة الدستور الإسلامي وسيلة لأهداف، انّه وسيلة إلى «سد حاجات الإنسان في مسير تكامله ورقيه».

    وهكذا فإنه لا يكفي حتى القول ببناء اقتصاد سليم وعادل بل انّ هذا الاقتصاد ينبغي أن ينبني على القواعد الإسلامية كما ينبغي أن يسعى إلى إشباع الحاجات الإنسانية الأساسية المتمثلة بالغذاء والسكن والصحة إضافة إلى العمل، بل وإضافة إلى شمول جميع الأفراد بالتأمين.

    وعلى أساس هذه النظرة، تقول مقدمة الدستور: «فإنّ برنامج الاقتصاد الإسلامي هو توفير الفرص المناسبة لظهور المواهب الإنسانية المختلفة» وتستطرد المقدمة قائلة «ولذا فإنه يجب على الحكومة الإسلامية أن تؤمن الإمكانيات اللاّزمة بصورة متساوية، وأن توفر ظروف العمل لجميع الأفراد، وتسد الحاجات الضرورية لضمان استمرار حركة الإنسان التكاملية». ولعلّ التكملة الطبيعية لمثل هذا البرنامج هو السعي إلى «إيجاد الاكتفاء الذاتي» في مجالات متنوعة من مجالات أنشطة الدولة والمجتمع، وهو ما نصت عليه الفقرة الثالثة عشرة من المادة نفسها من الدستور الإسلامي.

    ثم جاءت الفقرة الرابعة عشرة إلى ذكر ضمان تلك الحقوق والحريات فأكدت على «ضمان الحقوق الشاملة للجميع، نساءً ورجالاً»، وإذا كان هذا النص مطلقاً بحيث يشمل كلّ ضمان يمكن تصوره فإن الدستور الإسلامي وجد من الضروري إلى جانب ذلك أن يسمي واحداً من تلك الضمانات ولعلّه بذكره لهذا الضمان قد اعتبره من أهمها، ألا وهو الضمان القضائي، فقال: «... وإيجاد الضمانات القضائية لهم». ولم تكتف هذه الفقرة بهذا التفصيل بل انتقلت إلى التذكير بمبدأ المساواة، فقالت: «... ومساواتهم أمام القانون».

    وهكذا فإن المواطن في ظل الدستور الإسلامي، ذكراً كان أم اُنثى، يعتبر مضمون الحقوق، لا سيما أمام القضاء، وربما كانت العبارة الأخيرة من النص بخصوص مبدأ المساواة أمام القانون موجهة إلى القضاة أولاً وبشكل خاص، ثمّ إلى جميع المكلفين بتطبيق القانون سواء في حالات قيام نزاع ما أم بدون ذلك. وأخيراً فإن النص مطروح أمام المستفيدين منه، أي المواطنين، لطمأنتهم بعدم وجود تمايز بينهم فيما يتعلق بالحقوق التي هي لهم بموجب القانون.

    إنّ نص هذه الفقرة، مع مزيد من التمعّن فيه، قد حمل طمأنة متعددة الجوانب للمواطن في خصوص الحقوق المنصوص عليها. فهو من جانب يذكر نصاً مسألة الضمان، وأصبح على التشريعات التفصيلية أن تعني بايجاد صور التطبيق. ومن جانب ثان يدعو النص الحقوق موضوع البحث بالشاملة وتلك طمأنة تخص عدم الانتقاص من الحقوق والضمانات بعد الاعتراف بها ومن جانب ثالث تنص الفقرة على تعبير للجميع، حتى يكون عدم الانتقاص شاملاً للأفراد كما هو شامل للموضوعات، ومن جانب رابع فسّر الجميع أو فصّل ذكرهم بقوله رجالاً ونساءً، حتى يكون الشمول الخاص بالأفراد أكيداً لا من ناحية أفراد (الجميع) فرداً فرداً وحسب بل من ناحية اختلاف الجنس أيضاً بحيث ستضمن الحقوق للرجال وللنساء دون تمايز بين الجنسين ولا بين أفراد الجنس الواحد، وهذا أحد المواضع التي أشار فيها الدستور إلى حقوق المرأة وضماناتها ومساواتها بالرجال كمواطنة أمام القانون.

    وهكذا فإن هذه الفقرة الموجزة قد أوجبت ان تنص القوانين الإسلامية المستمدة من الدستور على وضع ضمانات للحقوق، ومنها الضمانات القضائية العادلة، كما أوجبت مراعات مبدأ تساوي المواطنين أمام القانون. وإذا كان مبدأ المساواة أمام القانون واضحاً في احتوائه ضماناً على مراعاة العدالة فإن الضمانات القضائية قد احتاجت ان توصف ب (العادلة)، إذ لا يكفي مثلاً أن يُضمن للمواطن حق المثول أمام القضاء واللجوء إليه في حالات معينة بل ينبغي إضافة إلى ذلك ان تشمل هذا المواطن عدالة القضاء حين يلجأ إليه، لتكون استفادته من الضمانات القضائية استفادة حقيقية.


    خاتمة

    هنالك زوايا متعددة يمكن النظر من خلالها إلى دستور الجمهورية الإسلامية في ايران، ولعلّ الدراسات الدستورية التقليدية تفضل دراسة هيكل الأحكام التي يتضمنها الدستور باعتباره قانون السلطة، فتذهب إلى بيان هيكل المؤسسات الدستورية وآليات عمل السلطات الثلاث وإجمالاً ترسم الصورة التي يريدها الدستور للسلطة في الدولة : من يمثلها، وكيف يمارسها ومن أين يستمدها، وإلى أين يقودها؟

    وهذه الجوانب من غير ريب مهمة وأساسية ولابدّ أن يتوفّر عليها الدارسون ولعلّ السنوات التي مرّت على صدور الدستور موضوع البحث قد تكفلت إلى حدّ ما بعرض الجوانب المذكورة وإن لم يزل هنالك ما يمكن قوله فيها.

    من هنا تبرز الحاجة إلى نوعين من الدراسات : تلك التي تهتم بمقارنة أحكام هذا الدستور الفريد بما عليه الدساتير الأخرى، وتلك التي تبرز خصائص هذا الدستور وما يميّزه عن سواه وهي دراسة قريبة من النوع الأول باعتبار جانب المقارنة. وقد اخترنا هذا النوع في محاولتنا المتواضعة.

    لقد تصفحنا إذن أحكام دستور الجمهورية الإسلامية من هذه الزاوية، ويحسن الانتباه إلى أنها زاوية نظرية لا علاقة لها بما يجري من تطبيق لأن لذلك زاوية نظر أخرى. وبكلمة أخرى فإننا تصفحنا ما بين دفتي الدستور المعلن باعتباره نموذج دستور إسلامي ينقل أحكام الشريعة الإسلامية من بطون الكتب الفقهية إلى قوالب القواعد القانونية المعدّة للتطبيق وإدارة المجتمع.

    وقد رجحنا النظر في أحكام الدستور على مستويي الشكل والمضمون، فقسمنا البحث إلى ثلاثة فصول على الرغم مما بين موضوعاتها من علاقة، فتناولنا في الفصل الأول بعض جوانب الشكل، وفي الثاني والثالث بعض جوانب المضمون.

    ولقد وجدنا خلال البحث أنّ هنالك كثيراً من المسائل التي يجدر التوقف عندها والتأمل فيها ومقارنتها بأحكام الدساتير الأخرى واسترجاع خلفياتها الفقهية وأهدافها المستقبلية. غير أن كل ذلك هو مما يضيق به بحث متواضع مختصر كالذي نقدمه هنا. ولذلك فقد اقتصرنا في جانب الشكل على تناول معلمين من المعالم التي ميّزت شكل الدستور موضوع البحث.

    المعلم الأول هو لغة الدستور حيث رصدنا ظاهرتين تتمثل الاُولى في استشهاد الدستور بعدد من النصوص الشريفة من القرآن الكريم والسنّة المطهرة وتتمثل الثانية باستخدام الدستور لحشد من المصطلحات الغريبة على الدساتير الأخرى. وسواء كنّا في حضرة الاستشهادات أو المصطلحات فإننا نجد أنفسنا أمام المصدر التشريعي الذي استقى منه الدستور أحكامه.

    وإذا كان من الحقّ القول إن المسألة اللغوية هذه مسألة شكلية لتعلقها بالصياغة فإن من الحقّ القول أيضاً بأن هذا الشكل المختار بتعبيره عن مصدره التشريعي قد عبّر عن مسألة موضوعية أيضاً بحيث لا يمكن فهم محتوى أحكام الدستور بدون الرجوع إلى محتوى الاستشهادات والمصطلحات المستخدمة في تضاعيف تلك الأحكام وفي مداخلها.

    وأما المعلم الثاني الذي أشرنا إليه فهو أسلوب الدستور في معالجة المسائل التي تناولها من الناحية الشكلية وعنينا بذلك طريقة تناوله للأحكام والتسلسل الذي انتهجه للوصول إلى النتائج التي توخاها، إضافة إلى مسألة مرونة وجمود الدستور، ذلك إننا وجدنا أن لهذا المعلم دلالات لابدّ من تتبعها للباحث في الدستور من ناحية الخصوصيات التي تطبعه وتسهم في تمييزه عما سواه.

    وهكذا فقد تعرضنا ضمن هذا المعلم الشكلي إلى العنوان الذي كرسه الدستور لنظام الدولة في ايران وهو نظام جمهوري اسلامي، كما تعرضنا لتتابع فصول الدستور وما عالجته من موضوعات من أجل التعرّف على خارطة تلك الموضوعات التي رسمها واضعو الدستور، وقد تبين لنا من التأمل في تلك الخارطة مقدار الاهتمام الذي تميّز به المبحث العقائدي الذي شكل أساس الدستور ومرجعيته الاُولى.

    وعند تطرقنا إلى مدى مرونة الدستور وجدنا أن طائفة من أحكامه تتصف بالجمود المطلق بحيث لا يمكن أن ينالها التعديل أو التبديل وهي بشكل عام تتصل بالأساس العقائدي بينما تبقى الأحكام الأخرى مرنة في حدود معينة بسبب القيود التي وضعها الدستور نفسه، ولا سيما في المادة الأخيرة منه (م 177) المكرسة لهذه المسألة.

    كل ما تقدم استغرق الفصل الأوّل من البحث، بينما انتقلنا في الفصلين الثاني والثالث إلى المسائل الموضوعية فأشرنا في الفصل الثاني إلى خصوصيته المتعلقة بالأساس العقائدي للدستور، وقد وجدنا هذا الأساس معبّراً عنه في نوعين من الأحكام :

    الأول: يحدّد دور العقائد والفقه في نظرية الحكم إجمالاً، ووجدنا المادة الثانية تكرس هذا المعنى بشكل رئيس حيث اشارت إلى (أصول الدين) باعتبارها أسساً للنظام مضافاً إليها أساس سادس هو الإيمان «بكرامة الإنسان وقيمته الرفيعة وحريته الملازمة لمسؤوليته أمام اللّه‏...» كما أشارت المادة نفسها إلى دور الفقهاء المسلمين في حركة آليات الحكومة الإسلامية، وفي بقية مواد الدستور اشارات لهذه المهمة تؤكد المعنى المذكور.

    الثاني: من تلك الأحكام الدستورية وجدنا له أمثلة متعددة في الدستور منها تأكيده على مسألة مصدر السيادة في الدولة حيث جزمت المادة السادسة والخمسون بأن «السيادة المطلقة على العالم وعلى الناس للّه‏، وهو الذي منح الإنسان حقّ السيادة على مصيره الاجتماعي...».

    على أننا لم نتابع عدداً من الموضوعات المهمة المتعلقة بالسيادة في هذه المناسبة لأننا فضلنا الاختصار، إذ كان جديراً بالبحث هنا دراسة تعبيرات السيادة ودور القائد والسلطات الثلاث ودور الأمة في هذه التعبيرات من خلال النظام الذي اختاره الدستور والذي أصبح يدعى بنظام (ولاية الفقيه في ظل الشورى). ومن المعلوم أن هناك كتابات عديدة في هذا المجال.

    وأما في الفصل الثالث فقد انتقلنا إلى معلم آخر من المعالم الموضوعية التي تميز دستور الجمهورية الإسلامية وهو اهتمامه بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية وقد لفت نظرنا في هذا المجال ان الدستور موضوع البحث قد وضع هذه المسألة في مستوى أسس النظام أي في مستوى أصول الدين من الناحية الدستورية وهو ما صرّحت به المادة الثانية كما اهتمت بتفصيلات تلك الحقوق والحريات معظم مواد الدستور فضلاً عن المنصبّة عليها أساساً وذلك في الفصل الثالث منه.

    ومبحث حقوق الإنسان على رغم اهميته الكبيرة فيما خصص له من أحكام الدستور الإسلامي لم يشغل فصلاً محدداً بعينه دون غيره، بل جاءت هذه الأحكام موزعة هنا وهناك وإن كان الفصل الثالث من الدستور أكثر تركيزاً في هذا المجال. ولعلّنا نجد مبرّر ذلك في استقاء الدستور لأحكامه من أحكام الشريعة الإسلامية التي جاءت إجمالاً لانقاذ الإنسان من الظلمات التي يعيش فيها ووضعه في المسار السليم اللائق به كخليفة للّه‏ تعالى على الأرض. فالتكريم الذي خصّ به تعالى الإنسان لا يعدله تكريم آخر، وهكذا وجدنا كل قواعد الشريعة مكرسة لهذا الهدف الذي يتلخص بتعبيد الإنسان لخالقه المنعم عليه وتحريره بالتالي من كلّ تبعية أو عبودية لغيره. ومن الواضح أنّ لهذا الموقف الأساس نتائج كبيرة وباهرة تنعكس على الهيكل الإجتماعي المطلوب بناؤه والمؤسسات السياسية التي تتكفل بإدارة وتوجيه المجتمع وفق الشريعة الإلهية التي تريد سعادة الإنسان في الدارين.

    غير إننا لم نستعرض في هذا البحث الحقوق والحريات التي أشار إليها الدستور فذلك أقرب إلى البحث القانوني المتخصص منه إلى الأدب القانوني، فاقتصرنا على إثارة موضوع «مناخ الحقوق» الذي عبرت عنه أحكام الدستور، وتركنا استعراض الحقوق ودراسة ضماناتها المتنوعة إلى بحث آخر مستقل.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 10:13 am