أزهــــــــار السلام

سلام الله عليكم .. و مرحبا بكم ..
انكم في روضة ازهـــــــــــــــــار المحبة والسلام
ادخـلــــــــــــــــــوها بسلام امنيــن


اقطفـــــــــــــــــــــــــوا منها ما شئتم من الورود
و لا تنسوا ان تزرعوا بذور ازهاركم العبقة ..

" زرعـــــوا فقطفنا .. ونزرع فيقطفون "



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أزهــــــــار السلام

سلام الله عليكم .. و مرحبا بكم ..
انكم في روضة ازهـــــــــــــــــار المحبة والسلام
ادخـلــــــــــــــــــوها بسلام امنيــن


اقطفـــــــــــــــــــــــــوا منها ما شئتم من الورود
و لا تنسوا ان تزرعوا بذور ازهاركم العبقة ..

" زرعـــــوا فقطفنا .. ونزرع فيقطفون "

أزهــــــــار السلام

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أزهــــــــار السلام

روضـــــــة ثقافية عربية اسلامية وحدوية

نتمنى لكل ازهارنا الندية قضاء لحظــــــــــــــــات مثمرة ومفيدة بين ممرات بستاننا الزكية .................................مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ...................................(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ))................. ....................... ... ................ (( وَاعْتَصِمُـــــــــــــــــــــوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ))......................................

    أنواع الحياء

    اميرة القلوب
    اميرة القلوب


    عدد المساهمات : 2495

     أنواع الحياء Empty أنواع الحياء

    مُساهمة من طرف اميرة القلوب الجمعة يونيو 17, 2016 8:27 pm

    أنواع الحياء:




    الحياء ثلاثة أنواع: حياء من الله -عز وجل-، ويكون بامتثال أوامره واجتناب زواجره، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- سأله أصحابه فقالوا: عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: ((احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمنيك)) فقال السائل: الرجل يكون مع الرجل؟ يعني هل يبدي له شيئاً من عورته، بعض الناس يقول: أنا رجل، فلا يستحي من إظهار عورته أمام الرجال، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- معلماً له مكارم الأخلاق: ((إن استطعت أن لا يراها أحد فافعل))، فقيل له: والرجل يكون خالياً؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((فالله أحق أن يستحيا منه))(14).
    وفي الحديث الآخر أن رجلاً جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال له: "أوصني"، قال: ((أوصيك أن تستحي من الله تعالى كما تستحي من الرجل الصالح من قومك))(15)، بمعنى ألا يكون الله -عز وجل- هو أهون الناظرين إليك، فينبغي أن تستحي من الله -تبارك وتعالى- حق الحياء، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه-: ((استحيوا من الله حق الحياء))، فسألوه فقالوا: "إنا نستحي والحمد لله" قال: ((ليس ذاك؛ ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى))(16)تحفظ السمع فلا يسمع ما لا يليق من الفحش والبذاءة والغناء والغيبة والمعصية بجميع أنواعها مما يسمع، وأن تحفظ هذا البصر فلا ينطلق ولا يسرح يمنة ويسرة، فيرى ما لا يليق، ويرى ما يحرم عليه أن ينظر إليه.
    يسر مقلته ما ضر مهجته***لا مرحباً بسرور عاد بالضرر
    وكذلك يحفظ الإنسان الشم فلا يشم شيئاً لا يجوز له شمه.
    ((أن يحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى)): فلا يدخل في هذا الجوف شيء حرمة الله -عز وجل- من المال الحرام والخمر والدخان وما إلى ذلك، ((ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء))(17).
    خطب أبو بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- الناس وقال: "يا معشر المسلمين استحيوا من الله، فو الذي نفسي بيده إني لأظل حين أذهب الغائط في الفضاء متقنعاً في ثوبي استحياءً من ربي -عز وجل-".
    وقد صور لنا القرآن حال بعض الجاهليين وكيف كانوا يستحيون من الله -عز وجل- قال -تبارك وتعالى- عنهم: أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ [(5) سورة هود]: الذي ذكره جمع من السلف في تفسير هذه الآية أن الواحد من هؤلاء المشركين كان إذا خرج إلى الخلاء لقضاء حاجته قال بظهره وصدره هكذا، أماله من أجل أن يكون ظهره حائلاً بينه وبين السماء حياءً من الله -عز وجل-، مع أن الناس لا يرونه، فأين هؤلاء الجاهليين من أولئك المتهتكين الذين يعرضون المفاتن والأجساد العارية، يراها ملايين البشر، ويصوت لهم الملايين من أهل الضعة وأهل الانحطاط والسفور الذين لم يعرفوا مكارم الأخلاق.
    النوع الثاني: هو الحياء من الخلق، ويكون بكف الأذى عنهم بجميع أنواعه، بالقول والفعل، وترك سوء الظن بهم، ويكون بترك المجاهرة بكل قبيح.
    وبين الحياء من الله -عز وجل- والحياء من المخلوقين ملازمة أكيدة، وقد قال ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه-: "من لم يستحِ من الناس لا يستحي من الله".
    والنوع الثالث: الحياء من النفس، وهو نوع لطيف من الحياء، وهل يستحي الإنسان من نفسه؟
    أقول: نعم ذاك حياء يعرفه أصحاب النفوس الكريمة الشريفة العزيزة الرفيعة الأبية، هذه النفوس تستحي من رضاها لنفسها بالنقص، ومن قناعتها بالدون، فيجد الواحد نفسه مستحيياً من نفسه، حتى كأنما له نفسان يستحي بأحدهما من الآخر، ويكون ذلك -أعني الحياء من النفس- بالعفاف وصيانة الخلوات، وهذا أكمل ما يكون من الحياء؛ فإن العبد إذا استحي من نفسه فهو بأن يستحي من غيره أجدر وأولى كما لا يخفى.
    اميرة القلوب
    اميرة القلوب


    عدد المساهمات : 2495

     أنواع الحياء Empty رد: أنواع الحياء

    مُساهمة من طرف اميرة القلوب الجمعة يونيو 17, 2016 8:29 pm

    أقسام الحياء من جهة المحرك له والباعث له والداعي إليه: 
    الحياء إما يكون بسبب الجناية، ويدل على ذلك حديث أنس المخرج في الصحيحين(18)، وهو حديث الشفاعة المشهور، فالناس في ذلك الموقف العصيب يأتون إلى آدم -صلى الله عليه وسلم- فيقول: "لست هناكم" ويذكر ذنبه فيستحي، ثم يأتون نوحاً فيقول: "لست هناكم" ويذكر سؤاله ربه ما ليس له به علم، فيستحي وهكذا حينما يأتون موسى -صلى الله عليه وسلم- فيقول: "لست هناكم" ويذكر قتل النفس بغير نفس فيستحي من ربه.
    وتارة يكون الباعث له التقصير، فالحياء خلق يتولد من أمرين: من ملاحظة النعمة والإفضال، ومن ملاحظة التقصير في جانب النعمة، فالله ينعم عليك ويتفضل، وأنت مقصر في شكر هذه النعم فيتولد حالة يقال لها: الحياء، فيستحي الإنسان من الله -عز وجل- لتقصيره في القيام بحقوقه من تحقيق ألوان العبودية له -جل جلاله-.
    والباعث الثالث هو حياء الإجلال، ويكون ذلك لمن عرف الله -عز وجل- معرفة صحيحة بأسمائه وصفاته، وعلى قدر معرفة العبد بربه يكون حياؤه منه، وتارة يكون الباعث له الكرم، فهو حياء الكرم.
    النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أولم على زينب بنت جحش ودعى الناس فطعموا وبقي ثلاثة نفر في البيت استحي النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يأمر هؤلاء النفر بالانصراف، فذهب وطاف على نسائه، ثم رجع فوجدهم في البيت، ثم استحيا النبي -صلى الله عليه وسلم- استحيا من هؤلاء أن يشعرهم باستثقاله من وجودهم عند زوجته أو في بيته في هذا البيت الجديد الذي قد بنى النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه على زينب --رضي الله تعالى عنه-ا- للتو، فأقول: هذا حياء كرم.
    ومن ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا جلس مع أصحابه لربما أطالوا الجلوس استئناساً به -صلى الله عليه وسلم-، فالله -تبارك وتعالى- أمرهم أن يخففوا عليه، وبين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يستحي منهم.
    ونوع آخر وهو حياء الحشمة -وهو الخامس- كما ذكر الحافظ ابن القيم -رحمه الله- وذلك كما جاء عن علي -رضي الله عنه- أنه طلب من المقداد أن يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المذي وذلك لمكان ابنة النبي -صلى الله عليه وسلم- من علي -رضي الله تعالى عنه-، وقد كان العرب في جاهليتهم يأنفون ويستحيون ويكرهون أن يُتحدث بشيء مما يتعلق بالنساء بحضرة أحد من أقارب المرأة، فأين أولئك الذين يخرقون هذه الأخلاق التي كان أهل الجاهلية يتحلون بها؟!
    ونوع سادس: وهو حياء التواضع واستصغار النفس، كحياء العبد من ربه حينما يسأل ربه حوائجه استصغاراً لنفسه.
    ونوع سابع: وهو حياء المحبة، حياء المحب من محبوبه إذا خطر على قلبه أو لاقاه؛ ولكن هذه المحبة إذا كانت متجردة عن الإجلال والتعظيم لم تورث الحياء الشرعي المطلوب الذي يحمل صاحبه على الامتثال والانزجار عما لا يليق، وإنما تورث لوناً من المؤانسة فحسب، وإنما تعمر القلوب بالمحبة المقترنة بالإجلال والتعظيم والتقديس لله -جل جلاله-.
    ونوعاً ثامن: وهو حياء العبودية، وهو حياء ممتزج من محبة وخوف.
    ونوع تاسع: وهو حياء الشرف والعزة، وذلك حياء النفس الكبيرة العظيمة إذا صدر منها ما هو دون قدرها من بذل أو عطاء أو إحسان، كما أن صاحب هذه النفس يستحي من الآخذ المعطى حتى كأنه هو السائل، ذلك أنه حينما يقدم لغيره شيئاً يرى أنه دون مقامه فإنه يعرق جبينه ويستحي.
    كما أن بعضهم لربما استحيا من حيوان بهيم يقول: استحي أن ينظر إلي ذو عينين وأنا أكل فلا أعطيه شيئاً، وكان بعضهم لربما ألقى جميع طعامه لكلب قد حضره، يقول: لا أتمكن أن ينظر إلي كلب أو ينظر إلي مخلوق بعينه وأنا آكل أمامه، فأين الذين يشبعون ويصابون بالتخمة والملايين من البشر يموتون جوعاً؟!
    ومن هذا النوع من حياء النفوس الكريمة الأبية حياء أصحاب الشرف والمروءة والقوة والعزة والنخوة حياء صلاح الدين الأيوبي، وذلك أنه لم يُرَ ضاحكاً قبل فتح بيت المقدس، فسئل عن ذلك فقال: "إني لأستحيي من الله أن أضحك وفي القدس صليبي واحد"، وحُق لنا أن نقول: إننا ينبغي أن نستحي من الله -عز وجل- أن نضحك وفي القدس يهودي واحد.
    تاسعاً: الطريق إلى الحياء: 
    كيف ننمي الحياء في نفوسنا؟ كيف نشيعه في مجتمعاتنا؟ كيف نغرسه في أولادنا منذ نعومة أظفارهم؟ كيف نطور هذه الفطرة في نفوسهم ونقويها؟
    نقول: أولاً: يكون ذلك باستحضار مراقبة الله تعالى ونظره إلى العبد، فهذا مشهد المراقبة وهو مشهد كبير، وهو أصل لجميع الأعمال القلبية.
    أن نستحضر معية الله -عز وجل- نتذكر قول الله تعالى: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ [(4) سورة الحديد]، مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ [(7) سورة المجادلة]، وكلما اشتدت هذه المراقبة أوجبت للعبد من الحياء ما لا يحصل بدونه، والحياء يجمع بين مقام المعرفة ومقام المراقبة.
    وأمر آخر: أن نقوي المعرفة بالله -عز وجل-، بأن نتعرف على صفات الكمال التي وصف الله -عز وجل- بها نفسه من أجل أن نعرفه بها، وذلك أن هذه الصفات الكاملة التي اتصف الله -عز وجل- بها إذا عرف العبد ربه بها معرفة صحيحة عظم الرب في قلب العبد، فهابه وخافه واستحيا منه وعظمه، فهذه معرفة خاصة لأهل الإيمان والتقى، بخلاف المعرفة العامة؛ فالخلق جميعاً يعرفون أن الله هو خالقهم وموجودهم ورازقهم؛ ولكن أهل الإيمان الخاص هم الذين يعرفونه بصفات الكمال على وجه التفصيل، كما بين ذلك في كتابه.
    وطريق ذلك هو أن نعرف معاني هذه الأسماء، وأن نتفكر ونتأمل في آيات القرآن العظيم، وأن نفهم عن الله وعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأن نتفكر في هذه الآيات التي نشاهدها في كون الله -عز وجل- وفي صفحة هذه الآفاق الواسعة، وأن نتـأمل في حكمة الله -عز وجل- وقدرته ولطفه وإحسانه وعدله في قضائه وقدره وخلقه.
    وجماع ذلك: الفقه في معان الأسماء الحسنى وجلالها وكمالها، وتفرده بذلك، وتعلقها بالخلق والأمر، فيكون العبد فقيهاً في أوامر الله ونواهيه، فقيهاً في قضائه وقدره، فقيهاً في أسمائه وصفاته، فقيهاً في الحكم الديني الشرعي، والحكم الكوني القدري، وكلما ازدادت هذه المعرفة، وهذا الفقه كلما ازداد الحياء في قلب الإنسان، فإذا عرف الإنسان ربه معرفة حقيقية ازداد الحياء ونما وترعرع في قلبه.
    إن الأسماء والصفات مقتضية لآثارها من العبودية، فلكل صفة عبودية خاصة هي من موجباتها ومقتضياتها، فعلم العبد بسمع الله وبصره وأنه لا يخفى عليه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، وأنه يعلم السر وأخفى ويعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، كل ذلك يورثه الحياء، فيحفظ لسانه وجوارحه وخطرات قلبه عن كل ما لا يرضي الله -تبارك وتعالى-.
    ومن الأمور التي يحصل بها الحياء وينمو: تنمية العفة في النفوس، وإشاعة العفاف؛ فالعفة هي أحد أركان حسن الخلق الأربعة.
    إنها خصلة شريفة تحمل صاحبها على اجتناب الرذائل والقبائح القولية والفعلية، وتحمله على الحياء الذي هو رأس كل خير.
    والأمر الرابع الذي ينمي الحياء: هو أن تعرف نفسك، وأن تكسر هذه النفس فلا تتعالى، ولا ينفرط لسانك ولا تنبعث جوارحك لفعل ما لا يليق، فإن الإنسان إذا ضبط نفسه وعرفها وكان فقيهاً بها فإنه يستطيع بعد ذلك -بعون الله -عز وجل-- أن يسيطر عليها، فيضبط سلوكه، فيوجب له ذلك الحياء من الله واستكثار نعمه، وأن يتقالّ ما يقدمه في مقابل هذه النعم من ألوان العبوديات، فلا يكون مدلياً على ربه -تبارك وتعالى- بعمله الصالح.
    والأمرٌ الخامس -وهو مهم جداً-: مجالسة من يستحيا منه؛ لأن الطبع سراق، والناس كأسراب القطا جبلوا على تشبه بعضهم ببعض، فمن جالس أهل الحياء فإنه يتخلق بأخلاقهم، ومن جالس أهل الجفاء والبذاء والرعونة فإنه يتخلق بأخلاقهم ولابد.
    وإذا نمّى الإنسان ما فيه من القدر والإمكانيات والطاقات، ونمّى أيضاً كل جارحة من جوارحه بحسبها فإن ذلك العضو من أعضاء الإنسان يقوى ويشتد، كما هو معروف، فإذا جالس الإنسان من يستحيي بمجالستهم فإن ذلك يكون سبباً لنماء الحياء في نفسه، ولهذا قال بعض السلف: "أحيوا الحياء بمجالسة من يستحيا منه"، ويقول الإمام مجاهد: "لو أن المسلم لم يصب من أخيه إلا أن حياءه منه يمنعه من المعاصي لكفاه".
    وبهذا تعرف أن الذين يجالسهم الإنسان ممن يسربون عليه الحياء، وممن تجالسهم المرأة ويسربون عليها التزام العفاف والحشمة والحجاب أنهم من الشياطين الذين لبسوا مسوح الآدميين.
    والأمر السادس الذي ينمي الحياء: هو أن نتدبر كلام الله -عز وجل- الذي تجلى الله -عز وجل- فيه لعبادة بصفاته، فتارة يتجلى بجلباب الهيبة والعظمة والجلال، وتارة يتجلى بصفة السمع والبصر والعلم فتنبعث في العبد قوة الحياء، فيستحي من ربه أن يراه على ما يكره، أو يسمع منه ما يكره، أو يخفي في سريرته ما يمقته عليه، فتبقى حركاته وأقواله ونظراته وخواطره موزونة بميزان الشرع غير مرسلة تحت حكم الهوى.
    الأمر السابع: وهو التربية على الحياء: فالصغير يقال له منذ الصغر: هذا عيب، هذا لا يليق، ينبغي أن تكف، أيتها البنت استتري، غطِّ ساقك، غطي ركبتك، فضلاً عما هو فوق ذلك، فتجد هذا الصغير سواء كان ذكراً أو أنثى إذا انكشف ساقه أو انكشفت ركبته بادر إلى سترها، وتغير وجهه، ولربما صدرت منه بعض الحركات التي تنبئ عن امتعاضه لانكشاف هذا العضو الذي قد تعود أنه من الخطأ ومن العيب أن ينكشف أمام أنظار الآخرين، فهذه أمور تنمي، فالبنت الصغيرة حينما نربيها على لبس القصير، وحينما نربيها على الشاشة الفضية، وهي تشاهد المرأة في أحضان الرجل يقبلها ويداعبها ويضاحكها، وقد ظهرت بأبهى زينة!
    حينما ترى تلك المذيعة تراها في حلتها وزينتها، وقد جعلت أرتالاً من الأصباغ في وجهها، تتكلم بكل جرأة، فأي حياء يبقى عند بناتنا ونسائنا.
    إن الغصون إذا قومتها اعتدلت***ولا تلين إذا كانت من الخشبِ
    الأمر الثامن: هو إزالة ما ينافي الحياء، أخرجوا هذه الأجهزة المدمرة من بيوتكم، أخرجوها من بيوتكم يبقى لكم الحياء والعفة والشرف، تبقى لكم مقومات الوجود، يبقى لكم الدين والأخلاق والفضيلة والشرف والعفاف، أما هذه القنوات الساقطة إلا ما رحم الله -عز وجل- فإنها تفري الحياء فرياً، وتفتك بالأخلاق، وتعرض الفتنة بأبهى صورها، إنها تحطم القيم.
    إن التسمر أمام هذه الشاشات من قبل الشباب والفتيات، بل من قبل العجائز والشيوخ أمر يحطم كل معنى حميد تربى عليه الإنسان عشرات السنين.
    إنهم يصورون الفضيلة على أنها تخلف، إنهم يؤسسون الأسس والقواعد التي تدمر ما بقي في نفوسنا من الفضائل، إنهم يصورون المرأة التي تحافظ على طهرها وحيائها وحشمتها وعفافها بالمتخلفة وبالرجعية بالانطوائية، بالمعقدة، بالمريضة، إنهم يصورونها بأسوأ الصور، يصورون المرأة العصرية المتمدنة بالجريئة المتهتكة.
    لا زلت أتذكر كلمة سمعتها منذ أكثر من عشرين سنة قالها أحد الدعاة يصف بها مشهد في بلده: هذه امرأة قد لبست لباساً يلبسه من لا خلاق له على شواطئ البحار، وقد جاء المصور ليصورها ولا زال فيها بقية من حياء، فضمت فخذيها وساقيها، فماذا قال هذا المصور مستفزاً لها؟ قال لها: أنت صعيدية -كما يقال عندنا: أنت قروية- فاستفزها بهذه الكلمة، فبادرت ففرجت بين فخذيها وساقيها ليلتقط لها صورة في أبشع أحوالها وأقذرها!!
    هكذا تدمر الأخلاق، حيث تبرز المرأة العصرية على أنها المتهتكة المتبرجة التي باعت حياءها وحشمتها وترجلت وظهرت أمام الشاشات تشاهدها الملايين، تعرض فتنتها سلعة رخيصة، تعرض جسداً عارياً قد ظهرت فيه ألوان المفاتن، إنها تجارة رخيصة لا تنطلي ولا يبتاعها ولا يرتادها إلا من قل حياؤه، ومن قلت مراقبته لله -تبارك وتعالى-.
    إنه تصحر الأخلاق في عصر أدعى فيه الإنسان أنه قد حصل ألوان العلوم واستطاع أن يسيطر على كثير من المقدرات، وأن يسخرها في صالح الإنسان، وفي إزاء ذلك نجد فقدان القيم، ونجد تدمير كل خلق شريف كريم.
    مما ينمي هذا الخلق في نفسك أيها المسلم أن تستحضر أن الملائكة يرونك، وأن الله يقول: مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [(18) سورة ق]، هذا الفعل الذي قد تفعله وهو لا يليق يراه الملك ويشاهده، والملائكة يطوفون فينا صباح مساء، كما أخبر النبي –-صلى الله عليه وسلم-- إذ يقول: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار))(19)، فينبغي للإنسان أن يستحيي من نظرهم.
    الأمر التاسع مما ينمي الحياء: الإمساك عما تقتضيه قلة الحياء من الأقوال والأفعال، ((إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم))(20)، وأٌقول: إنما الحياء بتكسبه وتطلبه، فإذا فعل الإنسان الأفعال التي تليق بأهل الحياء كان ذلك خلقاً راسخاً له، وإذا فعل ما يضاد ذلك أنخلع من ربقة الحياء.
    الأمر العاشر: أن نتذكر الآثار الطيبة للحياء والآثار القبيحة لقلة الحياء.
    الأمر الحادي عشر: وهو أن نجاهد النفس، وأن نروضها على الأخلاق الفاضلة؛ ذلك أن كل شرف وكل علو ورفعة يحتاج إلى مجاهدة ومكابدة وألوان من الصبر؛ لأن أضداد ذلك تزين خلافه، والنفس فيها نوازع، فكما أن الحياء غريزة وفطرة فكذلك في النفس الأمارة بالسوء داعي الهوى والنفس يحرك الإنسان ويدعوه إلى فعل ما لا يليق، فيبقى الصراع محتدماً بين الفضيلة والرذيلة، بين داعٍ يدعوه إلى الخير وملازمة الأخلاق الفاضلة، وبين داعٍ يدعوه إلى غير ذلك.
    الأمر الثاني عشر مما ينمي الحياء: النظر في سيرة أهل الفضل والشرف، وعلى رأسهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- النظر في أخلاقه وصفاته وشمائله، والنظر في سير الصحابة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن أمهات المؤمنين ومطالعه أخلاقهم.
    والثالث عشر: حياة القلب فإذا كان القلب حياً كان الحياء حاضراً، وكما قلت في أول هذا الحديث: الحياء من الحياة، ومن لا حياة في قلبه لا حياء له، فعلى حسب حياة القلب يكون فيه قوة الحياء، وقلة الحياء من موت القلب والروح، وكلما كانت حياة قلوبنا أكبر وأكمل كلما كان الحياء فينا أتم وأكمل، ولهذا قال عمر -رضي الله عنه-: "من قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه".
    ولهذا عد العلماء -رحمهم الله- ذكر القلب وأنه أفضل من ذكر اللسان، قالوا: إن ذكر القلب يدل على حياة القلب، ويكون محرك له، ويثمر فيه المعرفة ويهيج المحبة، ويثير الحياء، ويبعث على المخافة، ويدعو إلى المراقبة، ويزع عن التقصير في الطاعات والتهاون في المعاصي والسيئات، أما ذكر اللسان المجرد فإنه قد لا يوجب شيء من ذك؛ لأن الإنسان قد يذكر ربه وهو غافل، فلا بد من حضور القلب.
    اميرة القلوب
    اميرة القلوب


    عدد المساهمات : 2495

     أنواع الحياء Empty رد: أنواع الحياء

    مُساهمة من طرف اميرة القلوب الجمعة يونيو 17, 2016 8:45 pm

    منزلة الحياء: 
    الحياء إحساس رقيق، وشعور دقيق، يبدو في العين مظهره، وعلى الوجه أثره، ومن حرمه حرم الخير كله، ومن تحلى به ظفر بالعزة والكرامة، ونال الخير أجمع.
    الحياء أصل لكل خير، وهو أفضل وأجلُّ الأخلاق، وأعظمها قدراً، وأكثرها نفعاً، بل هو خاصة الإنسانية؛ لأن الحيوان لا حياء له، فمن لا حياء له ليس معه من الإنسانية إلا اللحم والدم وصورتهما الظاهرة، صورته صورة إنسان وداخلته داخلة حيوان، كما أنه ليس معه من الخير شيء إذا تخلى من الحياء، ولولا هذا الخلق لم يُقرى الضيف، ولم يوف بالوعد، ولم تؤد الأمانة، ولم تقض لأحد حاجة، ولا تحرى الرجلُ الجميلَ فآثره، والقبيحَ فتجنبه، ولا ستر له عورة، ولا امتنع عن فاحشة، وكثير من الناس لولا الحياء الذي فيه لم يؤد شيء من الأمور المفترضة عليه، ولم يرع لمخلوق حقاً، ولم يصل له رحماً، ولا بر له والداً؛ فإن الباعث على هذه الأفعال إما ديني وهو رجاء عاقبتها الحميدة، وأما دنيوي علوي وهو حياء فاعلها من المخلوقين.
    يتبين بهذا أنه لولا الحياء إما من الخالق أو من المخلوق لم يفعل الإنسان شيئاً من هذه المكارم التي وصفتها.
    كل إنسان له آمران وزاجران، آمر وزاجر من جهة الحياء يأمره بالفضائل ويزجره عن الرذائل، فإذا أطاعه أمتنع من فعل كل ما يشتهي مما لا يليق، وله آمر وزاجر من جهة الهوى والطبيعة، فالنفس تأمره بالأشياء وتهوى أشياء، وتنهاه عن أشياء فمن لم يطع آمر وزاجر الحياء فإنه يطيع آمر الهوى والشهرة، فيتمرغ في أودية الهلكة، كما قال الحافظ ابن القيم -رحمه الله-.
    ثم أن هذا الحياء يقوم مقام الذكر في بعض المقامات التي لا تذكر الله -عز وجل- فيها، أرأيتم حال الإنسان عند الخلاء؟ إنه لا يذكر ربه ولا يليق به أن يذكره، وهو على حاجته؛ ولكن مقام الحياء من الله --عز وجل- وهو في هذه الحال، ومقام المراقبة لله -تبارك وتعالى-، واستحضار هذه النعمة من الله -تبارك وتعالى- عليه بالتخلص من هذه المؤذيات التي تخرج من جسده، لا شك أنه من أجلِّ الذكر كما صرح بذلك جمع من العلماء، فذكر كل حالة بحسب ما يليق بها، واللائق بالإنسان في حال الخلاء أن يتقنع بثوب الحياء من الله -تبارك وتعالى- مجلاً له، ذاكراً نعمنه عليه، وإحسانه إليه في مثل هذا المقام، وفي مثل هذه الحال.
    إن فقد الحياء علامة من علامات شقاء العبد، فإذا كان الزوج عديم الحياء، أو كانت الزوجة عديمة الحياء، فلا تسأل عن شقوة أحد الزوجين بالأخر.
    إذا كان أحد الأبناء صفيق الوجه لا يستحي، ولا يرعوي، ولا ينتهي عما لا يليق، فلا تسأل عن شقوة مخالطيه ممن يجالسونه ويآكلونه ويشاربونه.
    يقول الفضيل بن عياض -رحمه الله-: "خمس من علامات الشقوة: القسوة في القلب وجمود العين، وقلة الحياء، والرغبة في الدنيا، وطول الأمل".
    إن الحياء سبيل لحفظ ماء الوجوه، الذي به يبقى رونقها وبهاؤها، كما قيل:
    إذا قل ماء الوجه قل حياؤه***ولا خير في وجه إذا قل ماؤه
    حياؤك فأحفظه عليك وإنما***يدل على وجه الكريم حياؤه
    كما أنه أصل العقل وخاصته، وهو بذر الخير، كما قال أديب أهل السنة في روضة العقلاء -أعني أبا حبان البستي -رحمه الله--.
    وهو لباس التقوى، كما فسر جمع من السلف قوله تعالى: وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ [(26) سورة الأعراف] بأنه الحياء، وقال وهب -رحمه الله-: "الإيمان عريان ولباسه التقوى، وزينته الحياء، وماله العفة.
    والحياء من الإيمان كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لرجل من الأنصار حينما مر به وهو يعظ أخاه في الحياء، فقد كان ذلك الرجل كثير الحياء، فهذا رجل من إخوانه يعظه ويحثه على التقليل من هذا الحياء، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((دعه فإن الحياء من الإيمان))(4).
    وفي الحديث الآخر: ((الحياء والإيمان قرنا جميعاً، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر))(5)، ويقول –-عليه الصلاة والسلام--: ((الحياء والعي شعبتان من الإيمان، والبذاء والبيان شعبتان من النفاق))(6)، وفي حديث أبي هريرة: ((الحياء من الإيمان، والإيمان من الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار))(7). وفي حديث آخر عن أبي هريرة: ((الإيمان بضع وستون – أو بضع وسبعون- شعبة، والحياء شعبة من الإيمان))(Cool.
    وقد يسأل بعضنا كيف كان الحياء شعبة من الإيمان وهو غزيرة من الغرائز؟
    فنقول: لما كان هذا الحياء يحركه فيأمره بالخير، ويزجره ويكفه عن فعل ما لا يليق، كان هذا الحياء من الإيمان؛ لأن الإيمان قول وعمل، قول في القلب واللسان، وعمل في القلب واللسان والجوارح، ومن ثم فإن الحياء من أجل الأعمال القلبية التي تدفع الإنسان على فعل ما يليق، وتكفه عما لا يليق، وهذا هو خلاصة ما ذكره العلماء في الجواب عن هذا السؤال.
    كما أن الحياء خلق إسلامي رفيع، كما في حديث أنس: ((إن لكل دين خلقاً، وخلق الإسلام الحياء))(9)، وأخلاق الإسلام كثيرة ولكن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعله خلق الإسلام؛ لأن به جماع الخُلق؛ لأن الإنسان إذا كان يستحي وجد فيه الكرم، ووجدت فيه النخوة والحمية، ووجدت فيه الغيرة ووجدت فيه سائر الأخلاق الفاضلة، وإذا كان الإنسان لا يستحي فإنه لا يكرم ضيفاً، ولا يوقر كبيراً، ولا يرحم صغيراً، ولا يحسن إلى أحد أياً كان، ولقد جاء في حديث عائشة --رضي الله تعالى عنه-ا- أنها قالت: "مكارم الأخلاق عشرة -فذكرتها وقالت-: "ورأسهن الحياء".
    وهي صفة يحبها الله -عز وجل-، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأشج عبد القيس في الحديث الذي قدمته في أول حديثنا هذا، حيث قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والحياء))(10).
    وهو من الدين، وقد ذكر عند عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- الحياء وأنه من الدين فقال عمر: "بل هو الدين كله" كما أنه صفة من صفات الله -تبارك وتعالى- كما في الحديث المشهور: ((إن ربكم -تبارك وتعالى- حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً))(11)، فهذا حياء كرم وبر وجود وجلال وإفضال من الله -جل جلاله-.
    كما أن صفة الحياء هي من أوصاف الملائكة -عليهم صلاة الله وسلامه- ويدل على ذلك حديث عائشة --رضي الله عنه-ا- في القصة المشهورة لما دخل عثمان على النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد كشف النبي -صلى الله عليه وسلم- فخذيه أو ساقيه، فالحاصل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سترهما وسوى ثيابه حينما استأذن عليه عثمان، فلما سألته عائشة --رضي الله تعالى عنه-ا- عن ذلك، قال: ((ألا استحي من رجل تستحي منه الملائكة؟!))(12)، فالملائكة يستحون ويتخلقون بالحياء، ونحن حينما نتخلق بالحياء نكون قد أتصفنا بصفة يحبها الله -عز وجل-، ويتصف بها على ما يليق بجلاله وعظمته، ونكون قد اتصفنا بصفة من صفات الملائكة، فالحيي رجل كريم، والمرأة التي تستحي امرأة فاضلة شريفة كريمة، والشاب والفتاة الذين يستحون هم من كرماء الناس وفضلائهم وأشرافهم، وأما من نزع منه هذا الوصف فإنه يتصف بصفة الأراذل والشياطين، فليختر الإنسان لنفسه.\
    كما أن الحياء من صفات الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- كما في حديث أبي هريرة مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في قصة موسى -عليه الصلاة والسلام- حينما كان يغتسل وحده، وكان بنو إسرائيل يغتسلون اغتسالاً جماعياً كما يقال، فكان موسى -صلى الله عليه وسلم- حيياً ستيراً لا يرى من جلدة شيء استحياء من الله -عز وجل-.
    والحياء من صفات المؤمنين الأبرار الأتقياء والمؤمنات التقيات الحافظات لحدود الله -تبارك وتعالى-، فهذه المرأة بنت ذلك الرجل الصالح الذي كان في مدين حينما جاءت إلى موسى -صلى الله عليه وسلم- تدعوه كيف وصف لنا القرآن مشيتها؟
    قال: فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا [(25) سورة القصص] لم تأت تمشي مشية تتبختر فيها تلقي عنها جلباب الحياء، لم تأت نازعة ستر الله -تبارك وتعالى-، وإنما جاءت محتشمة، حتى أن بعضهم قال: إنها كانت تمشي خلفه، وهو يمشي أمامها، وإذا أرادت منه أن يتجه يمنة أو يسرة ألقت حجراً بالاتجاه الذي تريد منه أن يتجه إليه؛ كل ذلك حياء وحشمة وتستر من هذه المرأة المؤمنة.
    وكانت أسماء بنت أبي بكر --رضي الله عنه-ا- وهي زوج الزبير ابن العوام -رضي الله تعالى عنه- كانت تأتي حاملة النوى من حقل أو مزرعة للزبير في مكان بعيد، تأتي وهي تحمله وهي ماشية على قدميها، فرآها النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي تحمل النوى على رأسها، فأناخ بعيره -عليه الصلاة والسلام- ومعه نفر من أصحابه فأمرها أن تركب، فاستحيت وامتنعت أن تسير مع الرجال.
    هذا هو حياء المرأة المسلمة المرأة الشريفة المرأة العفيفة التي لم تمزق حياءها القنوات الفضائية، ومجلات الأزياء، وعارضات الأزياء، ودور الرذيلة في مشارق الأرض ومغاربها التي تصدر العفن الفني، ومساوئ الأخلاق، وتبجح النساء وترجلهن وتهتكهن.
    ومن الصور التي تدل على حياء المرأة المسلمة الشريفة قصة أم سلمة --رضي الله تعالى عنه-ا- لما جاءت أم سليم إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تسأله هل على المرأة من غسل إذا احتملت؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم، إذا رأت الماء))(13)، فماذا فعلت أم سلمة والنبي -صلى الله عليه وسلم- زوجها؟ غطت وجهها، وقالت: "ويحك فضحت النساء، وهل تحتلم المرأة؟"
    لقد غلبها الحياء، وهي عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو محرمها وزوجها، فهذه أخلاق أمهات المؤمنين.
    وتلك امرأة جاءت تبحث عن ابنٍ لها قتل في غزوة من غزوات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، جاءت مغطية وجهها، وقد كان النساء يغطين وجههن على عهد رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، وفي جميع الإعصار الإسلامية، حتى جاء الاستعمار فنزع الحجاب في كثير من بلاد المسلمين وأفشى التهتك، وأفشى مساوئ الأخلاق.
    جاءت تلك الصحابية تبحث عن ابنها، فقيل لها: تبحثين عنه وأنت متنقبة متحجبة؟ فأجابت: لأن أرزأ ولدي فلن أرزأ حيائي"، تقول: إذا فقدت ولدي فلا يعني هذا أنني أبذل حجابي وحشمتي وحيائي؛ لأن عنوان حياء المرأة وحشمتها الحجاب والستر، والبعد عن مواطن الريبة ومخالطة الرجال.
    هذا شمس الدين المقدسي عالم من علماء المسلمين يقول: "كنت إذا انكنشفت ساقي وأنا في خلوتي أبادر إلى سترها مع الاستغفار".
    وهو في خلوته إذا انكنشف ساقه يبادر بسترها والاستغفار، فأين أولئك النساء من بنات المسلمين الآتي يعرضن الأجساد التي قد ظهر أكثرها في صالات الأفراح وفي شتى المناسبات؟ أين هذا العالم وأين حياؤه من حياء أولئك النسوة اللاتي أخطأن الطريق؟ نسأل الله -عز وجل- أن يلطف بنا وبهن، وأن يردهن إلى رشدهن وصوابهن.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 12:04 pm