هل يزور الربيع العربي دول الخليج العربية؟
06.12.2011
ملهم الملائكة
مراجعة: منى صالح
ميدان اللؤلؤة في البحرين شهد احتجاجات كبيرة هذا العام
يرى أغلب ساسة دول الخليج والسعودية أن رياح الربيع العربي لن تهب على دولهم الغنية بالنفط. نظام القبيلة هو السائد، وحكم القبيلة متوارث، لكن ما جرى في الكويت والبحرين والقطيف وعُمان واليمن المجاورة لا يتفق مع هذا الرأي.
اعتبر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم،نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي، أن دول الخليج في مأمن من التغيرات التي أطلقها ما يُعرف ب"الربيع العربي". لكن المطلعين والمراقبين للشأن الخليجي يرون أن دول الخليج لن تكون بمنأى عن رياح التغيير في المنطقة. بل إن بعضا منهم يدعو حكومات هذه الدول ونخبها السياسية إلى استباق رياح التغيير بإجراء إصلاحات عميقة وحقيقية وجذرية، ذاهبين إلى أن هذا هو ما جرى في قطر، التي من المقرر أن تشهد بعد عام ونصف انتخابات برلمانية، كما أن هؤلاء المراقبين يشيرون إلى أن السعودية استجابت لرياح التغيير، فقد حصلت المرأة السعودية لأول مرة، وفي خطوة وصفت بالتاريخية، على أحد أهم حقوقها السياسية، وهو الحق في التصويت والترشح للانتخابات البلدية.
الباحث السعودي في الشؤون السياسية د. فؤاد ابراهيم وفي حديث مع دويتشه فيله أشار إلى ضرورة "التمييز بين الواقع على الأرض وبين التفكير الرغائبي لحكام الخليج، فهم يتطلعون بلا شك إلى أن لا يصل الربيع العربي إلى بلدانهم، وقد أقبل بعضهم على تبني مبدأ أن خير أسلوب للدفاع هو الهجوم، وهذا ما فعلوه من خلال أدوارهم في ثورات تونس ومصر واليمن والبحرين وحتى سوريا، وهناك ما يشبه التضامن الخليجي الرسمي للحيلولة دون وصول الربيع العربي إلى دول الخليج. ولا شك أن هناك تعاونا أمريكيا أوروبيا مع دول الخليج لأجل منع وصول رياح التغيير إلى منطقة الخليج، بل إن بعض التوقعات أشارت إلى أن الربيع العربي بعد تونس ومصر سيزور السعودية، والحقيقة هي أنه ليس بين دول الخليج من هي بمنأى عن رياح الربيع العربي".
من جانبه أشار الصحفي البحريني عباس أبو صفوان في حديث مع دويتشه فيله إلى أن حكومات دول الخليج العربية تعيش قلقا حقيقيا من احتمال تأثر الشعوب العربية في الخليج بأحداث الربيع العربي ما قد يرفع سطح مطالبها السياسية.
رياح التغيير وصلت فعلا
اشتباكات في مجلس الامة الكويتي
يتمتع أغلب مواطني دول الخليج العربية بمستوى دخل عال مقارنة بدخل الفرد في الدول العربية، بل إن بعض التقديرات تشير إلى اقتراب مستوى دخل الفرد في الخليج من مستوى دخل الفرد الأمريكي والأوروبي. هذه الحقيقة تقلل إلى حد كبير من احتمال خروج تظاهرات واحتجاجات تحمل مطالب ذات طبيعة معيشية واقتصادية. لكن المختصين في الشأن الخليجي لا يتفقون مع هذا الرأي، ومنهم د. فؤاد ابراهيم، الذي يرى "أن كثيرا من مواطني دول الخليج والسعودية يعيشون في مستويات دخل منخفضة للغاية والعديد منهم لا يملكون بيوتا يسكنون فيها بل يعيشون في مساكن مستأجرة ". لكن الإعلامي البحريني عباس أبو صفوان يرى أن مطالب شعوب الخليج خلال عمر الربيع العربي اتخذت طابعا سياسيا نابعا من رغبة حقيقية في المشاركة في السلطة.
وكان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في حديثه مع شبكة سي ان ان الخبرية الأمريكية قد شرح طبيعة النظام الاجتماعي والسياسي في دول الخليج بقوله: " نحن هنا مجموعة قبائل، يجب علينا خدمة شعبنا، وتوفير التعليم والجامعات والمستشفيات والمنازل، فلا يوجد ضرائب هنا، والحكومة تساعد المواطنين". ورداً على سؤال بأن العائلة الحاكمة في إمارة دبي تتولى السلطة في الإمارة الخليجية منذ نحو مائتي عام، وعن توقعاته للمستقبل، قال: "طالما أن هذه هي رغبة الشعب، ستبقى قبيلتنا في خدمة هذا البلد"، وهذا ما اعترض عليه الباحث السعودي د.فؤاد ابراهيم والإعلامي البحريني عباس أبو صفوان الذي كشف أن المشهد السياسي في المنطقة بدأ يتغير:
يمنيون يحتفلون بانتقال الرئيس السابق صالح إلى السعودية بعد إصابته
" في البحرين بدأ التغيير بعد أسبوعين من سقوط حسني مبارك في نهاية يناير/ كانون ثاني من العام الجاري، فتحرك البحرينيون في منتصف فبراير/شباط أي بعد أسبوعين تقريبا، ومعهم أيضا تحرك اليمنيون والعمانيون، كما أن التدخل الإماراتي والسعودي في داخل البحرين لم يأت لمجرد قمع ثورة البحرين، بل كان قمعا وقائيا لأي حراك متوقع في الإمارات والسعودية نفسيهما":
ومضى الصحفي البحراني إلى القول" شهدت دولة الإمارات نفسها حراكا سياسيا. وقد اعتقلت السلطات خمسة ناشطين أعلنوا مطالب سياسية على الإنترنيت، ثم أفرج عنهم مؤخرا بعفو رئاسي، لكنهم قالوا بعد الإفراج عنهم إنهم يريدون مواصلة حراكهم السياسي والاجتماعي". وأضاف قائلا" السعودية شهدت وتشهد منذ 6 أشهر حراكا سياسيا في المنطقة الشرقية، طرح مطالب بالمساواة والعدالة في تكافؤ الفرص يصل عمرها إلى سنين طوال ".
"الثورة الخليجية المضادة"
تثير المواقف الخليجية الرسمية من الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا كثيرا من الجدل والتباين، خاصة فيما يتعلق بموقف قطر، التي تبدو الأكثر اندفاعا بين دول الخليج في دعم الثورات العربية، ودعم وصول الإسلاميين إلى السلطة في هذه الدول.
لكن المراقبين يسجلون أن دول الخليج بمجملها بدأت تقود ثورة مضادة، قد تكون أبرز دلالاتها دعوة المغرب والأردن، وكلاهما تحكمهما نظم ملكية، إلى الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي. وإلى ذلك أشار الباحث السعودي د. فؤاد ابراهيم مبينا " أن السعودية وهي الدولة الخليجية الأكبر تقود اليوم تيار الثورة المضادة بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ما شهدنا نتائجه في تورط السعودية وقطر والإمارات في الثورة التونسية والثورة المصرية وفي البحرين واليمن و ليبيا التي جسد التدخل فيها مثالا صارخا للثورة المضادة، كما شهدنا تأثيرات هذه الثورة المضادة في اليمن عبر ما يسمى بالمبادرة الخليجية التي هي عبارة عن مشروع لإجهاض ثورة اليمن واحتوائها".
وفي السياق نفسه تحدث الإعلامي البحريني عباس أبو صفوان عن عطايا بمليارات الدولارات وزعتها السعودية على الشعب، فيما رفعت الإمارات مستوى الرواتب إلى حد كبير، وحدث مثل ذلك في قطر والبحرين والكويت وعمان، في توجه وصفه الباحث السياسي السعودي المعارض د. فؤاد ابراهيم بأنه "مسعى لشراء ذمم الناس وسكوتهم".
06.12.2011
ملهم الملائكة
مراجعة: منى صالح
ميدان اللؤلؤة في البحرين شهد احتجاجات كبيرة هذا العام
يرى أغلب ساسة دول الخليج والسعودية أن رياح الربيع العربي لن تهب على دولهم الغنية بالنفط. نظام القبيلة هو السائد، وحكم القبيلة متوارث، لكن ما جرى في الكويت والبحرين والقطيف وعُمان واليمن المجاورة لا يتفق مع هذا الرأي.
اعتبر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم،نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي، أن دول الخليج في مأمن من التغيرات التي أطلقها ما يُعرف ب"الربيع العربي". لكن المطلعين والمراقبين للشأن الخليجي يرون أن دول الخليج لن تكون بمنأى عن رياح التغيير في المنطقة. بل إن بعضا منهم يدعو حكومات هذه الدول ونخبها السياسية إلى استباق رياح التغيير بإجراء إصلاحات عميقة وحقيقية وجذرية، ذاهبين إلى أن هذا هو ما جرى في قطر، التي من المقرر أن تشهد بعد عام ونصف انتخابات برلمانية، كما أن هؤلاء المراقبين يشيرون إلى أن السعودية استجابت لرياح التغيير، فقد حصلت المرأة السعودية لأول مرة، وفي خطوة وصفت بالتاريخية، على أحد أهم حقوقها السياسية، وهو الحق في التصويت والترشح للانتخابات البلدية.
الباحث السعودي في الشؤون السياسية د. فؤاد ابراهيم وفي حديث مع دويتشه فيله أشار إلى ضرورة "التمييز بين الواقع على الأرض وبين التفكير الرغائبي لحكام الخليج، فهم يتطلعون بلا شك إلى أن لا يصل الربيع العربي إلى بلدانهم، وقد أقبل بعضهم على تبني مبدأ أن خير أسلوب للدفاع هو الهجوم، وهذا ما فعلوه من خلال أدوارهم في ثورات تونس ومصر واليمن والبحرين وحتى سوريا، وهناك ما يشبه التضامن الخليجي الرسمي للحيلولة دون وصول الربيع العربي إلى دول الخليج. ولا شك أن هناك تعاونا أمريكيا أوروبيا مع دول الخليج لأجل منع وصول رياح التغيير إلى منطقة الخليج، بل إن بعض التوقعات أشارت إلى أن الربيع العربي بعد تونس ومصر سيزور السعودية، والحقيقة هي أنه ليس بين دول الخليج من هي بمنأى عن رياح الربيع العربي".
من جانبه أشار الصحفي البحريني عباس أبو صفوان في حديث مع دويتشه فيله إلى أن حكومات دول الخليج العربية تعيش قلقا حقيقيا من احتمال تأثر الشعوب العربية في الخليج بأحداث الربيع العربي ما قد يرفع سطح مطالبها السياسية.
رياح التغيير وصلت فعلا
اشتباكات في مجلس الامة الكويتي
يتمتع أغلب مواطني دول الخليج العربية بمستوى دخل عال مقارنة بدخل الفرد في الدول العربية، بل إن بعض التقديرات تشير إلى اقتراب مستوى دخل الفرد في الخليج من مستوى دخل الفرد الأمريكي والأوروبي. هذه الحقيقة تقلل إلى حد كبير من احتمال خروج تظاهرات واحتجاجات تحمل مطالب ذات طبيعة معيشية واقتصادية. لكن المختصين في الشأن الخليجي لا يتفقون مع هذا الرأي، ومنهم د. فؤاد ابراهيم، الذي يرى "أن كثيرا من مواطني دول الخليج والسعودية يعيشون في مستويات دخل منخفضة للغاية والعديد منهم لا يملكون بيوتا يسكنون فيها بل يعيشون في مساكن مستأجرة ". لكن الإعلامي البحريني عباس أبو صفوان يرى أن مطالب شعوب الخليج خلال عمر الربيع العربي اتخذت طابعا سياسيا نابعا من رغبة حقيقية في المشاركة في السلطة.
وكان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في حديثه مع شبكة سي ان ان الخبرية الأمريكية قد شرح طبيعة النظام الاجتماعي والسياسي في دول الخليج بقوله: " نحن هنا مجموعة قبائل، يجب علينا خدمة شعبنا، وتوفير التعليم والجامعات والمستشفيات والمنازل، فلا يوجد ضرائب هنا، والحكومة تساعد المواطنين". ورداً على سؤال بأن العائلة الحاكمة في إمارة دبي تتولى السلطة في الإمارة الخليجية منذ نحو مائتي عام، وعن توقعاته للمستقبل، قال: "طالما أن هذه هي رغبة الشعب، ستبقى قبيلتنا في خدمة هذا البلد"، وهذا ما اعترض عليه الباحث السعودي د.فؤاد ابراهيم والإعلامي البحريني عباس أبو صفوان الذي كشف أن المشهد السياسي في المنطقة بدأ يتغير:
يمنيون يحتفلون بانتقال الرئيس السابق صالح إلى السعودية بعد إصابته
" في البحرين بدأ التغيير بعد أسبوعين من سقوط حسني مبارك في نهاية يناير/ كانون ثاني من العام الجاري، فتحرك البحرينيون في منتصف فبراير/شباط أي بعد أسبوعين تقريبا، ومعهم أيضا تحرك اليمنيون والعمانيون، كما أن التدخل الإماراتي والسعودي في داخل البحرين لم يأت لمجرد قمع ثورة البحرين، بل كان قمعا وقائيا لأي حراك متوقع في الإمارات والسعودية نفسيهما":
ومضى الصحفي البحراني إلى القول" شهدت دولة الإمارات نفسها حراكا سياسيا. وقد اعتقلت السلطات خمسة ناشطين أعلنوا مطالب سياسية على الإنترنيت، ثم أفرج عنهم مؤخرا بعفو رئاسي، لكنهم قالوا بعد الإفراج عنهم إنهم يريدون مواصلة حراكهم السياسي والاجتماعي". وأضاف قائلا" السعودية شهدت وتشهد منذ 6 أشهر حراكا سياسيا في المنطقة الشرقية، طرح مطالب بالمساواة والعدالة في تكافؤ الفرص يصل عمرها إلى سنين طوال ".
"الثورة الخليجية المضادة"
تثير المواقف الخليجية الرسمية من الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا كثيرا من الجدل والتباين، خاصة فيما يتعلق بموقف قطر، التي تبدو الأكثر اندفاعا بين دول الخليج في دعم الثورات العربية، ودعم وصول الإسلاميين إلى السلطة في هذه الدول.
لكن المراقبين يسجلون أن دول الخليج بمجملها بدأت تقود ثورة مضادة، قد تكون أبرز دلالاتها دعوة المغرب والأردن، وكلاهما تحكمهما نظم ملكية، إلى الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي. وإلى ذلك أشار الباحث السعودي د. فؤاد ابراهيم مبينا " أن السعودية وهي الدولة الخليجية الأكبر تقود اليوم تيار الثورة المضادة بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ما شهدنا نتائجه في تورط السعودية وقطر والإمارات في الثورة التونسية والثورة المصرية وفي البحرين واليمن و ليبيا التي جسد التدخل فيها مثالا صارخا للثورة المضادة، كما شهدنا تأثيرات هذه الثورة المضادة في اليمن عبر ما يسمى بالمبادرة الخليجية التي هي عبارة عن مشروع لإجهاض ثورة اليمن واحتوائها".
وفي السياق نفسه تحدث الإعلامي البحريني عباس أبو صفوان عن عطايا بمليارات الدولارات وزعتها السعودية على الشعب، فيما رفعت الإمارات مستوى الرواتب إلى حد كبير، وحدث مثل ذلك في قطر والبحرين والكويت وعمان، في توجه وصفه الباحث السياسي السعودي المعارض د. فؤاد ابراهيم بأنه "مسعى لشراء ذمم الناس وسكوتهم".