لم تكن مادة الفيزياء يوماً محبّبة إلي و لطالما اعتبرتها كابوساً أيام المدرسة ... أظنّني لم أحب يوماً النظريّات المعقدة و لا الأرقام .... لم اهتم يوماً أن أعرف الأرقام القياسية التي يحطمها الرياضيّون مع اني أحب الرياضة ... أقصد أني أحب مشاهدة الرياضيّين ... اليوم أيضاً و أنا أشاهد الشاب النمساوي فيلكس و هو يقفز من علو 37 كم بمظلة لم اهتم كثيراً لكونه يحطم رقماً قياسيا و لا لكونه يخترق حاجز الصوت لأني و ببساطة شديدة لم أكن أعلم ما ينجرّ عن اختراقه (إلا بعد أن تطوّع صديق أن يشرح لي) وبصراحة لم يعنني ذلك كثيراً... و برغم جهلي كانت المغامرة تثيرني إلى أبعد الحدود حتّى اني لم اغفل لحظة واحدة و إن كانت تلك الأرقام التي تتغير كل لحظة على لوحة أجهزة القياس أمامي تصيبني بالدوار
كنت أشاهد بحماس بالغ ذلك الشاب الذي قرر أن يقفز غير مبالٍ بكل المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها -و التي فهمتها لاحقاً- هل هو حب العلم؟ أم حب المغامرة؟ أم هي أشياء أخرى تلك التي شجّعته على مغامرة رائعة كهذه؟؟؟ تحمست بشدّة حتى و أن عيني دمعت و أنا أشاهد أمه و عائلته و هي تراقبه، تحمست بشدة حتى و أني صفّقت دون أن أشعر عندما لامست قدماه الأرض مجدداً ...اسئلة كثيرة كانت تدور بعقلي و أحاسيسُ أكثر كانت تخالجني وقتها..
إنتهى العرض و عدت كما عاد الى الأرض ... لكن فيليكس عاد محملاً بجرعة مكثّفة من الأدرينالين مخلوطة بفخر يستحقه و عدت أنا بمشاعر متناقضة و أفكار و اسئلة ... و أنا أتابع مغامرة فيليكس كنت أيضاً أتابع ردود أفعال أمثالي من مدمني مواقع التواصل الإجتماعي حتى فيليكس نفسه كان يغرّد على موقع تويتر!! يغرّد من الفضاء في الوقت الذي يمكن للشبكة أن تنقطع في بلادي إذا ما تنقلت من المدينة إلى الريف !!!
إنتهى العرض و انتهت معه النشوة العارمة لتعوضها حالة من الإحباط ... من الصعب جداً أن ننتقل من حالة نفسية إلى اخرى مضادة لها تماماً... أحالتني مغامرة فيليكس رغماً عني إلى حالنا.. أجدادنا برعوا في العلوم من الرياضيات الى الطب إلى الفلسفة إلى الفلك إلى الفيزياء و الكيمياء ... لم يكن علماء الغرب ليتقدموا لولا اكتشافات و اخترعات و بحوث عظيمة لعلماء اجلاء مثل إبن سينا و الخوارزمي و البيروني و الطبري و غيرهم كثيرون... أذكر فيما أذكر أني قرأت يوماً لجان جوليفيه احد المختصين في الفلسفة العربية الاسلامية في القرون الوسطى، أنه لم يكن بإمكان أوروبا أن تحقق نهضتها الفكرية لو لم يترجم أبن رشد فلسفة أرسطو و أن أي فيلسوف أوروبي يحترم نفسه في تلك الفترة كان لابد له أن يعرف على الأقل اسمين من أسماء الفلاسفة العرب و هما إبن رشد و إبن سينا
أين نحن من هاته الفترة؟؟ أين نحن من أبن رشد و إبن سينا و الكندي ... الكندي مثلاً يعتبر من أوائل الفلاسفة المسلمين الذين لا يجدون تعارضاً بين العقل و الإيمان أو بين الفلسفة و الدين حتى أنه كان من أتباع أرسطو طاليس رغم أن فلسفة الإغريق في ذلك الحين كانت تعتبر بمثابة المعرفة الضالة أو الوثنية و رغم ذلك ظل مسلما مؤمنا طيلة حياته.
أما نحن ... و نحن في العشرية الثانية من القرن الأول للألفية الثالثة و بكل ما أوتينا من علوم و تكنولوجيا (التي نستوردها طبعاً ) لازلنا نقبع خلف شاشات الكومبيوتر نسب الكفار و نتوعدهم بالويل و الثبور ... نفس الكفار الذين يصنعون هذه الآلات العجيبة التي نسبهم من خلالها
لازلنا نشاهد انجازاتهم بانبهار الأطفال و عوض أن يحثنا هذا على أن نطور من أفكارهم (كما هي النواميس الكونية) نقف مشدوهين للحظات قليلة ثم نبدء ممارسة هوايتنا المفضلة في التناسي و ندخل في حالة عجيبة من حالات الإنكار فنلحّ على اننا خير أمة أخرجت للناس .. و بأن القرآن لم يفرط في شيء من العلوم ... و و أنه لا يجوز إستبدال الوحي بعلوم البشر كما يقول العالم الجليل إبن القيّم " ﻫﻲ ﻋﺎﺩﺗﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺳﻨﺘﻪ ﻓﻲ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺇﺫﺍ ﺃﻋﺮﺿﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺣﻲ، ﻭﺗﻌﻮﺿﻮﺍ ﻋﻨﻪ بعلوم ﺍﻟﺒﺸﺮ، ﻓﺎﻟﻤﻐﺮﺏ؛ ﻟﻤﺎ ﻇﻬﺮﺕ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﻭﺍﺷﺘﻐﻠﻮﺍ ﺑﻬﺎ ﺍﺳﺘﻮﻟﺖ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺜﺮ ﺑﻼﺩﻫﻢ ﻭﺃﺻﺎﺭﻭﻫﻢ ﺭﻋﻴﺔ ﻟﻬﻢ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻟﻤﺎ ﻇﻬﺮ ﺫﻟﻚ ﺑﺒﻼﺩ ﺍﻟﻤﺸﺮﻕ؛ ﺳﻠﻂ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺘﺘﺎﺭ ﻓﺄﺑﺎﺩﻭﺍ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻭﺍﺳﺘﻮﻟﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﺍﻟﻤﺎﺋﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭﺃﻭﻝ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻟﻤﺎ ﺍﺷﺘﻐﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺑﺎﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﻋﻠﻮﻡ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﻟﺤﺎﺩ؛ ﺳﻠﻂ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻘﺮﺍﻣﻄﺔ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ، ﻓﻜﺴﺮﻭﺍ ﻋﺴﻜﺮ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﺪﺓ ﻣﺮﺍﺕ ﻭﺍﺳﺘﻮﻟﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﻭﺍﺳﺘﻌﺮﺿﻮﻫﻢ ﻗﺘﻼً ﻭﺃﺳﺮ"
لعلّ حالة الإنكار هذه نابعة من "وعي" دفين لدينا أن العالم حولنا يتحرك خارقاً سرعة الصوت و نحن جاثمون على الأطلال نبكي ماضينا العظيم والمنطقي أن يدفعنا هذا الوعي إلى مزيد من الحركة و لكن ما يحدث في الواقع عكس ذلك تماماً : هذا الفيديو و كل ما كتب تحته من تعليقات تغني عن أي كلام .... و هذه الصورة أيضاً و غيرها الكثير الكثير من الأمثلة على حالة العبث التي نعيشها
أن نحب ديننا و نفخر به و نفرح لدخول غير المسلمين إلى الاسلام فذلك أمر أما أن نلوي الدين و نكذب على أنفسنا و نعيش حالات التوحد و عقدة القهر هذه فذلك شيئٌ أخر تماماً لا يعدو عن كونه مراهقة فكرية و عبثاً لا مثيل له
فيليكس قفز من الفضاء لأسباب تعنيه هو و لا أحد غيره ... ربما لم يقفز حباً بالعلم بل حباً للشهرة أو ربما كان مجنوناً... ما يعنيني هو كم التسهيلات التي وجدها فيليكس لتحقيق حلمه المجنون ...
فيليكس ظل ل5 سنوات يمرن نفسه و يعود جسده على على مغامرة لم تدم أكثر من 5 دقائق!! لو كان فيليكس مواطناً عربياً هل كان يجرؤ حتى على التفكير في شيء كهذا؟؟؟ سأحاول أن أكون أكثر تفاؤلاً و أعيد السؤال لو كان فيليكس مواطناً عربياً و فعلاً فكّر في هاته المغامرة هل كان سيجرؤ على أن يفصح عن فكرته هذه حتى لأقرب المقربين ؟ لا أزال متشائمة!! اكرر السؤال بصيغة أخرى، لو كان فيليكس مواطناً عربياً و كان فعلاً قد فكر في تجربة كهذه و فعلاً تحدث عنها هل كان سيجد من يتبنى فكرته و يمولها و يعرضها على العالم كله كواحد من الأحداث التاريخية؟؟؟ بصراحة لا أستطيع أن أكون متفائلة إلى هذا الحد!! و كيف استطيع و أنا أرى قدرات هائلة تهدر كل يوم بسبب الروتين الإداري أو بسبب قصر نظر المسؤولين ناهيك عن نظم تعليم بدائية لا تنجح إلا في تحويل أجيال برمتها الى قطعان من الماشية تنسى كل ما "تعلمته" بمجرد الخروج من قاعة الامتحان و عن نظم إجتماعية و سياسية عقيمة تقتل أي خيال و أي حس إبداعي بداخلنا ...
تابعت منذ حوالي سنة برنامجاً على قناة مصرية كان يقدم أفكاراً فذة لبعض الإختراعات شد احدها انتباهي لما تحمله فكرة واحدة من حلول لعديد المشاكل الإقتصادية و الإجتماعية ... كانت الفكرة عظيمة برغم بساطتها: فكر شاب مصري في بناء مجمع سكني لاولئك المشردين الذين يملأون شوارع القاهرة و الذين قضى عليهم عليهم نظام مبارك العقيم … على أن تكون أسطح المنازل عبارة عن مولدات للكهرباء من خلال الطاقة الشمسية و بحسب بحثه في الموضوع كان يمكن لهذا المشروع أن يوفر طاقة كهربائية تكفي إحتياجات قاهرة المعز بأكملها!! أين هو هذا المشروع من تعليق السيد هشام قنديل رئيس وزراء مصر على أزمة إنقطاع الكهرباء بصفة متكررة ... و أين هذا البرنامج أصلاً!!!
يقول علماء الاجتماع أن حضارةً إذا ما وصلت إلى القاع تعاود الصعود ...هل هذا هو القاع؟؟ هل كتب علينا أن نعيش فترة الإنحدار؟؟ هل سنتمكن من معاودة الصعود؟؟ أم اننا سنحفر اكثر عمقاً من القاع نفسه كما قال الممثل الكوميدي الجزائري محمد فلاڨ؟؟
مقال لصديقتي التونسية كنوز إسماعيل ليسانس أداب إنجليزي كلية آداب جامعة تونس, ليسانس علوم سياسية كلية علوم سياسية جامعة تونس, ماجستير في العلاقات الدولية كلية علوم سياسية جامعة غرناطة باسبانيا, رئيس تحرير كلام في السياسة تابعوا المزيد من مقالاتها على موقع كلام في السياسة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
كنت أشاهد بحماس بالغ ذلك الشاب الذي قرر أن يقفز غير مبالٍ بكل المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها -و التي فهمتها لاحقاً- هل هو حب العلم؟ أم حب المغامرة؟ أم هي أشياء أخرى تلك التي شجّعته على مغامرة رائعة كهذه؟؟؟ تحمست بشدّة حتى و أن عيني دمعت و أنا أشاهد أمه و عائلته و هي تراقبه، تحمست بشدة حتى و أني صفّقت دون أن أشعر عندما لامست قدماه الأرض مجدداً ...اسئلة كثيرة كانت تدور بعقلي و أحاسيسُ أكثر كانت تخالجني وقتها..
إنتهى العرض و عدت كما عاد الى الأرض ... لكن فيليكس عاد محملاً بجرعة مكثّفة من الأدرينالين مخلوطة بفخر يستحقه و عدت أنا بمشاعر متناقضة و أفكار و اسئلة ... و أنا أتابع مغامرة فيليكس كنت أيضاً أتابع ردود أفعال أمثالي من مدمني مواقع التواصل الإجتماعي حتى فيليكس نفسه كان يغرّد على موقع تويتر!! يغرّد من الفضاء في الوقت الذي يمكن للشبكة أن تنقطع في بلادي إذا ما تنقلت من المدينة إلى الريف !!!
إنتهى العرض و انتهت معه النشوة العارمة لتعوضها حالة من الإحباط ... من الصعب جداً أن ننتقل من حالة نفسية إلى اخرى مضادة لها تماماً... أحالتني مغامرة فيليكس رغماً عني إلى حالنا.. أجدادنا برعوا في العلوم من الرياضيات الى الطب إلى الفلسفة إلى الفلك إلى الفيزياء و الكيمياء ... لم يكن علماء الغرب ليتقدموا لولا اكتشافات و اخترعات و بحوث عظيمة لعلماء اجلاء مثل إبن سينا و الخوارزمي و البيروني و الطبري و غيرهم كثيرون... أذكر فيما أذكر أني قرأت يوماً لجان جوليفيه احد المختصين في الفلسفة العربية الاسلامية في القرون الوسطى، أنه لم يكن بإمكان أوروبا أن تحقق نهضتها الفكرية لو لم يترجم أبن رشد فلسفة أرسطو و أن أي فيلسوف أوروبي يحترم نفسه في تلك الفترة كان لابد له أن يعرف على الأقل اسمين من أسماء الفلاسفة العرب و هما إبن رشد و إبن سينا
أين نحن من هاته الفترة؟؟ أين نحن من أبن رشد و إبن سينا و الكندي ... الكندي مثلاً يعتبر من أوائل الفلاسفة المسلمين الذين لا يجدون تعارضاً بين العقل و الإيمان أو بين الفلسفة و الدين حتى أنه كان من أتباع أرسطو طاليس رغم أن فلسفة الإغريق في ذلك الحين كانت تعتبر بمثابة المعرفة الضالة أو الوثنية و رغم ذلك ظل مسلما مؤمنا طيلة حياته.
أما نحن ... و نحن في العشرية الثانية من القرن الأول للألفية الثالثة و بكل ما أوتينا من علوم و تكنولوجيا (التي نستوردها طبعاً ) لازلنا نقبع خلف شاشات الكومبيوتر نسب الكفار و نتوعدهم بالويل و الثبور ... نفس الكفار الذين يصنعون هذه الآلات العجيبة التي نسبهم من خلالها
لازلنا نشاهد انجازاتهم بانبهار الأطفال و عوض أن يحثنا هذا على أن نطور من أفكارهم (كما هي النواميس الكونية) نقف مشدوهين للحظات قليلة ثم نبدء ممارسة هوايتنا المفضلة في التناسي و ندخل في حالة عجيبة من حالات الإنكار فنلحّ على اننا خير أمة أخرجت للناس .. و بأن القرآن لم يفرط في شيء من العلوم ... و و أنه لا يجوز إستبدال الوحي بعلوم البشر كما يقول العالم الجليل إبن القيّم " ﻫﻲ ﻋﺎﺩﺗﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺳﻨﺘﻪ ﻓﻲ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺇﺫﺍ ﺃﻋﺮﺿﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺣﻲ، ﻭﺗﻌﻮﺿﻮﺍ ﻋﻨﻪ بعلوم ﺍﻟﺒﺸﺮ، ﻓﺎﻟﻤﻐﺮﺏ؛ ﻟﻤﺎ ﻇﻬﺮﺕ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﻭﺍﺷﺘﻐﻠﻮﺍ ﺑﻬﺎ ﺍﺳﺘﻮﻟﺖ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺜﺮ ﺑﻼﺩﻫﻢ ﻭﺃﺻﺎﺭﻭﻫﻢ ﺭﻋﻴﺔ ﻟﻬﻢ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻟﻤﺎ ﻇﻬﺮ ﺫﻟﻚ ﺑﺒﻼﺩ ﺍﻟﻤﺸﺮﻕ؛ ﺳﻠﻂ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺘﺘﺎﺭ ﻓﺄﺑﺎﺩﻭﺍ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻭﺍﺳﺘﻮﻟﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﺍﻟﻤﺎﺋﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭﺃﻭﻝ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻟﻤﺎ ﺍﺷﺘﻐﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺑﺎﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﻋﻠﻮﻡ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﻟﺤﺎﺩ؛ ﺳﻠﻂ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻘﺮﺍﻣﻄﺔ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ، ﻓﻜﺴﺮﻭﺍ ﻋﺴﻜﺮ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﺪﺓ ﻣﺮﺍﺕ ﻭﺍﺳﺘﻮﻟﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﻭﺍﺳﺘﻌﺮﺿﻮﻫﻢ ﻗﺘﻼً ﻭﺃﺳﺮ"
لعلّ حالة الإنكار هذه نابعة من "وعي" دفين لدينا أن العالم حولنا يتحرك خارقاً سرعة الصوت و نحن جاثمون على الأطلال نبكي ماضينا العظيم والمنطقي أن يدفعنا هذا الوعي إلى مزيد من الحركة و لكن ما يحدث في الواقع عكس ذلك تماماً : هذا الفيديو و كل ما كتب تحته من تعليقات تغني عن أي كلام .... و هذه الصورة أيضاً و غيرها الكثير الكثير من الأمثلة على حالة العبث التي نعيشها
أن نحب ديننا و نفخر به و نفرح لدخول غير المسلمين إلى الاسلام فذلك أمر أما أن نلوي الدين و نكذب على أنفسنا و نعيش حالات التوحد و عقدة القهر هذه فذلك شيئٌ أخر تماماً لا يعدو عن كونه مراهقة فكرية و عبثاً لا مثيل له
فيليكس قفز من الفضاء لأسباب تعنيه هو و لا أحد غيره ... ربما لم يقفز حباً بالعلم بل حباً للشهرة أو ربما كان مجنوناً... ما يعنيني هو كم التسهيلات التي وجدها فيليكس لتحقيق حلمه المجنون ...
فيليكس ظل ل5 سنوات يمرن نفسه و يعود جسده على على مغامرة لم تدم أكثر من 5 دقائق!! لو كان فيليكس مواطناً عربياً هل كان يجرؤ حتى على التفكير في شيء كهذا؟؟؟ سأحاول أن أكون أكثر تفاؤلاً و أعيد السؤال لو كان فيليكس مواطناً عربياً و فعلاً فكّر في هاته المغامرة هل كان سيجرؤ على أن يفصح عن فكرته هذه حتى لأقرب المقربين ؟ لا أزال متشائمة!! اكرر السؤال بصيغة أخرى، لو كان فيليكس مواطناً عربياً و كان فعلاً قد فكر في تجربة كهذه و فعلاً تحدث عنها هل كان سيجد من يتبنى فكرته و يمولها و يعرضها على العالم كله كواحد من الأحداث التاريخية؟؟؟ بصراحة لا أستطيع أن أكون متفائلة إلى هذا الحد!! و كيف استطيع و أنا أرى قدرات هائلة تهدر كل يوم بسبب الروتين الإداري أو بسبب قصر نظر المسؤولين ناهيك عن نظم تعليم بدائية لا تنجح إلا في تحويل أجيال برمتها الى قطعان من الماشية تنسى كل ما "تعلمته" بمجرد الخروج من قاعة الامتحان و عن نظم إجتماعية و سياسية عقيمة تقتل أي خيال و أي حس إبداعي بداخلنا ...
تابعت منذ حوالي سنة برنامجاً على قناة مصرية كان يقدم أفكاراً فذة لبعض الإختراعات شد احدها انتباهي لما تحمله فكرة واحدة من حلول لعديد المشاكل الإقتصادية و الإجتماعية ... كانت الفكرة عظيمة برغم بساطتها: فكر شاب مصري في بناء مجمع سكني لاولئك المشردين الذين يملأون شوارع القاهرة و الذين قضى عليهم عليهم نظام مبارك العقيم … على أن تكون أسطح المنازل عبارة عن مولدات للكهرباء من خلال الطاقة الشمسية و بحسب بحثه في الموضوع كان يمكن لهذا المشروع أن يوفر طاقة كهربائية تكفي إحتياجات قاهرة المعز بأكملها!! أين هو هذا المشروع من تعليق السيد هشام قنديل رئيس وزراء مصر على أزمة إنقطاع الكهرباء بصفة متكررة ... و أين هذا البرنامج أصلاً!!!
يقول علماء الاجتماع أن حضارةً إذا ما وصلت إلى القاع تعاود الصعود ...هل هذا هو القاع؟؟ هل كتب علينا أن نعيش فترة الإنحدار؟؟ هل سنتمكن من معاودة الصعود؟؟ أم اننا سنحفر اكثر عمقاً من القاع نفسه كما قال الممثل الكوميدي الجزائري محمد فلاڨ؟؟
مقال لصديقتي التونسية كنوز إسماعيل ليسانس أداب إنجليزي كلية آداب جامعة تونس, ليسانس علوم سياسية كلية علوم سياسية جامعة تونس, ماجستير في العلاقات الدولية كلية علوم سياسية جامعة غرناطة باسبانيا, رئيس تحرير كلام في السياسة تابعوا المزيد من مقالاتها على موقع كلام في السياسة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]