الدور الإسرائيلي المشبوه في ثورات "الربيع العربي"
ومصير الكيان المُنتَظر بعدها...
خاص توب نيوز- (همسة رمضان)
ظنت الشعوب العربية المقهورة أن ما يسمى بـ "ثورات الربيع العربي"هي فرصتها الذهبية للتخلُّص من الدكتاتوريات التي جثمت فوق صدرها رِدحاً من الزمن، وكان من هذه الشعوب أن انجرفت مع هذا التيار "الربيعي" مُطالِبةً بالحرية والعدالة والديمقراطية وبحقوقها المشروعة.
لكن الشعوب العربية ما لبثت أن اكتشفت أنها مجرَّد عرائس تحرّكها حبال ومن ورائها أيادٍ لا تخفى على أحد، ولم يمرَّ وقتٌ طويل حتى بدأت تدرك معنى الموقف الإسرائيلي والأمريكي خصوصاً والغربي عموماً المؤيّ'ِد سرّ'اُ أو علناً لثوراتها.
فمَن غيرُ هؤلاء ممكن أن يستفيد من إضعاف العراق وتمزيقه،ومن هو المستفيد الأكبر من محاولة القضاء على القوة السورية وإنهاك الجيش السوري بحربٍ داخلية مدمِّرة، و مِن زجّ' مصر في دوّ'امةٍ من الخلاف والتناحر على المناصب والكراسي وانشغالها فترةً طويلةً من الزمن عن هموم الأمّة ومشكلاتها.
إن نظرةً بسيطةً لما يحدث تؤكّد بما لا يقبل الشكّ' أن ما يحدث يجعل الكيان الصهيوني في حالةٍ من التَّفوق والهيمنة في المنطقة، ويُخرج العرب من المعادلة نهائياً، عن طريق اختلال توازن الرُّعب الذي يتحكم بموازين القوى بين العرب والصهاينة.
لذلك نرى الخبراء والاستراتيجيين الصهاينة ينكبّون على تحليل وتقييم الوضع في الدول العربية من حولهم، ونراهم يحللونه تحليلاً دقيقاً يبنون عليه سياساتهم التي يحاولون من خلالها دوماً أن يرجِّحوا كفة الميزان لصالحهم ويبعدوا الشرور والأهوال التي من الممكن أن تلحق بهم من جرّ'اء حربٍ مباشرة مع العرب، فيبادرون إلى إضرام نار الفتنة بين العرب ودفعهم إلى الاقتتال حتى يُفني بعضهم بعضاً، فكلّما زاد التشتت والدّ'مار العربي كلّما ازدهر الكيان الصهيوني.
ولمّا تبيَّن للكيان الصهيوني ومن خلفه الولايات المتحدة أنه أصبح من المستحيل التحكم بالعرب وثرواتهم ومصادر الطاقة التي يمتلكونها، عن طريق بعض الرؤساء والزعماء العرب الذين يدينون لها بالولاء، عمدوا إلى أسلوبٍ آخر يؤثرون به على صُنَّاع القرار العربي بشكلٍ جديد وذلك بإطلاق قوّ'ةٍ جديدة في المنطقة وتلميع صورتها أمام الشعوب العربية لتكون مثلاً يحتذون به في كافة المجالات من اقتصاد وسياسة وعدل، وهذا المثال طبعاً هو ( قطر )، فأطلقوا يدها لقيادة الدول العربية، على الرّ'غم من فقر الموروث القيادي وأنها أصغر الدول العربية ولا تكاد تُرى على الخارطة.
ومع ذلك حصلت على ضوءٍ أخضر من الولايات المتحدة لتقوم بالتدخل في جميع البلدان العربية المتأزّ'مة سواءُ بشكل مباشر أو غير مباشر.
فقامت بدعم الحركات الإسلامية الصاعدة إلى السلطة، على الرغم من أن حكمها "أي قطر" لا يقوم على تطبيق الشريعة، كما دعمت وبقوّ'ة إنشاء الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين برئاسة الشيخ "يوسف القرضاوي" الذي أفتى بالجهاد ضد "النظام" في سورية، بينما حرّ'م مجرد التَّظاهر ضد الرئيس المعزول محمد مرسي الذي يمثل حزب الإخوان المسلمين.
وقد دعمت قطر هذه الحركات لتحصل على ولائها فتكون بذلك شيخ المنطقة، خاصةً بعد تقلُّص دور دول الطليعة كمصر والعراق والسعودية، واعتمدت في ذلك على شبكة قنوات "الجزيرة" باستراتيجيةٍ تمكنها من الوصول إلى كافة بلدان المنطقة، فتدخَّلت في ليبيا واليمن وسورية، ولعبت الجزيرة دوراً كبيراً في قمع الثورة البحرينية، وتلعب اليوم دوراً بات مكشوفاً للجميع في بث الفتن بين فئات الشعب المصري، مما دفع الكثير من الشخصيات المصرية للمطالبة بطرد موظفي الجزيرة من مصر وإقفال مكاتبها فيها.
وبذلك يصبح الشيخ حمد بن خليفة أميراً لدولةٍ تشكل قوّ'ةً إقليمية بعد أن كانت بالكاد تُرى على الخارطة، وتتمكن الولايات المتحدة من التحكم بصُنَّاع القرار العربي عن طريق القناة القطرية، فتتم لها السيطرة على مصادر الطاقة ومنابع الثروة العربية وعلى رأسها النفط العربي الذي يشكل ثلثي الاحتياطي العالمي، بحيث يتسنَّى للأوروبيين التنعُّم ببترول العرب، ويستمتع الصهاينة بالاستقرار والهناء في "أرض الميعاد" دون قلق أو مُنغِّصات، كيف لا وقد كانت قاعدة " السيلية" التي تحتل مساحةً لا يُستهان بها من الأراضي القطرية قد استُخدِمت لتزويد الجيش الإسرائيلي بشحناتٍ من القنابل الذَّكية أثناء حربه على غزة.
أما الآن ومع تسارع الأحداث على الساحة العربية، واستمرار المفاجآت الواحدة تلو الأخرى وأولها "تنحية" الشيخ حمد بن خليفة عن عرش قطر ليتركه لابنه الشيخ تميم تحت ضغطٍ (أمريكي_سعودي)، وسقوط حكم الإخوان في مصر بعزل الرئيس محمد مرسي الذي كان قد اعترف باتفاق السلام بين مصر والكيان الصهيوني وأعلن عن احترام كافة الاتفاقيات والمعاهدات المصرية مع الكيان الإسرائيلي، بالإضافة إلى "الربيع" التركي الذي بدأ بالتّفتُّح ضد أردوغان وأعوانه، كل هذا يجعل الكيان الصهيوني في حالةٍ من القلق والرُّعب من المعادلات السياسية الجديدة التي ستُطرح في المنطقة والتي ستنجم عن انقلاب في موازين القوى، وصعود قوى جديدة تُحدث تغييراً قد لا يكون في مصلحته.
وقد كانت غاية هذا الكيان أن تتفتّق ثورات "الربيع العربي" عن انهيار معظم الجيوش العربية المحيطة به وانشغال بلدانها بالصراع السياسي الدائم حيث ينحسر الصراع العربي الإسرائيلي ليحلّ' مكانه الصراع "السني-الشيعي" .
فهل سيتم ذلك فعلاً ؟ وهل الإسرائيليون في طريقهم إلى تحقيق تلك الغاية...؟
هل يبقى مجال للفتنة بلا الجزيرة التي فقدت مهابتها وبلا الإخوان الذين فقدوا مصر وبلا اصطفافٍ على أساس المذاهب لم يعد ممكناً مع تسارع التغيير في تركيا وتونس ومع انتصارات الجيش العربي السوري في الميدان ؟.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]