من هو الشيطان
المشرفة على ترتيب المحاضرات: أ. علا عيسى
التعريف بحقيقة الشيطان
الشيطان في اللغة يطلق علي كل عات متمرد رافض للحق محب للباطل سواء كان من الجن أو الإنس أو الدواب وأصل اشتقاقها من الفعل شطن بمعني بعد وجاءت علي وزن فعلان صيغة المبالغة لأنه شديد البعد عن الحق . وهناك شيطان من الجن ، وشيطان من الإنس ، وشيطان من الدواب
أولا : الشيطان من الجن : ـ من بعد عن الحق وأحب الباطل وقد حكي الله تعالي ذلك في سورة الجن مفرقا بين الجن المسلم والكافر فقال الله تعالي " وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قدَدًا " قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد "كنا طرائق قددا" أي منا المؤمن ومنا الكافر
وقال تعالي في آية أخرى " وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا ´وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا " القاسط وهو الجائر عن الحق بخلاف المقسط فإنه العادل
ثانيا : الشيطان من الإنس وقد حكي الله تعالي عن ذلك فقال جل شأنه " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ " وقال تعالى "وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين" الآية كما قال تعالى "ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا" الآية. وقال تعالى "ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم".وقال ورقة بن نوفل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ـ كما في صحيح البخاري " إنه لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي .
الحديث والشيطان كل من خرج عن نظيره بالشر ؛ ولا يعادي الرسل إلا الشياطين من هؤلاء وهؤلاء قبحهم الله ولعنهم..
الدليل من السنة علي وجود شياطين من الإنس روى ابن جرير بسنده عن أبي ذر قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس قد أطال فيه الجلوس قال: فقال "يا أبا ذر هل صليت" قلت لا يا رسول الله قال "قم فاركع ركعتين" قال ثم جئت فجلست إليه فقال "يا أبا ذر هل تعوذت بالله من شياطين الجن والإنس" قال: قلت لا يا رسول الله وهل للإنس من شياطين؟ قال: "نعم هم شر من شياطين الجن". ذكره ابن كثير في التفسير. وقد عرض عكرمة بالمختار وهو ابن أبي عبيد قبحه الله وكان يزعم أنه يأتيه الوحي وقد كانت أخته صفية تحت عبد الله بن عمر وكانت من الصالحات ولما أخبر عبد الله بن عمر أن المختار يزعم أنه يوحى إليه فقال صدق قال الله تعالى "وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم"
ثالثا : الشيطان من الدواب وقد ورد في صحيح مسلم عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "الكلب الأسود شيطان" ومعناه والله أعلم شيطان في الكلاب ( من ابن كثير ) . أما تعريف هذه الكلمة في الشرع فقد أطلقت علي أبو الشياطين وإمام العتاة والمتمردين إبليس اللعين نعوذ بالله منه ومن جنوده أجمعين وذلك لأنه أول من رد أمر الإله .
وقد ذكرت كلمة الشيطان في القرآن قرابة ثمان وستين مرة كلها ترمز إلي الشر وتبين عداوته لابن آدم . علي صور مختلفة : ـ
تارة يكون الحديث بصيغة النداء للتحذير من مكايده وذلك كما في قوله تعالي : ـ
· في سورة البقرة" يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ " ...وقول تعالي" يا أيها الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ.
· وفي سورة النور قوله تعالي" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "
· وفي سورة المائدة قوله تعالي "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانِ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ "
· وفي سورة الأعراف قوله تعالي" يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانِ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ
· وفي سورة يس قوله تعالي" أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ "
وتارة يبين القرآن حقيقة وعد الشيطان لبني آدم كما في قوله تعالي :ـ
· وقوله تعالي " الشَّيْطَانِ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ...... " وقوله تعالي " وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانِ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ "
· وفي سورة إبراهيم قوله تعالي" وَقَالَ الشَّيْطَانِ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ... "وقوله تعالي" وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانِ إِلاَّ غُرُورًا " .
· وفي سورة الحشر قوله تعالي" كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ "
· وقوله تعالي" وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانِ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانِ إِلاَّ غُرُورًا "
· في سورة لقمان قوله تعالي" وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانِ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ "
وتارة يذكر القرآن عداوة الشيطان لبني آدم في عديد من الآيات منها قوله تعالي:-
" وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ"
· وقوله " قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانِ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ
· وفي سورة الفرقان قوله تعالى" لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانِ لِلإِنسَانِ خَذُولا " وقوله ......"وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانِ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانِ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا
· وفي سورة القصص قوله تعالي" وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ "
· وفي سورة فاطر قوله تعالي" إِنَّ الشَّيْطَانِ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ
وتارة يبين القرآن طريقة خداعه لبني آدم بأن يزين لهم أعمالهم صالحة كانت أو فاسدة كما في قوله تعالي : ـ
" تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانِ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "
· وفي سورة العنكبوت قوله تعالى" وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانِ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ "
وتارة يبين القرآن مسلكا آخر من مسالكه إلي بني آدم وهو نسيان ما أمروا به كما في قوله تعالي:-
" وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانِ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ"
وتارة يبين القرآن مسلكا آخر من مسالكه إلي بني آدم وهو النزغ فيما بينهم كما في قوله تعالي:-
" وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانِ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ "
· وفي سورة فصلت قوله تعالي" وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " ...وقوله تعالي" فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.
وتارة يبين القرآن مسلكا آخر من مسالكه إلي بني آدم وهو تخويفهم من المستقبل وما شابه ذلك
" إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانِ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ "
· وفي سورة المجادلة" إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ".
· وفي سورة الإسراء" إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانِ لِرَبِّهِ كَفُورًا".
· وفي سورة سورة مريم" يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانِ إِنَّ الشَّيْطَانِ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّ".
المشرفة على ترتيب المحاضرات: أ. علا عيسى
التعريف بحقيقة الشيطان
الشيطان في اللغة يطلق علي كل عات متمرد رافض للحق محب للباطل سواء كان من الجن أو الإنس أو الدواب وأصل اشتقاقها من الفعل شطن بمعني بعد وجاءت علي وزن فعلان صيغة المبالغة لأنه شديد البعد عن الحق . وهناك شيطان من الجن ، وشيطان من الإنس ، وشيطان من الدواب
أولا : الشيطان من الجن : ـ من بعد عن الحق وأحب الباطل وقد حكي الله تعالي ذلك في سورة الجن مفرقا بين الجن المسلم والكافر فقال الله تعالي " وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قدَدًا " قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد "كنا طرائق قددا" أي منا المؤمن ومنا الكافر
وقال تعالي في آية أخرى " وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا ´وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا " القاسط وهو الجائر عن الحق بخلاف المقسط فإنه العادل
ثانيا : الشيطان من الإنس وقد حكي الله تعالي عن ذلك فقال جل شأنه " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ " وقال تعالى "وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين" الآية كما قال تعالى "ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا" الآية. وقال تعالى "ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم".وقال ورقة بن نوفل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ـ كما في صحيح البخاري " إنه لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي .
الحديث والشيطان كل من خرج عن نظيره بالشر ؛ ولا يعادي الرسل إلا الشياطين من هؤلاء وهؤلاء قبحهم الله ولعنهم..
الدليل من السنة علي وجود شياطين من الإنس روى ابن جرير بسنده عن أبي ذر قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس قد أطال فيه الجلوس قال: فقال "يا أبا ذر هل صليت" قلت لا يا رسول الله قال "قم فاركع ركعتين" قال ثم جئت فجلست إليه فقال "يا أبا ذر هل تعوذت بالله من شياطين الجن والإنس" قال: قلت لا يا رسول الله وهل للإنس من شياطين؟ قال: "نعم هم شر من شياطين الجن". ذكره ابن كثير في التفسير. وقد عرض عكرمة بالمختار وهو ابن أبي عبيد قبحه الله وكان يزعم أنه يأتيه الوحي وقد كانت أخته صفية تحت عبد الله بن عمر وكانت من الصالحات ولما أخبر عبد الله بن عمر أن المختار يزعم أنه يوحى إليه فقال صدق قال الله تعالى "وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم"
ثالثا : الشيطان من الدواب وقد ورد في صحيح مسلم عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "الكلب الأسود شيطان" ومعناه والله أعلم شيطان في الكلاب ( من ابن كثير ) . أما تعريف هذه الكلمة في الشرع فقد أطلقت علي أبو الشياطين وإمام العتاة والمتمردين إبليس اللعين نعوذ بالله منه ومن جنوده أجمعين وذلك لأنه أول من رد أمر الإله .
وقد ذكرت كلمة الشيطان في القرآن قرابة ثمان وستين مرة كلها ترمز إلي الشر وتبين عداوته لابن آدم . علي صور مختلفة : ـ
تارة يكون الحديث بصيغة النداء للتحذير من مكايده وذلك كما في قوله تعالي : ـ
· في سورة البقرة" يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ " ...وقول تعالي" يا أيها الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ.
· وفي سورة النور قوله تعالي" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "
· وفي سورة المائدة قوله تعالي "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانِ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ "
· وفي سورة الأعراف قوله تعالي" يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانِ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ
· وفي سورة يس قوله تعالي" أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ "
وتارة يبين القرآن حقيقة وعد الشيطان لبني آدم كما في قوله تعالي :ـ
· وقوله تعالي " الشَّيْطَانِ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ...... " وقوله تعالي " وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانِ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ "
· وفي سورة إبراهيم قوله تعالي" وَقَالَ الشَّيْطَانِ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ... "وقوله تعالي" وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانِ إِلاَّ غُرُورًا " .
· وفي سورة الحشر قوله تعالي" كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ "
· وقوله تعالي" وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانِ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانِ إِلاَّ غُرُورًا "
· في سورة لقمان قوله تعالي" وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانِ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ "
وتارة يذكر القرآن عداوة الشيطان لبني آدم في عديد من الآيات منها قوله تعالي:-
" وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ"
· وقوله " قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانِ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ
· وفي سورة الفرقان قوله تعالى" لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانِ لِلإِنسَانِ خَذُولا " وقوله ......"وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانِ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانِ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا
· وفي سورة القصص قوله تعالي" وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ "
· وفي سورة فاطر قوله تعالي" إِنَّ الشَّيْطَانِ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ
وتارة يبين القرآن طريقة خداعه لبني آدم بأن يزين لهم أعمالهم صالحة كانت أو فاسدة كما في قوله تعالي : ـ
" تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانِ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "
· وفي سورة العنكبوت قوله تعالى" وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانِ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ "
وتارة يبين القرآن مسلكا آخر من مسالكه إلي بني آدم وهو نسيان ما أمروا به كما في قوله تعالي:-
" وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانِ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ"
وتارة يبين القرآن مسلكا آخر من مسالكه إلي بني آدم وهو النزغ فيما بينهم كما في قوله تعالي:-
" وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانِ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ "
· وفي سورة فصلت قوله تعالي" وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " ...وقوله تعالي" فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.
وتارة يبين القرآن مسلكا آخر من مسالكه إلي بني آدم وهو تخويفهم من المستقبل وما شابه ذلك
" إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانِ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ "
· وفي سورة المجادلة" إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ".
· وفي سورة الإسراء" إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانِ لِرَبِّهِ كَفُورًا".
· وفي سورة سورة مريم" يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانِ إِنَّ الشَّيْطَانِ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّ".