من طرف ابو حسام الإثنين فبراير 06, 2012 6:09 am
الفتوى الشرعية ورأي الإسلام في "عشاء الميت"
الشيخ شريف أبو هاني - دكتوراه في الشريعة الإسلامية
وللوقوف عند موقف الإسلام والشريعة من موضوع عشاء الميت كنا التقينا
بالشيخ شريف ابو هاني امام مسجد الإحسان في رهط والذي يعد في هذه الأيام
لرسالة الدكتوراة في الشريعة الإسلامية وسألناه عن رأي الإسلام وعن الفتوى
الشرعية في مسالة ما يعرف بعشاء الميت فأجاب:
1 ) الأصل للإنسان المسلم أن يلتزم بما شرع الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم,
وأن يبتعد عن البدع التي ما انزل الله بها من سلطان, وقد ثبت في الحديث
الصحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ".
2 ) لا شك أن التعزية من السنة وقد قال صلى الله عليه وسلم " ما من مؤمن
يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله عز وجل من حلل الكرامة يوم القيامة ",
لذا لا بأس من الجلوس للتعزية واستقبال المعزين كما نفعل في بلادنا.
3 ) إلا أن الإشكالية هي فيما يتبع ذلك من البدع والمنكرات التي تورثها
الناس وأصبحت عندهم في حكم العادة, حتى ظنها كثير من الناس أنها شرع وسنة.
4 ) من هذه العادات ما يفعله الكثير من الناس اليوم في مجتمعنا في بيوت
العزاء حيث يقوم أهل الميت في اليوم الثالث من أيام العزاء بذبح الذبائح
وصنع الطعام للمعزين ويدعون الناس لحضور هذه ( العزومة ) ويسمون ذلك
( عشاء الميت )!!, فلا شك أن هذا من البدع المنكرة التي ينكرها شرعنا
الحنيف وذلك لما يلي:
أ – السنة هي أن يقوم الآخرون من جيران الميت وغيرهم بصناعة الطعام لأهل
الميت لما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد
أتاهم ما يشغلهم" وذلك لأنهم مشغولون بالمصيبة، وربما امتنع بعضهم عن الطعام
لشدة المصيبة، فيسن أن يصنع لهم طعام، ويسن أن يؤكد عليهم بالأكل من الطعام.
ب – ما ورد عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال " كنا نعد الاجتماع إلى
أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة ", فهذا الأثر لا يدل على منع
الجلوس للعزاء, وإنما يدل على منع الجلوس مع صنع الطعام للمعزين, فهو من
النياحة التي حرمها الإسلام.
ج – إن في هذه العادة نوع من الإلزام الاجتماعي للناس, فيقوم أهل الميت بذبح
عشرات الخراف وصنع مئات المناسف للناس ويدعون الناس لحضور ( عشاء الميت ),
وهذا لا شك بأنه يكلفهم الأموال الطائلة حتى أن بعض الناس يقومون بالاستقراض
من الآخرين من أجل أن يقوموا بواجبات ( عشاء الميت ) التي فرضته عليهم
العادات والتقاليد!!! فلا شك بأن هذا منكر يجب محاربته والتوقف عنه بصورة قطعية.
د – بدلا من إنفاق المال في هذه الأمور غير المشروعة ندعو الناس إلى أنفاق
هذا المال أو جزء منه فيما ينفع الميت,
وقد قال صلى الله عليه وسلم " إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية
أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ".
فهناك الفقراء والأيتام ومراكز تحفيظ القران والمساجد وغيرها من وجوه الخير
التي يمكن لأهل الميت أن ينفقوا أموالهم وصدقاتهم لها, وهي لا شك انفع وأدوم للميت.