كيد النساء
يحكى أنه كان في مدينة بغداد شاب جميل ، من تجار املدينة ،
كتب على باب دكانه :
لا كيد إلا كيد الرجال
فمرت ذات يوم فتاة من أجمل المخلوقات ، وقرأت العبارة ،
فقالت في نفسها : يا له من غرور ! لا بد أن أعرف هذا
الجاهل بشيء من كيد النساء !
عادت الفتاة في اليوم التالي ، لابسة أفخر الملابس ، متزينة
أحسن زينة ، فدخلت الدكان وتظاهرت بالبحث عما تشتريه ،
وتعمدت في الكشف قليلا عن بعض جسدها ، فتعجب التاجر الشاب
من جمالها ، وظهر التعجب على وجهه ، فقالت له :
_ اعلم يا سيدي أنني مظلومة ، والدي رجل بخيل يرفض أن يزوجني
لكي لا يصرف على العرس شيئا من أمواله ، ويقول للناس إني
حدباء وبلهاء وعرجاء وعوراء ، ليس في الدنيا أقبح مني .
فقال الشاب :
_ ومن هو أبوك ؟
_ هو قاضي القضاة .
ً قالت الفتاة ذلك وأسرعت في الخروج من الدكان وكأنها تبكي ،
بينما ظل التاجر الشاب مذهولا لا يصدق ما رأى وما سمع .
لكنه سرعان ما أغلق دكانه ، وانطلق إلى المحكمة ، واتجه فورا
إلى حيث يجلس قاضي القضاة ،
فسلم عليه ، وجلس بني يديه ، وقال :
_ سيدي القاضي ، لقد جئتك خاطبا كريمتك !
_ يا ابني ، بنتي حدباء وبلهاء وعرجاء وعوراء ، لا تصلح للزواج .
_ لا يهمني ذلك يا سيدي القاضي ، المهم هو التشرف بمصاهرتك .
فتراضيا وعقد الزواج ، على أن تتم الدخلة الليلة التالية .
وفي مساء اليوم التالي دخل العريس على عروسه وكشف عن وجهها
فرأى وجها ليس في الدنيا ما هو أقبح منه ، فأدرك فورا ما حدث .
ً
لم ينم الشاب ليلته تلك ، وما إن طلع النهار حتى انطلق يبحث
عن تلك الشيطانة التي أوقعته في هذا المأزق .
وبعد ساعات علم أنها بنت أحد الحدادين ، واهتدى إلى دار أبيها .
فترقبها مدة ولما خرجت حلق بها ، وقال لها :
_ لقد ورطتني أنت بهذا الزواج وعليك أنت أن تخلصيني منه !
قالت :
_ ليس أسهل من هذا . سأخلصك من عروسك على شرط واحد !
_ قولي ، ما هو !
- أن تكتب على دكانك : " لا كيد إلا كيد النساء " !
_ لك ذلك !
ً _ قم حالا إلى صعاليك المدينة واطلب منهم أن يأتوك إلى المحكمة
ليهنؤوك على زواجك من بنت القاضي ،
وقل للقاضي إنهم جميعا من عشيرتك .
فعل التاجر الشاب ذلك ، وجاء الصعاليك إلى المحكمة حيث كان
الشاب في انتظارهم ، وصاروا يهنؤونه والقاضي مستغرب للأمر
لا يدري ماذا يقول . أخيرا سأل القاضي الشاب :
_ من هؤالء ؟
_ هؤلاء أبناء أعمامي وأخوالي وعماتي وخالاتي وكل أقاربي ،
وأنا فخور بهم جميعا !
_ اسمع ! إذا كانت هذه عشيرتك فلا يمكن أن تظل صهرا لي !
أنا قاضي القضاة !
_ وأنت إذا شتمت عشيرتي فبنتك طالق ثالثًا !
وهكذا تخلص التاجر الشاب من بنت القاضي وتزوج من بنت الحداد
واعترف أن كيد الرجال لا يوازي كيد النساء !