أنصار الكيان يصوّبون باتجاه سوريا وإيران
مقتطفات من تقرير أعده ستيفن وولت أستاذ العلوم السياسية في جامعة هارفارد،و جون مير شايمر أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو
لم يبدأ قادة “اسرائيل” بالضغط على إدارة بوش لدفعها لتصويب فوهات مدافعها باتجاه سوريا قبل مارس/آذار من عام ،2003 وذلك لأنهم كانوا مستغرقين إلى الحد الأقصى في جهود التحريض لشن الحرب على العراق.
وما إن سقطت بغداد في منتصف أبريل/نيسان حتى بدأ شارون وجنرالاته ورجالاته يحثون واشنطن على استهداف دمشق.
وعلى سبيل المثال أجرى شارون ووزير حربه شاؤول موفاز مقابلات قصد منها تسليط وهج إعلامي مبهر في 16 أبريل في العديد من الصحف “الاسرائيلية”. ففي جريدة “يديعوت أحرنوت” طالب شارون الولايات المتحدة بأن تمارس ضغطاً “شديداً” على سوريا. وصرّح موفاز لمعاريف قائلاً: “لدينا لائحة طويلة من المسائل التي نفكر بأن نطالب السوريين بها، ومن المناسب أن نقوم بهذا من خلال الأمريكيين.
وتحدّث مستشار شارون لشؤون الأمن القومي إيفرايم هالفي إلى جمهور احتشد في قاعة المحاضرات في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، فأخبرهم بأن من المهم الآن بالنسبة للولايات المتحدة أن تتعامل بحزم وخشونة مع سوريا، وأوردت ال “واشنطن بوست” أن “اسرائيل” كانت “تغذي الحملة” ضد سوريا بإمداد أجهزة الاستخبارات الأمريكية بتقارير عمّا يقوم به الرئيس السوري بشار الأسد من أعمال.
وكان بعض من أبرز أعضاء اللوبي قد قدّموا الحجج ذاتها وجادلوا بالطريقة نفسها بعد سقوط بغداد. وأعلن وولفويتز أنه “يجب إحداث تغيير للنظام في سوريا”. وأخبر ريتشارد بيرل أحد الصحافيين قائلاً: “يمكننا أن نبث رسالة قصيرة، رسالة تتألف من كلمتين (إلى الأنظمة المعادية الأخرى في الشرق الأوسط):
“أنتم اللاحقون””. وفي أوائل ابريل نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط تقريراً يمثل رأي الحزبين (الجمهوري والديمقراطي) بدأ بعبارة أن سوريا “يجب ألا يفوتها مغزى الرسالة، ألا وهي أن الدول التي تنتهج سياسة صدام حسين الرعناء، وتسلك طريق التحدي، يمكن أن ينتهي بها المطاف إلى مواجهة ما واجهه من مصير”. وفي الخامس عشر من أبريل كتب كلين هالفي مقالاً في صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” تحت عنوان: “في الخطوة التالية صعّدوا الضغوط على سوريا”. هذا في حين كتب زيف تشافيتس مقالاً في اليوم نفسه لجريدة “نيويورك ديلي نيوز” بعنوان “سوريا صديقة الإرهاب تحتاج إلى تغيير أيضاً”. ولئلا يزايد عليه أحد، سارع لورنس كابلان فكتب في صحيفة “نيو ريبيلك” بتاريخ 21 أبريل ليقول: إن الرئيس السوري بشار يمثل تهديداً خطيراً لأمريكا
نائب نيويورك إيليوت اينجيل الغبار عن قانون محاسبة سوريا واسترداد السيادة اللبنانية وأعاد تقديمه يوم 12 أبريل، وتوعد هذا القانون سوريا بفرض عقوبات إن هي لم تنسحب من لبنان، وتتخلى عن أسلحة الدمار الشامل، وتوقف دعمها للإرهاب، كما طالب سوريا ولبنان باتخاذ خطوات عملية ملموسة لإبرام سلام مع “اسرائيل”. وأفاض اللوبي تبريكاته على هذا التشريع، وتبناه بقوة، لا سيما إيباك، و”أطرت له الأطر” حسب “جويش تلجراف” اليهودية “من قبل بعض من أخلص أصدقاء “اسرائيل” في الكونجرس”. كان هذا التشريع مهملاً إلى حد ما لبرهة من الوقت، ويعزى السبب الأكبر في هذا الغض إلى أن إدارة بوش لم تكن شديدة الحماس لطرحه وتبنيه بقوة، غير أنه جرى تمرير هذا التشريع المناهض لسوريا بأغلبية ساحقة (398 صوتاً إلى 4) في مجلس النواب وبنسبة 89 إلى 4 في مجلس الشيوخ، وصدق بوش عليه ليصبح قانوناً في 12 ديسمبر/كانون الأول من عام 2003.
فالتشدد تجاه سوريا واستخدام الخشونة في التعامل معها سوف يظهر الولايات المتحدة بمظهر “البلطجي” أو “القبضاي” المتغطرس الذي لا يروي ظمأه إلا إشباع الدول العربية ضرباً وإذلالاً. وأخيراً فإن الزج بسوريا في لائحة الدول التي تستهدفها أمريكا من شأنه أن يوفر لسوريا حافزاً قوياً وذريعة لإحداث اضطراب وقلاقل في العراق، وحتى لو ارتأى المرء الضغط على سوريا فثمة ألف سبيل بديل لذلك. كما أن من الحكمة قبل التصعيد مع دمشق إنجاز المهمة في العراق أولاً.
أصر الكونجرس على تصعيد الضغوط على سوريا، وكان الدافع الأكبر وراء ذلك هو الاستجابة لضغط مارسه المسؤولون “الاسرائيليون” والجماعات الموالية ل “اسرائيل” مثل “إيباك”. ولو لم يكن هناك لوبي “اسرائيلي” ضاغط شديد الجبروت والتأثير لما كان ثمّة قانون لمحاسبة سوريا، ولكانت سياسة الولايات المتحدة تجاه دمشق أكثر استجابة على الأرجح وأعظم خدمة للمصالح القومية الأمريكية.
الدراسة صدرت في آذار/ مارس 2006 في الولايات المتحدة الأمريكية