لماذا تقدموا و تأخرنا !
بقلم / د. يحي أبوزكريا .
من أهم الأسئلة التي لازمت خطابنا الفكري والثقافي بشقيّه القومي والإسلامي هو لماذا توحدّ الإتحاد الأوروبي وتفرقنّا , ومنذ بداية القرن التاسع عشر والمستنيرون في هذه الأمة يطرحون السؤال تلو السؤال , لماذا تأخرّ المسلمون وتقدمّ غيرهم ! لماذا نهضوا وقعدنا ! لماذا صعدوا إلى القمر وبقينا في الأرض نتحارب فيها ويصفيّ بعضنا بعضا ! لماذا يصنعون الدور ونحن نفلسفه !
آلاف الكتب والمقالات والدراسات والأطروحات التي كتبت منذ بداية القرن التاسع عشر , والسؤال باق على حاله ونحن في خضمّ الألفيّة الثالثة .
وإعادة طرح السؤال في كل مناسبة دليل على أننّا لم نخطو قيد أنملة بإتجّاه النهضة الحقيقيّة , مادامت الإحصاءات الأخيرة في العالم العربي تسجّل تراجعا خطيرا في المشاريع التربوية والزراعيّة والإقتصادية والتنموية , والشيئ الوحيد الذي إضطرّد بقوة وتضخم بشكل ملفت للنظر هو الدين العام المترتب على عالمنا العربي والإسلامي لصناديق النقد الدولي المتفرعة عن الإدارة الأمريكية بإمتياز .
تفرقنا لأنّ النهج السياسي المتبّع لا هو من وحي السماء ولا هو من وحي الأرض ولا من وحي بينهما , هو أحيانا - إشترورأسمال - أي إشتراكية الشعوب ورأسمالية الحكّام , وهو أحيانا – ديكتاتوراطية- أي المزج بين الديموقراطيّة والديكتاتوريّة .
تفرقنا لأنّ شعوبنا مغيبة عن صناعة القرار , فهي شعوب لا تملك أن تقرر في أي صغيرة وكبيرة , فحتى لو حرصت وزارات الإقتصاد العربية أن تطعم الشعوب العربية لحوم الحمير على أنّها لحوم الضأن لقالت شعوبنا للّه ما أحلاها لحوم الضأن .
تفرقنّا لأنّنا سحبنا الماضي على الحاضر , وأستصحبنا بتعبير علماء الفقه والأصول الموروث الماضوي على الحاضر , فكرسنّا المذهبيات والطائفيّات والجهويات , فبدل أن يكون لنا خطاب واحد بات لدينا خطابات , وبدل أن يكون لدينا إسلام واحد بات لدينا إسلامات , وبدل أن يكون لدينا رؤية واحدة باتت لدينا رؤى متعددة , فكيف بعدها نتحد ونتوافق على منهج وحدوي واحد !
أما لماذا تقدموا فذلك فصل أخر وبحث مغاير , تقدموا لأنّها تعلموا من ماضيهم , أخذوا من ماضيهم المحاسن وتركوا المساوئ , ونحن أخذنا من ماضينا المساوئ وتركنا المحاسن .
قدسوا الإنسان والحيوان على السواء وأوجدوا خططا منسجمة مع قدسيّة هذا الإنسان , ونحن قزمنّا إنساننا وتعاملنا معه على خلفية أنّه حشرة , على طريقة الفكر الصهيوني الذي يعتبر الإنسان غير اليهودي من الحوييم أي غير ذي روح يجوز قتله تماما شأنه شأن الحشرة.