2 مشترك
هل احتفل الرسول صلى الله عليه وسلم بميلاده يوما ؟! ! !
woroud azhar- زهـــــــرة السلام
- عدد المساهمات : 14068
الموقع : ارض الله
هل احتفل الرسول صلى الله عليه وسلم بميلاده يوما ؟! ! !
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
سلام الله على الاحبة الكرام
ارجو ان تصلكم كلماتي هاته وانتم كما يحب الله ويرضاه لكم
عن سؤالي اعلاه ..
في وسطي الكل يحتفل بعيد المولد النبوي تماما كما نحتفل بعيد الفطر وعيد الاضحى
نفس الطقوس .. نفس النظام .. نفس العادات من احتفالات وولائم ومظاهر عيدية.........
و طبعا منذ ان وعيت وانا كما وجدت عليه اجدادي وابائي وقومي يفعلون .. افعل
لكني و بفضل التوعية الدينية والصحوة الاسلامية ..
علمت ان هذا العيد ( عيد المولد النبوي الشريف) ما هو الا بدعة ! ! !
وانه نحن المسلمون ليس لنا الا عيدين فقط .. الفطر والاضحى
و رحت ابحث لافهم اكثر ..
و بما ان الدال على الخير كفاعله .. سارعت لاشراككم بما توصلت اليه
اليكم اسفله باقة مواضيع و اجابات وفتاوى عن الموضوع
بكل الحب والطاعة لرسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه وعلى اله وصحبه
داعية المولى عز وجل ان يحشرني واياكم في زمرته ..
امين
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
woroud azhar- زهـــــــرة السلام
- عدد المساهمات : 14068
الموقع : ارض الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
woroud azhar- زهـــــــرة السلام
- عدد المساهمات : 14068
الموقع : ارض الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
woroud azhar- زهـــــــرة السلام
- عدد المساهمات : 14068
الموقع : ارض الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
woroud azhar- زهـــــــرة السلام
- عدد المساهمات : 14068
الموقع : ارض الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
woroud azhar- زهـــــــرة السلام
- عدد المساهمات : 14068
الموقع : ارض الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
woroud azhar- زهـــــــرة السلام
- عدد المساهمات : 14068
الموقع : ارض الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
من فتاوى الشيخ محمد بن صاح العثيمين رحمه الله
لم يحتفل النبي صلى الله عليه وسلم بذكرى ميلاده ولم يحتفل بذلك أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا غيرهم من الصحابة الكرام رضي الله عنهم ولم يحتفل بذلك التابعون لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ولا تابعو التابعين ولا أئمة المسلمين وإنما ابتدع هذا الاحتفال بذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم في أثناء المائة الرابعة أي بعد ثلاثمائة سنة من هجرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا شك أن الحامل لهذا الاحتفال ممن أسسه لا شك أنه إن شاء الله تعالى حب الرسول عليه الصلاة والسلام لكن حب الرسول عليه الصلاة والسلام إنما يتبين حقيقةً بإتباع الرسول عليه الصلاة والسلام فمن كان للرسول أحب كان له أتبع بلا شك ومن كان للرسول أتبع كان ذلك أدل على محبته لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولهذا يقول المبتدعون لأهل السنة المتمسكين بها يقولون إن هؤلاء لا يحبون الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونقول سبحان الله ايهما أقرب إلى حب الرسول عليه الصلاة والسلام من شرع في دينه ما ليس منه أو من تمسك بهديه وسنته الجواب لا شك أنه الثاني أن من تمسك بهديه وسنته فهو أشد حباً لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ممن ابتدع في شريعته ما لم يشرعه عليه الصلاة والسلام بل إن البدعة الشرعية في دين الله مضمونها القدح برسول الله صلى الله عليه وسلم كأن المبتدع يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاهل بمشروعية هذه البدعة أو إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عالم بمشروعيته لكن كتمه عن أمته وكلا الأمرين قدحٌ واضح في رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإذا تأمل المبتدع ما تتضمنه بدعته من اللوازم الفاسدة لاستغفر الله منها ولعاد إلى السنة فوراً بدون أي واعظ وخلاصة القول في الجواب على هذا السؤال أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بذكرى ميلاده أبداً ولا خلفاؤه الراشدون ولا الصحابة ولا التابعون ولا تابعو التابعين ولا أئمة المسلمين وإنما حدث ذلك من بعض الولاة واستمر الناس عليه بعد يومنا هذا ولكني واثقٌ بإذن الله عز وجل أن هذه الصحوة المباركة التي في شباب الأمة الإسلامية سوف تقضي على هذه البدعة وسوف تزول شيئاً فشيئاً كما تبين ذلك في بعض البلاد الإسلامية ممن تذكروا حين ذكروا واتعظوا حين وعظوا ولم يعودوا إلى هذه البدعة قد يقول المبتدع أنا لم أحدث شيئاً أنا أصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وأذكره بالخير وأثني عليه وأحيي ذكراه في القلوب نقول هذا حسن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم محمودة والثناء عليه بما هو يستحق محمود وكذلك إحياء ذكراه محمود ولكن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم شرع لأمته ما تحصل به الذكرى والمحبة على غير هذا الوجه نحن نذكر الرسول عليه الصلاة والسلام في كل عبادة هذا هو الذي ينبغي لنا أن نفعله أي أن نذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في كل عبادة وذلك لأن كل عبادة مبنية على أمرين على الإخلاص لله والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم وحينما تشعر بأنك في عبادتك متبعٌ لرسول الله سيكون هذا ذكرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك أيضاً نحن نذكر النبي عليه الصلاة والسلام ونرفع شأنه وذكراه في أعلى الأمكنة في كل يومٍ وليلة خمس مرات في الآذان نقول في كل آذان أشهد أن محمداً رسول الله وهذه إحياءٌ لذكراه وإعلاءٌ لشأنه من على المنارات في الأصوات المرتفعة ونقول أيضاً مرةً ثانية عند القيام للصلاة في الإقامة أشهد أن محمداً رسول الله أي ذكرى أعظم من هذه الذكرى كذلك إذا فرغنا من الوضوء نقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله كذلك في الصلاة في التشهد نقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله في كل أحوالنا في كل عباداتنا نحن نذكر الرسول عليه الصلاة والسلام لأن العبادة إخلاصٌ وإتباع إخلاصٌ لرب العالمين وإتباعٌ لرسول رب العالمين فهي إحياء الذكرى فلا حاجة أن نبتدع في شريعة الله ما ليس منها من أجل إحياء الذكرى ثم إنها كما قال بعض أهل العلم إحياء ذكرى الرسول عليه الصلاة والسلام في هذه الليلة يوجب أن ينسى ذكر الرسول في هذه الليلة وأن يترقب هؤلاء مجيء هذه الليلة ليحيوا ذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها لهذا نوجه اخواننا المسلمين من على هذا المنبر ألا وهو منبر نورٌ على الدرب من إذاعة المملكة العربية السعودية نوجه جميع إخواننا المسلمين إلى أن يتدبروا الأمر وينظروا فيه ويحرصوا على إتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وإتباع الخلفاء الراشدين حيث أمرنا بإتباعهم قال الله تعالى (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ) وانتبـه لهـذا القيد اتبعـوهم بإحسان والإحسان إتباع آثارهم حقيقةً فعلاً وتركاً (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه) وقال النبي عليه الصلاة والسلام (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور) فليتدبر اخواننا المسلين في بقاع الأرض ليتدبروا هذه المسألة وليقولوا في أنفسهم أنحن خيرٌ أم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان خيراً لسبقونا إليه أنحن أشد حباً من رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه أنحن أشد حرصاً على الطاعات من أصحابه كل هذا الجواب فيه لا وإذا كان الجواب فيه لا فليكن أيضاً الجواب في الاحتفال بذكرى مولده لا وليعلموا أنهم إذا تركوا ذلك لله عز وجل وتحقيقاً لإتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فسيجعل الله في قلوبهم من الإيمان بالله ورسوله ومحبة الله ورسوله ما لم يكن فيها عند وجود هذه الاحتفالات التي يدعون أنها ذكرى لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
woroud azhar- زهـــــــرة السلام
- عدد المساهمات : 14068
الموقع : ارض الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
السؤال:
قرأت مقالكم عن المولد أنه بدعة حسنة وأن السيوطي والامام ابن حجر العسقلاني قالوا أن عمل المولد أمر حسن ويثاب فاعله، ولكن ماذا نقول للذي يقول هل النبي احتفل بمولده؟ أو هل الصحابة احتفلوا به؟. ثم ان بعض الناس يقولون أن النصارى احتفلوا بالمسيح عليه السلام فكيف نحتفل مثلهم؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد رسول الله وبعد،
اعلم أخي المسلم أن المولد وهو ما يحوي على قراءة القرءان وذكر الله ومدح الرسول واطعام الفقراء وغيرهم أمر حسن، وهذه الأشياء أمرنا الله بها. ولو تخصص هذا الفعل في يوم واحد أو في شهر لا بأس بذلك لأنه لم يرد في الشرع معارضة لذلك. بل النبي خصص لنا صوم يوم الاثنين وقال "ذاك يوم ولدت فيه". وخصص صوم يوما عاشوراء لنجاة سيدنا موسى عليه السلام، والى الآن المسلمون ما زالوا يصومون بناءً على ذلك شكراً لله تعالى. وأول من أحدث عمل المولد ملك إربل وكان عالماً تقياً شجاعاً يقال له المظفر، وذلك في أوائل القرن السابع للهجرة. جمع لهذا كثيراً من العلماء فيهم من أهل الحديث فاستحسن ذلك العمل العلماء في مشارق الأرض ومغاربها .وثبت أن العلماء أقروا ذلك الاحتفال ومنهم ابن حجر العسقلاني والسيوطي وابن دحية وغيرهم.
حتى إن الحافظ ابن دحية قدم من المغرب فدخل الشام والعراق واجتاز بإربل سنة أربع وستمائة فوجد ملكها يعتني بالمولد فعمل له كتاب : (( التنوير في مولد البشير النذير )) . وتوالى الحفاظ على التأليف في قصة المولد فألف شيخ الحفاظ العراقي كتاباً في المولد سماه (( المورد الهني في مولد النبي )).
فالعلماء والفقهاء والمحدثون كالحافظ العسقلاني والحافظ السخاوي والحافظ السيوطي وغيرهم كثير، حتى علماء الأزهر كمفتي الديار المصرية الشيخ محمد بخيت المطيعي، حتى علماء لبنان كمفتي بيروت السابق الشيخ مصطفى نجا رحمه الله استحسنوا هذا الأمر واعتبروه من البدع الحسنة فلا وجه لإنكاره بل هو جدير بأن يسمى سنة حسنة لأنه من جملة ما شمله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص من أجورهم شيء)) رواه مسلم .
هذا وقد استخرج الحافظ العسقلاني لعمل المولد أصلاً من السنة النبوية المطهرة واستخرج الحافظ السيوطي أصلاً ثانياً . ولا يجوز أن يقال : كل شيء لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء وافق شرعه أم خالفه فهو مردود ، لا ، بل لا بد من التفصيل لذا قال الإمام المجتهد مجدد القرن الثاني الهجري محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه : (( المحدثات من الأمور ضربان : احدهما ما أحدث مما يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو اجماعاً فهذه البدعة الضلالة ، والثانية ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا وهذه محدثة غير مذمومة )) .
معناه : إن هناك أموراً أحدثت توافق الكتاب أوالسنة أو الأثر أو الإجماع فهي بدعة حسنة ، كما قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد أن جمع الناس على صلاة التراويح على إمام واحد : (( نعمت البدعة هذه )) . رواه البخاري .
حديث كل بدعة ضلالة
فإن قيل: أليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود عن العرباض بن سارية: "وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة".
فالجواب: أن هذا الحديث لفظه عام ومعناه مخصوص بدليل الأحاديث السابق ذكرها فيقال: إن مراد النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدث على خلاف الكتاب أو السنة أو الإجماع أو الأثر.قال النووي في شرح صحيح مسلم ما نصه: "قوله صلى الله عليه وسلم: "وكل بدعة ضلالة" هذا عام مخصوص والمراد به غالب البدع".ا.هـ. ثم قسم البدعة إلى خمسة أقسام: واجبة ومندوبة ومحرمة ومكروهة ومباحة. وقال: "فإذا عُرِف ما ذكرته عُلم أن الحديث من العام المخصوص، وكذا ما أشبهه من الأحاديث الواردة، ويؤيد ما قلناه قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في التراويح: "نعمت البدعة"، ولا يمنع من كون الحديث عاما مخصوصًا قوله: "كل بدعة" مؤكدًا بكل، بل يدخله التخصيص مع ذلك كقوله تعالى: {تدمر كل شىء} [سورة الأحقاف]" ا.هـ. ففي هذه الآية هل دمرت الريح كل شىء على الاطلاق؟ هل دمرت كل أهل الأرض والسماء وما فيها؟؟ بل هذا عام مخصوص. وكذلك حديث "كل بدعة ضلالة" لا يؤخذ على الاطلاق. فهو كحديث "كل عين زانية"، فهل عيون الأنبياء والأطفال والملائكة والأعمى كلها تقع تحت هذا الحديث؟ بالطبع لا، فتبين أن الحديث لا يؤخذ على الاطلاق بل كما قال النووي معناه "والمراد به أغلب البدع" لأن البدع منها حسن ومنها قبيح.
وهذا التقسيم ذكره الشيخ عبد العزيز بن عبد السلام في ءاخر كتاب القواعد مع شىء من التفصيل، ونقله عنه الحافظ في الفتح وسلّمه.
وأما احتفال النصارى بالمسيح، كان عبادة له والعياذ بالله فكيف يتجرأ شخص على أن يشبه احتفال مئات الملايين من المسلمين بمولد النبي الأمين، بكفر النصارى الذين قالوا عن عيسى أنه ابن الله والعياذ بالله؟؟ نعوذ بالله من سوء الحال. وكذا يكفر من قال أن عيسى جزء من الله أو أن سيدنا محمد جزء من الله، وكذا يكفر من نسب لله الجسم والأعضاء والمكان والحيز والشكل والحد لأن الله منزه عن كل ذلك، الله موجود بلا مكان ولا جهة ولا حد.
ثم أين الاثم في قراءة القرءان، وذكر السيرة العطرة، واطعام الفقراء وغيرهم عرفان من المسلمين بفضل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وشكرا لله على نعمه العظيمة كهذه؟
ثم ان قالوا هل النبي قال بعمل المولد؟ نقول وهل هو منع ذلك؟ بالطبع لا. بل قال عندما سئل عن صيام يوم الاثنين "ذاك يوم ولدت فيه". والمسلمون اليوم يصومون كل السنة يوم الاثنين سنة شكراً لله على بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهذا أمر حسن، والمولد فيه ذكر الله وتعليم الناس عن حياة النبي ومعجزاته وفضله وهذا أمر ممدوح بل واجب في الشرع.
من البدع الحسنة التي لم يفعلها الرسول:
ونقول لهم هل النبي أمر بصلاة التراويح جماعة؟ الفعل الذي استحدثه سيدنا عمر وقال عنه "نعمة البدعة هذه"؟
وهل النبي أمر بالاذان الثاني الذي استحدثه سيدنا عثمان؟؟
وهل النبي أمر بالمحاريب التي استحدثها المسلمون من بعده؟؟
وهل النبي أمر بما سنه خبيب ركعتين عند القتل؟؟
وهل النبي أمر بنقط المصحف والذي لم يفعله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة!! بل استحدثه رجل من التابعين واسمه يحيى بن يعمر!!
من البدع القبيحة والمذمومة
أما من البدع القبيحة والمذمومة فهي ككتابة "صلعم" بعد اسم النبي، وكذلك كتابة "حقوق الطبع محفوظة" والتي يدخلها الوهابية في كتب الشرع والمصاحف زورا وتعديا!! هل هذه فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم؟؟ وهل احتفل المسلمون بيوم تأسيس الحركة الوهابية والذي احتفل به الوهابية كل عام؟؟ ومنها بدعة الخوارج والجهمية والقدرية، ومنها بدعة القول بحوادث لا أول لها، وهي مخالفة لصريح العقل والنقل. هذا كله مذموم. ومنها تحريف اسم الله كما يحصل من كثير من المنتسبين إلى الطرق، فإن بعضهم يبدءون بـ "الله" ثم إما أن يحذفوا الألف التي بين اللام والهاء فينطقون بها بلا مدّ، وإما أن يحذفوا الهاء نفسها فيقولون "اللاَّ"، ومنهم من يقول "ءاه" وهو لفظ موضوع للتوجع والشكاية بإجماع أهل اللغة، قال الخليل بن أحمد: لا يجوز حذف ألف المد من كلمة الله.
فتبين من هذا أن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة حسنة فلا وجه لإنكاره، بل هو جدير بأن يسمى سنة حسنة لأنه من جملة ما شمله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شىء" وإن كان الحديث واردًا في سبب معين وهو أن جماعة أدقع بهم الفقر جاءوا إلى رسول الله وهم يلبسون النِّمار مجتبيها أي خارقي وسطها، فأمر الرسول بالصدقة فاجتمع لهم شىء كثير فسرّ رسول الله لذلك فقال: "من سنَّ في الإسلام ..." الحديث. وذلك لأن العبرة بعموم اللَّفظ لا بخصوص السبب كما هو مقرر عند الأصوليين، ومن أنكر ذلك فهو مكابر.
ونقول لكل المعادين والمعاندين: جمهور الأمة تحتفل بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن شذ شذ في النار. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تجتمع أمتي على ضلالة" فكن مع الجماعة واحذر الفرقة.
woroud azhar- زهـــــــرة السلام
- عدد المساهمات : 14068
الموقع : ارض الله
العلماء الثلاثة يحرمون عيد الميلاد
فهدبن سعد أباحسين | 23/1/1432 هـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
فقد قرأت لقاء صحفياذكر فيه ما يفيد جواز عيد الميلاد,وهذاالكلام مجانب للصواب.
فمن أجاز عيد الميلاد فلماذا لا يجيز الاحتفال بسقوط الدول الكبرى الكافرة كفارس والروم وغيرها من الدول إلى هذا الزمان...
ولماذا لا يجيز الاحتفال باليوم الذي نهضت فيه الدولة الإسلامية و عيد الاستقلال وعيد الثورة...
- ولست أدري ماذا سيقول في الاحتفال بموالد العلماء والدعاة والصالحين والملوك وقبل ذلك ماذا سيقول في الاحتفال بموالد الأنبياء موسى وعيسى عليهما السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم فهل الاحتفال بها أولى من غيرها أم لا؟ حتى تكون أيام السنة كلها احتفالات وأعياد في شنشنة طويله ... عريضة.. تضيع معها أيام الإسلام .. الفطر والأضحى.. وما فيها من الشعائر والاحتفال والفرح والسرور.
والعاقل اللبيب يعلم أن الله لم يجعل العيد في هذين اليومين عبثاً.
وقد ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله – الإقتضاء 2/618- أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له وقائع متعددة وخطب وعهود ووقائع في أيام متعددة مثل يوم بدر وحنين والخندق وفتح مكة ووقت هجرته ودخوله المدينة ، ولم يتخذ يوماً من هذه الأيام عيداً.انتهى
فهل تساءلنا من أين وفد علينا عيد الميلاد وغيره من الأعياد المبتدعة؟!
أليس اليهود والنصارى هم الذين يحيون أمثال هذه الأعياد ويحرصون عليها والنصارى يبحثون عن أيام حوادث عيسى عليه السلام ويجعلونها أعيادا لهم فأين المخالفة لهم؟!
يقول الشيخ عبدالله البسام رحمه الله – توضيح الأحكام(2/411)
وهناك نوع آخر من الأعياد وهي أعياد وطنية اتخذتها الدول والحكومات وهي إما أعياد استقلال أو عيد ثورة أو عيد يعظمون فيه ذكرى من ذكرياتهم ومثلها أعياد الأسر والأفراد مثل عيد ميلاد أو عيد شم النسيم أو عيد رأس السنة الميلادية أو عيد ميلاد زعيمهم أو عيد الأم أو غير ذلك فهذه كلها أعياد جاهلية تحولت علينا يوم تحول علينا الاستعمار السياسي والعسكري والفكري ولم نستطع التحرر منه .
وقال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله كما في فتاوى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز (5/176)
وقد وقع في الناس أيضاً تقليد لهؤلاء ، فقد احتفل الناس بعيد أولادهم أو عيد الزواج فهذا أيضاً من المنكرات وتقليد للكفرة، فليس لنا إلا عيدان عيد الفطر وعيد النحر وأيام التشريق وعرفة والجمعة. فمن اخترع عيداً جديداً فقد تشبه بالنصارى واليهود.قال صلى الله عليه وسلم : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد". أ-هـ
وقد بينتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله .
أن عيد الأم وما شابهه بدعة.
حيث تقول اللجنة الدائمة وهي تتحدث عن حكم مثل هذه الأعياد.
ثانيا: ما كان من ذلك مقصوداً به التنسك والتقرب أو التعظيم كسباً للأجر ، أو كان فيه تشبه بأهل الجاهلية أو نحوهم من طوائف الكفار فهو بدعة محدثة ممنوعة داخله في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" رواه البخاري ومسلم، مثال ذلك : الاحتفال بعيد المولد ، وعيد الأم والعيد الوطني لما في الأول من إحداث عبادة لم يأذن بها الله
ولما في ذلك من التشبه بالنصارى ونحوهم من الكفرة ولما في الثاني والثالث من التشبه بالكفار.
(فتاوى اللجنة الدائمة (3/88)
وانظر ماذا آل الأمر اليه عند من فتح على نفسه هذا الباب حيث يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله الشرح الممتع(5/146)
فليس فيه عيد بمناسبة مرور ذكرى غزوة بدر ، ولا غزوة الفتح ولا غيرها من الغزوات العظيمة التي انتصر فيها المسلمون انتصاراً باهراً ، ناهيك بما يقام من الأعياد لانتصارات وهمية بل إني أعجب لقوم يجعلون أعياداًَ للهزائم ذكرى يوم الهزيمة أو ذكرى احتلال البلد الفلاني للبلد الفلاني، مما يدل على سفه عقول كثير من الناس اليوم لأنهم لما حصل لهم شيء من البعد عن دين الإسلام صاروا حتى في تصرفهم يتصرفون تصرف السفهاء وليس هناك أعياد لمناسبة ولادة أحد من البشر حتى النبي عليه الصلاة والسلام لا يشرع العيد لمناسبة ولادته وهو أشرف بني آدم فما بالك بمن دونه؟!انتهى
والمقصود أن هذا أصل عظيم من الأصول المهمة في تحريم عيد الميلاد وما شابهه من الأعياد وهو مخالفة الكفار.
والمؤمن يعلم أن مخالفة أصحاب الجحيم هو طريق النجاة بخلاف مشابهتهم.
فعيد الميلاد وفد علينا من الكفار ولا شك أن من المصيبة العظيمة على أتباع محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم أن يوافقوا الكفار على ما أحدثوه من العبادات اوالعادات
الأصل الثاني في النهي عن عيد الميلاد: أن كل شيء يتخذ عيداً يتكرر كل أسبوع أو كل شهر أو كل عام فهو من البدع. قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في القول المفيد 1/387
مسألة حكم الاحتفال بعيد الميلاد للأطفال:
كل شيء يتخذ عيداً يتكرر كل أسبوع أو كل عام فهو من البدع والدليل على ذلك أن الشارع جعل للمولود العقيقة ولم يجعل شيئاً بعد ذلك واتخاذهم هذه الأعياد تتكرر كل أسبوع أو كل عام معناه أنهم شبهوه بالأعياد الإسلامية وهذا حرام ولا يجوز وليس في الإسلام شيء من الأعياد إلا الأعياد الشرعية الثلاثة.
وليس هذا من باب العادات لأنه يتكرر ولهذا لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم فوجد للأنصار عيدين يحتفلون بهما قال :" إن الله أبدلكما بخير منهما عيد الأضحى وعيد الفطر"مع أن هذا من الأمور العادية عندهم.أ-هـ
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله- الشرح الممتع(5/147)
إذاً كل من أقام عيداً لأي مناسبة سواء كانت هذه المناسبة انتصار للمسلمين في عهد النبي عليه الصلاة والسلام . او انتصار لهم فيما بعد أو انتصار قومه فإنه مبتدع. أ-هـ وانظر للفائده فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله(16/195-197)
وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي –رحمه الله- سمي عيداً لأنه يعود ويتكرر ولم يزل الناس من آدم وإلى أن تقوم الساعة وهم يتخذون يوماً للفرح والسرور، وأصل العيد للفرح والسرور، ولكن أعياد الكفار للفرح والسرور فقط لأنهم بمنزلة البهائم يأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم.
ولكن من فضل الله ومنته على المؤمنين جعل عيدهم عبادة ، لأنه فرح بعبادة الله تعالى وفضله ومنته عليهم فشرع لهم عيد الفطر ليشكروا الله على ما منَّ عليهم به من صيام رمضان وقيامه وإكمال العدة وليكبروه وشرع لهم عيد النحر ليشكروا الله على ما منّ به من الحج وبهيمة الأنعام ففرحهم في عيدهم عبادة لأنه فرح في عبادة الله كما قال تعالى : قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون[يونس:85](التعليقات على عمدة الأحكام جمعها و لخصها الشيخ عبدالله العوهلي(ص201)
وسُئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله- فتاوى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز (4/283)
السؤال: ما حكم الاحتفال بمرور سنة أو سنتين مثلاً أو أكثر أو أقل من السنين لولادة الشخص وهو ما يسمى بعيد الميلاد، أو إطفاء الشمعة؟ وما حكم حضور ولائم هذه الاحتفالات ؟ وهل إذا دعي الشخص إليها يجيب الدعوة أم لا ؟ أفيدونا أثابكم الله
الجواب:
قد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على أن الاحتفال بالمولد من البدع المحدثة في الدين ولا أصل لها في الشرع المطهر ولا تجوز إجابة الدعوة إليها. لما في ذلك من تأييد للبدع والتشجيع عليها .. وقد قال الله سبحانه وتعالى: أم لهم شركاءُ شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله [الشورى:21]
وقال سبحانه : ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون * إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً وإن الظالمين بعضهم أوليآء بعض والله ولي المتقين [الجاثية:18-19]
وقال سبحانه: اتبعوا ما أنزل إليكم من ربّكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون [الأعراف:3]
وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" أخرجه مسلم في صحيحه ، وقال عليه الصلاة والسلام : " خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة".. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
ثم إن هذه الاحتفالات مع كونها بدعة منكرة لا أصل لها في الشرع هي مع ذلك فيها تشبه باليهود والنصارى لاحتفالهم بالمولد وقد قال عليه الصلاة والسلام محذراً من سنتهم وطريقتهم: " لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه" قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ .. قال : "فمن" ... أخرجاه في الصحيحين .. ومعنى قوله "فمن" أي هم المعنيون بهذا الكلام . وقال صلى الله عليه وسلم: " من تشبه بقوم فهو منهم" والأحاديث في هذا المعنى معلومة كثيرة وفق الله الجميع لما يرضيه اهـ.
وقرر ابن تيمية أن كل ما أحدث من المواسم والأعياد فهو منكر وإن لم يكن فيه مشابهة لأهل الكتاب أ- هـ الاقتضاء (2/581) (2/618)
وسُئل الشيخ عبدالله بن جبرين –رحمه الله - :
سؤال : في بلدنا بمصر عندنا عادة وهو أن كل شخص عندما يتم سنة من عمره يقيم حفلاً ويسمى عندنا بعيد الميلاد أو إطفاء الشمعة. وقد سمعت مؤخراً أن ذلك غير جائز شرعاً ، فهل هذا العمل لا يجوز شرعاً وهل يجوز حضور هذه الأعياد إذا دُعي إليها الشخص ، أفيدوني ولكم جزيل الشكر.
جواب : هذه عادة سيئة وبدعة منكرة ما أنزل الله بها من سلطان ، فالأعياد توقيفية كالعبادات ، وقد ورد في الحديث أن أهل المدينة كان لهم عيدان في الجاهلية يلعبون فيهما فأبدلهم الله بهما العيدين الشرعيين. وحيث لم يرد في الشرع ما يُسمى بعيد الميلاد ولم يفعله أحد الصحابة ولا سلف الأمة ، فإنه لا يجوز شرعاً الاحتفال بهذه الأعياد ولا حضورها ولا تشجيع أهلها ولا تهنئتهم ونحو ذلك مما فيه إعانة على هذا المنكر أو إقرار عليه. أ-هـ (انظر كتاب البدع والمحدثات جمع حمود المطر ص225)
والمشكلة أن كثيرا من الناس لا يدرك ضرورة مخالفة المشركين كما أنه لايشعربخطر إحداث هذه الأعياد لأنه لا يدرك أصلاً أن العيد شعيرة ... فهو يدرك أن الصلاة شعيرة وأن الصوم شعيرة وأما العيد فلا يدرك أنه شعيره.
ومما يدل على أن العيد شعيره أن الله جل وعلا شرع لنا عيدين في السنة وهما الفطر والأضحى وأنكرت الشريعة إحداث عيد في غيرهما . فقد قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال : " ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهمافي الجاهلية . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله قد أبدلكما بهما خيراً منها . يوم الأضحى ويوم الفطر" رواه أبوداوود.
فيوم العيد يوم لأهل الإسلام يفرحون فيه ويجتمعون ويظهرون شعائر الإسلام من التكبير والصلاة وإراقة الدماء وغيرها.
ومما يدل على عِظمِ شأن العيد أن النبي صلى عليه وسلم جاءه رجل فقال: اني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانه فقال صلى الله عليه وسلم : هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قال: لا.
قال : هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قال: لا. فقال صلى الله عليه وسلم: "فأوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم" رواه أبو داود وأصله في الصحيحين.
فانظر الى حذر النبي صلى الله عليه وسلم وخوفه من إحياء عيد الجاهلية فالأعياد لها شأن عظيم فلا تحيا أعياد الجاهلية . ولا يُحدثُ عيدٌ في الإسلام.
ومن أخص ما تتميز به الشرائع الأعياد . ولذلك فإن لليهود عيدهم وللنصارى عيدهم ولأهل الإسلام عيدهم فليس لأهل الإسلام أن يهنئوا النصارى بعيدهم لأنه من شعائر دينهم فموافقة الكفار في أعيادهم موافقةً لهم في شعائرهم, وتهنئتهم بعيدهم تهنئة لهم بشعائرهم, وهذا منكرٌ فضيع ، وفعل شنيع. ولذلك قال بعض العلماء: من كسرفي عيد النيروز بطيخة فكأنما ذبح خنزيراً .
و العيد اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد عائد إما بعود السنة أو بعود الأسبوع أو الشهر أو نحو ذلك. فالعيد كما قال ابن تيمية يجمع أمور :
منها : يوم عائد كيوم الفطر ويوم الجمعة .
ومنها: اجتماع فيه .
ومنها : أعمال تتبع ذلك من العبادات والعادات . وقد يختص العيد بمكان معين . وقد يكون مطلقاً وقد يختص بزمان معين فالزمان مثل قوله صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة: إن هذا يوم جعله الله للمسلمين عيداً" والمكان كقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تتخذوا قبري عيداً" انظر للفائدة الاقتضاء
(1/442).
وقال ابن القيم رحمه الله: والعيد : ما يعتاد مجيئه وقصده من مكان وزمان وقال أيضاً : والعيد مأخوذ من المعاودة والاعتياد. فإذا كان اسماً فهو المكان الذي يُقصد الاجتماع فيه وانتيابه للعبادة. أو لغيرها.أ-هـ إغاثة اللهفان (1/298-300)
والأمة الإسلامية إذا حرصت على هذه الأعياد المحدثة ضعف في قلبها مكانة الأعياد الشرعية فمن شأن الجسد إذا كان جائعاً فأخذ من طعامٍ حاجته استغنى عن طعام آخر. فلو أكل من الطعام الآخر لأكله بصعوبة وكراهية وربما ضره أكله . أو لم ينتفع به.
وهكذا الأمة الإسلامية إذا رُبيت على غير الأعمال المشروعة قلَّت رغبتها في المشروع.
ولذلك قيل ما ابتدع قوم بدعة إلا نزع الله عنهم من السنة مثلها" انظر للفائده الاقتضاء(1/483)
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن أكثر من يحرص على مثل هذه البدع- يعني إحياء أيام معينة كيوم المولد النبوي ومثل بدر وحنين وغيرها- إنما تجدهم حريصون على هذه البدع مع فتورهم في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم.وإنما هم بمنزلة من يحلي المصحف ولا يقرأ فيه .أو يقرأ فيه ولا يتبعه وبمنزلة من يزخرف المسجد ولا يصلي فيه أو يصلي فيه قليلاً وبمنزلة من يتخذ المسابيح والسجادات المزخرفة ... الخ
فالواجب على العلماء والدعاة وطلبة العلم وعموم المسلمين إنكار بدعة عيد الميلاد والإنكار على من أعان على إقامة عيد الميلاد. والإنكار أيضاً على من يزور ويحضر هذه المناسبات المُحدثة.
أسأل الله جل وعلا أن يوفق الجميع إلى ما يحب ويرضى إنه ولي ذلك والقادر عليه والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه عضو الدعوة بوزارة الشؤون الإسلاميه
woroud azhar- زهـــــــرة السلام
- عدد المساهمات : 14068
الموقع : ارض الله
وقفات مع الشيخ سلمان العودة في عيد الميلاد
الشيخ د.عبدالله بن سليمان آل مهنا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعـــد :
فقد اطلعت على فتوى للشيخ سلمان العودة في موقعه بجواز الاحتفال بعيد الميلاد للأولاد وكانت الفتوى جواباً لسؤال ورد إليه في برنامج ( الحياة كلمة ) وقد أفتى بذلك غير هذه المرة ...
ورغبة في بيان الصواب في هذه المسألة أحببت نشر هذا التعقيب وتعميمه ، لكون الفتوى على العموم ، فإن كثيراً من الناس اتكأ عليها وصاروا يقيمون الموالد لأولادهم .
قال الشيخ عفا الله عنا وعنه : (إن الذي يَظهر لي أن هذه الاحتفالات الفردية كأن يجمع طفل أصدقاءه وذوي رحمه في احتفال ببراءة وعفوية لا تحمل أيَّ بعد عقائدي ، فإن الأصل فيها هو الإذن وليس المنع ... ) .
فأقول وبالله التوفيق : إن الشيخ هوّن من شأن ( عيد الميلاد ) بوصفه لمن يعمله بالبراءة والعفوية ، ومقصوده - والله أعلم - عدم نية السوء والابتداع أو التشبه بالكفار ، ومفهوم كلامه أن ما كان بخلاف ذلك من نية الابتداع والتشبه بالكفار فهو ممنوع ...
ولي مع هذه الفتوى وقفات :
الأولى :
هذه الأعياد التي تسمى ( الميلاد ) لم تكن تعرف في الإسلام ، بل لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجدهم يلعبون في يومين ، فقال { ما هذان اليومان ؟ } قالوا : يومان كنا نلعب فيهما في الجاهلية فقال صلى الله عليه وسلم : { قد أبدلكم الله بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر } " (1) فلم يقرهم صلى الله عليه وسلم على تخصيص هذين اليومين باللعب مع أنه لم يكن لهم فيهما غير اللعب ، مما يدل على انتفاء شبهة التعبد فيهما ، وهذا اللعب المجرد يحمل معنى العفوية التي عبر بها الشيخ ، ومع ذلك لم يأذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم في الاستمرار على هذين العيدين وأبدلهم بهما الأضحى والفطر .
الثانية :
الأزمنة المعظمة سواءً كانت أعياد ميلاد أو غيرها لا يخلو المنع من الاعتناء بها وإقامتها من إحدى علل ثلاث :
الأولى : الإحداث :
فإن اعتماد أعياد زمانية لم ترد في الشرع يعتبر إحداثاً في دين الله ، وشرعا لم يأذن به الله ، قال الله تعالى: ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) [ الشورى 21 ] وقال صلى الله عليه وسلم : {من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد } (2) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " العيد اسم جنس ، يدخل فيه كل يوم أو مكان لهم فيه اجتماع ، وكل عمل يحدثونه في هذه الأمكنة والأزمنة ، فليس النهي عن خصوص أعيادهم ، بل كل ما يعظمونه من الأوقات والأمكنة التي لا أصل لها في دين الإسلام ، وما يحدثونه فيها من الأعمال يدخل في ذلك ، " (3).
العلة الثانية : التشبه بالكفار:
فإن الشريعة نهت عن التشبه بالكفار بصفة عامة فقال صلى الله عليه وسلم : { من تشبه بقوم فهو منهم }(4) .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : "وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم ، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشـبه كما في قوله تعالى ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) (5) [ المائدة : آية 51 ] " .
ونهت بصفة خاصة عن التشبه بهم في أعيادهم ، فعن أنس رضي الله عنه قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما ، فقال :{ قد أبدلكم الله بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر } (6) .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "دخل عليّ أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار ، تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بُعاث ، قالت : وليستا بمغنيتين ، فقال أبو بكر : أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وذلك في يوم عيد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { يا أبا بكر إن لكل قوم عيداً ، وهذا عيدنا } (7) .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : " قوله {إن لكل قوم عيداً ، وهذا عيدنا } فإن هذا يوجب اختصاص كل قوم بعيدهم ، كما أن الله سبحانه قال: ( ولكل وجهة هو موليها ) [البقرة: 148]، وقال ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا )[المائدة: 48] ، أوجب ذلك اختصاص كل قوم بوجهتهم وبشرعتهم ، وذلك أن اللام تورث الاختصاص ، فإذا كان لليهود عيد ، وللنصارى عيد ، كانوا مختصين به فلا نشركهم فيه ، كما لا نشركهم في قبلتهم وشرعتهم ، وكذلك – أيضاً على هذا – لا ندعهم يشركوننا في عيدنا " ( .
وتشبه بعض المسلمين بالكفار في الأعياد والمواسم لا ينحصر في كونهم يقيمون هذا العيد ، أو يقيمونه على صفة معينة للكفار تقتضي منا أن لا نتشبه بهم فيها ... لكن الأمر يتعدى ذلك إلى أمور منها :
• الأول : التشبه بهم في نوع الأعياد، أي أن من المسلمين من يتشبه بالكفار في إقامة أعياد وفيها مضاهاة لأعياد الكفار .
وحتى يتبين خطأ ما قاله الشيخ سلمان من كون عيد الميلاد ليس تشبهاً حيث قال ( أن مثل هذا الاحتفال ليس تشبهًا ، فهو ليس من خصوصيات الأمم الكافرة ، وإنما هذا موجود الآن عند معظم شعوب العالم ...)
أقول جواباً على هذا : إن معظم شعوب العالم اليوم ليست على الإسلام ، فإن المسلمين يمثلون ربع العالم تقريباً ، فهل نسي الشيخ هذا الأمر !! هذا من جهة .
ومن جهة أخرى فإن أعياد الميلاد من خصوصيات الكفار الدينية ، فإن معظم الأعياد البدعية التي يقيمها بعض المسلمين أو يقلدون فيها الكافرين قائمة على خلفيات دينية عند الكفار ، مثال ذلك:
الاحتفال بالهجرة النبوية يحاكي عيد رأس السنة .
المولد النبوي وميلاد الشخص يحاكي عيد ميلاد عيسى عليه السلام .
الإسراء والمعراج يحاكي عيد القيامة ( أي قيامة المسيح ) عند النصارى .
مهرجان الزهور يحاكي عيد النيروز عند المجوس وشم النسيم عند القبط .
? فعيد رأس السنة الميلادية أصله عيد رأس السنة المجوسية الذي كان المجوس يقيمونه تقديساً لمعبودهم الشمس ، ومن المعلوم أن الحضارة النصرانية أخذت أعيادها من اليونان الأمة الوثنية ، واليونان ورثوا عقائدهم من المجوس .
وكان قدماء المصريين أيضاً يحتفلون برأس السنة عندما تظهر " سوثيز " أي " الشعرى اليمانية " أثناء النهار ، مما يدل على ارتباط ذلك بديانتهم (9) .
وسرى ذلك إلى العرب فقال تعالى ( وأنه هو رب الشعرى ) [ النجم 49 ] وهو كوكب مضيء يطلع بعد الجوزاء ، قال السدي : كانت تعبده حمير وخزاعة ، وكان من لا يعبدها من العرب يعظمها ويعتقد تأثيرها في العالم (10).
وعند اليهود عيد رأس السنة ، أو رأس الشهر ، وهو شهر مقدس عندهم لمحاسبة النفس والتوبة والندم ، وقد اختار اليهود هذا الشهر للتقدم إلى الرب بأفضل الأعمال ، وذلك لما حدث فيه من عبادة العجل وكسر الألواح (11) .
والمولد النبوي يقيمه أهل البدع على اعتبار أن محمداً صلى الله عليه وسلم أجدر وأولى بالتكريم من عيسى عليه السلام ، فوقعوا في التشبه بالنصارى بدعوى محبة النبي صلى الله عليه وسلم كما غلا النصارى في محبة عيسى عليه السلام .
بل إن لعيد الميلاد عند النصارى الموافق ( 25 ) ديسمبر ارتباطاً وتأثراً بالديانة اليونانية الوثنية ، فإن التاريخ نفسه هو يوم ميلاد " آلهة الشمس " ( ميترا ) عند اليونان ، ولذا وُجدت العناية عند النصارى بالنار والشموع التي تمثل الشمس تأثراً بالديانة اليونانية الوثنية (12).
فيكون الترتيب الزمني لأعياد الميلاد هكذا :
عيد ميلاد ( ميترا ) آلهة الشمس عند اليونان .
ثم عيد ميلاد المسيح عليه السلام .
ثم عيد ميلاد محمد صلى الله عليه وسلم .
ثم عيد ميلاد الأطفال والأشخاص عموماً ممن هم دون النبي صلى الله عليه وسلم كالأولياء والصالحين والزعماء وأئمة الرافضة ونحوهم .
• الأمر الثاني : التشبه بهم في توقيت الأعياد ، وذلك باستعمال الحساب الشمسي في بعض الأعياد ، وترك الحساب القمري الذي هو من شعائر هذه الأمة ، ولولا خشية الإطالة لنقلت كلام أهل العلم في هذه المسألة .
وبعد هذا السياق يتضح أن احتفال المسلم بعيد الميلاد له أو لأحد من أولاده لا يخرج عن ارتكاب المحظور بهذه العلل الثلاث أو ببعضها ، وقول الشيخ عفا الله عنه أنه لا بُعد عقائدي لهذا العيد لا يسلّم له بعد أن تبين أن موافقة الكفار في نوع هذا العيد هو بُعد عقائدي .
العلة الثانية : التخصيص :
ومعناه : أن تخصيص زمان من هذه الأعياد ( الميلاد أو غيره ) باجتماع راتب ، أو أعمال ، أو عبادات ، يعتبر تعظيماً لهذا اليوم وتخصيصاً له من غير مخصِّص ، والأزمنة المعظمة محددة في الشريعة الإسلامية لا يزاد عليها إلا بدليل ، ولو أحدثنا أزمنة كالميلاد وغيره ضاهينا بذلك الأعياد الشرعية التي تنتظرها النفوس بشغف ، وزاحمناها ، ولذا فإن الشريعة الإسلامية نهت عن تخصيص شيء من الأزمنة بتعظيم إلاماخصته ، حياطة للشعائر الإسلامية أن يدخل عليها ما يزاحمها ويضعف أثرها في النفوس ، فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام ، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم } (13) .
وما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا يتقدمنّ أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم } (14) .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
فوجه الدلالة : أن الشارع قسّم الأيام باعتبار الصوم ثلاثة أقسام:
1. قسم شُرع تخصيصه بالصيام إما إيجاباً كرمضان ، وإما استحباباً كيوم عرفة وعاشوراء .
2. وقسم نُهي عن صومه مطلقاً كيوم العيدين.
3. وقسم إنما نُهي عن تخصيصه كيوم الجمعة وسرر شعبان.
فهذا النوع لو صِيم مع غيره لم يكره ، فإذا خُصّص بالفعل نُهي عن ذلك ، سواءً قصد الصائمُ التخصيص أو لم يقصده ، وسواءً اعتقد الرجحان أو لم يعتقده .
ومعلوم أن مفسدة هذا العمل لولا أنها موجودة في التخصيص دون غيره لكان إما أن ينهى عنه مطلقاً كيوم العيد ، أو لا ينهى عنه ، كيوم عرفة وعاشوراء ، وتلك المفسدة ليست موجودة في سائر الأوقات ، وإلا لم يكن للتخصيص بالنهي فائدة ، فظهر أن المفسدة تنشأ من تخصيص ما لاخصيصة له ، كما أشعر به لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإن نفس الفعل المنهي عنه أو المأمور به قد يشتمل على حكمة الأمر أو النهي ، كما في قوله{ خالفوا المشركين } (15) فلفظ النهي عن الاختصاص لوقت بصوم أو صلاة ، يقتضي أن الفساد ناشئ من جهة الاختصاص.
فإذا كان يوم الجمعة يوماً فاضلاً يستحب فيه من الصلاة والدعاء والذكر والقراءة والطهارة والطيب والزينة ما لا يستحب في غيره ، كان ذلك في مظنة أن يتوهم أن صومه أفضل من غيره ، ويعتقد أن قيام ليلته كالصيام في نهاره ، لها فضيلة على غيرها من الليالي ، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التخصيص دفعاً لهذه المفسدة التي لا تنشأ إلا من التخصيص.
وكذلك تلقي رمضان قد يُتوهم أن فيه فضلاً لما فيه من الاحتياط للصوم ، ولا فضل فيه في الشرع ، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تلقيه لذلك.
وهذا المعنى موجود في مسألتنا ، فإن الناس قد يخصون هذه المواسم لاعتقادهم فيها فضيلة ، ومتى كان تخصيص الوقت بصوم أو بصلاة قد يقترن باعتقاد فضل ذلك ولا فضل فيه ، نُهي عن التخصيص، إذ لا ينبعث التخصيص إلا عن اعتقاد الاختصاص ، ومن قال إن الصلاة أو الصوم في هذه الليلة كغيرها ، هذا اعتقادي ، ومع ذلك فأنا أخصها ، فلا بد أن يكون باعثه إما موافقة غيره ، وإما اتباع العادة ، وإما خوف اللوم له ، ونحو ذلك ، وإلا فهو كاذب ، فالداعي إلى هذا العمل لا يخلو قط من أن يكون ذلك الاعتقاد الفاسد ، أو باعثاً آخر غير ديني ، وذلك الاعتقاد ضلال.
ثم هذا الاعتقاد يتبعه أحوال في القلب من التعظيم والإجلال ، وتلك الأحوال أيضاً باطلة ليست من دين الله.
ولو فرض أن الرجل قد يقول : أن لا أعتقد الفضل ، فلا يمكنه مع التعبد أن يزيل الحال الذي في قلبه من التعظيم والإجلال ، والتعظيم والإجلال لا ينشأ إلا بشعور من جنس الاعتقاد ، ولو أنه وهم ، أو ظن أن هذا أمر ضروري ، فإن النفس لو خلت عن الشعور بفضل الشيء امتنع مع ذلك أن تعظمه ، ولكن قد تقوم بها خواطر متقابلة، فهو من حيث اعتقاده أنه بدعة يقتضي منه ذلك عدم تعظيمه ، ومن حيث شعوره بما روي فيه ، أو بفعل الناس له ، أو بأن فلاناً وفلاناً فعلوه ، أو بما يظهر له فيه من المنفعة يقوم بقلبه عظمته ، فعلمت أن فعل هذه البدع يناقض الاعتقادات الواجبة ، وينازع الرسل ما جاؤوا به عن الله ، وأنها تورث القلب نفاقاً ، ولو كان نفاقاً خفيفاً "(16) .
قلت : وهكذا تخصيص يوم ميلاد الشخص هو ناشيء في الحقيقة عن تعظيم لهذا اليوم ، ولو ادعى أحدٌ عدم وجود هذا التعظيم لم يسلّم له ، لأن تخصيص هذا اليوم بالانتظار ثم الاجتماع ثم الاحتفال والفرح والأكل والشرب ومظاهر العيد من الألعاب ونحوها ... مع ما يصاحب ذلك من الدعوات بعام جديد سعيد هو بحد ذاته تعظيم ، ولو لم يكن فيه تعبد .
الوقفة الثالثة :
قول الشيخ : أنه احتفال ببراءة وعفوية ...
ومفهومه أن من يقيمه لا يقصد التعبد ولا التشبه ، وهذا التعليل لا أعلم من قال به من أهل العلم ، فمن أين للشيخ هذا الرأي !! بل هو مردود بحديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال " نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلاً ببوانة ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : { هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟ قالوا: لا ، قال : هل كان فيها عيدٌ من أعيادهم ؟ قالوا: لا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوف بنذرك ، وإنه لا وفاء لنذرٍ في معصية الله ، ولا فيما لا يملك ابن آدم } (17) .
قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله عند هذا الحديث :
" التاسعة: الحذر من مشابهة المشركين في أعيادهم ولو لم يقصده" (18).
قال الشيخ عبدالله الدويش رحمه الله : " أي أنه لما جعل نذر الذبح في مكان عيد المشركين نذر معصية ، ومنع من الوفاء به مع كون الناذر لم يقصده ، دل ذلك على الحذر من مشابهتهم " (19) .
ومقصود المشايخ رحمهم الله أن الصحابي رضي الله عنه لا يظن به أن يقصد ذلك المكان من أجل إحياء عيد المشركين لو كان في نفس الموضع ، ومع ذلك نهاه النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن صورة الفعل فيها مشابهة للكافرين وإن لم ينو ذلك .
ولهذا أيضاً نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند طلوع الشمس حتى ترتفع ، فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان ، وحينئذٍ يسجد لها الكفار (20) ، ومن المعلوم أن المسلم لايخطر بباله أن يسجد للشمس لو صلى في ذلك الوقت ، لكن حسماً لمادة المشابهة في صورة الفعل منع من ذلك صلى الله عليه وسلم .
وفي نحو هذا المعنى قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح حديث { أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله } :
" هل الفعل يشعر بالنية ، أو نقول المضاهاة حاصلة سواءً كانت بنية أو بغير نية ؟
الجواب : الثاني ، لأن المضاهاة حصلت سواءً نوى أو لم ينو ، لأن العلة هي المشابهة ، وليست العلة قصد المشابهة ، فلو جاء رجل وقال : أنا لا أريد أن أضاهي خلق الله ، أنا أصور هذا للذكرى مثلاً وما أشبه ذلك ... نقول : هذا حرام ، لأنه متى حصلت المشابهة ثبت الحكم ، لأن الحكم يدور مع علته ، كما قلنا فيمن لبس لباساً خاصاً بالكفار إنه يحرم عليه هذا اللباس ، ولو قال إنه لم يقصد المشابهة نقول : لكن حصل التشبه ، فالحكم مقرون بعلة لا يشترط فيه القصد ، فمتى وجدت العلة ثبت الحكم "(21).
وهكذا في مسألة أعياد الميلاد فلو قال شخص أن لا أقصد التشبه قلنا له : إن التشبه بهم حاصل سواءً قصدت أو لم تقصد.
الوقفة الرابعة :
قول الشيخ : ( إن ما يسمى بعيد الميلاد (الشخصي) كثيرون لا يسمونه عيداً ... )
أقول : وبعض من يرتكب الشرك يسميه بغير اسمه فيسمونه تبركاً وتوسلاً ... وكذلك من يرتكب الكبائر يسميها بغير اسمها فيسمون الخمر كحولاً ومشروبات روحية ، ويسمون الربا فوائد ...
فليس دليلاً على الجواز كون من فعله لا يسميه ( عيداً ) فهو عيد لغة وفي الاصطلاح الشرعي .
قال في لسان العرب : ابن الأعرابي : سمي العيدُ عيداً لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد " (22) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " العيد اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد، عائدٌ إما بعود السنة ، أو بعود الأسبوع ، أو الشهر ، أو نحو ذلك " (23).
فعيد الميلاد يعود ( كل سنة ) في ( توقيت معين ) و ( مقصود لذاته ) أي لكونه اليوم الذي ولد فيه الشخص ، ويكون فيه من الأعمال والاجتماع والفرح ما يكون نوعه في العيد المشروع ، فيكون بهذا آخذاً صبغة العيد تماماً ، فإحداثه إضافة عيدٍ في حياة المسلم وتشريع لم يأذن به الله .
الوقفة الخامسة :
قول الشيخ : ( ... وبعضهم لا يلتزم أن يجعل الاحتفال في اليوم ذاته، فقد يكون قبله أو بعده ... )
ولعل الشيخ - وفقه الله - وهو المحب لقلم ابن تيمية -كما قال - غاب عنه أو نسي ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا الموضوع وهو أن حريم العيد من العيد ، فأنا أذكِّره بكلامه :
قال شيخ الإسلام رحمه الله : " العيد اسم جنس ، يدخل فيه كل يوم أو مكان لهم فيه اجتماع ، وكل عمل يحدثونه في هذه الأمكنة والأزمنة ، فليس النهي عن خصوص أعيادهم ، بل كل ما يعظمونه من الأوقات والأمكنة التي لا أصل لها في دين الإسلام ، وما يحدثونه فيها من الأعمال يدخل في ذلك ، وكذلك حريم العيد وهو ما قبله وما بعده من الأيام التي يحدثون فيها أشياء لأجله ، أو ما حوله من الأمكنة التي يحدث فيها أشياء لأجله ، أو ما يحدث بسبب أعماله من الأعمال ، حكمها حكمه ، فلا يفعل شيء من ذلك " (24).
الوقفة السادسة :
أخشى أن يُلزم الشيخ بجواز الاحتفال بالمولد النبوي خصوصاً إذا ادعى مدعٍ أنه لا يتعبد الله بالمولد النبوي وإنما يقيمه ( احتفاءً ) بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ، كما يحتفى بمناسبات الزعماء الشخصية والوطنية ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بذلك ، فلعل الشيخ يراجع نفسه والمؤمن رجّاع إلى الحق إذا تبين له .
لذا فإن هذه المسألة وغيرها من المسائل العامة للأمة لا ينبغي التسرع في إعطاء رأيٍ فيها مالم يكن قد حققها الإنسان تحقيقاً يطمئن له قلبه ، وأحسب أن كثيراً من الدعاة والمشايخ شغلوا بالدعوة والإعلام عن العكوف على تحقيق المسائل العلمية.
وأخيراً : إذا كان الشيخ سلمان وغيره من الدعاة يسعى للإصلاح و ( جمع الكلمة ) فإن سريان البدع في الأمة من أعظم أسباب الفرقة فإن الله تعالى أفرد الحق وعدد الباطل بقوله جل شأنه ( وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) [ الأنعام 153 ] ، والمتعين على الداعية إذا رأى تساهل الناس في أمرٍ ما أن يأخذهم بالحزم لا أن يبحث عن سبيل رخصة بدون دليل ، ولهذا كانت سنة عمر رضي الله عنه من أبدع السنن في حياطة الدين من تساهل المفرطين ، قال ابن عباس رضي الله عنهما ( كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر : إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم ) ( 25) ، قال شيخ الإسلام رحمه الله " ولاريب أنه إذا كثر المحظور احتاج الناس فيه إلى زجر أكثر مما إذا كان قليلاً " (26 ) .
وختام المسك ومسك الختام فهذه فتاوى علمائنا رحمهم الله في أعياد الميلاد أتحف بها القراء الكرام :
سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله عن إقامة أعياد الميلاد فأجاب :
الاحتفال بأعياد الميلاد لا أصل له في الشرع المطهر بل هو بدعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد ) متفق على صحته(27) .
وسُئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عن حكم إقامة أعياد الميلاد للأولاد أو بمناسبة الزواج فأجاب : " ليس في الإسلام أعياد سوى يوم الجمعة عيد الأسبوع ، وأول يوم من شوال عيد الفطر من رمضان ، والعاشر من شهر ذي الحجة ، عيد الأضحى ، وقد يسمى يوم عرفة عيداً لأهل عرفة ، وأيام التشريق أيام عيد تبعاً لعيد الأضحى ، وأما أعياد الميلاد للشخص أو أولاده ، أو مناسبة زواج ونحوها ، فكلها غير مشروعة ، وهي للبدعة أقرب من الإباحة "(28) .
وفي فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية ما نصه:
" الأعياد في الإسلام ثلاثة : يوم عيد الفطر ، ويوم عيد الأضحى ، ويوم الجمعة ، أما أعياد الميلاد الفردية وغيرها ، لما يجتمع فيه من المناسبات السارّة ، كأول يوم من السنة الهجرية والميلادية ، وكيوم نصف شعبان ، أو ليلة النصف منه ، ويوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، ويوم تولي زعيم الملك ، أو رئاسة جمهورية مثلاً ، فهذه وأمثالها لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا في عهد خلفائه الراشدين ، ولا في القرون الثلاثة التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالخير، فهي من البدع المحدثة التي سرت إلى المسلمين من غيرهم ، وفتنوا بها، وصاروا يحتفلون فيها كاحتفالهم بالأعياد الإسلامية أو أكثر" (29).
أسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً باطلاً ويرزقنا اجتنابه ولا يجعله ملتبساً علينا فنضل .
woroud azhar- زهـــــــرة السلام
- عدد المساهمات : 14068
الموقع : ارض الله
حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم
د. مهران ماهر عثمان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خير المرسلين ، أما بعد ؛
فإن من أصول دين الإسلام : تعظيمَ النبي صلى الله عليه وسلم ومحبتَه. ولا يكمل إيمان المرء حتى يحبه أكثر من كل أحد ، قال النبي صلى الله عليه وسلم :«لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» [أخرجه البخاري ومسلم ].
لكن هل معنى ذلك أن نحتفل بمولده صلى الله عليه وسلم ؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال لابد أن نعلم ما يلي :
1/ أن الله تعالى قال في كتابه:{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينً}[المائدة 3]. فما لم يكن ديناً آنذاك فليس اليوم بدين .
2/ قال النبي صلى الله عليه وسلم :«من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» [مسلم] أي: مردود . وقال صلى الله عليه وسلم :«كل بدعة ضلالة»[مسلم] . فهذان الحديثان يدلان على أنَّّ كل أمر لم يشرعه النبي صلى الله عليه وسلم فليس بمشروع ، ولا يكون حسناً ؛ لأن (كل) من ألفاظ العموم
3/ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أعظم الناس حباً وإجلالاً له، ولا يشك عاقل في ذلك ، ومع ذلك لم يؤثر عن واحد منهم أنه احتفل بمولد النبي صلى الله عليه وسلم . فهل نحن أكثر حباً للنبي صلى الله عليه وسلم منهم ؟!! .
4/ يُقال للذي يحتفل بالمولد : هل احتفل به النبي صلى الله عليه وسلم أم لم يحتفل ؟ فإن قال : لم يحتفل . قلنا : كيف تتجرأ على فعل أمر تزعم أنه قربة ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم الذي ما ترك أمراً يقرب إلى الله إلا ودلَّ الأمة عليه .
وإن قال : احتفل. قلنا :{ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111] ودون ذلك خرط القتاد، وولوج الجمل في سَمِّ الخياط .
وعليه فلا يشرع للإنسان أن يحتفل بمولد النبي صلى الله عليه وسلم .
واعلم أن الفاطميين - والصواب أن يُسموا بالعبيديين - هم أول من أحدث هذا الاحتفال . نصَّ على ذلك جمع من أهل العلم ، منهم : الإمام ابن كثير في البداية والنهاية ، والشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي مصر سابقاً.
وقد ذكر ابن كثير في البداية والنهاية أن مولد النبي صلى الله عليه وسلم لا يُعرف له تاريخ قاطع ، وذكر القرطبي المالكي رحمه الله طرفاً من خلاف العلماء في يوم مولده صلى الله عليه وسلم في تفسيره [20/194]. وعلى فرض أنه صلى الله عليه وسلم وُلد في الثاني عشر من شهر ربيع الأول فهذا يوم وفاته كذلك . وليس الفرح في هذا اليوم بأولى من الحزن فيه .
ولا يُستدل على مشروعية الاحتفال بقول الله تعالى :{ قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس:58]فإنه لم يستدل بها أحد من أصحاب القرون المفضلة على هذا الزعم ، فهل نحن أفهم لكتاب الله تعالى من الصحابة والتابعين الذين فاتهم هذا الاستدلال ، وخلا عصرهم منه ، فكان إجماعاً على أنه لا يُراد من الآية ذلك . قال القرطبي نقلاً عن سلف الأمة في معنى الآية فضل الله الإسلام ، ورحمته القرآن) [الجامع :8/353].
ولا يُستدل كذلك بما يُذكر من الرؤيا التي فيها أن أبا لهب لما فرح بمولد النبي صلى الله عليه وسلم خفف الله تعالى عنه العذاب ؛ فإنها لا تثبت من ناحية الإسناد . والكافر لا يُثاب على أعماله الصالحة لأنه فقد شرطاً من شروط قبول العمل وهو الإيمان . فما بالك إذا كان العمل غير محل للثواب ؛ فالفرح بالأبناء فرح طبعي لا يُثاب الإنسان عليه لذاته .
وأما صيام النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لأنه يوم وُلد وبُعث فيه فلا يدل على جواز الاحتفال . فالحديث دليل على أننا نصوم هذا اليوم من كل أسبوع شكراً لهذه النعمة ، وليس فيه أننا نحتفل بيوم واحدكل عام ، والعبادات لا قياس فيها .
وقد نص الإمام الفاكهاني المالكي المذهب على بدعية الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم في رسالته : المورد في الكلام على المولد ، وبه قال ابن الحاج المالكي [المدخل : 2/11-12]
وعلى المسلم أن يعلم أنه ليس في الإسلام بدعة حسنة ، وكل خير في اتباع من سلف، وتمسكك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم أكبر دليل على محبتك له ، وليسعنا ما وسع النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه رضي الله عنهم .
نسأل الله أن يهدي المسلمين جميعاً ، وأن يجمع على الحق كلمتهم .
وصل اللهم وسلم على نبينا وحبيبنا محمد وآله وصحبه .
woroud azhar- زهـــــــرة السلام
- عدد المساهمات : 14068
الموقع : ارض الله
حقيقة الاحتفال بالمولد النبوي
عبدالرحمن بن عبدالخالق
- الاختلاف حول الاحتفال بالمولد النبوي ليس اختلافاً بين من يحب الرسول ويعظمه وبين من يبغضه ويهمل شأنه بل الأمر على العكس من ذلك تماماً.
- الفاطميون الإسماعيليون هم أول من ابتدع بدعة الاحتفال بالمولد النبوي.
- (الحقيقة المحمدية) في الفكـر الصوفي تختلف تماماً عما نؤمن به نحو النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
مقدمة
اطلعت على بعض المقالات التي يـروج أصحابها لفكرة الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، واتخاذ يوم ولادته عيداً ليكون ملتقى روحياً للمسلمين -على حد تعبيرهم- ومحاسبة النفس على مدى الاتباع والتمسك بالدين الإسلامي كما يزعمون..
وبالرغـم من أن هذا الموضوع قديم، وقد كتب فيه المؤيدون والمعارضون، ولن يزال الخلاف فيه -الا ما شاء الله- إلا أنني رأيت من واجبي تجلية بعض الحقائق التي تغيب عن جمهـور الناس عند نقاش هذه القضية.. وهذا الجمهور هو الذي يهمني الآن أن أضع مجموعة من الحقائق بين يديه ليعلم حقيقة الدعوة إلى الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم.. ولماذا ترفض هذه الدعوى من أهل التوحيد والدين الخالص والإسلام الصحيح.
ماذا يريد الدعاة
إلى الاحتفال بالمولد النبوي على التحديد؟
يصور دعاة الاحتفال والاحتفاء بيوم مولد الرسول صلى الله عليه وسلم على أنه هو مقتضى المحبة والتعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يوم مولده يوم مبارك ففيه أشرقت شمس الهـداية، وعم النور هذا الكون، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم الاثنين، ولما سئل عن ذلك قـال: [هذا يوم ولدت فيه وترفع الأعمال إلى الله فيه، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم]، وأنه إذا كان العظماء يحتفل بمولدهم ومناسباتهم فالرسول صلى الله عليه وسلم أولى لأنه أعظم العظماء وأشرف القادة..
ويعرض دعاة الاحتفال بالمولد هذه القضية على أنها خصومة بين أحباب الرسول صلى الله عليه وسلم وبين أعدائه وخلاف بين من يعظمون الرسول صلى الله عليه وسلم ويقدرونه وينتصرون له، وبين من يهملونه، ولا يحبونه ولا يضعونه في الموضع اللائق به.
ولا شك أن عرض القضية على هذا النحو هـو من أعظم التلبيس وأكبر الغش لجمهور الناس، وعامة المسلمين، فالقضية ليست على هذا النحو بتاتاً فالذين لا يرون جواز الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم خوفاً من الإبتداع في الدين هم أسعد الناس حظاً بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم وطاعته، فهم أكثر الناس تمسكاً بسنته، واقتفاءاً لآثاره، وتتبعاً لحركاته وسكناته، وإقتـداء به في كل أعماله صلى الله عليه وسلم، وهم كذلك أعلم الناس بسنته وهديه ودينه الذي أرسل به، وأحفظ الناس لحديثه، وأعرف الناس بما صح عنه وما افتراه الكذابـون عليه، ومن أجل ذلك هم الذابون عن سنته، والمدافعون في كل عصر عن دينه وملته وشريعته بل إن رفضهم للإحتفال بيوم مولده وجعله عيداً إنما ينبع من محبتهم وطاعتهم له فهم لا يريدون مخالفة أمره، ولا الإفتئات عليه، ولا الإستدراك على شريعته لأنهم يعلمون جازمين أن إضافة أي شيء إلى الدين إنما هو استدراك على الرسول صلى الله عليه وسلم لأن معني ذلك أنه لم يكمل الدين، ولم يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم كل ما أنزل الله إليه أو أنه استحيا أن يبلغ الناس بمكانته ومنزلته، وما ينبغي له، وهذا أيضا نقص فيه، لأن وضع الرسول صلى الله عليه وسلم في مكانته من الدين الذي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتبليغه وقـد فعل صلى الله عليه وسلم، فقد بين ما يجب على الأمة نحوه أتم البيان فقال مثلا [لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين] (أخرجه البخاري ومسلم)
* وقال عمر بن الخطاب: والله يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال : [لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك] فقـال -أي عمر- : فأنت الآن أحب إلي من نفسي، فقال: [الآن يا عمر] (أخرجه البخاري)..
والشاهد أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يستحي من بيان الحق، ولا يجوز له كتمانه، ولا شك أن من أعظم الحق أن يشرح للناس واجبهم نحوه، وحقه عليهم، ولو كان من هذا الحق الذي له أن يحتفلوا بيوم مولده لبينه وأرشد الأمة إليه.
وأما كونه كان يصوم يوم الاثنين وأنه علل ذلك أنه يوم ولد فيه، ويوم ترفع الأعمال إلي الله فيه، فإن أحباب الرسول صلى الله عليه وسلم على الحقيقة يصومون هذا اليوم من كل أسبوع اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.
وأما أولئك الملبسون فإنهم يجعلون الثاني عشر من ربيع الأول يوم عيد ولو كان خميساً أو ثلاثاءً أو جمعةً.
وهذا لم يقله ولم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يثبت أنه صام الثاني عشر من ربيع الأول، ولا أمر بصيامه.
فاستنادهم إلى إحيـاء ذكرى المولد، وجعل الثاني عشر من ربيع الأول عيداً لأن الرسول صلى الله عليه وسلم صام يوم الاثنين تلبيس على عامة الناس وتضليل لهم.
والخلاصة:
أن الذين يُتهمون بأنهم أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم ومنكرو فضله، وجاحدوا نعمته، كما يدّعي الكذابون هم أسعد الناس حظا بإتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، ومحبته، وهم الذين علموا دينه وسنته على الحقيقة.
وأما أولئك الدعاة إلي الاحتفال بالمولد فدعوتهم هذه نفسها هي أول الحرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأول الكذب عليه، والاستهانة بحقه.
لأنها مزاحمةٌ له في التشريع واتهام له أنه ما بيّن الدين كما ينبغي، وترك منه ما يستحسن، وأهمل ما كان ينبغي ألا يغفل عنه من شعائر محبته وتعظيمه وتوقيره، وهذا أبلغ الأذى لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذه نقطة الفصل في هذه القضية، وبداية الطريق لمعرفة من اهتدى ومن ضل فيها.
فدعاة المولد -بدعوتهم إليه- مخالفون لأمره صلى الله عليه وسلم، مفتئتون عليه، مستدركون على شريعته، ونفاة المولد متبعون للرسول صلى الله عليه وسلم، متابعون لسنته، محبون له، معظمون لأمره غاية التعظيم متهيبون أن يستدركوا عليه ما لم يأمر به، لأنه هو نفسه صلى الله عليه وسلم حذرهم من ذلك فقال : [من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد] (أخرجه البخاري ومسلم) و [من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد] (أخرجه البخاري ومسلم)
مَنْ هَؤُلاَءِ؟ ومَنْ هَؤُلاَءِ؟
وهنا يأتي السؤال من الداعون إلى المولد ومن الرافضون له؟ والجواب أن الرافضين للمولد هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الكـرام، ونقول الرافضين -تجوزاً- فالمولد هذا ما كان في عصرهم قط، ولم يعرفوه أبدا، ولا خطر ببالهم أصلا، وعلى هذا كان التابعون وتابعوهم وأئمة السلف جميعاً ومنهم الأئمة الأربعة أعلام المذاهب الفقهية المشهورة.
وعلماء الحديث قاطبةً إلا من شذ منهم في عصور متأخرة عن القرون الثلاثة الأولى قرون الخير، وكل من سار على دربهم ومنوالهم إلى يومنا هذا.
وهؤلاء هم السلف والأمة المهتدية الذين أمرنا الله باتباعهم والترضي عنهم، وفيهم الخلفاء الراشدون المهديون الذين أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم باتباع سنتهم فقال : [عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة] (أخرجه ابن أبي عاصم في (السنة) والترمذي وابن ماجه من حديث العرباض بن سارية وصححه الألباني)
فهل كان هؤلاء من جعل يوم مولده عيداً، ومن خصه بشيء من العبادات أو العادات أو التذكير أو الخطب، أو المواعظ.
وإذا كانت الأمة الصالحة هي ما ذكرنا وهي التي لم تحتفل بيوم مولده، وتركت ذلك تعظيماً للرسول صلى الله عليه وسلم لا إهانة له، ومعرفة بحقه لا جحوداً لحقه، فمن إذن الذين ابتدعوا الاحتفال بمولده، وأرادوا -في زعمهم- أن يعظموا الرسول صلى الله عليه وسلم بما يعظمه به سلف الأمة الصالح، وأرادوا أن يحيُّوُهُ صلى الله عليه وسلم بما لم يُحَيِّه به الله؟
والجواب: أن أول من ابتدع ذلك هم ملوك الدولة الفاطمية في القرن الرابع الهجري ومن تسمى منهم باسم (المعز لدين الله) ومعلوم أنه وقومه جميعا إسماعيليون زنادقة، متفلسفون. أدعياء للنسب النبوي الشريف، فهم من ذرية عبد الله بن ميمون القداح اليهودي الباطني وقد ادعوا المهدية وحكموا المسلمين بالتضليل والغواية، وحولوا الدين الى كفر وزندقة وإلحاد، فهذا الذي تسمى (بالحاكم بأمر الله)، هو الذي ادعى الألوهية وأسس جملة من المذاهب الباطنية الدرزية احدها، وأرغم المصريين على سب أبي بكر وعمر وعائشة وعلق ذلك في مساجد المسلمين ومنع المصريين من صلاة التراويح، ومن العمل نهاراً إلى العمل ليلاً ونشر الرعب والقتل واستحل الأموال وأفسد في الأرض، مما تعجز المجلدات عن الإحاطة به. وفي عهد هؤلاء الفاطميين أيضا وبإفسادهم في الأرض أكل المصريون القطط والكلاب وأكلوا الموتى، بل وأكلوا أطفالهم.
وفي عهد هؤلاء الذين ابتدعوا بدعة المولد تمكن الفاطميون والقرامطة من قتل الحجاج وتخريب الحج، وخلع الحجر الأسود.
والخلاصة: أن بدعة المولد نشأت من هنا، وهل يقول عاقل أن هؤلاء الزنادقة الملحدون قد اهتدوا إلي شيء من الحق لم يعرفه الصديق والفاروق وعثمان وعلي والصحابة والسلف الأئمة وأهل الحديث؟ هل يكون كل هؤلاء على باطل وأولئك الكفرة الملاعين على الحق؟ وإذا كان قد اغتر بدعوتهم بعض من أهل الصلاح والتقوى وظن -جهلاً منه- أن المولد تعظيم للرسول صلى الله عليه وسلم ومحبة له هل يكون الجاهلون المغفلون حجة في دين الله؟!
ماذا في المولد؟ وما الذي يصنع فيه؟
ونأتي الآن إلى سؤال هام: وماذا في المولد؟ وما الذي يصنع فيه؟
والجواب: أن الذين يحتفلون بالمولد هم في أحسن أحوالهم مبتدعون، مفتئتون على رسول الله صلى الله عليه وسلم مستدركون عليه. مجهلون لسلف الأمة وأئمتها. هذا في أحسن الأحوال إذا صنعوا معروفا في الأصل لتذكر لنعمة الله بإرسال الرسول صلى الله عليه وسلم، وقراءة في سيرته وصلاةٍ وسلامٍ عليه، وإظهارٍ للفرح والسرور بمبعثه، ونحو ذلك مما هو من الدين في الجملة ولكنه لم يشرع في هذه المناسبة. ولكن الحق أن أهل الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم هم في العموم ليسوا على شيء من هذا أصلا.
فالمولد عندهم بدعة أنشأت بدعاً منكرة، بل شركاً وزندقة، فالاحتفال بالمولد عند أهله المبتدعين نظام وتقليد معين، واحتفال مخصوص بشعائر مخصوصة وأشعار تقرأ على نحو خاص، وهذه الأشعار تتضمن الشرك الصريح، والكذب الواضح، وعند مقاطـع مخصوصة من هذا الشعر يقوم القوم قياماً على أرجلهم زاعمين أن الرسول صلى الله عليه وسلم يدخل عليهم في هذه اللحظة ويمدون أيديهم للسلام عليه، وبعضهم يُطفئ الأنوار، ويضعون كذلك كأساً للرسول صلى الله عليه وسلم ليشرب منه، فهم يضيفونه في هذه الليلة!! ويضعون مكاناً خاصاً له ليجلس فيه بزعمهم - إما وسط الحلقة، وإما بجانب كبيرهم.. الذي يدَّعي بدوره أنه من نسله...
ثم يقوم (الذِكر) فيهم علي نظام مخصوص بهز الرأس والجسم يميناً وشمالاً وقوفاً على أرجلهم، وفي أماكن كثيرة يدخل حلقات (الذِكر) هذه الرجال والنساء جميعاً.
وتذكر المرأة هزاً علي ذلك النحو حتى تقع في وسط الجميع ويختلط الحابل بالنابل حتى أن شعوباً كثيرة ممن ابتليت بهذه البدعـة المنكرة اذا أرادت أن تصف أمرا بالفوضى وعدم النظام يقولون (مولد) يعنون أن هذا الأمر في الفوضى وعدم النظام يشبه الموالد.
والعجيب أن هذه الزندقة التي ابتلي به العالم الإسلامي منذ الفاطميين وإلى يومنا هذا -وإن كان قد خف شرها كثيراً- والتي ابتدعها القوم تعظيما للرسول صلى الله عليه وسلم في زعمهم لم يقصروها على رسول الله صلى الله عليه وسلم بل جعلوا لكل أفاكٍ منهم مولداً، ولكل زنديق مدع للولاية مولداً، وبعض هؤلاء يعظم مولد هؤلاء ما لا يعظمون مولد الرسول صلى الله عليه وسلم.
فهذا مولد من يسمى (بالسيد البدوي) الذي لا يعرف له اسم ولا نسب والذي لم يثبت قط أنه صلى جمعة أو جماعـة والذي لا يعرف أيضاً أكان ذكراً أم أنثى حيث أنه لم يكشف وجهه قط!! وكان ملثماً أبداً!! هذا (السيد البدوي) والذي أنكر أهل مكة أن يكون منهم أو يعرفوه - يحتفل بمولده أعظم من الاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإلى اليوم يجتمع بمولده في أسبوع واحد أكثر من سبعة ملايين شخص وهو عدد أعظم من العدد الذي يجتمع في الحج.
فإذا كان أمثال هؤلاء تُعظم موالدهم واحتفالاتهم على نحو ذلك، فهل يكون هذا أيضاً من تعظيم الرسول؟!
وهل من تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل (المعز الفاطمي) وهو الذي ابتدع بدعة المولد النبوي. لنفسه مولداً كمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فهل أراد تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبته حقا؟! وإذا كانوا قد نافسوه في هذه العظمة بل احتفلوا بغيره أعظم من احتفالهم به صلى الله عليه وسلم فهل هذا دليل محبتهم وتوقيرهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
فليتهم اذا ابتدعوا بدعة المولد أن يكونوا قد حرموها على غير رسـول الله صلى الله عليه وسلم وقصروها عليه لمنزلته ومكانته، ولكنهم ابتدعوه قنطرة يقفزون عليها لتعظيم أنفسهم واتباع أهوائهم، وجعل هذا مناسبة لترويج مذاهب بعينها وعقائد مخصوصة يعرفها من قرأ شيئا عن الفكر الصوفي والفكر الباطني..
عقيدة الأمة في الرسول غير عقيدة هؤلاء!
والحق أن عقيدة الأمة الإسلامية المهتدية في الرسول صلى الله عليه وسلم غير عقيدة هؤلاء المبتدعين.. فرسـول الله صلى الله عليه وسلم عند المسلم الحقيقي هو النبي والرسول الذي تجب طاعته قبل كل أحد وبعد كل أحد، ولا تجوز معصيته، والذي يجب محبته فوق كل أحد والذي لا دخول للجنة إلا بمحبته وطاعته واقتفاء أثره، وأنه النبي الخاتم الذي جاء بالتوحيد والإيمان والدين الصحيح الذي يعبد به الله وحده لا شريك له..
وأما أولئك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم عندهم غير ذلك تماما فالرسول صلى الله عليه وسلم عند هؤلاء هو أول من خلق الله من الهباء -في زعمهم- وهو المستوي على عرش الله، والذي من نوره هُوَ خلق العرش والكرسي والسموات والأرض، والملائكة والجن والإنس وسائر المخلوقات وهذه عقيدة ابن عربي (صاحب الفصوص والفتوحات المكية)، واقرأ في ذلك (الذهب الإبريز لعبد العزيز بن مبارك السجلماسي) وانظر كتابنا (الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة) باب: (الحقيقة المحمدية) (ص 151) وانظر فيه ما قاله محمد عبده البرهامي في كتابه (تبرئة الذمة في نصح الأمة)!!
والذي يدعي فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لجبريل من يأتيك بالوحي يا جبريل؟ فقال جبريل تمتد يد من خلف الحجاب فتعطني الآيات فآتيك بها.. فكشف الرسول صلى الله عليه وسلم في زعمهم - عن يده وقال مثل هذه يا جبريل؟! فقال جبريل متعجبا : (منك وإليك يا محمد) فانظر هذه هي عقيدتهم في الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أنزل الوحي من السماء وتلقاه في الأرض.
وقـد فصَّل هذه العقيدة عبد الكريم الجيلي الصوفي الزنديق في كتابه (الإنسان الكامل).. فانظره إن شئت. فالرسول صلى الله عليه وسلم عندهم ليس هو الرسول عندنا بل هو عند أساطينهم ومحققيهم هو الله المستوي على العرش، وعند جهلائهم وأغبيائهم هو المخلوق من نور العرش، أو من نور الله وهؤلاء ربما يعتقدون أن الله موجود قبل الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن العرش مخلوق قبل الرسول صلى الله عليه وسلم.. ولكن أولئك (المحققين في زعمهم) يعتقدون أن وجود الرسول صلى الله عليه وسلم سابق على وجود العرش بل وجود كل مخلوق لأنه أول (التعينات) أي أول من أصبح عيناً أي شيئاً معيناً ومن نوره تخلقت كل الخلائق بعد ذلك.
وأما المغفلون منهم فيقـول يا أول خلق الله ظانين أنه مخلوق قبل كل البشر فهو عندهم مخلوق قبل آدم نفسه وأولئك يقولون يا أول خلق الله على الأرض قبل العرش والكرسي والسموات والأرض والجنة والنار بل كل هذه في زعمهم خلقت من نور الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولا شك أن هذا كفر وهذا كفر، فالرسول صلى الله عليه وسلم قد خُلِق بشَراً كما يُخلق سائر البشر وكان خلقه في وقت تكونه نطفة فعلقة فمضغة.. ووليداً {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليَّ} (الكهف:110)
ولا يخفى أيضاً أن هؤلاء المبتدعين لم يخطئوا فقط في حقيقة النبي صلى الله عليه وسلم بل كذلك أخطئوا في إعطاء كل ما يجب لله أعطوه للرسول صلى الله عليه وسلم، من دعاء له واستغاثة به، وعبادة بكل معاني العبادة.
وهذه أمور لا يتسع المقام لذكرها.
والخلاصة: أننا يجب أن نفهم هـذا الأمر الذي يبدو صغيراً في أوله ولكنه عظيم جداً في نهايته فالاحتفال بالمولد: أوله بدعة وآخره كفر وزندقة.
والاختلاف فيه ليس كما يصوره الداعون إلى المولد أنهم ورَّاث الرسول صلى الله عليه وسلم وأحبابه يدافعون عن شرف النبي صلى الله عليه وسلم ويخاصمون من يتركون فضله ومنزلته، بل الأمر على العكس تماماً: إن المنكرين للمولد منكـرون للبدعة، محبون لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يريدون مخالفة أمره، والاستدراك عليه، متبعون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنة خلفائه الراشدين، والأئمة المهديين وأما أولئك فهم على سنة الزنادقة الإسماعيلية سائرون وببدعتهم وكفرهم معتقدون، فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون.
هذا والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبي الهدى والرحمة في العالمين إلى يوم الدين.
woroud azhar- زهـــــــرة السلام
- عدد المساهمات : 14068
الموقع : ارض الله
المحاضرة 078: حكم الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف .
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2007-04-01
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الاحتفال بالمولد النبوي بين آراء المسلمين والقول الوسط:
أيها الإخوة الكرام، هناك لغط كبير حول حكم الاحتفال بذكرى المولد، هناك من يرى أن الاحتفال بذكرى المولد بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، صاحبنا هذا أوصلنا بالاحتفال إلى النار، وهناك من يرى أنه لابد من أن نحتفل بذكرى المولد، فهو عبادة من العبادات، وكلا الرأيين خاطئ، والحق وسط بين طرفين.
الأدلة القرآنية على الاحتفال بالمولد:
الآية الأولى:
أولاً: يقول الله عز وجل:
﴿وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾
( سورة هود )
هذا قرآن كريم، إذا كان قلب سيد الخلق وحبيب الحق، سيد ولد آدم، المخلوق الأول، الذي أقسم الله بعمره الثمين، إذا كان قلب النبي يزداد ثبوتاً وإيماناً وتألقاً بسماع قصة نبي دونه، فكيف حالنا ونحن المقصرون إذا استمعنا إلى سيرة سيد الأنبياء والمرسلين، وسيد ولد آدم ؟ كيف حالنا إذا قرأنا شمائله وفضائله وأخلاقه، ورحمته وحكمته وعلمه وتواضعه ؟ كيف بنا ؟
الدليل الأول من القرآن الكريم يعدّ هذا الدليل أن معرفة سير الأنبياء والمرسلين من شأنه أن يزيد إيمان المؤمن يقيناً، ذلك أن الفضائل لا قيمة لها إلا إذا تجسدت بأشخاص، والمثالية من دون مثَل حي لا قيمة لها، الأفكار الأخلاقية لمجرد أن تكون أفكاراً لا قيمة لها، لكن هذه القيم الأخلاقية حينما نراها بأعيننا في إنسان متحرك، صادق، أمين، عفيف، أخلاقي، عنده حياء، عنده وفاء، عنده كرم، نحن نتأثر، لذلك الآية الأولى:
﴿وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾
( سورة هود )
الآية الثانية:
كأن الله سبحانه وتعالى يدعونا إلى معرفة رسوله، بل إن معرفة رسول الله جزء من الدين، لأن كلمة الإسلام الأولى: " لا إله إلا الله محمد رسول الله ":
﴿أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ﴾
( سورة المؤمنون)
الآية الثالثة:
﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾
( سورة سبأ )
أن نجتمع مثنى وفرادى ؛ وأن نتداول في هذه الرسالة التي جاء بها النبي، في منهج النبي، في أخلاق النبي، في حكمة النبي، هذا جزء من الدين، بل أمرٌ إلهي، وكل أمرٍ إلهي في القرآن الكريم يقتضي الوجوب.
معنى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ
لكن أيها الإخوة، أنا مضطر أن أربط ما يعانيه العالم الإسلامي من حالات لا ترضي، ولا تسرّ الصديق، بل تشمت العدو، أربط هذه الحالات بضعف اهتمامنا بمنهج رسول الله، كيف ؟ الله عز وجل يقول:
﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾
( سورة الأنفال)
أنت فيهم في حياته المعنى واضح، لكن وأنت فيهم بعد مماته المعنى يحتاج إلى إعمال نظر.
قال علماء التفسير: " مادامت سنة النبي عليه الصلاة والسلام، مادام منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم مطبقاً في حياتنا، مطبقاً في زواجنا، في تربية أولادنا، مطبقاً في كسب أموالنا، في إنفاق أموالنا، مطبقاً في مسراتنا، في أحزاننا، مطبقاً في حلنا، في ترحالنا، إذا كان منهج رسول الله الذي جاء به مطبقاً في حياتنا فنحن في مأمن من عذاب الله، فإذا كنا نُعذب كل يوم، و نُقتل كل يوم، و تُستباح دماؤنا كل يوم، و تنتهك أعراضنا كل يوم، و يُستولى على ثرواتنا كل يوم، و تأتينا الجيوش من بقاع الأرض تحتل أرضنا، خمس أو ست دول أرضها محتلة، إذا كان هذا الوضع فالذي يعنينا من هذا الوضع أننا لسنا مطبقين لمنهج رسول الله.
ماهية الاحتفال بالمولد النبوي:
هذا ينقلنا إلى فكرتين، هناك احتفال فولكلوري كما ألِفه المسلمون من سنوات طويلة، ترفع الزينات، تلقى الخطابات التي تتحدث عن رسول الله، لكن حياتنا في واد ومنهجه في واد آخر.
من السهل جداً أن تمدح أباك، مثلاً: لك أب عالم كبير يحمل أعلى الشهادات، له مؤلفات، و الابن أمي لا يقرأ، ولا يكتب، يمكن لهذا الابن أن يمدح أباه ما شاء له أن يمدح، لكن يبقى الابن جاهلاً، والأب عالماً، لا قيمة لهذا المديح إطلاقاً.
أقول لكم من القلب إلى القلب: مهما مدحنا النبي، ومهما صلينا على النبي، إن لم نقتف منهج النبي فهذا الاحتفال يبقى احتفالاً فولكلورياً يضاف إلى تراثنا وتقاليدنا وعاداتنا، أما إذا عكفنا على سنة النبي، كيف عامل زوجته ؟ كيف عامل أولاده ؟ كيف عامل جيرانه، كيف كان حليماً ؟ كيف كان رحيماً ؟ كيف كان صادقاً ؟ كيف كان وفياً ؟ كيف كان متواضعاً ؟ نحن حينما نحتفل بذكرى المولد حقيقة ينبغي أن نقتفي أثره.
أيها الإخوة الكرام، سامحوني إن كنت قاسياً في هذا الموضوع، مقام النبي عليه الصلاة والسلام لا يليق به أن نذكره يوماً في العام، معاذ الله !!! يجب أن نذكره كل يوم، يجب أن تدور سنته معنا في كل شؤون حياتنا، أيعقل أن نذكره في العام مرة ؟ مقام النبي الكريم يقتضي أن نذكره كل يوم، لذلك لا يتناسب مقامه وهدايته مع أن نذكره في العام مرة، لذلك معرفة رسول الله صلى الله عليه وسلم جزء من الدين، لأن كلمة الإسلام الأولى شطرها: " محمد رسول الله "، ولأن الله عز وجل يقول:
﴿أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ﴾
( سورة المؤمنون)
ولأن الله عز وجل يقول:
﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾
( سورة سبأ )
معرفةُ سيرة النبي جزءٌ من الدين، وفرضُ عين على المسلمين:
أيها الإخوة الكرام، بذكر الصالحين تتنزل الرحمات، فكيف إذا ذكر سيد المرسلين ؟ وبذكر اللؤماء تتعكر المجالس، لذلك عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ إِلَّا قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةً ))
[ أبو داود ]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعَالَى يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ))
[ أبو داود ]
الدليل على وجوب معرفة سيرة النبي:
إذاً: أن نتعرف إلى رسول الله جزء أساسي من الدين، أن نقرأ سنته القولية جزء أساسي من الدين، أن نطلع على سيرته العملية جزء أساسي من الدين، بل إن معرفة سنة النبي القولية فرض عين، و طالبوني بالدليل، و لولا الدليل لقال من شاء ما شاء، بل لا يستطيع إنسان تحت قبة السماء أن يقول في الدين برأيه.
القاعدة الأولى:
أول قاعدة: كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب ما لم تقم قرينة على خلاف ذلك:
﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾
( سورة الكهف)
هذا أمر تهديد، من شاء فليكفر، هذا أمر تهديد وليس أمر وجوب.
﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾
( سورة البقرة)
هذا أمر إباحة.
﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾
( سورة النور)
هذا أمر ندب.
ما لم تقم قرينة على خلاف الوجوب فكل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب، هذه قاعدة أصولية.
الآن الآية:
﴿وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾
( سورة الحشر )
هذا أمر إلهي.
القاعدة الثانية:
عندنا قاعدة أخرى: ما لا يتم الفرض إلا به فهو فرض، و ما لا تتم السنة إلا به فهو سنة، أرأيت إلى الوضوء لا تتم الصلاة إلا به، و الصلاة فرض، إذاً الوضوء فرض، ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ما لا تتم السنة إلا به فهو سنة، الآن إذا قال الله عز وجل:
﴿وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾
( سورة الحشر )
هذا أمر يقتضي الوجوب، لكن هذا الأمر لا يتم إلا بأمر آخر، ما هو ؟ أن نعرف أوامر النبي و نواهيه، كما أن تنفيذ هذا الأمر يقتضي الوجوب من لوازم تنفيذ هذا الأمر أن نعرف أمره و نهيه.
إذاً: معرفة سنة النبي القولية فرض عين على كل مسلم، كيف أنك تصلي يجب أن تطلع على سيرة النبي و على سنته، فعن مالك بن أنس رحمه الله بَلَغَهُ أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:
(( تَركْتُ فيكُمْ أَمْرَيْنِ لنْ تَضِلُّوا ما تَمسَّكْتُمْ بهما: كتابَ الله، وسنّة رسولِهِ ))
[ أخرجه مالك في الموطأ ]
أيها الإخوة الكرام، إذاً: أن نجتمع في المسجد، أو أن نجتمع في البيت، وإن تحدث أحدنا عن رسول الله، عن شمائله، عن أخلاقه، عن محبته لأمته، عن ورعه، عن معرفته بربه، عن صبره، عن جهاده، عن حكمته، هذا فرض عين على كل مسلم، لا يوماً في العام، بل في كل أيام العام، فرض عين على كل مسلم، أن تطلع على سنة النبي القولية.
لابد من مرجع في السيرة والحديث لكل مسلمٍ:
إن هذا الأمر يقتضي أن يكون عند كل أخ منا كتاب حديث شريف صحيح، أو قرص مدمج فيه أحاديث رسول الله، لابد من مرجع في بيتك عن حديث رسول الله.
حينما يقول الله عز وجل:
﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (21)﴾
( سورة الأحزاب)
كيف يكون النبي عليه الصلاة والسلام أسوة حسنة لنا إن لم نعرف سيرته ؟ إذاً: لابد من كتاب سيرة في كل بيت، سبحان الله ! لما اقتنى الإنسان هذه الأجهزة، و أصبحت عيون من في البيت مسمرة فيها ألغي دور الأب، ألغي دور الأم، ألغيت الأسرة، ألغي التناصح، ألغي التوجيه.
هناك مشكلة كبيرة، أيّ أبٍ هذا الذي يجلس مع أولاده مساء على الطعام ويقول: يا بني، ماذا تعلمت في المدرسة ؟ ماذا قال لكم أستاذ التربية الإسلامية ؟ هل حدثكم عن هذه المناسبة ؟ ماذا تعرفون عن رسول الله ؟ هذا النبي الكريم يعني:
﴿أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ﴾
( سورة المؤمنون)
إذاً: معرفة سنة النبي القولية فرض عين على كل مسلم لأن الأمر الإلهي الذي يقتضي الوجوب:
﴿وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾
( سورة الحشر )
لا يتم إلا بمعرفة أمر النبي و نهيه، ولأن القرآن الكريم حينما قال:
﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (21)﴾
( سورة الأحزاب)
كيف يكون النبي أسوة حسنة إن لم نعرف سيرته ؟ إذاً: علينا أن نعكف على قراءة سنته القولية و سيرته العملية كي ننفذ آيتين:
﴿وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾
( سورة الحشر )
وكي ننفذ قوله تعالى:
﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (21)﴾
( سورة الأحزاب)
وعلى مدى العام، لا داعي ليوم بالسنة، في كل أيام العام، هذا كلام مؤصّل، هذا كلام مدلّل، أي أثبت بالأدلة القرآنية و النبوية.
ليس الاحتفال بالمولد عبادة:
أما إذا تجرأت، وقلت: إن الاحتفال بذكرى المولد عبادة فأقول لك: لا، قولك هذا بدعة ليست من الدين، يندرج الاحتفال بذكرى المولد تحت بند الدعوة إلى الله، تحت بند تعريف الناس برسول الله، تحت بند: " لا إله إلا الله محمد رسول الله "، تحت بند:
﴿أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ﴾
( سورة المؤمنون)
تحت بند:
﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾
( سورة سبأ)
أما أن تقول: إنه عبادة، فلا، ليس الاحتفال بالمولد عبادة، لأن العبادات الأصل فيها الحظر، ولا تشرع عبادة إلا بالدليل القطعي والثابت، بينما الأشياء الأصل فيها الإباحة، ولا يحرم شيء إلا بالدليل القطعي الثابت.
إذاً: نلتقي في المسجد، وفي البيت، و نتحدث عن رسول الله، عن دعوته، وعن شمائله، وعن أخلاقه، وعن فضائله، وعن خصائصه، وعن حزنه على أمته من بعده، هذا مما يملأ القلب إيماناً، ويملأ النفس سكينة.
أيها الإخوة الكرام، النبي عليه الصلاة والسلام معصوم من أن يخطئ في أقواله وأفعاله وإقراره، لكن لحكمة بالغة تُرك للنبي هامش اجتهاد ضيق، هذا الهامش الاجتهادي الضيق حكمته أن يكون هناك فرق بين مقام الألوهية المطلق ومقام النبوة، هذا الهامش الاجتهادي النبي يجتهد فيه، فإن أصاب أقره الوحي على إصابته، وإن لم يصب صحح له الوحي، في النهاية النبي عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، النبي عليه الصلاة والسلام معصوم في أقواله وأفعاله وإقراره، لذلك أمرنا أن نأخذ منه كل شيء، لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى.
النبي معصوم يجب أن نأخذ عنه كل شيء:
الحقيقة الدقيقة أن النبي عليه الصلاة والسلام معصوم بمفرده، بينما أمته معصومة بمجموعها، لقول النبي عليه الصلاة والسلام:
(( إِنَّ أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ... ))
[ ابن ماجه عن أنس]
ولأن أي كتاب، أو أي كلمة تلقى، أو أي بحث يطرح إذا خالف الكتاب والسنة تقوم الدنيا ولا تقعد في العالم الإسلامي، فإذا ألفت كتاباً، وتلقاه الناس بالقبول فهذا عند علماء الأصول إجماع سكوتي، فسكوت الناس عن كتاب ليس فيه مخالفة للقرآن والسنة إجماع سكوتي، إذاً: النبي عليه الصلاة والسلام معصوم بمفرده، بينما أمته معصومة بمجموعها.
الشخصيات الثلاث وتمنيات كل إنسان نحوها:
إخواننا الكرام، كلكم يتمتع بهذه الخاصة، كل واحد منا له شخصية يكونها، وله شخصية يكره أن يكونها، وله شخصية يتمنى أن يكونها، فقل لي ما الشخصية التي تتمنى أن تكونها أقل لك من أنت.
أهل الدنيا يتمنون أن يكونوا كالأغنياء، أهل القوة يتمنون أن يكونوا كالأقوياء، أهل المتع الرخيصة يتمنون أن يغرقوا في المتع إلى قمة رؤوسهم، وأهل الإيمان يتمنون أن يكونوا على منهج سيد الأنام لذلك الآية الكريمة:
﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ﴾
( سورة الأحزاب)
إنْ كنتَ مؤمنا حقًّا فقدوتك رسول الله والصالحون:
حينما ترجو الله واليوم الآخر فقدوتك النبي عليه الصلاة والسلام.
مرة كنت في سفر بعيد، وطلب مني أن ألتقي مع امرأة محجبة حجاباً كاملاً، ذُكر لي اسمها، أنا لا أعرف الاسم إطلاقاً، ثم تبين أنها من كبار الفنانات في مصر، وهي محجبة، وتابت إلى الله عز وجل، تروي قصتها في محاضرة ألقتها على النساء في مؤتمر إسلامي، استمعت إلى الشريط، فلفت نظري أنها حينما كانت تأتي إلى العمرة تُستقبل من علية القوم، وتقطن في أفخر الفنادق، وينفق عليها الألوف المؤلفة، لكن بعد أن تابت إلى الله تزوجت الذي كان سبب هدايتها، وكان مهندساً فقيراً، فذهبت معه في شهر العسل إلى العمرة، فإذا هو يسكنها في غرفة صغيرة أُجرتها متواضعة جداً، فتألمت أشد الألم، وكادت تنتكس، ماذا فعلت بنفسي ؟ كنت فنانة كبيرة، فإذا أنا في هذه الغرفة، فذهبت إلى بيت الله الحرام، وسجدت، وقالت بالحرف الواحد: يا الله، أعطني رسالة، ماذا فعلت بنفسي ؟ ففي أثناء عودتها إلى الفندق وجدت لها رسالة فقرأتها فبكت، الرسالة تقول: أنت يوم كنت فنانة كبيرة كان أهل الفن قدوتك، أما الآن فأنت مؤمنة كبيرة فقدوتك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبكت، وقبلت بالرجل زوجها لأنه أكرمها.
عندما تؤمن فلك منظومة قيم خاصة، عندما تؤمن حقيقة قدوتك الصِّدّيق، سيدنا عمر، سيدنا علي، سيدنا عثمان، دخل عمر بن الخطاب على النبي الكريم، وقد اضطجع على حصير، فأثر في خده الشريف، فبكى عمر، قال له مالك تبكي يا عمر ؟ قال: كسرى مَلِك الفرس ينام على الحرير، ورسول الله ينام على الحصير ؟! فقال النبي الكريم: يا عمر، إنما هي نبوة، و ليس ملكاً ـ أنا لست ملكاً ـ يا عمر، أفي شك أنت من هذا ؟
أقول لكم بصراحة: إذا كنت مؤمنا حقيقة فقدوتك الأنبياء، الصحابة الكرام، العلماء الأفاضل، أهل الزهد في الدنيا، الأبطال، الرحماء، المنصفون، العفيفون، هؤلاء قدوتك، أما إذا طمحت إلى الأغنياء، ولو كانوا فسقة، طمحت إلى الأقوياء، ولو كانوا قتلة، فاعلم أنك بعيد بُعْدَ الأرض عن السماء عن أن تكون مؤمناً.
هل يعجبكم هذا الذي يتصدر في بلاد بعيدة، ويقول: جئنا من أجل الديمقراطية ؟ وقد استخدم مئة طن من اليورانيوم المخضب في العراق، ولن يطهر تراب العراق قبل آلاف السنين، هل هذا يعجبكم ؟ إن كنت مؤمناً حقاً فقدوتك الصالحون، أصحاب النبي الورعون الرحماء الفضلاء الأعفة الصادقون الأمناء هؤلاء قدوتك.
دقق في الآية:
﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (21)﴾
( سورة الأحزاب)
والله زرت مرةً أحد الإخوة الكرام، كان بيته صغيرا جداً، في غرفة الضيوف طاولة في الوسط، وبين الطاولة والكرسي، والطاولة والكرسي المقابل مكان لرِجْل واحدة فقط، تجلس بصعوبة، فخجل مني خجلاً شديداً، فقلت له: لا، لا تخجل، سيد الخلق، وحبيب الحق غرفته التي كان ينام فيها لا تتسع لصلاته ونوم زوجته، لابد من أن تتحرك من مكانها حتى يصلي رسول الله، وهو سيد الخلق فبكى.
أحد الإخوة الكرام بخطأ هو بريء منه قبْل قيد نفوس، وقيد النفوس كان مزوراً، وأصبح إفراغ منشأة بمئات الملايين، فوضع في السجن بشكل مؤقت احترازاً، فزرته فبكى، قلت: لا تبكِ، لقد أدخل الله نبياً كريماً السجن من أجلك، قد يأتي مؤمن بريء مئة بالمئة، و يدخل السجن لحكمة بالغة، الله عز وجل جعل نبياً كريماً سيدنا يوسف يدخل السجن، وهو نبي كريم، فأنت عندما تؤمن فقدوتك الأنبياء والمرسلون، قدوتك المؤمنون، قدوتك الصالحون، قدوتك أهل الإيمان، و لو كانوا فقراء، و لو كانوا فقراء، أما إذا كنت من أهل الدنيا قدوتك الأقوياء و الأغنياء، لذلك تلبية دعوة الأغنياء والأقوياء من الدنيا، وتلبية دعوة الفقراء من الآخرة.
أيها الإخوة الكرام، يجب أن تكون واضحاً تماماً، ما الشخصية التي تتمنى أن تكون على منهجها، ما لم يكن رسول الله هو الشخصية التي تتمنى أن تكون على منهجها ففي الإيمان خلل:
﴿قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79)﴾
( سورة القصص )
هذا كلام أهل الدنيا.
﴿ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً﴾
( سورة القصص )
فإذا كنت مؤمنا إيماناً حقيقياً فقدوتك أهل الإيمان، قدوتك العلماء الأطهار المخلصون الأعفة، قدوتك الأنبياء، هؤلاء قوتك أما حينما تقلد أهل الدنيا فأنت منهم، ومن هوي الكفرة حشر معهم، ولا ينفعه عمله شيئاً، ومن غاب عن معصية فأقرها كان كمن شهدها، ومن شهد معصية فأنكرها كان كمن غاب عنها، إنها قضية خطيرة جداً، هذا هو الولاء والبراء، أن توالي المؤمنين، ولو كانوا فقراء و ضعفاء، وأن تتبرأ من الكفار والمشركين، ولو كانوا أقوياء وأغنياء، لا تصاحب من لا يرى لك من الفضل مثل ما ترى له، لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي، كن مع المؤمنين:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)﴾
﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (28)﴾
[ سورة التوبة ]
حقيقة مهمة: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ
أيها الإخوة الكرام، أختم هذا الموضوع بهذه الحقيقة، يقول الله عز وجل:
﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾
( سورة آل عمران )
أي أن الله عز وجل آتاه القرآن، آتاه وحي السماء، آتاه المعجزات، آتاه الفطانة، آتاه طلاقة اللسان، آتاه الفصاحة والبيان، آتاه النسب الشريف، آتاه جمال الخلق، ومع ذلك يقول الله له: أنتَ أنت يا محمد، مع أنك نبي بل سيد الأنبياء، ومع أنك رسول بل سيد الرسل، ومع أنك أوتيت القرآن، وهو شرف عظيم، ومع أنك أوتيت وحي السماء، وقد أوتيت المعجزات، ومع أنك معصوم، ومع أنك أوتيت الفصاحة والبيان، أوتيت جمال الصورة، أوتيت حدة الذكاء، أوتيت الحكمة و فصل الخطاب، أنتَ أنت يا محمد، على كل هذه الخصائص:
﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾
( سورة آل عمران )
فإذا كان الشخص ليس نبياً، ولا رسولاً، ولا يوحى إليه، ولا معه القرآن، وليس معه فصاحة ولا بيان، و لا معه جمال الصورة، وهو غليظ، و كلامه قاس، و دعوته ثقيلة وحشري، هذا ليس معقولا، يخاطب الله نبيه:
﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾
( سورة آل عمران )
قانون عام في المعاملات:
1 – توطئة: اتصال ـ رحمة ـ لين ـ التفاف:
2 – توطئة: انقطاع ـ قسوة ـ غلظة ـ انفضاض:
وكأن الله سبحانه تعالى أعطانا قانون اتصال رحمة لين التفاف، انقطاع قسوة غلظة انفضاض، إنها معادلة رياضية:
﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾
( سورة آل عمران )
فالتفوا نحوك، ولو كنت بعيداً عنا لامتلأ القلب قسوة، فانعكست القسوة غلظة، فانفضوا من حولك، هذه معادلة رياضية، تتصل فيمتلئ القلب رحمة، فتكون ليناً بهذه الرحمة، فيلتف الناس حولك.
إن تبتعد يمتلئ القلب قسوة، فتنعكس القسوة غلظة، فينفض الناس من حولك:
﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾
﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾
( سورة آل عمران )
الأشياء والأشخاص والمبادئ:
أيها الإخوة الكرام، الآن هناك تعليق لطيف، وهو: عندنا أشياء، أي بيوت، بيوت فخمة جداً، مركبات فارهة، مزارع جميلة جداً، أموال طائلة، هذه أشياء، وعندنا أشخاص:
﴿قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ﴾
( سورة التوبة )
هذه الأشخاص.
والأشياء:
﴿وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا﴾
( سورة التوبة )
الآن هناك مبادئ:
﴿أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا ﴾
( سورة التوبة )
إذا كانت الأشياء والأشخاص في خدمة المبادئ فنحن في أرقى حال.
سيدنا عمر جاءه ملك الغساسنة جبلة بن الأيهم، في أثناء طوافه حول الكعبة داس بدويٌّ من فزارة طرف ردائه، فانخلع رداؤه عن كتفه، فالتفت إلى هذا الأعرابي من فزارة، و ضربه ضربة هشمت أنفه، هذا الأعرابي ليس له إلا عمر يشتكي إليه، وذهب إليه، واشتكاه، سيدنا عمر جاء بهذا الملك جبلة، وقف أمامه نداً لند، وقال له:
أصحيح ما ادعى هذا الفزاري الجريح ؟
قال جبلة: لست ممن ينكر شياً، أنا أدبت الفتى، أدركت حقي بيدي.
فقال عمر: أرضِ الفتى، لابد من إرضائه، مازال ظفرك عالقاً بدمائه، أو يهشمن الآن أنفك ـ لأنه عصر مبادئ ـ و تنال ما فعلته كفك، صعق جبلة.
قال: كيف ذلك يا أمير ؟ هو سوقة، وأنا عرش وتاج ؟ كيف ترضى أن يخر النجم أرضاً ؟
قال عمر: نزوات الجاهلية، ورياح العنجهية قد دفناها، أقمنا فوقها صرحاً جديداً، وتساوى الناس أحراراً لدينا وعبيداً.
فقال جبلة: كان وهماً ما جرى خلدي أنني عندك أقوى و أعز، أنا مرتد إذا أكرهتني.
فقال عمر: عالم نبنيه، كل صدع فيه يداوى، وأعز الناس بالعبد بالصعلوك تساوى، هذا عصر مبادئ.
أحياناً يأتي عصر أشخاص، هتلر في ألمانيا تسبب بموت خمسين مليون إنسان، وطغاة الأرض تاريخهم بين أيديهم، الأمة كلها تعيش لواحد هكذا، هذا عصر خاص، الأشياء والمبادئ في خدمة الأشخاص.
بين خدمة المبادئ وخدمة الأشخاص:
الحالة الأولى: الأشخاص و الأشياء في خدمة المبدأ هذا أرقى عصر، أما إذا كانت الأشياء و المبادئ في خدمة الأشخاص هذا مرض خطير، أخطر منه أن تكون المبادئ والأشخاص في خدمة الأشياء، أي الآن كل قيمتك تستمدها من مساحة بيتك، موقع البيت، هناك منزل سعره مئة وعشرة ملايين.
خطب إنسانٌ من عند جماعة فقيل له: أين تريد أن تسكن ؟ قال: في حيّ المالكي، انتهى كل شيء، سلموا له، ولم يعد هناك سؤال، ولا تحقيق، ولا تقصي، انتهى كل شيء، المنزل بالمالكي سعره مئة مليون، بعدما عقدوا العقد، وبدؤوا بالخطوات العملية ظهر أن هناك شارع المالكي بمنطقة باببيلا الريفية، فإما أن نكون في عصر مبادئ كسيدنا عمر، أو عصر أشخاص، أو عصر أشياء، قيمة المرء متاعه الآن، ماركة مركبته، قيمتك تستمدها من رقم على سعر سيارتك فقط، قيمتك من بذلتك، ( بيار كاردان ) شيء كبير، الحذاء ( ريد شوز )، والبذلة ( بيار كاردان )، والقميص حرير صاف، انتهى كل شيء، إذا كانت الأمة هذه مقاييسها فقد انتهت:
﴿فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً (105)﴾
( سورة الكهف)
إما أن يكون الأشخاص هم الأصل، والمبادئ والأشياء في خدمة الأشخاص، هذه حالة مرضية، أما معنى انتهينا إذا كانت المبادئ و الأشخاص في خدمة الأشياء، إنسان خطب له، عم عنده خبرات متراكمة، قال له: يا بني بشكل واضح، هل عندك بيت ؟ قال له: طبعاً، قال له: أحضر لي الوثيقة الرسمية، الورقة الخضراء، ثاني يوم أحضرها له، ماذا تعمل ؟ قال له: عندي معمل، أحضر لي الرخصة الخاصة بالمعمل، ويجب أن تكون باسمك، أحضرها، عندك مركبة، أحضر ورقة الميكانيك ؟ أحضره، فوافق، أصبح الآن خاطباً، زار عمه بالمحل التجاري، يُعرف الناس على صهره، فإذا بشخص عنده يتلوّن، وجهه تلون، أخذه على جنب، قال له: هذا ليس مسلماً، صعق، أنت لست مسلماً ؟ قال: لا، أنت لم تسألني عن ديني أبداً، نحن في عصر أشياء، كل قيمتك من سيارتك، و كل قيمتك من هاتفك أحياناً، وكل قيمتك من بيتك فقط، ومن ساعتك، أين تقضي الإجازة ؟ في منتجع شرم الشيخ، انتهى، كله فسق و فجور.
أنا أتمنى أن ننتبه أن نعتمد قيم القرآن:
﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾
( سورة الزمر )
ما لم نعتمد قيم السنة النبوية فلن نبرح، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ، لَا يُؤْبَهُ لَهُ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ... ))
[ الترمذي ]
إنه رسول الله وأفضل الخلق، ومع ذلك فقد قال الله له:
ما لم نعتمد قيم القرآن، ما لم نعتمد قيم المبادئ لا قيم الأشياء، ولا قيم الأشخاص، فلن ننجح:
الآية الأولى:
﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) ﴾
( سورة الأنعام)
هل هناك شخص أعظم منه ؟ هل هناك على وجه الأرض في القارات الخمس من آدم إلى يوم القيامة إنسان أعظم من رسول الله ؟
الآية الثانية:
ومع ذلك لا أعلم الغيب:
﴿وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ﴾
( سورة الأعراف )
الآية الثالثة:
ومع ذلك:
﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) ﴾
( سورة الأنعام)
الآية الرابعة:
ومع ذلك:
﴿لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً﴾
( سورة الأعراف )
الآية الخامسة:
ومع ذلك:
﴿لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلَا رَشَداً (21)﴾
( سورة الجن)
الآية السادسة:
ومع ذلك:
﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى﴾
( سورة الأنعام)
هذا مقام النبوة، نطمح إلى عصر المبادئ، إلى تحكيم قيم القرآن، إلى أن نحتفي بإنسان مؤمن طاهر مستقيم، و لو كان فقيراً، إلى أن نَزْور عن إنسان و لو كان غنياً.
العبرة بالمضامين لا بالشكليات والفولكلورات:
أيها الإخوة الكرام: من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه، ابتغوا المكانة بعزة الأنفس، ابتغوا الحوائج بعزة الأنفس، فإن الأمور تجري بالمقادير.
أيها الإخوة الكرام، النبي عليه الصلاة والسلام يجب أن نتعرف إليه، كان فقيراً، وكان متواضعاً، و كان رحيماً، و كان منصفاً، و كان محباً لمن حوله، نحن بحاجة إلى أخلاقه كي نتعاون، بحاجة أن نحيي ذكراه لا بشكل فولكلوري.
بصراحة إذا كان للعالم الكبير حوالي مئتا مؤلف، ومعه خمس ست شهادات عليا، وفي أثناء غيابه عنده مستخدم أميّ جلس مكانه، هل يرقى ؟ لا يرقى أبداً، لا تتبرك، لا تقتصر على المديح، طبق سنته، أما هذا المستخدم لو أخذ ابتدائية، ومشى على طريق أستاذه، لو أخذ المتوسطة، والتعليم الأساسي، لو أخذ الثانوية، البطولة أن تقتفي أثره، لا أن تحتفل بذكراه احتفالاً فولكلورياً، هذا الذي لم ننتفع به سابقاً.
والحمد لله رب العالمين