من طرف woroud azhar الأربعاء ديسمبر 14, 2011 3:34 pm
ي ذكرى الانطلاقة
[ 14/12/2011 - 10:32 ص ]
كاظم عايش
على قدر جاءت.. لترسم في لوحة الشعب الفلسطيني لوناً مميزاً وتعبيراً عميقاً عن أصالته وتمسكه بحقه واستعداده للبذل الذي لم يتوقف، وصموده الذي لم يتزعزع، وعطائه الذي لم ينضب..
استطاعت على مدى اربعة وعشرين عاما ان تصنع تاريخا مجيدا من الصمود والتضحيات والانتصارات ,رغم البطش والحصارمن العدو الصهيوني ومن يدور في فلكه من أنظمة الحكم العالمية والعربية ممن يعادون المشروع الاسلامي.
شهدنا في زمن حماس حروب الحجارة والسكاكين والبنادق والصواريخ وابداعات لم تتوقف في تطوير وسائل المقاومة العسكرية والشعبية في ظروف شبه مستحيلة. شهدنا وشاهدنا الاستشهاديين الذين صنعوا توازن الرعب مع العدو الصهيوني وافقدوه توازنه واسقطوا في يده ولاول مرة .
شهدنا في زمن حماس لاجئين مبعدين , مدججين بالايمان والعزيمة , في ظروف قاهرة يعودون الى وطنهم رافعي الرؤوس رغما عن انف عدوهم , بعد ان اقاموا في مرج الزهور شهورا لم تهن لهم عزيمة.
شهدنا في زمن حماس ارضا فلسطينية تتحرر بالمقاومة ومستوطنات تفكك من الرعب في غزة. وشهدنا في زمن حماس حربا يناطح فيها الكف المخرز , ويصمد العراة في وجه المدججين بأسلحة الدمار غير المسبوق في حرب الفرقان ويوقف العدو الحرب ولا تعلن حماس الاستسلام بل تعلن الانتصار والاصرار على مواصلة الطريق المعمد بالدماء والاشلاء دون ان تقدم تنازلا واحدا رغم الضغوط والمؤامرات من العدو والصديق المدعي.
وشهدنا في زمن حماس حكومة فلسطينية تحاصر سياسيا واقتصاديا وماديا وتستمر لسنوات ولا تسقط رغم كل الضغوطات الدولية والعربية والفلسطينية. شهدنا في زمن حماس العدو الصهيوني يقيم جدارا عازلا وقبة حديدية وسورا واقيا ليصدق فيه قوله تعالى (لايقاتلونكم جميعا الا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لايعقلون ) شهدنا في زمن حماس وفاء الأحرار الذي أدخل البهجة والأمل في قلوب طال حزنها وعيون جفت مآقيها ,حين تحرر ابطال فلسطين الذين خاضوا معارك النصر والتحرير والإباء ضد العدو الصهيوني , وتبجح العدو طويلا ان أحدا من هؤلاء لن يخرج من السجن , فأخرجتهم حماس بعد أن حافظت على سر الأسير شاليط لسنوات اثبتت قدرة وعنفوان المقاومة , وفشل الأمن الصهيوني الذي لم يترك وسيلة للوصول اليه الا استخدمها , وباء بالهزيمة والخسران , وشمخت حماس بنصر عزيز أضافته الى سجلها الذي كتب بحروف من نار ونور.
حماس لم تكن سوى تعبير عن أماني وطموحات الشعب الفلسطيني الذي قدّم الكثير لنيل حريته واستقلاله، ولم تكن التجربة الأولى، فمخزون الشعب الفلسطيني الروحي والديني عبّر عن نفسه مراراً دون أن يستطيع أن يرقى بهذا التعبير إلى مستوى ما وصلت إليه تجربته الأخيرة في حركة المقاومة الإسلامية حماس، فثورة القسام وما سبقها وما تلاها من محاولات للتعبير عن هذا المخزون الأصيل والذي يستمد من جذور ثقافة الشعب والأمة، وحتى حركات التحرير التي نحت بعيداً عن اللون الديني بسبب ضغوط الوضع العربي والعالمي لم تكن في حقيقتها إلا تعبيراً عن هذه الروح الأصيلة في هذا الشعب الذي لم يتوقف عن العطاء لحظة.
حين انطلقت في صيغتها النهائية، في زمنٍ تآكلت فيه همم الكثيرين ومالت بسبب الضغوط، وقصر النظر وغياب الاستراتيجية الحقيقية للتحرير، انطلقت تراهن على مسار التاريخ الذي امتازت به الأمة، أنها أمة ترق ولا تنقطع، وتكبو ولكنها لا تستسلم، بل تنهض بكل قوتها وعنفوانها، راهنت على قدرة الشعوب على الصمود وتحقيق الإنجازات وتحدي الصعاب، كما راهنت على أن الباطل دولته ساعة وأن الحق باق إلى قيام الساعة، راهنت على عقيدة الأمة وقرآنها وسنتها في خوض المعركة الدامية مع العدو الغاصب المحتل، فكسبت الرهان، وخاضت معركة تبدو مستحيلة، واجترحت مواقف أقرب إلى الخيال فصار كل ذلك حقائق ووقائع، فجّرت في الشعوب العربية معانٍ غابت طويلاً، وأثمر الجهد والدم والصمود والإيمان ربيعاً عربياً، سيكون لفلسطين فيه النصيب الأوفى. حماس هي وليدة الحركة الإسلامية، وهي ابنتها الشرعية، لم تسقط في امتحانات السياسة،ولم يقلقها ان تضعها امريكا على قائمة الارهاب , ولم تتوقف عن العطاء، ولم تلق السلاح رغم المؤامرة الدولية والمحلية، ومؤامرات الأقربين الذي استكثروا أن تأتي بعدهم وتتقدم في عطاءها ومواقفها عليهم، هي كرست مقولة (الفضل لمن صدق لا من سبق).
يحق لحماس اليوم أن تحتفل بانطلاقتها، وقد انطلقت معها إرادة الشعوب العربية في التحرير، وكان لحماس وصمودها وصبرها سهماً كبيراً في انطلاقة هذه الشعوب، كيف لا؛ والحركة الإسلامية اليوم تتقدم في كل مواقع الوطن العربي كمرشح محتمل للخروج من حالة الضعف والفرقة والهوان والتبعية لمخططات أعداء هذه الأمة , ولبناء اسس مشروع حضاري اسلامي في طبعته الجديدة المزيدة والمنقحة.
انطلقت حماس في زمن صعب، وواجهت على كل الصعد وفي جميع الاتجاهات، ودفعت ثمناً غالياً من دماء قادتها ومجاهديها، ولا زالت تدفع الثمن، ولكنها أيضاً لا زالت تتقدم وتنجز وتستفيد من تجاربها وتجارب غيرها، وستبقى حماس أصيلة، كأصالة الرسالة التي أخرجتها، وستبقى حماس (الفكرة) و (الممارسة) ما بقي القرآن والإيمان في قلوب الرجال الذين حملوها وحموها ونصروها رغم كل التحديات، ستبقى حماس (الأمل) لهذه الأمة حتى تتحرر فلسطين متزامنة مع تحرر إرادة الشعوب التي تحب فلسطين وترتبط مع فلسطين برابطة العقيدة والإيمان.
يحق لحماس أن تفخر وترفع رأسها عالياً، فقد كانت رائدة للأمة، وموحدة لمشاعرها وآمالها، وباعثة لعزيمتها، حماس (الفكرة) هي الأساس، وحق لها أن ترفع الرأس شامخة، فمثلها لا ينبغي أن يطأطئ أبداً إلا لرب الناس.