العقوبات التركية على سورية:
انقلاب السحر على الساحر ومجتمع الأعمال التركي المتضرر الأكبر
الأزمنة288
هل تبادر إلى أذهانكم أن تكون العقوبات التي فرضتها تركيا على سورية هي خطوة إيجابية، ولخدمة مصلحة الاقتصاد السوري؟.. وهل من المعقول أن ينقلب السحر على الساحر ويصبح مجتمع الأعمال التركي هو المتضرر الأكبر من هذه الخطوة جرّاء فرض تركيا لعقوبات اقتصادية ومالية على سورية ضمن سلسلة الإجراءات والمواقف العربية والتركية والغربية الضاغطة من أجل التضييق عليها سياسياً واقتصادياً؟..
تأكيدات وتصريحات عديدة لخبراء اقتصاديين ومختصين تؤكد أن العقوبات التركية دليل ضعف وتخبط من قبل الحكومة التركية التي جرّبت وفشلت في تحويل الترانزيت الحيوي لاقتصادها عبر شمال العراق عوضاً عن سورية، لأن عليها في هذه الحالة المرور من الشمال الكردستاني وملاعب حزب العمال حيث سيكون الطريق أخطر وأطول وغير مجدٍ اقتصادياً، لذلك كان من الخطأ فرض هذه العقوبات لما له من تأثير سلبي على الاقتصاد التركي نفسه – حسب تعبيرهم-.
أضرت بالمصالح التركية
رئيس غرفة صناعة حلب ورئيس لجنة الصناعة في مجلس الأعمال السوري التركي فارس الشهابي نوّه على أن العقوبات التي فرضتها تركيا بحق سورية أضرت كثيراً بالمصالح التركية، وأكد أن رجال الأعمال السوريين والتجار والصناعيين اعتبروا هذه العقوبات بمثابة الفرصة التاريخية لترتيب البيت الاقتصادي الداخلي الذي كان المتضرر من الاتفاقية التجارية بين البلدين، فبعد تطبيق منطقة التجارة الحرة بين البلدين عام 2009 ارتفعت الصادرات السورية إلى تركيا لكن بنسبة تقل كثيراً عن الارتفاع الذي حققته نظيرتها التركية إلى سورية، حيث بلغت الصادرات السورية لتركيا نحو 14,707 مليار ليرة بينما وصلت قيمة الصادرات التركية لسورية نحو 51,269 مليار ليرة، وأشار الشهابي إلى أن هيئة الاستثمار السورية أكدت أن عدد المشاريع التركية في سورية المدرجة تحت قوانين الاستثمار في قطاعات الصناعة والزراعة والنقل والصحة بلغت 39 مشروعاً تصل قيمتها نحو 37 مليار ليرة، ولفت الشهابي إلى أن حجم الاستثمارات التركية في سورية قليل جداً وأن الأتراك كان هدفهم بيع بضاعتهم وليس الاستثمار، معتبراً أن الحكومات السابقة والحالية لم تهيئ الظروف لتنمية الصناعة المحلية كما وفرتها الحكومة التركية لصناعتها، الأمر الذي أدى إلى توقف كثير من الورش والمعامل في حلب أو العمل بنصف طاقتها لعدم قدرتها على منافسة البضاعة التركية المدعومة من قبل حكومتها.
جائرة بحق الصناعة السورية
ويؤكد الشهابي بأن سورية رضيت بالاتفاقيات التي وقعت مع تركيا وعلى الأخص اتفاقية التجارة الحرة والتي كانت تتضمن بنوداً جائرة بحق الصناعة السورية، فضلاً عن أنها سببت بإغلاق آلاف المنشآت الحرفية الصغيرة وتسريح آلاف العمال، فنحن رضينا بكل ذلك من أجل الحفاظ على العلاقات المميزة مع الحكومة التركية. وأضاف: نحن نؤكد على أن تبقى تلك العلاقات المميزة مع الشعب التركي ومجتمع الأعمال التركي وهناك فرق بين ذاك وما تفعله الحكومة التركية وسياستها وندرك جيداً أن الحكومة والشعب التركي لا يعجبهم ذلك وهم يمارسون ضغوطاً من جانبهم من أجل أن تبقى هذه العلاقات مميزة.
لم تكن متوازنة
يرى الكثير من الصناعيين والمستوردين السوريين بأن الاتفاقيات الموقعة مع بعض الدول العربية ودول الجوار لم تكن اتفاقيات متوازنة، وأن الانفتاح التجاري مع الدول الأخرى لم يكن بشكله السليم، حيث أننا انفتحنا تجارياً على دول لم تصدِّر لنا سوى المنتجات الرخيصة، وعلى سبيل المثال تركيا وغيرها من الدول.. ناهيك عن المنتجات الصينية التي تأتي من دول عربية بشهادات منشأ مزورة وتدخل إلى سورية دون رسوم جمركية، وقد طالبوا جميعاً أن تكون الاتفاقيات متوازنة بين دول الشرق والغرب، وبين دول الشمال والجنوب، بمعنى في حال أُغلقت أية أسواق في دول ما، يجب أن يكون هناك أسواق بديلة تعوض النقص مثل الأسواق العراقية والروسية والإفريقية وأمريكا الجنوبية التي يجب التركيز عليها أكثر من أسواق غيرها من الدول الأخرى.
وقد أبدى الكثيرون استياءهم من التسهيلات والإعفاءات التي تقدمها الحكومة السورية للدول المجاورة، فعندما تقوم سورية بتصدير سلعها إلى الدول المجاورة تقوم هذه الدول بوضع قيود على السلع السورية عن طريق قيام شركات مطابقة عالمية معتمدة لدى هذه الدول للتأكد من مطابقة هذه السلع للمواصفات العالمية، ومنذ فترة قصيرة أُغرقت السوق السورية بالقطع الإلكترونية والأدوات الكهربائية والمنزلية من أسواق دبي والأردن دون أن تكون مطابقة للمواصفات العالمية، وكانت تدخل أسواقنا على أنها صناعة عربية لإعفائها من أي رسم جمركي وهي في حقيقة الأمر صناعة صينية أو ماليزية، ولهذا السبب تم إنشاء شركات مطابقة عالمية في سورية وكان أول من وضع مثل هذه الشركات في سورية أحد رجال الأعمال في سورية وذلك أسوة بدول الجوار حيث من الواجب طلب شهادة مطابقة للبضائع والسلع التي نستوردها من هذه الدول على أن تطبق هذه الشهادات بالدرجة الأولى على الدول التي تطبق ذلك على السلع السورية.. فالسعودية والأردن تطلب شهادات مطابقة للمواصفات السعودية والأردنية، علماً أنه يوجد اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية حيث لا توجد أي قيود أو رسوم بين البضائع العربية وكان أكثر المستفيدين من هذه الاتفاقية هو الأردن الذي كانت بضائعه تدخل إلى السوق السورية على أنها صناعة أردنية بينما هي غير ذلك.
الفجوة السعرية
وبالمقابل فقد أثنى الكثيرون منهم على القرار الذي أصدرته الحكومة السورية في اجتماعها الاستثنائي الذي عقد مؤخراً وهو إضافة مبلغ 80 ل.س على كل ليتر مازوت تستفيد منه السيارات والشاحنات الداخلة والعابرة إلى سورية في ترميم للفجوة السعرية الموجودة بين سعري ليتر المازوت في سورية والبالغ 16 ل.س في حين يبلغ سعر ليتر المازوت وسطياً في تركيا 95- 98 ل.س وهو فارق كانت شاحنات وسيارات الأتراك تستفيد منه قبل أن تقرر حكومتهم معاقبة الشعب السوري اقتصادياً، وبالتالي من غير المجدي استمرار تقديم الدعم إلى هذه السيارات وتحميل المواطن السوري عبئاً اقتصادياً تشارك الحكومة التركية فيه بجزء كبير، وقد طالبوا أيضاً بالندية بالتعامل وفي تطبيق الاتفاقيات بين سورية والطرف الآخر، مؤكدين أنه لم يكن من الخطأ فرض الحكومة السورية مجموعة من الإجراءات من فرض رسوم على المازوت للسيارات التركية وغيرها من الرسوم، مطالبين الحكومة بإعادة النظر بجميع الاتفاقيات الموقعة مع الدول العربية وغيرها، وبالتالي الأخذ بما هو إيجابي منها والتخلي عن السلبيات أو محاولة استثمارها بالشكل الأمثل لتحويلها إلى إيجابيات.
كلمة أخيرة
ما من شك بأن تصريح زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض "كمال كلشدار أوغلو" والذي وصف "أدروغان" وحزبه " بالدمية" الغبية في أيدي أمريكا وقوى الغرب الظلامية، بالإضافة إلى تصريحات كثير من الخبراء الاقتصاديين الأتراك والذين اعترفوا بطريقة مباشرة وغير مباشرة بأن فرض العقوبات على سورية إنما هي عقاب لمجتمع الأعمال التركي، ما يؤكد تعرض تجارة المناطق التركية الحدودية مع سورية إلى تراجع بالحركة التجارية فيها، وهي التي شهدت ازدهاراً ولاسيما بعد إلغاء تأشيرات الدخول بين البلدين.
ومن جهة أخرى شدد الخبراء الأتراك على أن قطْع أنقرة تجارتها مع دمشق والبحث عن طرق بديلة عن الأراضي السورية للوصول إلى الخليج سيعني المرور الحتمي عبر العراق، مع ما يعني ذلك من مضاعفة كلفة النقل على الشاحنات التركية وتعرضها لمخاطر المرور بالمناطق الكردية في تركيا نفسها، قبل وصولها إلى العراق. ونقلت تقارير صحفية تركية عن رئيس غرفة التجارة والصناعة في محافظة "كيليس" الحدودية "محمد أوزتشيل أوغلو" إن تجنب المرور عبر سورية ستكون كلفته عالية وإن التجارة مع سورية مهمة جداً بالنسبة لهم كذلك المرور عبرها، وبالتالي ستكون نتائجها سلبية جداً على تركيا، داعياً رئيس الحكومة التركية "رجب طيب أردوغان" إلى أن يكون أكثر دقة في تصريحاته لأن التوتر في العلاقات التركية السورية ليس صائباً.
لقد أتى الرد من الجانب السوري على تلك العقوبات سريعاً ومؤلماً لتركيا وذلك بتجميد منطقة التجارة الحرة مع أنقرة فوراً، أي لا بضائع تركية إلى سورية "مجاناً " بعد اليوم وهذا يعني فقدان تركيا نحو ملياري دولار على الأقل – بحسب الخبراء – الذين أكدوا أيضاً أن العلاقات السورية التركية حققت قفزات نوعية كبيرة بين عامي 2004و2010 وأن حجم التجارة البينية بلغت في عام 2006نحو 800 مليون دولار، وارتفعت في عام 2010إلى ما يزيد على 2,5مليار دولار، وأنه كان من المخطط أن يصل حجم التبادل التجاري بين البلدين في نهاية عام 2011 إلى خمسة مليارات دولار.
وبناء على ذلك كله فإن الضرر التركي سيكون هو الأكبر جراء تلك العقوبات بدليل أن التبادل التجاري بين البلدين كان يميل لمصلحة الأتراك بشكل كبير، فالتبادل التجاري بين البلدين في عام 2010 ببلوغه نحو 2,5مليار دولار بالوقت الذي لم يتجاوز حجم الصادرات السورية ما قيمته 800 مليون دولار، وتشير الإحصاءات الرسمية السورية إلى أن قيمة المستوردات السورية من تركيا بلغت عام 2005 نحو 15,564 مليار ل.س ( 312مليون دولار) في حين بلغت الصادرات نحو 13,412مليار ل.س ( 269مليون دولار ).
فريال أبو فخر
انقلاب السحر على الساحر ومجتمع الأعمال التركي المتضرر الأكبر
الأزمنة288
هل تبادر إلى أذهانكم أن تكون العقوبات التي فرضتها تركيا على سورية هي خطوة إيجابية، ولخدمة مصلحة الاقتصاد السوري؟.. وهل من المعقول أن ينقلب السحر على الساحر ويصبح مجتمع الأعمال التركي هو المتضرر الأكبر من هذه الخطوة جرّاء فرض تركيا لعقوبات اقتصادية ومالية على سورية ضمن سلسلة الإجراءات والمواقف العربية والتركية والغربية الضاغطة من أجل التضييق عليها سياسياً واقتصادياً؟..
تأكيدات وتصريحات عديدة لخبراء اقتصاديين ومختصين تؤكد أن العقوبات التركية دليل ضعف وتخبط من قبل الحكومة التركية التي جرّبت وفشلت في تحويل الترانزيت الحيوي لاقتصادها عبر شمال العراق عوضاً عن سورية، لأن عليها في هذه الحالة المرور من الشمال الكردستاني وملاعب حزب العمال حيث سيكون الطريق أخطر وأطول وغير مجدٍ اقتصادياً، لذلك كان من الخطأ فرض هذه العقوبات لما له من تأثير سلبي على الاقتصاد التركي نفسه – حسب تعبيرهم-.
أضرت بالمصالح التركية
رئيس غرفة صناعة حلب ورئيس لجنة الصناعة في مجلس الأعمال السوري التركي فارس الشهابي نوّه على أن العقوبات التي فرضتها تركيا بحق سورية أضرت كثيراً بالمصالح التركية، وأكد أن رجال الأعمال السوريين والتجار والصناعيين اعتبروا هذه العقوبات بمثابة الفرصة التاريخية لترتيب البيت الاقتصادي الداخلي الذي كان المتضرر من الاتفاقية التجارية بين البلدين، فبعد تطبيق منطقة التجارة الحرة بين البلدين عام 2009 ارتفعت الصادرات السورية إلى تركيا لكن بنسبة تقل كثيراً عن الارتفاع الذي حققته نظيرتها التركية إلى سورية، حيث بلغت الصادرات السورية لتركيا نحو 14,707 مليار ليرة بينما وصلت قيمة الصادرات التركية لسورية نحو 51,269 مليار ليرة، وأشار الشهابي إلى أن هيئة الاستثمار السورية أكدت أن عدد المشاريع التركية في سورية المدرجة تحت قوانين الاستثمار في قطاعات الصناعة والزراعة والنقل والصحة بلغت 39 مشروعاً تصل قيمتها نحو 37 مليار ليرة، ولفت الشهابي إلى أن حجم الاستثمارات التركية في سورية قليل جداً وأن الأتراك كان هدفهم بيع بضاعتهم وليس الاستثمار، معتبراً أن الحكومات السابقة والحالية لم تهيئ الظروف لتنمية الصناعة المحلية كما وفرتها الحكومة التركية لصناعتها، الأمر الذي أدى إلى توقف كثير من الورش والمعامل في حلب أو العمل بنصف طاقتها لعدم قدرتها على منافسة البضاعة التركية المدعومة من قبل حكومتها.
جائرة بحق الصناعة السورية
ويؤكد الشهابي بأن سورية رضيت بالاتفاقيات التي وقعت مع تركيا وعلى الأخص اتفاقية التجارة الحرة والتي كانت تتضمن بنوداً جائرة بحق الصناعة السورية، فضلاً عن أنها سببت بإغلاق آلاف المنشآت الحرفية الصغيرة وتسريح آلاف العمال، فنحن رضينا بكل ذلك من أجل الحفاظ على العلاقات المميزة مع الحكومة التركية. وأضاف: نحن نؤكد على أن تبقى تلك العلاقات المميزة مع الشعب التركي ومجتمع الأعمال التركي وهناك فرق بين ذاك وما تفعله الحكومة التركية وسياستها وندرك جيداً أن الحكومة والشعب التركي لا يعجبهم ذلك وهم يمارسون ضغوطاً من جانبهم من أجل أن تبقى هذه العلاقات مميزة.
لم تكن متوازنة
يرى الكثير من الصناعيين والمستوردين السوريين بأن الاتفاقيات الموقعة مع بعض الدول العربية ودول الجوار لم تكن اتفاقيات متوازنة، وأن الانفتاح التجاري مع الدول الأخرى لم يكن بشكله السليم، حيث أننا انفتحنا تجارياً على دول لم تصدِّر لنا سوى المنتجات الرخيصة، وعلى سبيل المثال تركيا وغيرها من الدول.. ناهيك عن المنتجات الصينية التي تأتي من دول عربية بشهادات منشأ مزورة وتدخل إلى سورية دون رسوم جمركية، وقد طالبوا جميعاً أن تكون الاتفاقيات متوازنة بين دول الشرق والغرب، وبين دول الشمال والجنوب، بمعنى في حال أُغلقت أية أسواق في دول ما، يجب أن يكون هناك أسواق بديلة تعوض النقص مثل الأسواق العراقية والروسية والإفريقية وأمريكا الجنوبية التي يجب التركيز عليها أكثر من أسواق غيرها من الدول الأخرى.
وقد أبدى الكثيرون استياءهم من التسهيلات والإعفاءات التي تقدمها الحكومة السورية للدول المجاورة، فعندما تقوم سورية بتصدير سلعها إلى الدول المجاورة تقوم هذه الدول بوضع قيود على السلع السورية عن طريق قيام شركات مطابقة عالمية معتمدة لدى هذه الدول للتأكد من مطابقة هذه السلع للمواصفات العالمية، ومنذ فترة قصيرة أُغرقت السوق السورية بالقطع الإلكترونية والأدوات الكهربائية والمنزلية من أسواق دبي والأردن دون أن تكون مطابقة للمواصفات العالمية، وكانت تدخل أسواقنا على أنها صناعة عربية لإعفائها من أي رسم جمركي وهي في حقيقة الأمر صناعة صينية أو ماليزية، ولهذا السبب تم إنشاء شركات مطابقة عالمية في سورية وكان أول من وضع مثل هذه الشركات في سورية أحد رجال الأعمال في سورية وذلك أسوة بدول الجوار حيث من الواجب طلب شهادة مطابقة للبضائع والسلع التي نستوردها من هذه الدول على أن تطبق هذه الشهادات بالدرجة الأولى على الدول التي تطبق ذلك على السلع السورية.. فالسعودية والأردن تطلب شهادات مطابقة للمواصفات السعودية والأردنية، علماً أنه يوجد اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية حيث لا توجد أي قيود أو رسوم بين البضائع العربية وكان أكثر المستفيدين من هذه الاتفاقية هو الأردن الذي كانت بضائعه تدخل إلى السوق السورية على أنها صناعة أردنية بينما هي غير ذلك.
الفجوة السعرية
وبالمقابل فقد أثنى الكثيرون منهم على القرار الذي أصدرته الحكومة السورية في اجتماعها الاستثنائي الذي عقد مؤخراً وهو إضافة مبلغ 80 ل.س على كل ليتر مازوت تستفيد منه السيارات والشاحنات الداخلة والعابرة إلى سورية في ترميم للفجوة السعرية الموجودة بين سعري ليتر المازوت في سورية والبالغ 16 ل.س في حين يبلغ سعر ليتر المازوت وسطياً في تركيا 95- 98 ل.س وهو فارق كانت شاحنات وسيارات الأتراك تستفيد منه قبل أن تقرر حكومتهم معاقبة الشعب السوري اقتصادياً، وبالتالي من غير المجدي استمرار تقديم الدعم إلى هذه السيارات وتحميل المواطن السوري عبئاً اقتصادياً تشارك الحكومة التركية فيه بجزء كبير، وقد طالبوا أيضاً بالندية بالتعامل وفي تطبيق الاتفاقيات بين سورية والطرف الآخر، مؤكدين أنه لم يكن من الخطأ فرض الحكومة السورية مجموعة من الإجراءات من فرض رسوم على المازوت للسيارات التركية وغيرها من الرسوم، مطالبين الحكومة بإعادة النظر بجميع الاتفاقيات الموقعة مع الدول العربية وغيرها، وبالتالي الأخذ بما هو إيجابي منها والتخلي عن السلبيات أو محاولة استثمارها بالشكل الأمثل لتحويلها إلى إيجابيات.
كلمة أخيرة
ما من شك بأن تصريح زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض "كمال كلشدار أوغلو" والذي وصف "أدروغان" وحزبه " بالدمية" الغبية في أيدي أمريكا وقوى الغرب الظلامية، بالإضافة إلى تصريحات كثير من الخبراء الاقتصاديين الأتراك والذين اعترفوا بطريقة مباشرة وغير مباشرة بأن فرض العقوبات على سورية إنما هي عقاب لمجتمع الأعمال التركي، ما يؤكد تعرض تجارة المناطق التركية الحدودية مع سورية إلى تراجع بالحركة التجارية فيها، وهي التي شهدت ازدهاراً ولاسيما بعد إلغاء تأشيرات الدخول بين البلدين.
ومن جهة أخرى شدد الخبراء الأتراك على أن قطْع أنقرة تجارتها مع دمشق والبحث عن طرق بديلة عن الأراضي السورية للوصول إلى الخليج سيعني المرور الحتمي عبر العراق، مع ما يعني ذلك من مضاعفة كلفة النقل على الشاحنات التركية وتعرضها لمخاطر المرور بالمناطق الكردية في تركيا نفسها، قبل وصولها إلى العراق. ونقلت تقارير صحفية تركية عن رئيس غرفة التجارة والصناعة في محافظة "كيليس" الحدودية "محمد أوزتشيل أوغلو" إن تجنب المرور عبر سورية ستكون كلفته عالية وإن التجارة مع سورية مهمة جداً بالنسبة لهم كذلك المرور عبرها، وبالتالي ستكون نتائجها سلبية جداً على تركيا، داعياً رئيس الحكومة التركية "رجب طيب أردوغان" إلى أن يكون أكثر دقة في تصريحاته لأن التوتر في العلاقات التركية السورية ليس صائباً.
لقد أتى الرد من الجانب السوري على تلك العقوبات سريعاً ومؤلماً لتركيا وذلك بتجميد منطقة التجارة الحرة مع أنقرة فوراً، أي لا بضائع تركية إلى سورية "مجاناً " بعد اليوم وهذا يعني فقدان تركيا نحو ملياري دولار على الأقل – بحسب الخبراء – الذين أكدوا أيضاً أن العلاقات السورية التركية حققت قفزات نوعية كبيرة بين عامي 2004و2010 وأن حجم التجارة البينية بلغت في عام 2006نحو 800 مليون دولار، وارتفعت في عام 2010إلى ما يزيد على 2,5مليار دولار، وأنه كان من المخطط أن يصل حجم التبادل التجاري بين البلدين في نهاية عام 2011 إلى خمسة مليارات دولار.
وبناء على ذلك كله فإن الضرر التركي سيكون هو الأكبر جراء تلك العقوبات بدليل أن التبادل التجاري بين البلدين كان يميل لمصلحة الأتراك بشكل كبير، فالتبادل التجاري بين البلدين في عام 2010 ببلوغه نحو 2,5مليار دولار بالوقت الذي لم يتجاوز حجم الصادرات السورية ما قيمته 800 مليون دولار، وتشير الإحصاءات الرسمية السورية إلى أن قيمة المستوردات السورية من تركيا بلغت عام 2005 نحو 15,564 مليار ل.س ( 312مليون دولار) في حين بلغت الصادرات نحو 13,412مليار ل.س ( 269مليون دولار ).
فريال أبو فخر