ايران لا تفاوض على الملف السوري،
والروس ثابتون،
والاسد سيقاتل حتى النهاية
غسان جواد
سمعت الرئيس بشار الاسد شخصيا واكثر من مرة يقول:
"لو كنت اعرف ان خروجي من الحكم سينهي المشكلة، كنت تنحيت منذ زمن"،
لكنه يعرف ونحن نعرف ان "المشروع" اكبر مما يجري في سوريا، وان الازمة الفعلية ستبدأ
اذا قرّر الرئيس الاسد فعلا التنحي وترك البلاد للفراغ والمجهول والشرذمة والتفتيت.
على هذه العبارة بنى ديبلوماسي ايراني رفيع في دمشق، مطالعته السياسية حول المسألة
السورية مستذكرا بدايات الازمة والزيارات التي قام بها مسؤولون عرب واتراك الى دمشق،
حيث اجمعوا على الطلب من الرئيس السوري فكّ تحالفه علنا مع ايران وحركات المقاومة في لبنان
وفلسطين، مقابل مساعدته على الخروج من "المأزق" ووقف التحريض الاعلامي والسياسي. آخر "الرسل"
الذين نقلوا المطالب الاميركية الصريحة من سوريا، كان عبدالله بن زايد وزير خارجية الامارات
الذي كان واضحا في تفسير الموقف عندما اكّد خلال لقائه الاسد في الشهر الثاني من الحراك الشعبي
السوري في درعا وبعض المحافظات الاخرى، ان الامر سيطول وان سوريا ستدخل في "ازمة طويلة"
ليس لها افق واضح ونهائي سوى "تكرار" ما جرى في تونس ومصر وربما ليبيا. عند هذا الحد فهم
الرئيس السوري الرسالة جيدا انه التهديد بعينه والتلميح بالسيناريو الليبي جاء كافيا
ليتخذ قرار المواجهة. اعطى الامر للجيش السوري بتنفيذ اول عملية عسكرية في درعا ضد مجموعة
مسلحة كانت قد اعتصمت في احد مساجد المدينة واتخذته كغرفة عمليات لإدارة المعركة مع رموز واجهزة
الدولة هناك. كان الاسد منذ البداية بحسب الديبلوماسي الايراني يميل الى الحوار، ويريد استيعاب
الحراك الشعبي سلميا. وكان مستعدا لتقديم "تنازلات" سياسية للمعارضة وللداخل السوري، لكنه
تشدّد كثيرا وقرّر خوض المواجهة الى النهاية عندما تأكد له ان المطلوب لم يكن اصلاحا ولا مشاركة
سياسية ولا تعديلات دستورية او حتى دستور جديد، ونظام سياسي جديد، كان المطلوب "رأس النظام"
او تغيير موقع سوريا "الجيو سياسي" بحيث تنتقل من محور المقاومة والممانعة ورفض الهيمنة والاستتباع
للقرار الامريكي والغربي في المنطقة الى محور الاعتدال والتفاهم مع الامريكيين وحلفائهم في المنطقة.
لا ينفي الديبلوماسي الايراني ان الموقف في سوريا تعقّد كثيرا، هو متابع لأدق التفاصيل لما يجري في
الخارج والداخل، وايران التي وقفت منذ البداية الى جانب دمشق، ثابتة على موقفها حتى النهاية:
" نحن واضحون منذ البداية، وثابتون حتى النهاية، والجميع يعرف اننا نساعد سوريا في مجالات عديدة
وعلى رأسها الجانب الاقتصادي الى جانب الدعم السياسي الغير محدود". ينفي محدثنا ان تكون ايران
قد "تورطت" في المعركة الجارية على الارض. لقد حاولوا اللعب على هذا الوتر لخلق رأي عام سوري
وعربي ضد ايران في سياق الحملة الشرسة ضد سوريا، لكنهم فشلوا في ايجاد دليل حسّي ملموس فصعّدوا
حملتهم الاعلامية والسياسية وبدأ التحريض المذهبي والعزف على الوتر الطائفي. المنطقة الان على
برميل بارود بسبب التسعير المذهبي الذي تشتغل عليه دول الخليج وتركيا لمواجهة ايران ونحن لا زلنا
ملتزمين "قواعد اللعبة" رغم كل الضغط والعقوبات والحصار والاساليب "الغير اخلاقية" التي يستعملها
الطرف الاخر في هذه المواجهة.
لا يرى مضيفنا افقا للحسم على الارض حاليا، والطرف الاخر يضغط نحو المزيد من الدمار والدماء
في سوريا غير مكترث بمستقبل هذا البلد والنتائج الكارثية لهذه الحرب على الاقتصاد والبنى التحتية
وحياة الشعب السوري. "نحن تقدمنا بعدة مبادرات سياسية لحل الازمة لكنهم رفضوها جميعها واصروا
على ادخال السوريين في مواجهة اهلية وخلقوا ظواهر غريبة عن المجتمع السوري واحضروا مجموعات
متشددة وتكفيرية من جنسيات اجنبية وعربية وامدوها بالمال والسلاح والدعم اللوجستي والاستخباراتي
لمقاتلة الجيش السوري وتعقيد الازمة والدفع بها نحو الاشتعال اكثر فأكثر". "ليس امام الاسد سوى
المواجهة وهو يمثّل الان ضمانة بقاء سوريا والدولة السورية"، "دعمنا مقررات مؤتمر جنيف، وعملنا
بجهد لإنجاح مبادرات الحل السياسي، واطلقنا مبادرات حوارية بين السوريين في طهران، واستقبلنا
المبعوثين العرب والاجانب، وابدينا كل استعداد لإنجاح الحل والحوار بين السوريين وقلنا لهم "ارفعوا
ايديكم عن سوريا"، لكنهم لا يريدون الحل ويزدادون شراسة واصرارا على منطق الاخضاع والغلبة
وجلّ ما نجحوا به حتى الان هو تخريب سوريا ووضع السوريين في مواجهة بعضهم".
اما عن الشائعات التي يطلقها الاعلام العربي والاجنبي حول "استعداد ايران للتفاهم معهم حول الملف
السوري مقابل مكاسب تحققها طهران في الملف النووي" نفى الديبلوماسي الايراني هذه المعلومات بشدة
وقال ان "ايران لا تبني سياساتها على المصالح وحسب، بل على مبدأ الوقوف الى جانب الحق ضد الباطل،
وهذا هو جوهر الموضوع وجوهر السياسة التي يشدد عليها "السيّد القائد" على الخامنائي مرشد
الجمهورية الاسلامية ، هم لا يعرفون كيف تفكّر ايران وكيف تبني سياساتها". لقد جاءنا موفدون عرب
واجانب بعروضات مغرية للتخلي عن سوريا لكننا رفضناها جميها لأننا لا ننظر في هذه القضايا لمصالحنا
وحسب بل لمصالح العالم الاسلامي والقضية الاسلامية والعربية الاساس وهي قضية فلسطين. نحن قلنا دائما
ان التفاهم سيعكس نفسه ايجابا على امن واستقرار المنطقة، لكنّ التفاهم يكون على قواعد عادلة
وليس على اساس التسليم بما تريده واشنطن وترغب به من خلفها اسرائيل.
الروس وقفوا موقفا ممتازا، وهم ثابتون ايضا على هذا الموقف ولن يغيّروه كما يأمل البعض، لا افق
سوى بالحوار ولا قبول بمنطق الاسقاط لأن اسقاط الاسد يعني اسقاط سوريا ودفعها نحو الخراب.
انا اعرف بشار الاسد جيدا هو عنيد وسيقاتل حتى النهاية ولن يتراجع. وبقدر المرونة التي يبديها
في السياسة، يبدو الرئيس السوري متشددا في الميدان غير قابل للمساومة.
سلاب نيوز
والروس ثابتون،
والاسد سيقاتل حتى النهاية
غسان جواد
سمعت الرئيس بشار الاسد شخصيا واكثر من مرة يقول:
"لو كنت اعرف ان خروجي من الحكم سينهي المشكلة، كنت تنحيت منذ زمن"،
لكنه يعرف ونحن نعرف ان "المشروع" اكبر مما يجري في سوريا، وان الازمة الفعلية ستبدأ
اذا قرّر الرئيس الاسد فعلا التنحي وترك البلاد للفراغ والمجهول والشرذمة والتفتيت.
على هذه العبارة بنى ديبلوماسي ايراني رفيع في دمشق، مطالعته السياسية حول المسألة
السورية مستذكرا بدايات الازمة والزيارات التي قام بها مسؤولون عرب واتراك الى دمشق،
حيث اجمعوا على الطلب من الرئيس السوري فكّ تحالفه علنا مع ايران وحركات المقاومة في لبنان
وفلسطين، مقابل مساعدته على الخروج من "المأزق" ووقف التحريض الاعلامي والسياسي. آخر "الرسل"
الذين نقلوا المطالب الاميركية الصريحة من سوريا، كان عبدالله بن زايد وزير خارجية الامارات
الذي كان واضحا في تفسير الموقف عندما اكّد خلال لقائه الاسد في الشهر الثاني من الحراك الشعبي
السوري في درعا وبعض المحافظات الاخرى، ان الامر سيطول وان سوريا ستدخل في "ازمة طويلة"
ليس لها افق واضح ونهائي سوى "تكرار" ما جرى في تونس ومصر وربما ليبيا. عند هذا الحد فهم
الرئيس السوري الرسالة جيدا انه التهديد بعينه والتلميح بالسيناريو الليبي جاء كافيا
ليتخذ قرار المواجهة. اعطى الامر للجيش السوري بتنفيذ اول عملية عسكرية في درعا ضد مجموعة
مسلحة كانت قد اعتصمت في احد مساجد المدينة واتخذته كغرفة عمليات لإدارة المعركة مع رموز واجهزة
الدولة هناك. كان الاسد منذ البداية بحسب الديبلوماسي الايراني يميل الى الحوار، ويريد استيعاب
الحراك الشعبي سلميا. وكان مستعدا لتقديم "تنازلات" سياسية للمعارضة وللداخل السوري، لكنه
تشدّد كثيرا وقرّر خوض المواجهة الى النهاية عندما تأكد له ان المطلوب لم يكن اصلاحا ولا مشاركة
سياسية ولا تعديلات دستورية او حتى دستور جديد، ونظام سياسي جديد، كان المطلوب "رأس النظام"
او تغيير موقع سوريا "الجيو سياسي" بحيث تنتقل من محور المقاومة والممانعة ورفض الهيمنة والاستتباع
للقرار الامريكي والغربي في المنطقة الى محور الاعتدال والتفاهم مع الامريكيين وحلفائهم في المنطقة.
لا ينفي الديبلوماسي الايراني ان الموقف في سوريا تعقّد كثيرا، هو متابع لأدق التفاصيل لما يجري في
الخارج والداخل، وايران التي وقفت منذ البداية الى جانب دمشق، ثابتة على موقفها حتى النهاية:
" نحن واضحون منذ البداية، وثابتون حتى النهاية، والجميع يعرف اننا نساعد سوريا في مجالات عديدة
وعلى رأسها الجانب الاقتصادي الى جانب الدعم السياسي الغير محدود". ينفي محدثنا ان تكون ايران
قد "تورطت" في المعركة الجارية على الارض. لقد حاولوا اللعب على هذا الوتر لخلق رأي عام سوري
وعربي ضد ايران في سياق الحملة الشرسة ضد سوريا، لكنهم فشلوا في ايجاد دليل حسّي ملموس فصعّدوا
حملتهم الاعلامية والسياسية وبدأ التحريض المذهبي والعزف على الوتر الطائفي. المنطقة الان على
برميل بارود بسبب التسعير المذهبي الذي تشتغل عليه دول الخليج وتركيا لمواجهة ايران ونحن لا زلنا
ملتزمين "قواعد اللعبة" رغم كل الضغط والعقوبات والحصار والاساليب "الغير اخلاقية" التي يستعملها
الطرف الاخر في هذه المواجهة.
لا يرى مضيفنا افقا للحسم على الارض حاليا، والطرف الاخر يضغط نحو المزيد من الدمار والدماء
في سوريا غير مكترث بمستقبل هذا البلد والنتائج الكارثية لهذه الحرب على الاقتصاد والبنى التحتية
وحياة الشعب السوري. "نحن تقدمنا بعدة مبادرات سياسية لحل الازمة لكنهم رفضوها جميعها واصروا
على ادخال السوريين في مواجهة اهلية وخلقوا ظواهر غريبة عن المجتمع السوري واحضروا مجموعات
متشددة وتكفيرية من جنسيات اجنبية وعربية وامدوها بالمال والسلاح والدعم اللوجستي والاستخباراتي
لمقاتلة الجيش السوري وتعقيد الازمة والدفع بها نحو الاشتعال اكثر فأكثر". "ليس امام الاسد سوى
المواجهة وهو يمثّل الان ضمانة بقاء سوريا والدولة السورية"، "دعمنا مقررات مؤتمر جنيف، وعملنا
بجهد لإنجاح مبادرات الحل السياسي، واطلقنا مبادرات حوارية بين السوريين في طهران، واستقبلنا
المبعوثين العرب والاجانب، وابدينا كل استعداد لإنجاح الحل والحوار بين السوريين وقلنا لهم "ارفعوا
ايديكم عن سوريا"، لكنهم لا يريدون الحل ويزدادون شراسة واصرارا على منطق الاخضاع والغلبة
وجلّ ما نجحوا به حتى الان هو تخريب سوريا ووضع السوريين في مواجهة بعضهم".
اما عن الشائعات التي يطلقها الاعلام العربي والاجنبي حول "استعداد ايران للتفاهم معهم حول الملف
السوري مقابل مكاسب تحققها طهران في الملف النووي" نفى الديبلوماسي الايراني هذه المعلومات بشدة
وقال ان "ايران لا تبني سياساتها على المصالح وحسب، بل على مبدأ الوقوف الى جانب الحق ضد الباطل،
وهذا هو جوهر الموضوع وجوهر السياسة التي يشدد عليها "السيّد القائد" على الخامنائي مرشد
الجمهورية الاسلامية ، هم لا يعرفون كيف تفكّر ايران وكيف تبني سياساتها". لقد جاءنا موفدون عرب
واجانب بعروضات مغرية للتخلي عن سوريا لكننا رفضناها جميها لأننا لا ننظر في هذه القضايا لمصالحنا
وحسب بل لمصالح العالم الاسلامي والقضية الاسلامية والعربية الاساس وهي قضية فلسطين. نحن قلنا دائما
ان التفاهم سيعكس نفسه ايجابا على امن واستقرار المنطقة، لكنّ التفاهم يكون على قواعد عادلة
وليس على اساس التسليم بما تريده واشنطن وترغب به من خلفها اسرائيل.
الروس وقفوا موقفا ممتازا، وهم ثابتون ايضا على هذا الموقف ولن يغيّروه كما يأمل البعض، لا افق
سوى بالحوار ولا قبول بمنطق الاسقاط لأن اسقاط الاسد يعني اسقاط سوريا ودفعها نحو الخراب.
انا اعرف بشار الاسد جيدا هو عنيد وسيقاتل حتى النهاية ولن يتراجع. وبقدر المرونة التي يبديها
في السياسة، يبدو الرئيس السوري متشددا في الميدان غير قابل للمساومة.
سلاب نيوز