أخطاء المصلين والمصليات
الصَّلاة في الاسلام منزلتُها رفيعة، ومكانتُها عظيمة. انها عماد الدين والركن الثاني من أركانه، جعلها الإسلام في المرْتبة الثَّانية بعد الشَّهادة بالتَّوحيد والرسالة، وهي آخِر ما أوْصى به النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمَّتَه، وهو في سكرات الموْت. وهي أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة، ولذلك وجب علينا أن نحرص على أدائها كما أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وبيَّن لنا صفتها، حيث قال: "صَلُّوا كَمَا رَأَيتُمُونِي أُصَلِّي". رواه البخاري في صحيحه.
وقال عليه الصلاة والسلام: "أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِه العَبدُ يَومَ الِقيَامِة الصَّلَاةُ، فَإِن صَلَحَت صَلَحَ لهُ سَائِرُ عَمَلِهِ، وَإن فَسَدَت فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِهِ"
وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فيه فرد عليه السلام، ثم قال له: ارجع فصل فإنك لم تصل. فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء فسلم علي النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه السلام ثم قال: ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه السلام, وقال: ارجع فصل فإنك لم تصل، ثلاث مرات ، فقال في الثالثة: والذي بعثك بالحق يا رسول الله ما أحسن غيره فعلمني. فقال صلى الله عليه وسلم: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم اجلس حتى تطمئن جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، وافعل ذلك في صلاتك كلها)).
وروى البخاري عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه رأى رجلاً يصلي، ولا يتم ركوع الصلاة ولا سجودها، فقال له حذيفةما صليت، ولو مت وأنت تصلي هذه الصلاة، مت على غير فطرة محمد صلى الله علية وسلم).
وروى الإمام أحمد رضي الله عنه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود )) [رواه أبو داود والترمذي]، وفي رواية أخرى: ((حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود)). وهذا نص عن النبي صلى الله عليه وسلم في أن من صلى ولم يُقم ظهره بعد الركوع والسجود كما كان، فصلاته باطلة..
وكذا الطمأنينة أن يستقر كل عضو في موضعه. وقال صلى الله عليه وسلم: (( خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن، كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن، فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة)) [رواه أبو داود والنسائي ]. وقال الله تعالى: {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون} أي خائفون ساكنون، والخشوع هو السكون والطمأنينة والتؤدة والوقار والتواضع، والحامل عليه هو الخوف من الله ومراقبته، والخشوع أيضاً هو قيام القلب بين يدي الرب بالخضوع والذل.
إن الصلاة اخواتي، هي أكمل حالات العبد، وأجمل هيئاته حين يقف بين يدي ربه خاشعاً، ذليلاً معظماً لربه في غاية الافتقار إلى عفوه، ورحمته، ومغفرته؛ فهو في الصلاة يقف بين يدي ملك الملوك وجبار السموات والأرض اللطيف بعباده،
لدلك ينبغي للمصلي أن يعطي الصلاة حظها من الخشوع، والخضوع، وكمال الأدب، وحضور القلب؛ وأن يتجنب هيئات لا تليق بالإنسان فضلاً عن المسلم المؤمن المعظم لربه المنتظر لجوده وفضله، وهي:
♦ نقر كنقر الغراب - وهو الإسراع في الركوع والسجود وما قبلهما وما بعدهما من أركان الصلاة.
♦ أن يرفع رأسه قبل إمامه في الركوع أو السجود؛ فإن هذا من مظاهر بلادة الطبع، وهو من أخلاق الحمير، ولذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ((أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل إمامه أن يجعل الله رأسه رأس حمار أو يحوِّل الله صورته صورة حمار)).
♦ التفات كالتفات الثعلب - بأن يلتفت برأسه وهو في الصلاة من غير حاجة داعية إلى ذلك من خوف ونحوه - فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التفات كالتفات الثعلب.
♦ انبساط كانبساط الكلب - وذلك بأن يجعل ذراعيه على الأرض حال سجوده.
♦ بروك كبروك البعير - وذلك بأن يقدم يديه ورأسه في انحنائه للسجود - على الصحيح عند أهل العلم، فالسُّنة إذا أراد السجود أن يبدأ بركبتيه ثم يديه ثم رأسه، وإذا رفع رأسه ثم يديه فكل هذه الهيئات منهيٌّ عنها؛ لأنها لا تليق بالإنسان لما فيها من التشبه بالحيوان ولا تليق بالمصلي - من غير حاجة من كبر أو مرض - لأنها من سوء الأدب مع الله تعالى ومن الرغبة عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي غالباً تدل على عدم المبالاة بالعلم ومن مظاهر الكسل والغفلة في الصلاة.
لكن المتأمل في أحوال بعض المصلين والمصليات، يلاحظ اخطاء كثيرة لا يمكن حصرها، سواء قبل الصلاة أو في أثناءها أو بعدها، والواجب على المؤمن أن يتعرف على هذه الأخطاء ليتجنبها، لكي تكون صلاته صحيحة يرضاها الله تعالى. فهناك كتبٌ كثيرة وأشرطة يمكننا اقتناؤها لنتعلم صفة صلاة النبي، ونتجنب الأخطاء التي وقع فيها كثير من الناس جهلاً ومخالفة..
وواجب كل من فقهه الله في الدين، القيام بواجب النصيحة، والتذكير بهاته الاخطاء، أداءً لحق الله تعالى:
اخطاء قبل الصلاة:
منها: تشبيك الأصابع، وتلك المخالفة يقع فيها الكثير من المصلين، سواء كان ذلك في طريقهم إلى المسجد، أو في انتظارهم الصلاة في المسجد، ولقد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: "إذا توضأ أحدكم في بيته ثم أتى المسجد، كان في صلاة حتى يرجع فلا يقل هكذا: وشبك بين أصابعه" رواه الحاكم -صحيح الجامع. وعن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه سلم قال: «إذا كان أحدكم في المسجد، فلا يشبّكنّ، فإنّ التّشبيك من الشّيطان، وإنّ أحدكم لا يزال في صلاة ما دام في المسجد حتّى يخرج منه» أخرجه أحمد.
ومن الأخطاء، أن بعض المصلين هداهم الله يسرعون في الخُطى عند الذهاب إلى المسجد، لاسيما إذا كان الإمام في الركوع أو ركع، ومنهم من ينطلق جرياً ليلحق الركعة مع الإمام، وهذا الإسراع: خطأ، بل هو منهي عنه، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون، وعليكم بالسكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)) رواه البخاري ومسلم.
ومن الأخطاء أيضاً: التنفل عند إقامة الصلاة، فبعض المصلين يكبر ليتنفل، فبعد التكبيرة مباشرة، تقام الصلاة، ويستمر في تنفله وتفوته تكبيرة الإحرام، وربما فاتته الركعة الأولى بكاملها. وهذا خطا، والصحيح: كان عليه أن يقطع النافلة، ويدخل الصلاة مع إمامه من البداية. فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وإذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة))، والمقصود هنا من أقيمت الصلاة، بعد تكبيره للتنفل مباشرة وما زال واقفاً، فعليه أن يقطع النافلة. أما من أقيمت الصلاة وهو قد ركع فعليه أن يكمل تنفله.
ومن المخالفات ايضا: عدم تسوية الصف كما ينبغي، والبعض هداهم الله يتساهل في سد الفرج التي تكون بين المصلين، والنَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم امر بتسْوية الصفوف، وحذَّر العباد من مُخالفة أمره، وترْكهم تسْوية الصفوف، فقال: ((سوُّوا صفوفَكم، فإنَّ تسْوية الصَّفِّ من تَمام الصَّلاة))؛ متَّفق عليه، وفي الحديث الآخَر قال: ((عباد الله، لتسوُّن صفوفَكم، أو ليخالفَنَّ الله بين وجوهِكم))؛ وتسْوية الصفوف تكون بالتَّساوي، بحيث لا يتقدَّم أحدٌ على أحد. وعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ((من وصل صفاً وصله لله، ومن قطع صفاً قطعه الله)) رواه النسائي والحاكم.
ومن الأخطاء:
عدم الطمأنينة في الصلاة، وهذا من الأخطاء التي تبطل الصلاة، وتجعلها لا نفع فيها، فلا يطمئن في ركوعها ولا سجودها، ولا جلوسها بل ينقرها نقراً، ولا يذكر الله فيها إلا قليلاً. والطمأنينة ركنٌ من أركان الصلاة، لا تصح الصلاة إلا به، وهل يرضيك أخي المصلي أن يصرف الله نظره عنك وأنت تصلي؟ ففي مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا ينظر الله إلى عبد لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده)).
ومن الأخطاء:
الجلوس في الصلاة مع القدرة على القيام، فهناك من يصلي الصلاة من أولها لآخرها وهو جالس لمرض أو غيره، وهذا الأمر له ضوابط شرعية: فمن استطاع القيام حتى ولو كان عاجز عن الركوع والسجود لا يسقط عنه القيام، فيجب عليه القيام ثم يومئ للركوع ويجلس ويسجد إيماء، لأن القيام ركن من أركان الصلاة، فلا يجوز لأحدٍ أن يصلي قاعداً وهو يستطيع الوقوف.
ومن الأخطاء:
أيضاً، بل هو من المخالفات الفاحشة مسابقة الإمام، بل لقد ورد النهي الشديد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، لمن يسبق إمامه كأن يرفع رأسه قبله، أو يركع أو يسجد قبله، روى البخاري في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام: ((أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار أو يجعل صورته صورة حمار)) وهي عقوبة يستحقها من يفعل هذا، حتى ذكر بعض أهل العلم أنه لا صلاة لمن فعل ذلك. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هذه المخالفة من أخطر المخالفات. ويتبع هذا الخطا من يتأخر عن الإمام، فتجد الإمام قد شرع في قراءة الفاتحة وهو ساجد ويظن أنه متشهد، ويتبع أيضاً موافقة الإمام في القيام والقعود أو الركوع والسجود، والسنة المشروعة متابعة الإمام، فإنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا استوى الإمام راكعاً تركع، وإذا استوى ساجداً تسجد. لا تسبقه ولا توافق ولا تتأخر عنه، بل تابعه، قال البراء بن عازب رضي الله عنه: كنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم: ((فكان إذا انحط من قيامه للسجود، لا يحني أحدٌ منا ظهره حتى يضع رسول الله صلى الله عليه وسلم جبهته على الأرض)) [متفق عليه].
ومن المخالفات والأخطاء التي تبطل الصلاة وهي منتشرة بين الناس ولا حول ولا قوة إلا بالله قيام المسبوق؛ أي الذي فاته شيء من الصلاة فيقف لقضاء ما فاته قبل تسليم الإمام التسليمة الثانية: فما إن يسلم الإمام التسليمة الأولى وقبل أن يتمها، بادر الناس بالقيام لقضاء ما فاتهم قبل أن يكمل الإمام السلام. روى البخاري في صحيحه قوله عليه الصلاة والسلام: ((وإنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا.. )) إلى آخر الحديث المعروف. وفي حديث آخر عند الإمام مسلم: ((أيها الناس إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالقعود ولا بالانصراف)) قال النووي: والمراد بالانصراف السلام، وقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: "ومن سبقه الإمام بشيء من الصلاة، فلا يقوم لقضاء ما عليه إلا بعد فراغ الإمام من التسليمتين".
ومن الأخطاء:
أن البعض يدخل المسجد والإمام ساجد أو ما بين السجدتين ونحوها، فيبقى واقفاً ينتظر الأمام حتى يقوم، والسنة الدخول معه في أي هيئة وحالة يكون فيها الإمام. وجاء في بعض الأحاديث: "إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعدوها شيئا".
ومن الأخطاء:
ترك رفع اليدين في مواضع الرفع: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند الرفع من التشهد الأول حذو المنكب أو الأذن. ومنهم من يرفع اليدين بعد الركوع مثل هيئة الدعاء، والصواب أن ترفع حذو المنكب أو الأذن.
وأيضاً من الأخطاء:
عدم السجود على الأعضاء السبعة، وعدم تمكين الجبهة والأنف في السجود. وكثرة العبث والحركة داخل الصلاة.
ومن الأخطاء: قراءة القرآن في السجود والركوع، ففي صحيح مسلم وغيره منِ حديث ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السِّتَارَةَ، وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: "أَيّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ، أَلاَ وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعاً أَوْ سَاجِداً، وَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِـَنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ".
ومن الأخطاء:
رفع بعض المصلين أصواتهم في القراءة السرية أو في بعض أذكارالصلاة، أو بالأدعية والقرآن، سواء كان ذلك ما بين الأذان والإقامة أو في الصلاة، وهذا يؤذي بقية المصلين، ويشوش عليهم، وقد ورد النهي عن ذلك؛ قال تعالى: ﴿ وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً ﴾ [الإسراء: 110].
روى مالك في الموطأ من حديث البياضي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلُّون، وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال: "إِنَّ الْمصُلَّيَ يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلْيَنْظُرِ بِمَا يُنَاجِيهِ بِهِ، وَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرآنِ".
وقال صلى الله عليه وسلم: "ألا إن كلَّكم مناجٍ ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة" رواه أحمد وأبو داود.
ومن الأخطاء:
الصلاة منفرداً خلف الصفوف دون عذر، رواه الإمام أحمد عن علي بن شيبان - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يصلي خلف الصف، فلما انصرف قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "استقبل صلاتك، فإنه لا صلاة لمنفرد خلف الصف" حديث حسن، وفي حديث وابصة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد صلاته [رواه أبو داود والترمذي].
ومن الأخطاء:
سرعة الخروج من المسجد بعد تسليم الإمام من الصلاة، والمرور بين يدي المصلين، والتدافع على الأبواب، دون الإتيان بالأذكار المشروعة بعد الصلاة. وفي هذا تفويت لخير كثير! فقد قال نبينا -صلى الله عليه وسلم-: ((معقبات لا يخيب قائلهن: ثلاثٌ وثلاثون تسبيحةً، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة، في دبر كل صلاة مكتوبة)) رواه مسلم وأحمد، فلماذا العجلة يا من تستعجل الخروج؟ ألهذا الحد كانت الصلاة ثقيلة، ودقيقتين للذكرعليك عسيرة؟ لماذا تفوُّت عليك الأجر من أجل دنيا فانية.
المواظبة على صلاة النافلة في المسجد، وهذا خلاف السنة، والمستحب أن تكون صلاة النافلة في البيت، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلَاتِكُمْ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُوراً"
وروى مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا قَضَى أَحَدُكُمُ الصَّلَاةَ فِي مِسْجِدِهِ، فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيباً مِنْ صَلَاتِهِ، فَإِنَّ اللهَ جَاعِلٌ فِي بَيْتِه مِنْ صَلَاتِهِ خَيْراً"
وروى ابن ماجه في سننه من حديث عبدالله بن سعد رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أيُّما أفضل: الصلاة في بيتي أو الصلاة في المسجد؟ قال: "أَلا تَرى إلَى بَيْتي مَا أَقَرْبَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ؟! فَلَأَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتي أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ فِي الْمسَجْدِ، إِلَّا أَنْ تكُونَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً"، ولا بأس أن يصلي النافلة في المسجد أحياناً، إلا أن السنة الغالبة صلاتها في البيت، وهو أفضل كما دلت على ذلك الأحاديث المتقدمة.
إدخال أجهزة الجوال إلى المساجد وبها نغمات موسيقية، وهذه النغمات لا تجوز خارج المسجد، فكيف بالمسجد؟! قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32].
روى البخاري في صحيحه من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوْامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ، وَالْحَرِيرَ، وَالْخَمْرَ، وَالمْعَـَازفَ"
وقد صدرت فتوى من اللجنة الدائمة بتحريم النغمات الموسيقية الصادرة من هذه الجوالات، ولا شك أن إدخالها إلى هذه المساجد انتهاك صريح لحرمتها، إضافة إلى إيذاء المصلين وإفساد صلاتهم، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً ﴾ [الأحزاب: 58].
فلنحرص على الإحسان في صلاتنا، بأن نقيمها ونأتي بها على الوجه المشروع، ونخلص فيها لله كأننا نراه، فإن لم نكن نراه فإنه يرانا.. ونستنُّ ونقتدي بسنَّة رسولِه، لكي نفوز و تفوز ونُفْلِح.
جعلني الله وإياكن من المحسنات، ورزقنا الفقه في الدين، والبصيرة والمعرفة في أحكامه وحكمه.
اللَّهُمَّ علِّمْنا ما ينفعُنا وانفعْنا بما علَّمتَنا، وزدنا علمًا وعملاً يا ذا الجلال والإكرام.
جعلني الله وإياكن من المحسنات، ورزقنا الفقه في الدين، والبصيرة والمعرفة في أحكامه وحكمه.
اللَّهُمَّ علِّمْنا ما ينفعُنا وانفعْنا بما علَّمتَنا، وزدنا علمًا وعملاً يا ذا الجلال والإكرام.