من طرف woroud azhar الأربعاء مارس 07, 2012 3:49 pm
قرقعة فتاوى القرضاوي
و“ التهويد “ الاستراتيجي
موفق مطر
شغلت معمعة تحريم زيارة القدس على غير الفلسطينيين,
وقرقعة سلاح فتاوى الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي,
وطغى ضجيجها وغطى غبارها على مؤتمر القدس بالدوحة
والخطاب الحدث لرئيس فلسطين ابو مازن الذي وضع قضية
حماية القدس من التهويد والاستيطان وتحريرها من الاحتلال
على ذمة العرب والمسلمين والمؤمنين في العالم,
كما وضع على منبر الأمم المتحدة وشعوب العالم في سبتمبر الماضي
قضية الشعب الفلسطيني وحقه بقيام دولة فلسطينية مستقلة
ذات سيادة على ارضه بعاصمتها القدس.
لم يأت الأمر صدفة او ردة فعل, وانما كمنهج مدروس,
محكم الصنع, خاصة وأن الباعث القائم على ملف “ ازاحة القضايا “
الرئيسة والاستراتيجية للشعب الفلسطيني, يعلم يقينا تأثير
“ الفتاوى”, والقدرة العجيبة, الانتاجية والتسويقية لشخصياتها ,
ومدى الاستجابة لها في مجتمعات عربية اسلامية, ما زال فكر وعقل
ووعي الفرد في معظمها محتلا, إما من انظمة دكتاتورية سلبته
القدرة على التعبير, وهياكل صبغت نفسها بالدينية سلبته
نعمة التفكير, واحتكرت المعرفة لمنعه من التحرر واتخاذ القرار بمسؤولية.
لم تطلب القيادة الفلسطينية تنشيط السياحة بين جاكرتا عاصمة
اندونيسيا وتل ابيب, ولم نطلب زيارات ترفيهية أو فتح فروع
لشركات أو انشاء خطوط سكك حديدية ولا حتى خشبية مع الاحتلال
الاستيطاني, فكل ما طلبته القيادة ألا يتم تحويل الفتاوى
الى حقل الغام يحاصر اهلنا في القدس, فترهب الكرام الكرماء,
الأحرار الفائضة قلوبهم بالانسانية والايمان بعدالة القضية
الفلسطينية, وعروبة القدس من الاقدام على أداء الواجب
والتواصل المباشر مع الفلسطينيين الصامدين في المدينة المقدسة,
فجل ما يعني حكماء مشروع التهويد والاستيطان هو تحسيس العرب
الفلسطينيين مسيحيين ومسلمين بالعزلة عنها, وايصالهم الى مرحلة
اليأس والاحباط التي ستدفعهم قسرا الى الهجرة من ديارهم,
فإن كان الرسل وأتباعهم الأولون قد هجروا أوطانهم ومدنهم
وديارهم هروبا من الظلم والتجويع والقهر, فمن الذي سيمنع
الفلسطيني من الهجرة في خضم اغراءات مادية وتسهيلات بلا حدود...
فالضغوط والخسائر الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية
التي تسببها هذه الفتاوى تكاد تعادل حجم المعاناة من اجراءات
الاحتلال, فما الذي يمنع زيارة شخصية او مجموعة اعتبارية متخصصة
في شأن ما من بلد جاء في دستورها انها دولة اسلامية من الوصول
الى المدينة المقدسة بالوسائل المتاحة, فتُستَطلَع حاجة اهل المدينة
الأصليين اي المواطنين المقدسيين الفلسطينيين, بما تحتاجه من دعم
لقطاع محدد او تعزيز لصمود, فيشعرون براحة ضمير , ويتعزز
ايمان المقدسيين ان المؤمنين بانسانيتهم معهم لن يتركوهم وحدهم
في مهمة حماية الارث الثقافي العظيم في القدس زهرة المدائن.
فيضربون جذورهم في الأرض اكثر, ويمدون فروعهم لتظلل بقاعها الطيبة.
آن الأوان للتحرر من القوالب والمصطلحات الجامدة الحاكمة للصراع,
فمعظم الأساليب الموروثة, ومنها الاسقاطات الدينية المسيسة على
القضية, واستغلالها قضية تحرر الشعب الفلسطيني عموما, والقدس
خصوصا أثبتت عدميتها وقصورها, فالاحتلال معني بزيادة الاستيطان
في القدس الشرقية, وتشجيع زيارات اليهود من كل انحاء العالم,
وتحويل هذه الزيارات الى “ حج “ حتى ولو كانت سياحية, او حتى لو
كانت ليهود غير متدينين من جنسيات عديدة, فالتواصل مع ما
يدعونه “ أرض الأجداد “ هو الأرضية لكسبهم لصالح المشروع الاحتلالي
الاستيطاني في فلسطين.. أما الذين يطيرون الفتاوى كلما تصاعدت
حرارة مسار قضية القدس نحو منظمات المجتمع الدولي والأمم المتحدة,
فانهم باستخدامهم الخاطىء لقضية القدس وتغليفها بالفتاوى المسيسة,
وأصواتهم في غير محلها, انما يخدمون مسيري عجلة تهويد المدينة بأسرع من
الصوت, فهؤلاء يجب ان يعلموا أن التهويد سلاح استراتيجي اسرائيلي !.
هذا اذا كانوا لا يعقلون ما يفعلون, أما اذا كانوا يفتون بما
لا يعلمون ولا يعملون – و هؤلاء كثير – فانهم مع الاحتلال زائلون ولو بعد حين.